أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جهاد علاونه - الأقليات















المزيد.....

الأقليات


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 19:38
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


الأكراد أكثر مثل يعجبني عن الأقليات الثقافية والعرقية واللغوية, حين أتفاجأ أنهم ليسوا بأقليات ذلك أن تعدادهم يتجاوز عدد سكان الأردن وإسرائيل.

ما زال المشهد السياسي والثقافي يرمي بظلاله على الأقليات الفكرية والثقافية والمصيبة الكبرى أنه يوجد بيننا أقليات يتكلمون بنفس لغتنا مع اختلاف كبير في الديانة, وما زال المشهد اللغوي يلقي بظلاله على الجماعات التي تشكل أغلبية ساحقة فتتسبب بتدمير شخصية الأقليات واللجوء إلى الأغلبية من أجل الهروب من الشعور بالنقص ونحن هنا اليوم ليس لتشجيع الأقلية على ترك ثقافتهم بل وجودنا معهم اليوم من أجل حمايتهم لغة وتراثا ويجب أن لا نجعلهم يشعرون بالنقص فقط لأن أعدادهم قليلة, فكل إنسان بحاجة لأن ينضم إلى جانب مجموعة يشعر بكيانه معها وبقيمته...نحن اليوم نحترم مشاعر الأقليات الدينية وأنا أذكر بأنني كنت وأنا طالب في المدرسة أنظر إلى طالب وحيد (مسيحي) بين أكثر من 250 طالب مسلم كان يشعر في كل عيد بالاغتراب عنا وكنت ألاحظ وجهه الحزين ونحن نقول لبعض(كل عام وأنتم بخير)فلم يكن لسانه يقولها إلاّ للرد ,فقط كان مسموحا له أن يقول لي (كل عام وأنت بخير) أما أن تقال له فهذا مستحيل جدا وكنتُ أشعر بالأسف الشديد عليه حين تبدأ حصة التربية الإسلامية وكان أستاذ التربية الإسلامية فورا يأمره بالخروج من الحصة احتراما لمشاعره الدينية, وكنت أستغرب لماذا مثلا كان يقول لي(والله دينكوا دين صحيح) فلم أكن أعرف سبب هذه الكلمة إلا بعد 15 سنة حين بدأت بدراسة سلوك الأقليات الثقافية(الإثنية) والدينية واللغوية بحيث فسرت اعترافه بديننا بأنه صحيح نظرا لأنه وحيد ويشعر باضطهاد الآخرين له فكان يكسر حزنه بالاعتراف لنا عن غير قناعة بأن ديننا هو الدين الصحيح, وصدقوني لو تعرضت أنا لذلك المشهد في مدرسة كلها مسيحيون أو بوذيون لقلت لهم ما كان يقوله لي الطالب المسيحي والذي ما زال يسكن في الحارة التي تقع خلف حارتنا. وأنا بنظري بعد أن تثقفت وشربت العلوم والفلسفة أقول بأن تصرف أستاذ التربية الإسلامية مع الطالب المسيحي كان خاطئا جدا فبدل أن يطرده من الحصة بطريقة أدبية محترمة ومهذبة كان عليه أن يحترم مشاعره وينسى حصة التربية الإسلامية نهائيا والذي يريد مثلا ثقافة دينية فما عليه إلا أن يذهب إلى المسجد أو الكنيسة أو الهيكل أو معبد بوذا, فاحتراما للأقليات الدينية كان من الواجب ومن اللازم على الأستاذ والحكومة معاً أن ينسوا قصة تدريس الدين في المدرسة احتراما لمشاعر الجميع.
وهل تعلم عزيزي القارئ بأن عدد اللغات الحية المنتشرة في العالم كله تبلغ فقط 6آلاف لغة معترف بها اعتراف رسمي , زد على ذلك أن 96% من تعداد سكان العالم يتكلمون فقط ال 4% من ال 6 آلاف لغة.

وهذا معناه أن الأقليات تتخلى عن لغتها لتتكلم اللغات الأكثر مساحة وانتشارا وهنا الموضوع لا يتعلق بصعوبات التعلم بقدر ما يتعلق بالإحساس بالنقص العام في الشخصية التي تنهزم من دينها ولغتها وثقافتها لتعوض عقدة النقص تلك من خلال الذوبان في ماء البحر أي أن النبعة الصغيرة تنجرف تحت الرمال لتصبح جزء من البحر لا يتجزأ عنها , وهذا كله معناه أن هنالك اضطهاد للأقليات الدينية وما اللغة إلا العنوان الأبرز للحديث عن الموضوع دون تجريح للمغلوبين, والخطورة الأكثر والخطورة الكبيرة هو أن هنالك أقليات ثقافية تشترك مع الأغلبية الثقافية وهم مشتركون مع بعضهم في اللغة وفي المعبود ولكن فقط لا غير الاختلاف في الرؤيا والمنهج يؤدي إلى ولادة أقليات ثقافية من نفس الفئة الاجتماعية وبالمثال على ذلك مثلا العراق هل يستطيع أي أحد منكم أن يحسب لي عدد المذاهب الدينية في العراق ككل؟ طبعا من الممكن ذلك ولكن من الصعب أن يفهم كل واحد من هؤلاء بأن الدين لله والوطن للجميع. وهذا معناه أن لا نقوم بتدريس الدين في المدارس وفي الجامعات احتراما للأقليات العرقية والدينية والثقافية, فمن الممكن أن يتكلم جاري العربية وبنفس الوقت يكون مسيحيا أو يهوديا فهذا الذي يجب أن نتوصل إليه وهو الاعتراف بالآخر.

