أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مازن لطيف علي - سلام عبود: • إذا كان زمن صدام الثقافي هو الخراب، فإن الثقافة في زمن الاحتلال تدخل عوالم خراب الخراب من أبوابها الواسعة















المزيد.....


سلام عبود: • إذا كان زمن صدام الثقافي هو الخراب، فإن الثقافة في زمن الاحتلال تدخل عوالم خراب الخراب من أبوابها الواسعة


مازن لطيف علي

الحوار المتمدن-العدد: 3459 - 2011 / 8 / 17 - 09:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


إن المرحلة الراهنة ليست مرحلة ثقافة، بل هي مرحلة إعلام دعائي يومي. وهذا يطابق سياسة المحتلين وإرادة القوى المتنازعة على الحكم. هذا ما نراه على بنية أكبر مواقع البلاد الإعلامية، حيث تحول كتاب مواقع الانترنيت ومتطفلي النظام الشمولي، أشباه الأميين، الى صناع للرأي العام الوطني، وبدأ بعضهم يحمل صفة مفكر ومؤرخ ومحلل ستراتيجي.
نحن نبتعد كثيرا عن الثقافة باعتبارها حقلا تخصصيا لانتاج القيم الفنية والجمالية والمعرفية وإنتاج الوعي الاجتماعي. أمّا المؤسسة الرسمية العراقية فلم تزل في مرحلة ما قبل الصفر الثقافي. هذا التردي المحزن يشمل الفضائيات ومواقع الثقافة والإعلام الخاصة بالقدر نفسه، وقد تزداد جرعاته المبتذلة في ما يعرف بالدراما العراقية والجدل العراقي والبرامج الثقافية.. هذا ما يؤكده الباحث والروائي والناقد سلام عبود في حوارنا المثير معه:


* إن القارئ والباحث يهتم أحيانا بالتفاصيل الجزئية، وخصوصا كل ما له علاقة بتاريخه... من هو سلام عبود؟

