أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مليكة مزان - كل فيكَ ونصيبهُ مني ... !















المزيد.....

كل فيكَ ونصيبهُ مني ... !


مليكة مزان

الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 16:19
المحور: الادب والفن
    


كانت هجمة أخرى مني عليك ،
وكانت مجرد هجمة .. عابرة !
كل هجوماتي من هنا فصاعدا توقعها عابرة !
توقعها عابرة لكن .. صارخة كاشفة فاضحة :

أنت لي
جمعا بصيغة المفرد
وأنا لك جسدك المشاع
وكل فيك ونصيبه مني ..
أنا هذه العاشقة المعشوقة التي في أجندتها أكثر من رقم نبي ..
أنا .. هذا الإرث المغربي الجميل الثقيل !

افتتانا بك
انتقاما لك
وطدت علاقتي بحميد كاتب علماني مغربي عرفني عليه كاتب فرعوني يعيش لاجئا بكندا هروبا من الحكم الاستبدادي العربي الإرهابي ببلده مصر .

كان حميد ، بعد التحية ، يشرع في قراءة ما أوحى له به نضالي وصمودي من شعر ، وأبقى على الخط أسمع ما يقرأ . كان يجيد الإلقاء . يقول بأن الكاتب العام للحزب الذي ينتمي إليه يكلفه غالبا بإلقاء الخطب بفضل صوته الجميل وحسن أدائه . ثم مسرعا وبمبرر أن ثمة زبون يريد خدمة ما يودعني بتحية أشقائنا اليهود :

ـ شالوم ، يا فاتنتي ، يا عشقي القديم الأول والأخير . شالوم .. !
***
من مساء إلى آخر يهاتفني حميد من فندق ياسمين حيث تعود تجرع خمرته المفضلة ، يهاتفني ليسر لي بين جرعة وأختها بأنه يعشق عيني الأطلسيتين الساحرتين مشبها إياهما بمصابيح سيارته الأمامية ، وأنه يكره كل هؤلاء المثقفين والسياسيين أو حتى الناس العاديين الذين يتحدثون عن بعد هوياتي واحد لعواصمنا وباقي مدننا كإفران أو أﯕكادير أو مراكش أو الجزائر أو تونس أو طرابلس ، أو لكتابنا العالميين كالروائي المغربي محمد شكري أو الروائي الليبي إبرهيم كوني أو الفيلسوف الجزائري محمد أركون يتحدثون عن عروبة خالصة لهؤلاء وأولئك من الأعلام الذين يشكلون أبهى تجليات حضارتنا وثقافتنا المغربيتين ، عروبة خالصة ليس لديهم عليها أي برهان .

ثم إنه كان لا ينسى أن يمر على عكرمة ليخبرني بآخر انتقاداته له ، وعكرمة هذا هو رمز للصورة السلبيىة للإسلام والتي مازال المتعصبون لهذا الدين يحاولون تلميعها للعالمين دون جدوى .

متذرعة برغبتي الملحة في النوم :

ـ شالوم يا عدو عكرمة ، رجاء .. ارحمه من لسانك السليط وقلمك الناري !
ـ لا تخافي .. سأزيده منهما حتى يتوب أصحابه عن جهالة دينه !

حميد أيضا يريد نصيبه مني ، من جسدك المشاع ، ذاك المغربي الجمع بصيغة المفرد إذ التقت فيه كل ملامح الذاكرة والأرض :

أبوه من جبال الريف أمازيغي قح ، أمه مستوطنة عربية مسلمة ، جدته ( والدة أمه ) ، مغربية يهودية عاشت وماتت بأرض الوطن . أحبت حد الجنون مستوطنا عربيا أندلسي الأصل وتزوجت به ، لكن أهلها رفضوا زواجها وتخلوا عنها . والدته تتجنب الحديث دائما عنها ، يخجلها أن تعرف عامة الناس أن أمها يهودية .

حميد من حسن الحظ وعلى النقيض تماما من والدته يعتز دائما بجدته .

يقول :

بفضل جدتي اليهودية هذه صار يجري في شراييني الآن كوكتيل من الدماء المغربية بما فيها اليهودية والأندلسية ، هذا شرف ربما لم يحصل عليه قبلي أحد من إخوتي المغاربة ، شرف يجعلني أمثل بكل هذه الدماء المختلفة المتمازجة روح مغربنا المنفتح المتسامح !