وفي كل يوم تموت لغة وتنضم إلى ال 96% المسيطرة على ال 4% من لغات العالم والتي تعدادها 6000 لغة وتزدادُ الأقليات تناقصاً كما يتناقص الأغنياء وتموت الطبقة الوسطى, وهذا له معاني أخرى غير المعاني اللغوية وهو أن اللغات المتعددة هي عبارة عن ثقافات متعددة لها تراثها ولها عادات وتقاليد حيث تموت تلك العادات والتقاليد مع موت اللغة وتلاشيها, وبمعنى آخر أن الأقليات المنتشرة في العالم لها لغاتها التي تولد معها ولها ثقافتها ولها مقدساتها, فإن تلاشت لغة من بين كل تلك اللغات فهذا معناه تلاشي وموت للثقافة وللعادات وللتقاليد فلا توجد لغة منفردة في العالم إلا ومعها ثقافتها الدينية أو المدنية ومهمتنا اليوم ليست مهمة هيمنة وسيطرة بل مهمة قبول الآخر والتعايش السلمي معه وقبول الآخر لغةً وديناً وثقافةً, ولكن ما هو السبب الذي يؤدي للتخلي السريع عن اللغة وعن الدين والثقافة والعادات والتقاليد الموروثة هكذا وبسرعة؟ هذا الموضوع تحدث عنه عالمين كبيرين في علم الاجتماع وهما (ابن خلدون) في كتابه الشهير(مقدمة ابن خلدون-ديوان المبتدأ والخبر) والعالم الآخر هو (استيوارت مل) المتوفى سنة 1873م حيث قال كلاهما بأن الأقليات الدينية والثقافية سرعان ما تتخلى عن ثقافتها لتنضم إلى الفئات الاجتماعية الأخرى المهيمنة على مسرح الوجود كله, وهذا يعني أن اللغة والدين والمعتقدات كلها تتخلى عن وجودها إذا كانت تعيش في وسط مجتمع آخر مهيمن عليه ثقافيا ودينيا تحت سلاح الأغلبية الساحقة, وبالمثال على ذلك لو وضعنا عائلة بوذية عدد أفرادها 100 فرد في وسط جماعة دينية أخرى عدد أفرادهم 10 عشرة ألاف فإن الأقلية سرعان ما تنضم إلى الأغلبية وذلك بسبب الشعور بالاغتراب الفكري والسياسي وزد على ذلك ألإحساس بالنقص العام في شخصية الفرد أمام الأغلبية فهذا يجعله يترك معتقداته ولغته لينضم إلى الفئة المهيمنة على مسرح الوجود كله, وكذلك لو وضعنا أي جماعة عرقية بما فيها من ثقافة في وسط جمهور مهيمن ومسيطر على مسرح الوجود تحت سلاح الأغلبية فإن الأقلية فورا تصيبها حالة(الانحدار الاجتماعي) بحيث تترك الأقلية لغتها وعاداتها وتقاليدها لتنضم إلى الجماعات الأخرى وإلى الزُمر الأخرى.
وبعد أن فهمنا الموضوع وفهمنا رأي ابن خلدون بأن المغلوب يحاول تقليد الغالب لكي يقضي على الهزيمة الداخلية في نفسه , والمغلوب أيضا يحاكي ويقلد المنتصر عليه وذلك لكي يشعر بأنه أصبح صديقا قويا منتصرا وليس عدوا ضعيفا منهزما, وبالتالي فإن الجماعات العرقية الثقافية لا تعني بوجودها إذا انهزمت إلا معنى واحد وهو الانهزام والانحدار وحتى يفلت المغلوب من قبضة المنتصر فإنه سرعان ما يفكر في الذوبان في ماء الغالب كقطعة ثلج أو قطعة سكر في كوب من الماء الساخن

إن العدل والانصاف أن لا نترك أصحاب اللغات يموتون مع لغتهم ولا أصحاب الثقافات ثقافتهم, فيجب علينا أن نقوم بحماية المعتقدات واللغات التي تموت كل يوم بالعشرات أو بالآحاد, لأن الموضوع لا يتعلق باللغات بقدر ما يتعلق باحترام الأقليات الدينية والثقافية, ثم هل تعل يا عزيزي القارئ بأن عدد الأكراد في العراق وسوريا وإيران وتركيا يتجاوز العشرين مليون!! فأين ثقافتهم؟ وأين لغتهم؟ وأين حضارتهم الفنية والموسيقية والشعرية؟



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربي كما خلقتني
- العاقل الوحيد
- إلى بنت الطيبه
- الله يميتني ونادين البدير تحييني
- المرأة المسلمة2
- المرأة المسلمة1
- عيد ميلاد لميس السادس
- كلمة شكرا
- دنيا ودين
- ذاكرتي تؤلمني
- يقتلون الرجل للدفاع عن الشرف
- المرأة تلعن والرجل يغضب
- لم يذكر القرآن المحامين والمحاكم
- أنا أسعد رجل في الحارة
- الدرس الخامس:مشاعري وأحاسيسي في رمضان
- لغة الحمير
- الدنيا تعاسه والموت سعاده
- الدرس الرابع:ثقيل الدم
- صديقي قاسم في ذمة ألله
- لله في خلقه شؤون


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جهاد علاونه - الأقليات