أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى الداغر - الإعلام الأمريكى والثورات العربية (1)















المزيد.....

الإعلام الأمريكى والثورات العربية (1)


مجدى الداغر

الحوار المتمدن-العدد: 3463 - 2011 / 8 / 21 - 02:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى المقالة السابقة أشرت إلى أن ما كنا نتصور أنه يدخل فى إطار الاستحالة أصبح واقعاً ملموساً ومشهوداً أمام العيان فيما يتعلق بالمسألة السودانية والعراقية ، وأن ما حدث من سقوط أنظمة بالكامل كما فى مصر وتونس ، وعروش أخرى تحاول البقاء بكل ما تستطع من قوة ومن عتاد وسلاح هى إلى زوال ، إلا أنها فى واقع الأمر لن تستطيع أن تقضى على الشعب بكاملة، أو تتغلب عليه وهو فى هذه الحالة من قوة الإرادة والصمود ، كما هو الحال فى اليمن وليبيا وسوريا والبحرين ومن هم على قائمة الانتظار .

لقد استحوذت ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر- والتي أدت إلى تنحي الرئيس حسنى مبارك عن الحكم وتفويضه المجلس العسكري لإدارة شئون البلاد - على اهتمام العالم كله، خاصة صانعي القرار في الولايات المتحدة باعتبار أن مصر هي الدولة المحورية في الشرق الأوسط والحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة، بجانب العراق والمملكة العربية السعودية .
وأعتقد أن الحالة المصرية كانت شديدة الخصوصية ، فمصر هي ثاني أكبر دولة في إفريقيا سكاناً بعد نيجيريا، وهي أكبر دول منطقة الشرق الأوسط، وهى حسب تقديرات عام 2009 يصل عدد سكانها حوالي 82 مليون نسمة، بما يعنى أن مصر تزداد طفلاً كل "23 ثانية" أى حوالى 1.5 مليون نسمة سنوياً ، مما يشكل خطراً كبيرا على الموارد المحدودة في مصر ، وصاحب ذلك تدهور اقتصادي نتيجة فشل سياسات الدولة في الاستفادة من الثروة السكانية ، فضلاً عن ظهور جيل جديد من الشباب من حملة الشهادات الجامعية والمتوسطة بلا عمل ، مما دفعهم إلى التظاهر والمطالبة بإسقاط النظام الذى فشل فى أن يوفر لهذه الملايين من الشباب لقمة العيش الكريمة ، وبالتالي كان الشباب هم العمود الفقري لثورة يناير فى مصر ومن قبلها فى تونس .

وتولى المجلس العسكري مقاليد الحكم بمصر فى سبيل نقل السلطة بالكامل إلى رئيس مدنى بإرادة شعبية لم تحدث من قبل وعبر انتخابات حرة ونزيهة يدلى خلالها الشعب بصوته دون خوف أو تردد، إلا أنه وبعد ستة أشهر من الثورة تزايد امتعاض الكثير من المصريين حيال المجلس العسكري الحاكم الذي يقوده وزير دفاع الرئيس السابق، وتحويل المدنيين إلى المحاكم العسكرية ، واعتراهم الشك حيال استمرار المحاكمة أو ظهور مبارك للعيان بعد أن ترددت شائعات أن الرئيس السابق يعالج فى مستشفى تبوك بالمملكة العربية السعودية ، بما يشير إلى أن المجلس خضع للضغوط العامة وبدا مستعداً لمحاكمه الرئيس السابق ، وأصدر أوامره لوزير الداخلية بإحضار الرئيس السابق من مستشفى شرم الشيخ للقاهرة وإيداعه فى القفص الحديدي كمتهم ، والتأكيد على وزير الإعلام بأن يتولى التليفزيون المصري نقل وقائع الجلسات على الهواء مباشرة دون فاصل أو مونتاج لطمأنه الشعب وأسر الشهداء وفض مظاهرات ميدان التحرير، مما دفع البعض من السياسيين والإعلاميين إلى المطالبة ببيع البث للقنوات الفضائية الدولية التى تود نقل وقائع الجلسات بما يفيد خزانة الدولة ، إلا أن المجلس العسكري طالب بأن تنقل الجلسات مجاناً بشرط أن يتم الحفاظ على لوجو وشعار التليفزيون المصرى فى النقل المباشر للقنوات الفضائية العربية والأجنبية .