ثم ، في تحد مواطن جميل ، يسترسل :

والآن ..
لا أحد فيكم يستطيع إقصائي أو إبادتي أو مجرد إهانتي دون أن يسيء بذلك إلى قطرة واحدة من دمائه !

حميد أقنع كل أفراد العائلة بحوزتهم على هذا الشرف ، وكلهم فخورون بذلك .

والدته وحدها تواصل خجلها من الأصل اليهودي لأمها المتوفية

كذلك تصرفت حين تعرفت عليها ذات زيارة تفقدية لمرتع صباي بوزان حيث تقيم أسرة حميد وحيث قدمني إليها ابنها مازحا مبالغا :

ـ أمي ، دعيني أقدم لك مليكة صديقتي الرائعة ، لن تجدي أروع منها إلا بين الراهبات أو ملائكة النعيم !

تجنبت ذكر والدتها في حضوري ونحن نتجاذب أطراف الحديث عن ساكنة وزان ، وعن الجالية اليهودية التي كانت تقيم فيها وما تزال تتردد عليها من كل بقاع العالم لإحياء الموسم السنوي للولي الصالح عمران بن ديوان .

تجنبت ذكرها .

لم تكن تعلم أني من المغاربة الأكثر تسامحا مع الآخرين واعترافا بحقهم في الاختلاف ، وأنها أمام امرأة مختلفة تحب وتحترم اليهود كثيرا ، بل كثيرا ما تحس بمشاعر الألم والشفقة والغضب كلما قرأت كتبا أو شاهدت أفلاما عن محنتهم عبر التاريخ حيث كانوا الضحايا المفضلين الأبديين لكل من المتطرفين المسلمين منهم والمسيحيين !

من شدة تأثري بقصة جدته اليهودية وفرحي بانتصارها للحب ضدا على كل انغلاق ثقافي وتعصب ديني رجوت من حميد أن يدلني على قبرها للترحم عليها .

اقترح علي حميد بعدها أن يرافقني إلى ضريح عمران بن ديوان ونقوم بزيارته والتبرك به .

قلت مستنكرة :

ـ ماذا ؟ أنا طول حياتي لم أجعل بيني وبين الله خالقي وسطاء بما فيهم الرسل والأنبياء ، فكيف بالأولياء ؟!

ثم ضاحكة :

ـ لتكن هذه أول مرة أفعلها ، وليكن أول وسيط بيني وبين الله وليا يهوديا ! لما لا ؟!

فقد يشفيني التبرك بهذا الولي اليهودي من تلك الصدمة النفسية الرهيبة التي كان سببها غدر زوجي العربي المسلم بي ، ذاك الزوج الذي ، على فقداني له بتطليقي منه ، يكاد الحزن يقتلني !

ثم إنهم كلهم أولياء مسلمون أو يهود أو نصارى ولكن لا يعلم الصالح منهم فعلا إلا الله .. هيا بنا !

المكان خال تماما ..
مسكين عمران هذا ! لو كان في فلسطين لكان فضاؤه في كل وقت مليئا بالمريدين والزوار ... !

رباه ، الأولياء أيضا فيهم المغتربون ،
رباه ، هل يمكن أن يكون الدين أيضا لعنة وغربة !

المكان خال تماما ونحن لدينا رغبة جميلة في دخول الضريح ...

ولكن بابه الحديدي مغلق على فضائه وعلى أسراره بشكل خيل لي معه أنه لن يفتح إلا يوم القيامة .
ولكن أسواره عالية جدا لا يمكن للمرء أن يقفز عليها إلى الداخل حتى وهو ذو نية حسنة ، حتى وهو لا يكن للمكان إلا ما يستحقه من احترام وتقديس .

آه .. كيف الوصول إليك يا عمران ؟!

فجأة فتح الباب الحديدي الكبير ، أطلت من خلفه عناصر من الدرك الملكي ، ثلاثة شبان مغاربة في مقتبل العمر بهيو الطلعة بملابسهم الرسمية الأنيقة .

أثار انتباههم حديثنا ووقع أقدامنا ونحن نجوب المكان بحثا عن منفذ أو عن حارس يسمح لنا بالدخول :

ـ السلام عليكم ، هل من خدمة ؟
ـ وعليكم السلام ورحمة الله . رجاء .. لدينا رغبة في دخول المبنى وزيارة ضريح مولانا عمران بن ديوان ...
ـ بل الرجاء منكم عدم الاقتراب من هنا أكثر مما أنتم قريبون ، ثم إنكم مغاربة مسلمون ، في ما يبدو ؟!

