أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - اوهام الاصلاح المستحيلة















المزيد.....

اوهام الاصلاح المستحيلة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1031 - 2004 / 11 / 28 - 05:55
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


ان نغمة الاصلاح التي يرددها الاعلام الرسمي العربي هذه الايام على ايقاع سيمفونيةالديقراطية بقيادة المايسترو الامريكي البارع ادائيا والملهم حضاريا والرادع عسكريا - والتي ترتفع وتائرها وتنخفض مع تذبذب الوضع العسكري في العراق -قد خفت وتلاشى زعيقها ونعيقها الى حد كبير. ولقد لاحظ الجميع ومع ذروة هبوب العاصفة الامريكية الجارفة في عملية تحرير العراق كيف خرجت تلك الديناصورات السياسية والمومياءات القدرية والتحف البشرية المتجمدة من جحورها الازلية وبزي موحد وبموديلات جديدة وموضات غريبة ودخيلة على مجتمعاتنا المحافظة سياسيا والمحنطة فكريا وهم يرددون نشيد الاصلاح بعفوية وبراءة براعمنا الفتية في قمعستان عندما يصدحون بالنشيد الوطني في صباحات باردة وكئيبة وحزينة عن العز والمجد والاباء والشرف والسؤدد الماسوف على شبابهم جميعا.وقد عقدت لذلك المؤتمرات وعلى اعلى المستويات والندوات والمحاضرات وحتىاخرجت الافلام وسخرت لذلك الاقلام الجاهزة والمسبقة الصنعpre-fabricated والمعدة سلفا لكل المناسبات بدءا من الطهور وانتهاء بزواج بنت الامبراطور والتي ليس من مهامها فقط- كما تعتقدون ياسادة- التبجيل والتهليل والتسبيح بحمد هذا الحاكم او ذاك السلطان, للحديث عن الاصلاح وفلسفته وادلجته وتحليله وتشريحه والاشادة طبعا باولي الامر لانهم كانوا السباقين والرواد في كشف مجاهله وسبر اغواره وتقديمه وجبة لذيذة للرعايا المنهوبين الذي انهكهم التوق الابدي للنوروالضياء.وفي ذروة هذه المعمعة النيرانية خرجت علينا احدى المستحاثات الديبلوماسية وهو احد وزراء الخارجية المشهود له بالتحجر العقائدي والانغلاق الفكري والتزمت العقلي للحديث عن الاصلاح وقد بدا ذلك فتحا عظيما وسبقا حضاريا وخبطةمدوية لايعادلها سوى اكتشاف البنسلين ولقاح السل ومبدأ الانشطار الذري. وكانت هذه الوتيرة تتصاعد وتتنازل يوميا كالبورصة في سوق النفاق السياسي المزدهر مع اشتداد وانخفاض حدة المعارك في العراق اين منه مؤشر كاك40وناسداك وبورصة طوكيو المرعبة. وفي هذه الايام والكل الان بانتظار انجلاء الموقف العسكري هناك بشكل نهائي وجميعهم معقودي الالسن وايديهم على قلوبهم فيما ترتجف سيقانهم المكتنزة بفعل الشفط والنهب والسلب راجين ومتمنين بان تعود الامور الى ماقبل التاسع من نيسان حيث المناخ الملائم لهم للاستمرار والبقاء على قيد الحياة وايديهم على زر التحكم بنغمة الاصلاح تلك اما لرفع وتيرتها او خفضها او ضغط زلر الOFFلاسمح الله وقدر- وللحق لقد بدا ذلك نشازا عندما كانوا يرددونها لانها ببساطة ليست مهنتهم ولانهم لايجيدون الغناء الجميل واعتادوا فقط على الصراخ والعويل والتهويل والخطب النارية والصاروخية الجوفاء والنضال الدونكوشوتي على المنابر امام جمهرة من البؤساء والفقراء المسروقين الذين تقطعت بهم السبل في مجاهل مافياستان. وقد ضعفت تلك النغمة الان بشكل كبير حتى بدت غير مسموعة.واعتقد الجميع ان الزفة قد انتهت وان العرس الامريكي مضى وعاد ت حليمة الى عادتها القديمة. فالسجون تستضيف يوميا مزيدا من النزلاء ومعظمهم- على فكرة- من دعاة الاصلاح. وزدادت حمى القمع والاستئصال والاستبداد وحال العباد والبلاد من سيء الى اسوأ في السياسة والاقتصاد والتعليم والخدمات والفساد السرطاني يستشري يوميا واصبح عصيا على العلاج وكأن شيئا لم يحدث واما الترقيعات الهزيلة هنا وهناك والتصريحات الخافتة الخجولة من حين لاخر اضحت مجالا للتندر والسخرية بقدر ماهي مدعاة للشك والريبة و اصبح مادة للمساومة والسمسرة السياسية. لقد كانت عمليات الاصلاح التي جرت في دول عديدة من العالم وعلى راسها الولايات المتحدة زعيمة العالم الحر واكثر الدول تقدما وتطورا في مختلف الميادين وبشكل روتيني ومتواتر ولاسيما عند صدور ارقام أوبيانات أومؤشرات أومعطيات تدل على قصور او خلل في هذا الجانب او ذاك.