من مواليد مدينة العمارة 1950، خريج كلية الاداب جامعة بغداد. تتلمذ على معارف وتقاليد أجلّ أساتذة العراق: المخزومي، الطاهر، السامرائي، صلاح خالص. هرب باتجاه المنافي بعد قيام الجبهة مع البعث. تعقبته مخالب الشموليين الجارحة، من منفى الى منفى، في اليمن واثيوبيا والإمارات. ألقى به الحظ على حافة الـ"غلاسيار"، في كيرونا، آخر مدينة تفصل شمال الشمال الاسكندنافي عن الصحراء الجليدية. عمل مدرسا في ثانوية علي الغربي، ومدرسا في معهد المعلمين وباحثا في مركز البحوث التربوية في عدن ، كما عمل مراسلا لصحيفة طريق الشعب في العمارة وفي عدن في مطلع شبابه. أصدر سبع روايات ومجموعتين قصصيتين وسبع كتب في الدراسات الأدبية والإجتماعية والتعليمية والكتابة المسرحية. لم يزل يعمل معلما في السويد. يحتفظ بمسودات جاهزة للنشر لما يزيد على عشرة كتب.
* في عقدي ستينات وسبعينات القرن العشرين، كان المثقف العراقي مؤثراً في الجماهير، كان له صوتً في الشارع العراقي، لكن اليوم حصل العكس ؟ هل انتهى دور المثقف ؟ وأين يكمن الإشكال والخطأ؟ وهل تخليتم عن دوركم كمثقفين ؟
- ربما تبدو المقارنات الزمنية خادعة أحيانا. بيد أن ذلك لا يمنعنا من القول أن المثقف أهمل دوره التنويري والتحريضي منذ زمن ليس بالقصير. في فترة الستينات وبعض من السبعينات لم تكن السلطات المتعاقبة قادرة على فرض ثقافة الحزب الواحد، كما أن الثقافة احتفظت الى حد ما بتقاليد النهج الأكاديمي، الذي كان يعمل مؤشرا قيميا يقاس به هبوط وصعود مناسيب الوعي والثقافة والأدب. بتحطم هذا الصرح وتعميم ايديولوجية الحزب القائد وثقافة الحروب الدائمة فقدت البلاد مرجعياتها العقلية والأخلاقية. أصبح ناظم كزار والكيمياوي وحسين كامل وعدي ومشجعوهم نخبة العراق السياسية الأولى ومرجعيتها الحاكمة، ثم تلتها مرجعية الياور ورائد جوحي والقبانجي والمشهداني وقاسم عطا ومشجعيهم ومنظريهم الهواة والمحترفين.
لا أحد يستطيع أن ينكر الدور التاريخي المؤثر للقوى الديموقراطية العراقية في المجال الثقافي. وحتى في ظل سيادة ثقافة الحزب والحرب لم يتوفف الاتجاه الديموقراطي عن ممارسة دور البديل الثقافي، ولكن في الخارج، ولم يزل يمارس دوره هناك، ولكن بانكفاء على الذات وبقدر كبير من الخيبة. بعد سقوط النظام الديكتاتوري لم يفلح الجزء الضئيل من الاتجاه الديموقراطي العائد الى الداخل في إمساك عجلة الثقافة باقتدار. لقد بدد خبراته "الخارجية"، وأضاع مثله العليا وإرثه الداخلي أو تنكر لها، على الرغم من القدر الكبير من المواقع الرسمية المؤثرة التي ورثها أو تحاصصها. حدث ذلك بسبب عدم أصالة جزء كبير منه، وبسبب تبعية القسم الأعظم منه لتقلبات الأحزاب، وبسبب كون الكتلة الأساسية الأكثر تجذرا في الثقافة العراقية "المنتجة" لم تزل مغتربة وحذرة، وقد ازداد اغترابها وحذرها وكدرها حجما ونوعا بعد الاحتلال. كان صوت المنجز الثقافي والمُنتِج الثقافي، ولم يزل، يقاس من طريق مكبرات الصوت الحزبية والسلطوية. أما المرجعية العقلية الوطنية، ناظما ومؤشرا ومعيارا، فقد أضحت جزءا من ذكرى كريهة، لا يحب الناس استعادتها، إلا من باب المفاخرة المتحفية، النفاقية، الرخيصة.
ربما لا يعرف القارئ جيدا الثمن الذي يتوجب على الكاتب دفعه إذا أراد أن يكون مخلصا لضميره وكلمته. انظر الى المواقع الثقافية الآن، تجد أن أتباع، وأتباع أتباع مشرعي ثقافة العنف، هم الذي يصنعون الثقافة المسموعة. إذا كان زمن صدام الثقافي هو الخراب، فإن الثقافة في زمن الاحتلال تدخل عوالم خراب الخراب من أبوابها الواسعة. أنا أنشر في كبريات الصحف العربية من دون انقطاع. كم مقالا وبحثا ونصا أدبيا ظهر لي منشورا في العراق؟ هذا الأمر ينطبق على معظم كتاب العراق الديموقراطيين. الثقافة العراقية تأكل أبناءها. التنوير، والتحريض على رفض خيار الشر والجهل والأنانية، مهمة شاقة وباهظة الثمن. وحينما يكون التنوير تحريضيا يغدو عدوا مطلوبا للذبح الفوري. مِن الأربح لكثيرين أن يجدوا أبا حاميا وحانيا، في هيئة حزب أو حاكم أو قوة أجنبية، يعينهم على مزاولة حرية العبيد بسعادة. لكن الوطن الممزق إربا إربا أمام أعيننا، غدا فريسة شرعية للنهش العلني: "ذبح حلال"! هذه جريمة لا تغتفر، جعلتني أخصص، مرغما، جزءا من وقتي الشحيح للسياسة، التي أكرهها "كره العمى". إذا كنا لا نستطيع أن نكون أحرارا بما فيه الكفاية في زمن صدام بسبب بطشه، ولا نستطيع ذلك في زمن الاحتلال والطائفية والعرقية بسبب انتظار الفرصة والغنيمة، متى سنستطيع؟ ولماذا ولمن نكتب؟ على من نضحك، إن لم نكن نضحك على أنفسنا، على رعونتنا وأنانيتنا وضمور ضمائرنا! من يتولى نيابة عن المثقف مهمة الدفاع عن حرمة العقل والتاريخ والإنسان؟