الغريب أن يتم عقد المحاكمة للرئيس السابق وأنجاله علاء وجمال فى إحدى قاعات "أكاديمية الشرطة" التى كانت تسمى قبل الثورة "بأكاديمية مبارك للأمن"، حيث كان يحظى الرئيس السابق بكل الاحترام والتقدير، والأغرب أن هذه القاعة تحديداً قد افتتحها الرئيس السابق يوم عيد الشرطة الأخير وحين دخلها كان الكل يصفق له ، واليوم هو فى نفس القاعة التي افتتاحها ينام على سريره ينتظر دخول هيئة القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين أصدر قرارات تعيينهم، والكل في السابق كانوا ينتظرونه بالساعات وفى نفس هذه القاعة .

وقد تناولت العديد من الصحف الأمريكية تفاصيل المحاكمة وأشارت إلى أن محاكمة حسنى مبارك وظهوره على شاشات التليفزيون لحظة "غير مسبوقة" فى تاريخ مصر والعالم العربي، ومن ثم فهى المرة الأولى التى يتم فيها وضع زعيم عربى معاصر خلف الأسوار على أيدى شعبه".
واهتمت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بسرد حيثيات محاكمة الرئيس السابق بتهم الفساد وقتل المتظاهرين ليكون بذلك أول رئيس مصري يحاكم فى قفص الاتهام، وأشارت إلى إن دخول مبارك قفص الاتهام نقطة فارقة فى تاريخ مصر، لاسيما وأنه يشبه ذاك القفص الذي ظهر وراءه قاتل الرئيس الراحل أنور السادات قبل ثلاثين عاماً، أما المحاكمة فهى تشبه إلى حد كبير محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين، الذى أطاح الاحتلال الأمريكي بحكمه بحجج واتهامات اتضح فيما بعد أنها زائفة وليست صحيحة وأن الهدف هو كيف يصل الأمريكان للنفط العراقي ؟؟؟

ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الرئيس المصري بالفرعون، وقالت في افتتاحيتها أن خليفة أنور السادات، وبطل الحرب السابق وزعيم أكبر قوى سياسية فى الشرق الأوسط طيلة ثلاثة عقود أطاحت بعرشه مظاهرات عارمة فى فبراير الماضي، وينتظر حكم الإعدام وهو على سرير المرض .
بينما وصفت صحيفة "واشنطن بوست" الرئيس السابق بالرئيس المذلول ، وقالت أن مثوله للمحاكمة أزالت عنه صفات "الألوهية" التى ارتبطت به طيلة ثلاثين عاماً حكم خلالهما البلاد منفرداً بالحديد والنار.
أما صحيفة "الهيرالد تريبيون" فقد كشفت عن حجم الدور الأمريكي فى نجاح الثورة المصرية ، وأبرزت اعترافات السفيرة الأمريكية بالقاهرة والتي أشارت فيها إلى إنفاق 40 مليون دولار في مصر منذ قيام الثورة على جمعيات ومنظمات المجتمع المدني ، وقد تم ذلك دون علم الحكومة المصرية، وأكدت على ذلك وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون فى مقابلة لها على قناة فوكس نيوز الأمريكية .

