أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس يونس العنزي - مناقشة اولى لمنطلقات الفكر الصهيوني - 6 -













المزيد.....

مناقشة اولى لمنطلقات الفكر الصهيوني - 6 -


عباس يونس العنزي
(عèçَ حونَ الْيïي الْنٍي)


الحوار المتمدن-العدد: 3463 - 2011 / 8 / 21 - 14:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مناقشة الأرض االموعودة :
لم يحدث قط أن امتدت سلطة يهودية (يهووية ) الى أبعد من حدود المدن أو القرى التي وجدت فيها ، هذه هي الحقيقة الأولى التي يجب أن نعرفها وأن ما أشارت إليه التوراة من أن أرض كنعان وزعت في عهد يوشع بن نون على أسباط بني اسرائيل إنما هو وصف لانتشار بعض العوائل اليهووية فيها وسكنهم مع بقية الأقوام والقبائل صاحبة الارض الأصلية حيث أن سفر الخروج وسفر العدد في قمة النشوة وما يدعيانه من انتصارات اضطرا أن يعلنا التواجد اليهووي القليل في كل المناطق ، أي أن الذين كانوا يدينون بهذه الديانة قليلون وليس لهم التأثير القوي ، وفيما يلي مقتطفات تبرهن أن أهل المدن أو القرى التي تدعي التوراة اجتياحها لم يغادرها اهلها وأكاد أؤكد أن من يدينون بعبادة يهوه هم من أهل ذات المدن لكنهم قلة ومن فمك أدينك :
1 - في سفر يشوع يرد ما يلي " لم يطرد بنو اسرائيل الجشوريين والمعكيين فسكن الجشوري والمعكي في وسط اسرائيل الى هذا اليوم " .
2 - وفي سفر القضاة الاصحاح الأول " لم يطرد منسي أهل بيت شان وقراها ولا اهل تعنك وقراها ولا سكان بلعام وقراها ولا سكان مجدو وقراها فعزم الكنعانيون على السكن في تلك الأراضي وكان لما تشدد اسرائيل وضع الكنعانيين تحت الجزية ولم يطرد أحد "
3 - في سفر القضاة الاصحاح الاول " ونفتالي لم يطرد سكان بيت شمس ولا سكان بيت عناة بل سكن وسط الكنعانيين سكان الارض " .
4 - وأيضا يرد " زبولون لم يطرد سكان قطرون ولا سكان تهلول فسكن مع الكنعانيين "
5 - وأيضا " إفرايم لم يطرد الكنعانيين الساكنين في جازر فسكنوا وسط جازر "
6 - وأيضا " وأخذ يهوذا وتخومها وأشقلون وتخومها وعقرون وتخومها ولكن لم يطرد سكان الواد .
7 - كذلك " لم يطرد سكان عكو ولا سكان صيدون وحلب وكزيب وأفيق ورحوب فسكن الأشيريون وسط الكنعانيين أصحاب الأرض لأنهم لم يطرودوهم ".
8 - وفي سفر يشوع الاصحاح العاشر " الحويون سكان جعبون صالحوا اسرائيل وكانوا وسطهم " .
9 - وفي سففر القضاة " وبنو بنيامين لم يطردوا اليبوسيين سكان أورشليم فسكن اليبوسيون مع بني بنيامين في أورشليم الى هذا اليوم " .
10 - " وأما اليبوسيون الساكنون في أورشليم فلم يقدر بنو يهوذا على طردهم فسكنوا مع بني يهوذا في أورشليم الى هذا اليوم "
ومن هذا نكتشف أن العوائل اليهووية كانت تعيش مع الكنعانيين واليبوسيين وغيرهم من سكان فلسطين ولو غيرنا التعبير الى الاعتراف الوارد بعدم قدرتهم على طرد السكان الأصليين لتأكد لنا أن جميع أولئك اليهود كانوا قد عاشوا كأقلية بين الآخرين ، أقلية باختلاف عبادتهم ودينهم وليس لأي سبب آخر ، وكم من مرة تروي التوراة أن أولئك اليهووين انحرفوا عن دينهم وكانوا وثنيين أي اتخذوا دين من يعيشون معهم وهذا يعني أن ليس لهم أي سلطان على الأرض حينذاك مطلقا .