* أحدث المنفى تغييرات كبيرة في حياة الانسان العراقي قد تكون مسببة ومهددة للإحساس بالهوية وقد اختار العديد من المثقفين العراقيين الرحيل من العراق بسبب الظروف القهرية التي تعرضت لها البلاد... ما تأثير المنفى عليك؟

- المنفى تعبير مضلل. اليه يلجأ من ضاقوا بالموت ذرعا، واليه يلجأ القتلة وقادة فرق الإعدام. اليه يذهب الباحثون عن الأمان وعن الرزق، واليه يذهب اللصوص الصغار والكبار وحاملو كواتم الصوت. فيه يبحث المرء عن أطياف وطن فقده قسرا، وفيه يدفن البعض أوطانهم وأخلاقهم وتاريخهم ويتحولون الى كائنات مخزية تتباهى بمقدرتها العظيمة على ازدراء الحياء والكرامة. في الأدب وفي غيره تسري قوانين الخير والشر ذاتها، وإن كانت مموهة باحتيال ووقاحة لدى المثقفين والفنانين. لقد علمني المنفى حقيقة واحدة هي أن الخير والشر، في الداخل أو في الخارج واحد، وأن الإنسان لا يستطيع مقاومة الشر إذا لم يبدأ الحرب الشاملة من أقرب خندق حربي: من الأنا، من الذات. لقد علمني المنفى أن أقاتل وحيدا، متسلحا بمعول الإرادة الخيرة، لكي انتصر على مواقع الضعف ومواقع الهزيمة ومواقع الشر في داخلي كفرد، باعتبارها الخطوة الأولى الضرورية باتجاه ممارسة الخير اجتماعيا بحرية نسبيّة. يعيب كثيرون تبني مثل هذا "الوهم" الروحي، ويعتبرونه ضربا من المثالية الخيالية. وربما يكون هو كذلك. لكنه في نظري القدر الوحيد، الذي يعطي للشرط البشري معناه، ويحفظ له توازنه، ويرسم له الخط الفاصل بين الهاوية وبين الطريق الى الإنسان الإنسان، وليس الإنسان الضبع. لأن الإنسان حصيلة قسمة بين الشرط البهيمي والمثال الخيالي. وحينما تخلو البشرية من الحلم تـُقلب، تـُقلب الى جحيم بشري خالص. لقد علمني الصراع أن أبقى عنيدا، لكي لا يغدو الشر لاعبا منفردا، يلهو ويتسلى بنا جميعا بحرية مطلقة. هذا أثمن ما قدمه المنفى لي، عدا تنوع مصادر الثقافة، وفرص النشر، والعبور القسري أو الطوعي للحدود والقارات، وربما حظ البقاء لأطول فترة ممكنة، ومن دون شك حظ مناكدة الشر لأطول فترة ممكنة.

*هل تعتقد أن مفهوم ثقافة الداخل وثقافة الخارج مارس دورا سلبيا في إعادة تشكيل الثقافة الوطنية بمعنى أن الوطنية لم تتشكل لحد الآن بسبب تضاد ثقافة الداخل والخارج؟

