|
موقف المثقفين من الثوراة في البلاد العربية
وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 3462 - 2011 / 8 / 20 - 10:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من خلال متابعتي للصحف اليومية و لموقع الحوار المتمدن و من خلال العمل الوظيفي و الحوار مع الناس وجدت أن هناك خوفا من الثورات في الدول العربية . هناك من يتبنى من المثقفين نظرية المؤامرة و كأن الغرب الامبريالي يستطيع تحريك الجماهير بضغطة زر أو إن القنوات الفضائية هي المحرك الأول للثورات مثل قناة الجزيرة القطرية و العربية السعودية . البعثيون في العراق وكثيرا من عامة الشعب أصيبوا بخيبة أمل من التجربة العراقية في عام 2003 لذا تراهم يرفضون هذه الثورات . قسم من الكاتبات و الكتاب في الحوار المتمدن ربطوا هذه الثورات بالحركات الماسونية العالمية و بنظرية المؤامرة . و أخيرا قرأت مقالة لشيخ المثقفين و الأدباء العراقيين و هو الشيوعي يربط هذه الأحداث و خصوصا في سوريا و ليبيا بنظرية المؤامرة . لتحليل هذه الظاهرة لا نحتاج فقط لمحللين سياسيين بل لخبراء في علم النفس و الاجتماع . إن الانقلابات العسكرية التي كانت تحدث في أنظمة الحكم العربية , كانت تدعم من دوائر أمريكية أو غربية و بدون هذا الدعم يفشل الانقلاب العسكري و لمن تابع الانقلابات العسكرية في العراق يعرف ذلك . إذا ربطنا مفهوم الانقلابات بالعمل السري للأحزاب الشيوعية تبرز لدينا نظرية المؤامرة حيث لا يتصورون إمكانية نجاح الثورات العربية . إن المثقفين الوطنيين الديمقراطيين و الماركسيين و الشيوعيين و الليبراليين و القوميين يناقضون أفكارهم برفضهم لمفهوم الثورة الشعبية السلمية التي لا ترفع السلاح و التي ليس لها قيادة واضحة لأنهم لم يتعودوا على هذا النمط الجديد من الثورات . إن الثورات التي قامت في تونس و مصر و غيرها من البلدان استلهمت من ثورة الاتصالات و الانترنيت و مواقع التواصل الاجتماعي وسائل جديدة فاجأت الحكام . إنهم يعملون بعقل جماعي لا فردي و ليس لديهم قائد رمز و زعيم يملك كاريزما . إن العقل الجماعي و القيادة الجماعية تجعل الفرد و العقل الفردي يتحد في الجماعة و يكون لهم عقلا جماعيا هو نفس فكرة التاو الصينية . إن مثقفينا على مدى عشرات السنين قد مزجوا بين الثقافة و السياسة و العمل الحزبي و وضعوا أنفسهم في خدمة الحزب المعارض أو في خدمة السلطة الحاكمة و بالتالي كيفوا أنفسهم ضمن هذا الوضع . إنهم لا يستطيعون استيعاب التغييرات السريعة و المتنوعة التي تحدث يوميا و تعجز الاديولوجيا و النظرية التي يملكونها على تفسير ما يحدث . إن شعوبنا عانت عبر آلاف السنين من العبودية و القمع و بعد أن قامت الأنظمة القومية القمعية بالسيطرة على النقابات العمالية و النقابات و غيرها و قامت بقمع كل معارضة , أصبح التغيير و الثورات التي تحدث يقودها الطلاب و الشباب بصورة عامة و ليس الأحزاب و مثقفوا الأحزاب . إن ما نلاحظه هو وقوف المثقفين و الأحزاب الشيوعية في العراق و سورية و في غيرها من البلدان في صف أنظمة الحاكمة و مع عملية الاحتلال الأمريكي للعراق في حين أن هنالك أحزاب شيوعية أخرى دعمت ما يسمى بالمقاومة العراقية و بذلك التقى الطرفان في نفس الهدف فالمقاومة لا معنى لها عندما تقتل الأطفال و النساء و تفجر المدارس و الكنائس و الأسواق .