أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل عبد الأمير الربيعي - من ذاكرة الديوانية.....الختًان سعادة عكرم














المزيد.....

من ذاكرة الديوانية.....الختًان سعادة عكرم


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 3465 - 2011 / 8 / 23 - 13:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



لذاكرة أيام زمان نكهتها الخاصة في مدينة الديوانية ,في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي وفي الصيف القائض,كنا نركض عبر الأزقة عند سماعنا صوت الطبل والدفوف والموسيقى, لتوقعنا وجود الأفراح أما الأعراس أو لختان أحد الأطفال من أقراننا,وخاصة في العطل المدرسية الصيفية, إذ لا يتجاوز أعمارنا السادسة , مرتدين ثياباً مقلمة ( الدشاديش),دخلنا كلنا إلى دار الجيران,وكانت تصدر من داخل الدار أصوات الموسيقى وزغاريد النسوة والصلوات على الرسول من قبل الرجال,فرشت الدار بالأفرشة المغطاة بالشراشف البيضاء ,وفي جانب آخر من الدار صفت الكراسي و(التخوت) جلس عليها كبار السن من أهل الدار والأصدقاء كلهم فرح وسرور , كان من ضمن الحضور(الزعرتي)يدعى سعادة عكرم(أبو نجاح) شخص طويل القامة ضخم الجثة ذو عينان واسعتان , بجانبه حقيبة سوداء , وقد أحضر صاحب الدار الحلويات البسيطة من(الشكرات واللهوم والحلقوم والحامض حلو وأصابع العروس)وهذه كلها صناعة محلية.
كان الشخص الذي يقوم بعملية الختان يدعى من أهل المدينة بالمطهرجي أو الزعرتي, وكلا الكلمتين(المطهرجي)من طهارة الأبدان بعد إزالة قلفة العضو الذكري وهذه سنة ابراهيم(ع), والزعرتي أو (السعرتي)و هي كلمة تركية مصدرها لقرية تقع جنوب تركيا تسمى( سعرًت) ,إذ كان أغلب سكانها من التركمان والأكراد,عملهم كان ختًان الأطفال, إذ يجوبون المدن والأرياف لهذا العمل ,ومنها العراق بسبب امتداد حدود البلدين واحتلال الدولة العثمانية للعراق,ولهذا انتشرت تسمية الختًان( بالسعرتي )ثم تحول السين إلى الزاي فأصبح يدعى( بالزعرتي).
لقد اشتهر في هذا المجال كل من الحاج حسون طيارة من أهالي المدينة,والحاج سعادة عكرم النازح من الديار الفلسطينية بعد حرب عام1948 فقد استقر في المدينة ,لأن أهل المدينة يتصفون بالطيبة , وكل الغرباء ينسجمون مع أهلها وهذه الميزة التي يتمسك بها الديوانيون,استقر في حي الجديدة في شارع يدعى شارع بيت الشيخ حسين الأسدي العالم ورجل الدين الذي يزورهُ كل محتاج ولهُ مسأله دينية أو عشائرية, و(لي مقاله في الحوار المتمدن عن دور الشيخ حسين في ساعة القبض علي الجاسوس لجمن في مدينة الديوانية أيام العهد العثماني).لقد انسجمت عائلة الحاج سعادة مع أهالي المدينة ذو الطيف الاجتماعي المتنوع,فقد عمل في مجال صحة المدينة للتضميد , وبعد الدوام يذهب لزيارة العوائل للتضميد وزرق الأبر , وختان الأطفال يوم الجمعة.
يتصف الحاج سعادة بالأخلاق العالية والروح الطيبة,يحب مساعدة الآخرين وتحديد بعض العلاجات البسيطة لأبناء المدينة.فقد خلف ثلاث أولاد أكبرهم نجاح كان زميلنا في الدراسة والأصغر خالد قد قتل بأحداث 1991 لأسباب غامضة.
كانت تعقد حفلات الختان صباح يوم الجمعة في أيام الصيف والعطل المدرسية ,إذ تتهيأ العائلة قبل يوم من خياطة الملابس(الدشاديش البيضاء) وفرش الدار وتحضير الحلويات والعصير إذ اشتهر بتلك الفترة(عصير علامة الجمل) و(القند ) السكر المتماسك على شكل هرم مخروطي الشكل, وتحضير الحلاق لحلاقة الطفل أو الذهاب لدكان الحلاق وكان المشهور من الحلاقين(علي البرطلي)و(علي دوحي)و(عبد علي الحلاق)و(حسن كسكين), ثم الاستحمام والتحضير ليوم الجمعة, إذ صباحاً يأتي الزعرتي وقبلها الجوقة الموسيقية من العبيد وأولادهم وكان المشهور في تلك الفترة(عنبر أبو خضير) وبعض العوائل الميسورة الحال تأتي بالعبيد من محافظات مجاورة ومعها الشعارين(الراقصين وذو الشعر الطويل, ومعهم الجنبارت واضعيها بأيديهم)ويبدأ الرقص وتهنئة عائلة الطفل , وتبدأ طقوس الختان بوضع الطفل على الفراش ومسكه من قبل أحد اخوته الكبار أو أقرباءه وبمواجهة الزعرتي,ويقف أحد الكبار واضعاً اللهوم(وهو مسحوق من السكر والسمسم) أو الحلقوم بفم الطفل,ويبدأ الزعرتي بفتح حقيبته الصغيرة واخراج منها الموسى وآله أخرى تشبة (الكلابتين أو الماشة) وكذلك قطناً وقطعة من الشاش , ثم يبدأ بتنظيف عضو الطفل الخائف وساحباً اللحمة الزائدة عند رأس العضو ووضع الماشة عند نهايتها, لازالة اللحمة الزائدة بالموسى المعقمة , وفي هذا الأثناء يبدأ (عنبر)وابنه خضير بالضرب على الطبل والموسيقى تعزف لتقليل خوف أب وأم الطفل وقد يهربون من المكان لعدم مشاهدة ما يحدث لابنهم(من المواقف المحزنة المضحكة إن عنبر عن قرب ساعة وفاته أوصى ولدة خضير بعدم ترك مهنة والده ولكن خضير ترك المهنة والله وفقه وعمل بمجال بيع الآثاث) , ثم يلف الزعرتي عضو الطفل بالشاش لقطع نزيف الدم ويوصيه بسحب دشداشته إلى الأمام كي لا تحتك بالجرح,وهذه العملية تحدث لصغار الأطفال, ولكن بعض العوائل تهمل ختان أبنائهم حتى يكبروا فتكون عملية ختانًهم صعبة بعد التخدير, وبعض العوائل إذا كانوا موسوري الحال يختن مع ابنهُ عدداً من الأطفال الفقراء , حيث يتحمل مصاريف الختان وعمل وليمة الغداء للحاضرين.بعض العوائل تقوم بعملية الختان لأطفالهم في اليوم السابع من الولادة وذلك أسوة ببعض الطوائف ومنها الطائفة الموسوية , وقد تعايشنا معهم في فترة الستينات قبل الهجرة والتهجير إلى إسرائيل
وقد أصبح الختان الجماعي في عهد الجمهورية وثورة الرابع عشر من تموز, وسط احتفالات يوم الثورة للعوائل الفقيرة ومتوسطة الحال , واليوم ينتهج هذا الدور بعض الأحزاب اليسارية في مقرات أحزابهم بالدعوة إلى الختان الجماعي وتحمل مصاريف حفلة الختًان.