في العراق وفي غيره تتكون ثقافة داخل وخارج حينما تتحكم بالوطن قوة سلبية طاردة. حدث هذا في ألمانيا أيضا، ولكن لأقل من عقد ونصف العقد. الثقافة الانتقامية الطاردة في العراق تتناسل باضطراد وقسوة، وتتعلم من سابقاتها فنون الشر بشطارة مدهشة. الشر السياسي في العراق هو أفضل وأشهر المصنوعات الوطنية الخالصة. أما تعاليمه فهي أقدس دروس الثقافة الجماهيرية وأكثرها أصالة ورسوخا وجاذبية.
التقسيم "الرسمي" للداخل والخارج بدأ على نحو واضح وأضحى مصطلحا للمقايسة السياسية والثقافية بعد غزو الكويت، وقد اتسع الصراع عليه وحوله منذ ذلك الزمن. وفي ظني أنه تفجّر على يد الجماعات المهاجرة المعتاشة على النظام، التي فكّت ارتباطها به – صدقا أو مصانعة - لأسباب مختلفة ومتداخلة. وحينما وجدت نفسها في الخارج اصطدمت بحقيقتين مفاجئتين: الأولى أنها وجدت مقاعد البديل الجديد مشغولة منذ زمن، فراحت تبحث عن معادلات ومفاضلات خرائطية، تمكنها من التأقلم مع عالمها الجديد "بضمير مستريح"، من دون تأنيب روحي أو حاجة الى مراجعة الذات، مكتفية بقلب الصحفة والبدء بسطر جديد. والثاني: أنها اكتشفت أن الحرية لا تنبع من الجغرافية، بل تنبع من مكان آخر، مجهول وغامض، اسمه يقظة الضمير. ومن المآسي الكبرى التي أحدثها سقوط الديكتاتورية هو أن عودة الخارج الى الداخل كانت قشرية، في مضامينها وفي بنيتها، محصورة في شرائح من السياسيين والحزبيين، والمثقفين الاكثر تطفلا المرتبطين بهم، مصحوبين بجيش الوشاة والقمامين الثقافيين وبعض الوطنيين المتعبين والمنهكين من فرط الظلم المزمن. لقد قاموا بإزاحة قشرة الداخل الفاسدة وحلوا محلها وارتدوا ثيابها، صانعين دفعات جديدة من أمواج الطرد الى الخارج، حتى بات من الصعب ايجاد حدود بين الداخل والخارج. إن وعاء الوطن قد تحطم وسالت عصارته على أرض تشتعل فيها النيران والأحقاد والدمار الروحي والأخلاقي والسياسي.
لقد أضحى الفساد والانحطاط الروحي والتخلف البشري وامتهان كرامة المواطن فنا وطنيا معترفا به دستوريا، وبات مجلس النواب يتولى حراسة مناسيب صعوده وهبوطه بكفاءة مدهشة، ويتناقله الإعلام، حدثا ونهجا وإلهاما، بعبقرية فريدة!
أنت تسأل ماذا علّمك المنفى (الخارج)؟ للمنفى أفواه ووجوه كثيرة، متناقضة. تعلمت منها أن أكون أنا العراق أينما حللت. لا عراق خارج كياني. لا وجود لعراق من دون وجودي. "حيثما أكون يكون الوطن". أنا العراق حيا أو ميتا. وحينما أغيب عن الحياة سيكون قبري هو العراق، وكفني علم العراق. لو انفصل العراق كله، عن بكرة أبيه، وبقي مسكن أهلي وحده في ميسان ، وبقيت قبورنا وحدها ثابتة، سأسميها العراق، وسأعود اليها وطنا مسكنا، أو وطنا قبرا، ولكن بكامل السيادة.

* كيف تفسر ظاهرة فشل العراق في صنع شخصية المثقف المؤثر في الحياة السياسية ومصير الدولة العراقية؟