ولو تذكرنا قوانين الحرب اليهودية والتي تأمر بقتل وتدمير وإبادة العدو تماما وإبقاء الفتيات الصغيرات اللواتي لم يعرفن الرجل لأصابتنا الدهشة ، فهل يأمر يهوه بالقتل والابادة بينما يعيش اليهود بين الاخرين بسلام مع الآخرين أصحاب الأرض ؟ إنها مفارقة عجيبة تثبت تزييف كتبة التوراة للتأريخ وحقائقه .
هذا فيما يتعلق بالزمن الذي سبق قيام المملكة اليهووية الوارد ذكرها بالتوراة ومن ثم انقسامها الى مملكتين ضعيفتين ، يهوذا واسرائيل ، فما تلك المملكة ؟
من المؤسف أنه لم يصلنا للآن ولم تستطع المكتشفات الأثرية أن تعرض أمامنا أي دليل عن تلك المملكة وحجمها وتفاصيلها عدا ما سطره كتبة التوراة من اساطير لا حد لخيالها ، لكن هناك أمر لا بد من التوقف عنده وهو التحول من السلطة الدينية الى السلطة المدنية فقد رغب اليهووين أن يكون لهم ملك ، هكذا تطرح التوراة المسألة ، الأمر الذي يعكس حقيقة مخفية اخرى وهي أن الديانة اليهووية قد فقدت سلطتها حتى على مريديها وتحولت نحو الوثنية وهذا ما وردت عنه إشارات كثيرة حول وثنية مملكة سليمان .
ونكتفي بمناقشة مملكة سليمان وداود باستنتاج واحد مفيد ملخصه أن تلك المملكة لم تكن تشمل ارض كنعان مطلقا إنما بقيت ضمن حدود صغيرة اما بعد انقسامها فلم تكونا سوى مدينتين صغيرتين مسورتين وليس أبعد من ذلك ، وبعد كل ذلك لم تقم لليهويين قائمة في أرض فلسطين أو ما ادعته التوراة ارض الميعاد .
والصهيونية العالمية بقباحة تنسف كل التاريخ لتدعي على لسان بن غوريون في مقالة له بالكتاب السنوي لحكومة اسرائيل عام 1957 " لقد أنشئت دولة اسرائيل في بلاد قطنها المحتلون والغزاة العرب طوال 1300 عام ! " ، وهكذا يناقض الصهيوني المتعصب نفسه فينسى كل التاريخ وينسى أن شاوول حكم 51 عام وداوود 40 عام وسليمان 40 عام ثم تحطمت المملكة التي لم تكن سوى محمية مصرية أي 95 عام وما تبقى فهو زمن قرى صغيرة تجدفع الجزية دوما لآشور أو بابل أو مصر وما عدا ذلك فإن أهل كنعان العرب كانوا موجودين على الدوام في هذه الارض ولهم اثرهم السياسي والحضاري الثابت تاريخبا .
ان الوعد اليهودي لم يتحقق أبدا في كل حقب التاريخ فلم يستطع اليهووين السيطرة على الارض ما بين النيل والفرات فما معنى الوعد إذن وما معنى الأرض الموعودة ؟ .
ولننتقل لمناقشة منطلق آخر .






المنطلق التاريخي
رغم وجود اشتباك كبير بين المنطلقين الديني والتاريخي بسس أسلوب عرض التوراة وتناولها للمسائل الدينية والأحداث المرتبطة بها لكن من الممكن استعراض موضوع التاريخ اليهودي " اليهووي " وفق الادعاءات الصهيونية ثم نعود لمناقشتها مستعرضين التاريخ العربي الواقعي في فلسطين .