كما إن الفضائيات لا يمكن أن تقوم بدور الثورة الشعبية . إن الإعلام و الفضائيات يمكن أن تساعد الثورات الشعبية و لكن لا يمكن أن تخلقها كما إن الدول الإقليمية و الغرب لا يستطيع أن يقوم بتوقيت الثورات و لكنه عند وصول الثورات إلى حافة النجاح يحاول التدخل لتحديد مسار تطورها بم لا يتعارض مع مصالح هذه الدول . إن الأنظمة العربية القومية القمعية قد قتلت كل معارضة سياسية رسمية . و بالتالي لا نستغرب أن يكون الجامع و الحسينية هما المنبران الوحيدان المتوفران لتعبئة الجماهير و بالتالي الثورات الشعبية تضم مختلف الطبقات الاجتماعية و الأطياف السياسية الراغبة في التغيير من الشيوعيين و القوميين و الليبراليين إلى التيار الديني و السلفي . إن إجحافا كبيرا يتم بحق الثورات الشعبية عندما يتم وصفها بالسلفية و النظر إليها بمنظار أحادي . إن النزيف الدموي المستمر الذي تقوم به قيادة البعث السوري لايحرك طرف عين لدى أطياف واسعة من المثقفين و الشيوعيين . إن التدمير الحاصل في ليبيا من قتل للشعب و تدمير للبنى التحتية و الأعداد البالغة من الجرحى و المعوقين و الأرامل و الأيتام لا يحرك مشاعر المثقفين في بلداننا . إن بطء العمليات المتعمد لقوات الناتو هي محاولة لفرض شروط الغرب على المجلس السياسي الانتقالي و ربما يهدف إلى تقسيم ليبيا كما إن اليمن معرض للتقسيم إلى ثلاث دول و سوريه ستفجر كل الأوضاع . إن تمسك الحكام بمناصبهم و عدم الاستجابة لمطالب الثورة بالتغيير و الإصلاح أو الانتقال السلمي للسلطة سيؤدي إلى كوارث و هذه الكوارث تتحملها الأنظمة الديناصورية المتكلسة في سوريا و ليبيا و اليمن و غيرها . لا يمكن أن يصطف المثقف و الشيوعي مع أعداء الشعب و مع الأنظمة الفاشية التي ذقنا الأمرين منها . إن جردة حساب يجب على كل مثقف أن يقوم بها . لا يمكن للمثقفين و الشيوعيين أن يختاروا بين أنظمة قمعية و تيارات سلفية تكفيرية , فواقع الثورات ليس هكذا . إن الثورة عملية صيرورة و هي صراع بين القديم و الجديد و الجديد لا يكون بلون واحد بل هي طبقات و فئات اجتماعية و قوى سياسية متعددة . لا يمكن لمثقف و شيوعي أن يرفض الثورات في البلدان العربية بحجة إنها تيارات سلفية مدعومة من الخارج و بنفس الوقت يمد يده للاحتلال الأمريكي في العراق و يقبل العمل مع نفس هذه القوى و الأحزاب داخل العملية السياسية في العراق . انه ازدواج في السلوك و الكيل بمكيالين . إن نجاح الثورات في البلدان العربية سينتج عنه واقع جديد سيلغي كل المثقفين المتسولين الذين أعاقوا عملية ولادة الثورة و سيظهر لنا جيلا جديد من المثقفين الذين شاركوا في هذه الثورات و سيكون لهم حضورهم و نتاجهم . لا يمكن تصور شيوعي يعادي الاستعمار و الأحلاف العسكرية ثم يصطف نفسه بعد نصف قرن مع أكثر الأنظمة العربية قمعية .
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النبيذ في الإسلام
-
مقارنة بين وضع المرأة العربية في الجاهلية و في الإسلام
-
وضع المرأة عند العرب قبل الاسلام ج2
-
حجاب المرأة في الاسلام
-
ايها المصريون ... أحذروا من تكرار تجربة الدستور العراقي
-
العلمانيون المتطرفون والسلفيون المتطرفون وجهان لعملة واحدة
-
الحزب الشيوعي العراقي وازدواجية السلوك
-
لماذ الاصرار على تدمير ليبيا ؟
-
وضع المراة عند العرب قبل الاسلام
-
امة عربية كردستانية واحدة
-
قدس اقداس الاكراد
-
الرسول بولس ليس جاسوساً ايها السادة ج3
-
الرسول بولس ليس جاسوساً ايها السادة ج2
-
الاكراد وحق تقرير المصير
-
الروح القدس وابليس
-
الرسول بولس ليس جاسوساً ايها السادة
-
يسوع والاسينيون ج2
-
يسوع والاسينيون ج1
-
في الطريق الى بناء البيت الشيوعي والتيار اليساري الديمقراطي
-
اخي سالم ... شجرة الكرز المثمرة !!!
المزيد.....
-
-الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف
...
-
امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي
...
-
توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح
...
-
علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
-
بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم
...
-
مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير
...
-
رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ
...
-
تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار
...
-
عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
-
لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|