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذاكرة الديوانية.. مرقد السيد أبو شميلة
- اليهودي العراقي مناحيم دانيال .. وقصة جدول اليهودية في الحلة
- حادثة طفلة تنتحر وهي في عمر الزهور لمشاهدتها مسلسل الرعب
- فتوى غريبة بجواز أكل لحم الجان
- الأحاديث ودورها في الحث على العنف في المجتمع
- من الثورات المغيبة في التأريخ الاسلامي ......ثورة الزط والخل ...
- الغجر جزء من المكوًن الاجتماعي العراقي
- الناشطة هناء أدور تجمع بين خيط الحرير وصلابة حجر الماس
- فن العمارة في مدينةالديوانية
- من ذاكرة الديوانية....دور الرعيل الأول والثاني في نشأة الجيل ...
- من ذاكرة الديوانية.... أهل الشط(مدينة النضال والكفاح)
- كواكب تضيء سماء مدينة الديوانية..الشهيد وسام حسون صالح الكرو ...
- نجم آخر يتألق في سماء مدينة الديوانية...الشهيد رافد حنتوش
- من ذاكرة الديوانية.. ساعة القبض على الجاسوس الكولونيل لجمن(3 ...
- من ذاكرة الديوانية.. ساعة القبض على الجاسوس الكولونيل لجمن(2 ...
- من ذاكرة الديوانية..ساعة القبض على الجاسوس الكولونيل لجمن (1 ...
- كواكب تضيء سماء مدينتي الديوانية
- تارا الجاف....قيثارة سومر الدافئة
- الدستور العراقي بين الحكومة الذكوريه وإهمال المرأة
- فاجعة فرهود اليهود وحركة رشيد عالي الكيلاني عام1941 (2)


المزيد.....




- شاهد تطورات المكياج وتسريحات الشعر على مدى الـ100 عام الماضي ...
- من دبي إلى تكساس.. السيارات المائية الفارهة تصل إلى أمريكا
- بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل: ما هي الدول المنخرطة؟
- السفارة الروسية: طهران وعدت بإتاحة التواصل مع مواطن روسي في ...
- شجار في برلمان جورجيا بسبب مشروع قانون - العملاء الأجانب- (ف ...
- -بوليتيكو-: شولتس ونيهمر انتقدا بوريل بسبب تصريحاته المناهضة ...
- من بينها جسر غولدن غيت.. محتجون مؤيدون لفلسطين يعرقلون المرو ...
- عبر خمس طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- نتنياهو: هناك حاجة لرد إسرائيلي ذكي على الهجوم الإيراني
- هاري وميغان في منتجع ليلته بـ8 آلاف دولار


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل عبد الأمير الربيعي - من ذاكرة الديوانية.....الختًان سعادة عكرم