لقد هاجم اتباع موسى حسب التوراة الأموريين خلافا لوصية الرب فطردوا وتاهوا في البرية أربعين عاما حتى مات كل المحاربين الذين هاجموا الأموريون وكان الرب قد غضب عليهم وعلى موسى بسببهم وأماته دون أن يعبر نهر الاردن نحو كنعان ، وأول مملكة هاجموها هي حشبون وملكها سيحون الأموري وأبادوهم جميعا ، ثم هاجموا مملكة باشان وفعلوا بها مثل ما فعلوا بسيحون واستمر الحال بعد موت موسى حيث عبر يوشع بن نون نهر الاردن وتمكن بعد سلسلة معارك مع ممالك الاموريين والكنعانيين وغيرهم من توزيع اليهود بين الاراضي المفتوحة عنوة ويجيء في سفر يشوع الاصحاح الثاني عشر تعداد طويل للملوك الذين ضربهم يوشع بن نون ووصف لممالكهم وكانوا واحد وثلاثون ملكا وتبقى الشيء الكثير منأرض كنعان لم يستطع يوشع أن يحتله ووعده الرب أن يطرد ساكنيها وقسم الارض على الأسباط وطلب منهم بعد أن باركهم أن يعودوا الى خيامهم بمواشيهم قائلا " وإن ساء في أعينكم أن تعبدوا الرب فاختاروا لأنفسكم اليوم من تعبدون إن كان الآلهة الذين عبدهم آباؤكم الذين عبروا النهر وإن كان آلهة الأموريين الذين أنتم ساكنين فيي أرضهم وأما أنا وبيتي فنعبد الرب " .ولندقق هذا الكلام كي نكتشف ما يلي
1- إن يشوع لا يثق باليهووين من أن يستمروا بعبادة يهوه وواضح أنه ضاق ذرعا بهم ليقول لهم قوله ، ويستمر يشوع يكلم شعبه فيقول " فالآن انزعوا الآلهة الغريبة التي وسطكم واقبلوا بقلوبكم الى الرب إله اسرائيل " .
2 - إنه يقر ويعترف أن الارض التي هم عليها ليست أرضهم إنما هي للأموريين رغما عن كل الوعود والأباطيل .
وفي سفر القضاة الاصحاح 5:6 يجيء النص التالي " فسكن بنو اسرائيل وسط الكنعانيين والحثيين والاموريين والحويين واليبوسيين واتخذوا بناتهم لأنفسهم نساء واعطوا بناتهم لبنيهم وعبدوا إلههم " . وهنا يتوضح بشكل مطلق أن اليهووين كانوا جزءا من آخرين بل هم وقعوا تحت تأثيرهم الكامل وتركوا عبادة يهوه وتزوجوا وزوجوا ، فهل هذا يعني أنهم كانوا مستقلين في أرض كنعان ؟ ثم أين أصبح العنصر اليهودي الاسرائيلي إذا كانوا قد تزوجوا وزوجوا وعبدوا آلهة أخرى ؟ ، إن الادعاءات الصهيونية تواجه تناقضات توراتية ، لا نجيء بها من غبر التوراة .
وتستمر أسفار التوراة : القضاة وراعوت وصموئيل الأول تتحدث عن اليهوويين بنفس الاسلوب وتكرار لذات المعاني فهم يخوضون حروب عشائرية فيما بينهم ومع الآخرين حتى تمكن داود من أن يسيطر على الجميع وتعرضت مملكته الى اضطرابات عنيفة وكذلك سليمان لتنقسم المملكة بعده حتى أيام السبي الآشوري والبابلي لهم .
إن تاريخ المملكة اليهودية ليس فيه أي مضمون عدا الخلافات على زعامة القبائل اليهووية ولم تعط تلك المملكة وما تبعها أي عطاءات حضارية فيأي من شؤون المجمتع والتحضر بل ظلت مملكة متخلفة بلا اي دور حتى أن التاريخ الي حفظ لنا كل التقدم الحضاري في بابل وآشور ومصر لم يذكر أن اليهووين قدموا شيئا في هذا المضمار مما يؤكد بأنهم لم يكونوا مملكة بالأسس المعروفة وبالمنطلقات الحضارية الملازمة للمالك إنما بقوا تجمعا عشائريا متخلفا يخوض في بحر تناحراته القبلية .
وإذا كان هذا هو تارريخ المملكة اليهووية في فلسطين فما هي الحضارات العريبة التي نشات هناك قبل ظهور اليهووين وأثناء وجودهم وبعد سبيهم ؟
أولا : الحضارة الكنعانية : تعني تسمية المنطقة التي تشمل ارض فلسطين الحالية والتي استولى عليها تحتموس الثالث في القرن الخامس عشر قبل الميلاد بإسم بلاد كنعان منذ أقدم الازمنة وقد ورد ذكرها في معظم النصوص القديمة التي تحدثت عن تلك المنطقة .