والحقيقة أن الإعلام الغربي والأمريكي على الخصوص قد تم اختراقه منذ زمن بعيد بحيث أصبح آلة فتاكة في تمويه الحقيقة وفي توجيه الحرب النفسية ، وغالباً ما يستخدم الإعلام المجند قواعد ومفاهيم إنسانية كوسيلة بالغة الخطورة للوصول إلى أهداف غسيل الدماغ الجماعي، وهذا ما تؤكده التصريحات الأمريكية المتذبذبة فى بدايات الثورة بين تأكيد "وزيرة الخارجية "هيلاري كلينتون" أن النظام المصري" مستقر"، وسيعمل جاهداً على تحقيق مطالب المتظاهرين ، وكذلك تصريحات نائب الرئيس "جو بايدن" بأن الرئيس مبارك "ليس ديكتاتورا" ، وبين تصريحات أوباما بأن عملية نقل السلطة في مصر يجب أن تتم في أسرع وقت، وأخيراً تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض بأن مبارك عليه الرحيل" الآن" .
والغريب أن العديد من الصحف القومية والمستقلة فى مصر قامت بتلوين الأخبار وتشويهها لإعطاء الانطباع بأن هناك علاقات سرية بين أمريكا والإخوان المسلمين فى مصر، بينما كانت المعلومات الصحيحة هي تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية “هيلاري كلينتون” بأن أمريكا على استعداد لإجراء حوار مع الإخوان.
في ضوء ذلك يمكن أن نفهم مدى تحيز وسائل الإعلام التي كان يطلق عليها وصف القومية والمستقلة ضد جماعة الإخوان المسلمين، وحزب “ الحرية والعدالة ”، والعمل بشكل دائم على نشر بعض المعلومات المضللة.

وهناك من السياسيين من يرى أن إدارة الرئيس الأمريكي أوباما أمامها فرصة لاستغلال ما حدث في مصر وتونس لمواجهة أي نشاط للجماعات الإسلامية، ومساندة مطالب الثوار بإقامة دولة ديمقراطية مدنية ، وبالتالي يتعين على الإدارة الأمريكية مراجعة سياستها في المنطقة، ومساندة المطالبين بالحرية حتى ضمان كسب شعبيتها في العالم العربي ، وتشجيع الهيئة العسكرية المصرية على دعم انتقال حقيقي نحو تشكيل حكومة ديمقراطية مدنية بصورة تامة، وهذا يعني عدم الاندفاع بصورة مستعجلة لإجراء انتخابات مبكرة، والقيام بتغييرات دستورية بالجملة أو بصورة متسرعة، وعدم تسليم السلطة خلال فترة يطول أمدها، أو مقتطعة من الزمن اللازم لتحضيرها.

ويرى بعض الخبراء والسياسيين أن هناك صراعاً يدور الآن داخل الولايات المتحدة بين الأفكار والمصالح وبين الديمقراطية ونتائجها، أو مايسمى بالمعضلة الإسلامية التى تتمثل فى أن الديمقراطية قد تأتي بالإسلاميين كما جاءت نتيجة الانتخابات البرلمانية في فلسطين بحركة حماس.
مما دفع قادة جماعة الإخوان المسلمين إلى السعى نحو تعديل رؤيتهم للسياسة الداخلية والخارجية، وأعلنوا صراحة أنهم يتبنون مفهوم تداول السلطة، والسيادة الشعبية، واستقلال القضاء؛ ويجردون برنامجهم السياسي من المضمون الإسلامي التقليدي الخاص بتطبيق الشريعة الإسلامية، واستبدلوا به مفاهيم عامة أو" غامضة" خاصة بترويج القيم الإسلامية، والسماح للأقباط والمرأة فى المشاركة السياسية للبلاد ، بل ورفض الجماعة لأى مرشح يتبنى الفكر الإسلامي فى هذه المرحلة الانتقالية على وجه التحديد .

ومن هنا أتصور أن الإدارة الأمريكية تدرك اليوم أن أي شعب عربي عندما تتاح له الفرصة، سيختار بإرادته الحرة حاكمًا يحمي استقلال الوطن، ويرفض التدخل الأمريكي في شئون الدولة، ويحمي السيادة الوطنية؛ لذلك فإننا لابد أن ندرك أن هناك صراعًا حتميًّا بين إرادة شعوبنا، والتي عبرت عنها الثورات العربية من ناحية والهيمنة الأمريكية من ناحية أخرى ، ومن ثم يجب أن نعتبر أن أية محاولة أمريكية لمنع تحقيق الديمقراطية أو تأجيل الانتخابات، أو التأثير على نتائجها هو عدوان أمريكي يجب أن نقاومه بكل قوة، وأن تشترك في المقاومة كل الاتجاهات الوطنية.



#مجدى_الداغر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفيقوا يرحمكم الله ،،،


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى الداغر - الإعلام الأمريكى والثورات العربية (1)