انها مدعاة للتمعن والدراسة والتوقف عندها طويلا. ولاحظنا كيف انه وبعد الحادي عشر من سبتمبر كيف تعرضت كثير من المؤسسات والهيئات والوزرات التي بنت واشادت وصنعت ودلت على عظمة وهيبة امريكا الى اعادة هيكلة وبناء ومراجعة لادق التفاصيل وحتى اضطر الامر الى انشاء وزارات جديد والغاء وظائف كانت موجودة تبين انها لم تعد ذات جدوىتذكر. حتى وكالة الاستخبارات المركزيةCIA ذات القوة الاسطورية والاذرع الاخطبوطية الهائلة لم تسلم من عمليات الغربلة الادارية واعادة الهيكلةالاصلاحية واعلن ذلك على الملأ وبشفافية عالية يحسدون عليها.ومع وجود بعض التحفظات هنا وهناك في هذا المجال او ذاك وهذا من طبيعة الحياة فالكمال لله وحده وارجو الا يفهم من كلامي هذا تهليلا وانحيازا لهذا الجانب او ذاك او ترويجا لاية بضاعة سياسية ولكنه واقع الحال المعاش وحقيقة الاشياء كما نراها ونعيشها ومن المعيب والمخزي تجاهلها والتعامل معها من مبدأ الانكار والتغاضي والتعالي وقال تعالى في عزيز كتابه" ولاتبخسوا الناس اشياءهم". وللاصلاح في الغرب هيئاته ومؤسساته ورجاله وحتى احزابه والياته المعقدة للمراقبة والمراجعة والتقييم لامزحة ولعبة وضحك على ذقون العباد والرعايا المساكين في هذا الجزء من العالم المترهل حضاريا والمنهك ابديا والذي مايزال يعيش بقسمه الاكبر على قوانين الدولة العثمانية التي كان يطلق عليها رجل اوروبا المريض والذي استعمرتنا لمدة اربعة قرون وسنحاول توريثها الى نهاية الدهر حفاظا على عاداتنا وتقاليدنا واخلاقنا الاصيلة . فعمليات الاصلاح ليست بيانات نصدرها هنا وهناك وترددها جوقة غبية بلهاء مدربة على ذلك تعمل بالقطعة وبالساعة وبالورديات ولا تقبض الا بالدولار ثم نقفل المذياع ونعود الى اعمالنا المعتاد ة وننسى فورة الاندفاع والنخوة الاصلاحية بعد انتهاء مفعول الحقنة الامريكية وجرعة الخوف من تاثيرات ومضاعفات سماع دوي الكروز والتوماهوك كما حصل في الامس القريب. انها عملية منظمة ومدروسة من كافة الابعاد والجوانب ولها تفاعلاتها وانعكاساتها قد تبدا مثلا بازالة كافة البنى التقليدية التي هرمت وشاخت وهزلت واصبحت عقبة في طريق التقدم والتطور ولن تنتهي عند حرية الصحافة والاعلام والشفافية واخلاء المعتقلات من سجناء الفكر والرأي وحقوق الانسان والطفل والاعتراف بالمراة ككائن بشري واصلاح التعليم والشفافية والانتخابات الحرة والمباشرة والنزيهة والاعتراف بحقوق الاقيات والعرقيات والطوائف وكافة اطياف المشهد السياسي وحرية العبادة والغاء المحاكم التعسفية والاستثنائية ومبدأ سيادة القانون..... الى اخر هذه القائمة الزاهرة والزاخرة التي اصبحت واقعا ملموسا وتقليدا وسمة من سمات كثير من المجتمعات التي يروج بعض الحمقى المسعورين لابادتها والقضاء عليها. انها عناوين كبيرة لامال عظيمة قد تدفعك احيانا الى القنوط والياس حين تعود بنظرك وتجول في تلك الاصقاع الواسعة من البؤس والتردي والتهالك والشيخوخة والخرف الحضاري الذي لم يعد ينفع معه سوى الدفن وقراءة الفاتحة مع عدم ذكر المحاسن لقلتها وندرتها. فهل يبدو مشهد الاصلاح بائسا وكئيبا ورديئاالى هذا الحد؟ وماذا لو استجابت الحكومات الى كافة هذه المطالب وماذا سيبقى من ارثها ومن تراثها الاستبدادي وتقاليدها الاستئصالية وعنفوانها السلطوي الذي ادمناه لقرون خلت؟ اسئلة كثيرة قد يتطلب الامر وقتا للاجابة عليها. يخطىء من يظن ياسادة ان الوضع في المنطقة بعد التاسع من ابريل نيسان هو كما كان قبل هذا التاريخ. وان تعود عقارب الساعة الى الخلف.وانه ولاول مرة في حقب من الهزائم والارهاصات والاحباط والياس يتابع رعا يا قمعستان البؤساء المساكين صنما قومجيا ولاهوتا معبودا واقنوما مقدسا يسحب من اذنه من وكر اجتاحته جحافل الجرذان وارتال القمل واكوام القاذورات وبقايا الفضلات وهم مذعورون ومدهوشون ومذهولون. وعند هذا المشهد القومي الفضائحي العبثي المهين انهارت مرحلة باكملها مؤلمة ومحزنة وجارحة وطويلة في نفس الوقت وبدأ عصر جديد مازالت ملامحة متخفية بعض الشيء. انها لحظة الحقيقة........ و على الجميع ان يدركوها.



نضال نعيسة كاتب وصحفي سوري -



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية والجهل
- مجتمعات الاقصاء الشامل
- وعاظ السلاطين وبيان الليبراليين


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - اوهام الاصلاح المستحيلة