أما منطقة لبنان والاردن الحالية فكانت تسمى " عمورو" . والكنعانيون هم مؤسسوا حضارة فلسطين القديمة والتي ترجع الى عصر موغل في الققدم ( 7000 - 500 ) سنة قبل الميلاد فمنذ ذلك الزمن منح الكنعانيون عطاءاتهم للحضارة الانسانية فهم أول من اكتشف النحاس اللين وعملوا سبيكة البرونز وبدؤا بباستعمال الحديد منذ الألف الثاني ق .م وتقدموا في شؤون الزراعة والري تقدما كبيرا وكذلك تقدموا في صناعة الاصباغ ولا سيما القرمز والارجوان التي اقترنت باسمهم وقد ازهردت لديهم التجارة إيما ازدهار بالتعاون مع المصريين أما ديانتهم فقدكانت متأثرة بديانة بابل ومصر ولعل أعظم ما فعله الكنعانيون هو اختراع الأبجدية الهجائية الذي يعد من ألمع الانجازات الحضارية .
ثانيا : الحضارة الفينيقية : وهي حضارة المدن الساحلية الكنعانية حيث ان اليونان أطلقوا عليهم هذه التسمية عندما كانوا يمتهنون التجارة معهم ، وأبرز مدنهم هي قانة وعكا وصور وصيدا وبيروت واوغاريث وغيرها وقد كانت هذه البلاد تمارس نشاطاتها التجارية مستغلة الموقع الستراتيجي لفلسطين الذي كان يربط بين أقوى حضارتين حينذاك كما انه يطل على البحر المتوسط الموصل الى بلاد اليونان وغيرها .
ومن الفينيقين ظهر علماء مثل زينون الروائي وفيلو الجبيلي وأوليان الصوري وكانوا ابرع الناس في علم الجغرافيا اما ديانتهم فقد احتفظن بطالعها القديم فكان " إيل " هو أكبر آلهتم مثلما كان لدى الآراميين كما أن الهكسوس اتخذوا من اسمه موضوعا للتبرك فكان من اسماء ملوكهم " يعقوب إيل " ويوسف إيل ".
وقد ورد ذكر أقدم حملة مصرية على بلاد كنعان في عهد الفرعون المصري بيبي الول " 2350" ق.م وورد أيضا ان الملك سيزو ستريس " 1850" ق.م استولى على أرض كنعان وعلى مدينة شكيم .
ثالثا : العموريون في فلسطين وسورية : أطلق البابليون إسم عمورو على بلاد سورية وسموا البحر المتوسط بحر عمورو العظيم وكان العموريون قد انتشروا ممن ساحل البحر الى الفرات ولم يختلفوا عن الكنعانيين - الفينيقيين فأسسوا دولا قوية استمرت حتى بعد السبي البابل لليهوويين .
رابعا : الدول الآرايمة في فلسطين : وهم الذين يسمون العبيرو وقد انتشروا انتشارا كبيراوسيطرت لغتهم على المنطقة بكاملها حتى ان تسمية آراميين أخذت تشمل بلاد فسيحة تعدت المنطقة العربية كذلك انتشر الحرف الآرامي الذي انبثقت عنه أشكال حروف متعددة . أما ديانتهم فهي عبادة إيل وهي أشبه بعبادة الكنعانيين ، ومن العموريين القبائل العربية المسماة بالبائدة ، ومن دولهم آرام النهرين ومملكة جشور ومملكة سمأل ومملكة حوبا التي عاصرت دولة داود .
وهذه هي الحضارات والدول التي لا يمكن مقابلتها مع الدويلة التي أسسها داودلتكون محمية مصرية وتشمل نطاق حيفا من فلسطين ، فمن هو إذن صاحب الحق التاريخي ؟ هل هي مجموعة القبائل التي اعتنقت عبادة يهوه أم أهل الأرض الأصليين اصحاب الحضارة والعطاء ؟ إن الصهيونية العالمية التي ترتكز على ما جاء في التوراة حسب تقع في مطب كبير وتناقض فاضح عندما تحتج باعلاقة التاريخية بين الصهاينه وفلسطين ، فعلاقة العرب بها أشد وأقوى واعمق وأقدم ولم تنقطع هذه العلاقة أبدا وعلى مر التاريخ وحتى يومنا هذا .
وإذا كان الفكر الصهيوني يرى في حدث تاريخي ما يمنح الحق لفئة ما على صلة بذلك الحدث بالادعاء حسب ، إذن سيكون للعرب الحق التاريخي في فلسطين سواء بالصلة القديمة التي سبقت ظهور الاسلام او بعد ظهوره وإذا كان بن غوريون يعتقد أن 300 عام تمنح الصهاينة الحق في فلسطين فلماذا لا يرى ب1200 سنة زمنا كافيا كي تمنح العرب ذات الحق حسب ما قاله في تصريحه المشار إليه آنفا؟
إن الصهاينة يحرفون التاريخ ويلغون قسمه الأكبر ولايكتفون بالأكاذيب والتشويهات الواردة في أسفار التوراة إنما يذهبون ابعد من ذلك بكثير فهم يتناقضون حتى مع التوراة ولو كان بغمكانهم لفعلوا كما فعل أسلافهم فحرفوها من جديد أو لابتدعوا كتابا آخر وقالوا أن الرب قد قابل هرتزل فأعطاه هذا الكتاب ! .