رد حميد :

نحن مغاربة !

كاد يضيف :

... وهذا يكفي !

لكني مؤازرة رأي حميد بطريقتي الخاصة وجدتني أقاطعه :

ـ نعم نحن مغاربة ومسلمون إن أردت ... فهل هناك من مانع عن زيارة مولانا عمران اليهودي ؟!
ألم يكن عمران هذا مغربيا مثلنا ومؤمنا ، وأميره في الإيمان هو أميرنا ؟
ـ بلى !
ـ إذاً أين هو المانع ؟ بل من حقنا كمغاربة أن نزور ما نشاء من الأضرحة المتناثرة هناك وهناك عبر ربوع المملكة ، وعلى اليهودية في كل تجلياتها أن تكون إرثا لنا جميعا ، تماما كما يقال عن الأمازيغية أنها إرث لكل المغاربة وإن كان هذا القول غير خال من بعض سوء نية ، وغير بريء تماما من مراوغة سياسية !

أحد الدركيين وهو يحاول تجنب الخوض في مسائل ذات حساسية :

ـ سيدتي ممنوعة هي كل زيارة الآن . ألا ترين هذه الحراسة المشددة بسبب تنامي موجة التطرف والإرهاب المفاجئة ؟!

ـ آه فهمت الآن .. بل ويشرفني ، من حيث أنا مغربية متسامحة وغيورة ، أن أشكركم جزيلا على حرصكم على سلامة مثل هذه الأماكن المقدسة لإخوتنا اليهود ، ولكن اطمئن نحن لسنا إرهابيين ويمكنكم تفتيشنا ، بل نحن كاتبان نناضل ضد كل أشكال الحقد والعنصرية والتطرف ، فهل سنحرم بسبب الإرهاب من زيارة سيدنا عمران ؟!

ـ للأسف الأمر كذلك ، سيدتي .. ممنوعة هي كل زيارة !

ـ بل ملعون هو كل إرهاب !

ثم مازحة في استفزاز واضح :

ـ هل بإمكانكم حمايتنا نحن أيضا .. إذ نحن من الكتاب المغاربة العلمانيين وتصلنا تهديدات بالتكفير والتصفية من بعض السلفيين ؟!
هل تحمي دولتنا المغربية الإسلامية مفكريها العلمانيين ؟!

قاطعني حميد وهو يحاول إخفاء ابتسامة :

ـ هل بالإمكان فقط أخذ صورة لنا بالقرب من باب الضريح وسوره ؟

الدركي وقد وجد في سؤال حميد إنقاذا له من نقاش محرج :

ـ التصوير هنا أيضا ممنوع !
ـ وما العمل إذاً ؟
ـ عليكم بالعودة شهر مايو القادم مع موسم هايلولا
ـ فكرة جيدة .. شكرا جزيلا !
ـ شالوم يا شباب وشكرا لكم .. هيا بنا يا حميد !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من روايتي : لا .. سيدي الملك ... !



#مليكة_مزان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنكن فقط أمازيغيين !
- إلى طليقي محمد ...
- لا تقل : اختاري ما بين القناع أو ما بين أطفال القبيلة ...
- الروائي الأمازيغي مالك حداد والوعي الزائف
- تلك كانت قبلتي / قنبلة من صنع أمازيغي محلي
- نعم ، سيدي القنصل العام ... /سيرة ذاتية الفصل الأول
- رأيتُ في ما ترى الثائرة ْ ... !
- وأصنام الكعبة إنا لمُتعَباتْ !
- حول سريري كلهم متشابهون !
- هذي ملوكُكم اسألوا كبيرَها !
- هي شمس ينقصها جبروتُ الحب ْ !
- ’’ ليون ’’ القحبة الفرنسية التي شردتني !
- إذ كل قصيدة ضلالة ْ !
- أيها الحداثيون .. هاتوا ربا قد أفلس ربي !
- الشاعرة الأمازيغية الملتزمة مليكة مزان : الشعر حرية حقيقية . ...
- بحاجة أنا إلى فضيحة تكشف سرنا !
- برأس الرب سأعودُ لأطفال الجبل ْ !
- هاتفي النقال / هذا القواد ْ !
- لي النصفُ .. مما لم يترك ِ الأنبياء ْ !
- البكاءُ عليكَ دِينٌ بلا أتباعْ !


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مليكة مزان - كل فيكَ ونصيبهُ مني ... !