مناقشة المنطلق التاريخي
إن أول الاستنتاجات الرئيسية في ما أوردته التوراة يتضمن حقيقة صلة ابراهيم تأريخيا بأرض كنعان ، فرغم كل الوعود التي أغدقها يهوه على ابراهيم التوراتي فنه لم يمتلك شبرا واحدا من أرض كنعان بل أن التوراة تورد قصة شرائه لمغارة المكفيلة من الحيثيين إذ لم يكن له الحق باستغلالها دون إذت أصحابها ، وعلى مر الزمن لم يتمكن ابراهيم من إقامة دولة أو حارة في أرض فلسطين إنما ظل فيها غريبا كما تؤكد التوراة ذلك ما يناقض وعد يهوه الذي أكد له أن الارض _ أرض كنعان _ ستكون أرضه هو .
وعندما تستخدم التوراة عبارة ونسلك فمن الواضح أنها تعتمد قانون الارث في ذلك لأن يهوهلم يقل أنه سيعطي الارض لنسل ابراهيم بل لابراهين نفسه ونسله من بعده ، فإذا كان ابراهيم لم يمتلك شيئا من أرض كنعان سوى مغارة المكفيلة فما الذي سيرثه نسله إذن ؟ .
إن الفكر الصهيوني الذي يرتكز في مطالبته بأرض فلسطين على موضوع الحق التاريخي يقف متناقضا أمام حقيقة أن ابراهيم التوراتي لم يمتلك شيئا من أرض كنعان على عكس ما وعده يهوه به . ولأنه كذلك فلم يرد تاريخيا أنه أسس دولة أو حضارة متميزة او أي شكل من أشكال التمثيل الحضاري ، وبقي الوجود الابراهيمي التوراتي مجرد وجود غريب لعشيرة صغيرة تتنقل على طريقة البدو بين المناطق المتاح أن تنتقل إليها عمليا ، وبعد ذلك فإن اسحاق ويعقوب بقيا مثل ما كان ابراهيم غريبين في أرض كنعان ولم يمتلكا أو يؤسسا مملكة أو امارة في أي شبر من أرض فلسطين ، هكذا هو حال الاصل التاريخي المزعوم في التوراة والذي تعلنه الصهيونية وتتعكز عليه ، أصل الغربة وانقطاع الصلة وانعدام وجود أي اندفتع حضاري لتأسيس دولة أو ما يماثلها من التشكيلات الاجتماعية ، اما يوسف فكان وباعتراف التوراة مصريا بحتا نشا وعاش ومات هناك ولم يتحدث عن ارض كنعان ولم يشر إليها من قريب أو بعيد هو أو أخوته الوارد ذكر قصتهم في التوراة ، ولم يعده يهوه أو غيره بشبر واحد في فلسطين واقتصرت قصته الواردة في التوراة على علاقته بأخوته وأبيه وكأن التوراة قد نسيت أو أن كتبتها قد نسوا كل التفاصيل الأولى وعزلوا يوسف باعتباره اميرا مصريا له قصة فريدة .
ومنذ استقرار اليعقوبيين التوراتيين في مصر ولعدة قرون لم يكن هناك حديث عن ارض كنعان ومنطقيا لا يمكن أن يكون هناك حديث عنها لأن صلتهم بها لم تكن إلا طريق عبور ولبس أكثر من ذلك .
ويحصل التغيير المفاجيء عندما يقرر موسى العودة بهم الى أرض كنعان ، وكلمة العودة هنا هي خطأ كبير وتشويه فادح للحقائق ، فبعد كل تلك القرون وتجدد الأجيال هل من الصحيح أن نستخدم كلمة العودة لوصف هجرة اليهووين الى فلسطين مع فهمنا لطبيعة صلتهم بها ؟ إن كل تلك الأجيال التي ولدت وعاشت في مصر ( طبعا كل ما نقوله حسب الرواية التوراتية ) لم تعرف أرض كنعان ولم تسمع أنها وعدن بها بل أن يهوه وهو إله اليهود قد نسي تلك الأجيال ولم ينفذ وعده مع ابراهيم فأسكنهم مصر وليس فلسطين ، والسؤال الموجهالى التوراة هو ما دام يهوه وعد ابراهيم ونسله بأرض كنعان فلماذا استثنى من الوعد كل تلك الاجيال التي عاشت بسلام في مصر حسب زعم التوراة ؟ بل إن الوعد لم يتحقق مع كل تلك السلسلة من الأجيال بدءأ بأبراهيم ووصولا الى موسى كما بينا سابقا فهل كانت تلك الجيال مشمولة بالاستثناءات التي شملت اسماعيل وعيسو من قبل ؟ ووالأدهى أن مسلسل الاستثناءات قد يصحح ليشمل موسى ذاته الذي منعه الرب من دخول ارض كنعان وفق قصة غريبة وردت في التوراة .
أما يشوع بن نون فقد انجز الوعد وأسكن اليهووين في أرض كنعان وكان يطلب منهم دوما العودة الى خيامهم ولم يقل أبدا الى مدنهم ، فقط خيمهم ومواشيهم ولم يعلن نفسه أو أيا من الآخرين ملكا ، لأنه لم يؤسس دولة أصلا إنما نتحدث عن قبائل سكنت مع الآخرين في ظل هيمن الدولتين العراقية والمصرية على المنطقة بأسرها ،
إن الدولة اليهووية الناشئة في أرض كنعان على يد داود كاننت تضم عشرات العوائل والاقوام ولم تكن صافية لعنصر أو قوم ـ أي بني اسرائيل ـ كما تعرفهم التوراة كما أن عمر استمراها كان قصيراجدا نسبة للمالك الأخرى . ولو دققنا في تلك الدولة لاستنتجنا أنها لم تكن سوى مجاميع من أصحاب عبادة معينة تمردت على السلطتين المصرية والعراقية ولم يتبناها كتبة لتوراة في نسيجهم القصصي إلا لهذا السبب بالذات ففي ذلك استجبة لدواعي معالجة آثار السبي االبابلي النفسية .
إن الحق التاريخي الذي تدعيه الحركة الصهيونية يتوضح من خلال العرض السابق على أنه ادعاء يناقض التاريخ وحقائقه وان ما تصفه بالحق هو مصادرة للحقوق والحقيقة .
عباس يونس العنزي
[email protected]



#عباس_يونس_العنزي (هاشتاغ)       عèçَ_حونَ_الْيïي_الْنٍي#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة اولى لمنطلقات الفكر الصهيوني -5 -
- هنية
- مناقشة أولى لمنطلقات الفكر الصهيوني - 4 -
- مناقشة أولى لمنطلقات الفكر الصهيوني -3-
- مناقشة أولى لمنطلقات الفكر الصهيوني -2 -
- مناقشة اولى لمنطلقات الحركة الصهيونية
- غريزة البقاء والتوريث المعرفي
- مقدمة أولى في فلسفة أصول الإرادة
- الرمز الاسطوري عند حسب الشيخ جعفر
- الموت بين الحق والعقوبة
- الطوطمية - محاولة للفهم والتفسير
- قصة قصيرة بعنوان - عبود وكلبه المعجزة -
- مقدمة في صراع الحرية والوهم والموت


المزيد.....




- تحويل الرحلات القادمة إلى مطار دبي مؤقتًا بعد تعليق العمليات ...
- مجلة فورين بوليسي تستعرض ثلاث طرق يمكن لإسرائيل من خلالها ال ...
- محققون أمميون يتهمون إسرائيل -بعرقلة- الوصول إلى ضحايا هجوم ...
- الرئيس الإيراني: أقل عمل ضد مصالح إيران سيقابل برد هائل وواس ...
- RT ترصد الدمار في جامعة الأقصى بغزة
- زيلنسكي: أوكرانيا لم تعد تملك صواريخ للدفاع عن محطة أساسية ل ...
- زخاروفا تعليقا على قانون التعبئة الأوكراني: زيلينسكي سيبيد ا ...
- -حزب الله- يشن عمليات بمسيرات انقضاضية وصواريخ مختلفة وأسلحة ...
- تحذير هام من ظاهرة تضرب مصر خلال ساعات وتهدد الصحة
- الدنمارك تعلن أنها ستغلق سفارتها في العراق


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس يونس العنزي - مناقشة اولى لمنطلقات الفكر الصهيوني - 6 -