إن فشل المجتمع العراقي في هذا الدور عائد الى هشاشة المثقف نفسه أولا، والى ضعف البنى الثقافية والتربوية والتعليمية والحقوقية وشكلية محتواها ثانيا، والى انعدام تقاليد احترام مقاييس العلم والأدب والفن والعقل ثالثا، ورابعا الى ظرف تكويني خاص يميز الثقافة العراقية، وهو قدرتها على الإبداع فرديا، وقدرتها الفذة على الاجتهاد بقوة الإرادة الشخصية والموهبة. الثقافة العراقية معطاء وملهمة فرديا حينما تمارس أنانيتها بإخلاص للذات مفرغ من أحقاد القطيع، وهي عقيم وبائسة ومنافقة حينما تنطق بفم السلطات. لذلك، حينما تنهار أجهزة الحكم تتعطل البنى الثقافية قبل غيرها وتصاب بالشلل.
لقد بدا هذا الضعف واضحا وضوحا تاما بعد سقوط الديكتاتورية. لأن الوطن بمجمله دخل منطقة انعدام الوزن. منطقة تفتت الوحدة الوطنية، وتكسّر بناء الشخصية، وتفكك نواتها التأسيسية المجتمعية، التي رغم مثالب محتواها، كانت وعاء حافظا للتقاليد الروحية. في مرحلة انعدام الوزن تفقد الأجسام ثقلها، وتصبح مجرد أشياء تدور في فراغ مبهم.
إن تماسك بنية الأوطان تتلازم تلازما شرطيا مع قوة مثلها العليا. حينما تتمزق الأوطان تفقد مثلها العليا، وحينما تـُفتقد المثلُ العليا يخسر المجتمع قدرته على أن يكون بنية حيوية متماسكة، ويتحول الى أحجار صماء تصدم بعضها بعضا.
هذا ما يحدث في العراق الآن.
إن المرحلة الراهنة ليست مرحلة ثقافة، بل هي مرحلة إعلام دعائي يومي. وهذا يطابق سياسة المحتلين وإرادة القوى المتنازعة على الحكم. هذا ما نراه على بنية أكبر مواقع البلاد الإعلامية، حيث تحول كتاب مواقع الانترنيت ومتطفلي النظام الشمولي، أشباه الأميين، الى صناع للرأي العام الوطني، وبدأ بعضهم يحمل صفة مفكر ومؤرخ ومحلل ستراتيجي.
نحن نبتعد كثيرا عن الثقافة باعتبارها حقلا تخصصيا لانتاج القيم الفنية والجمالية والمعرفية وإنتاج الوعي الاجتماعي. أمّا المؤسسة الرسمية العراقية فلم تزل في مرحلة ما قبل الصفر الثقافي. هذا التردي المحزن يشمل الفضائيات ومواقع الثقافة والإعلام الخاصة بالقدر نفسه، وقد تزداد جرعاته المبتذلة في ما يعرف بالدراما العراقية والجدل العراقي والبرامج الثقافية.

* هل تلاحظون انه بعد 9_4_2003 لم تستطع الثقافة العراقية فتح اوراقها وملفاتها وتقييم منجزها الثقافي كما فعلت تجارب اخرى ,المانيا مثلاً؟
هذا سؤال مصيري، يلخص جوهر المشكلة العراقية كلها سياسيا واجتماعيا وثقافيا.
حينما تمّ تحطيم أطر النظام الديكتاتوري، كان من المفترض أن يُستخدم خزين الخبرة التاريخية المتراكمة، الملازم للعنف والحرب والجمود السياسي والظلم لغرض إيجاد بديل نقيض، وليس لغرض تقاسم جسد النظام الميت. السياسيون الآن مهمومون بتقاسم جثة النظام الديكتاتوري المتعفنة. يتقاسمون لحمها وبقاياها وحتى روائحها النتنة، ويتقاتلون من أجل تحاصصها بعدالة تقاس بالمسطرة. هذا لا يصنع وطنا، وإنما يصنع مقبرة سياسية، تعيد توزيع جثة الشر وفق قواعد ونسب جديدة.
لم يكن هذا التوجه مجرد خطأ في حسابات الأميركان، كما يدعي أنصار الاحتلال. كان تدمير خبرات التراكم النفسي والثقافي والسياسي والعلمي والإداري وحتى المادي، من طريق قطع الجدل التاريخ بالاحتلال هو الضربة المميتة القاصمة التي تلقاها المجتمع العراقي. وهي أكثر خسائرنا جسامة، حتى أنها تفوق الخسائر الاقتصادية والبشرية العظيمة. ففي زمن الديكتاتورية تراكم خزين من الوعي، ونمت مشاعر واقعية وأنشطة سلوكية فردية وجماعية متنوعة، كانت جميعها تشير وتفضي الى أمر واحد: الوقوف ضد الماضي، والبحث عن معايير جديدة لتسيير المجتمع، انطلاقا من خبرات الواقع القاسية. لكن الاحتلال قطع هذا الجدل، وبدد تراكم الخبرات، لصالح معادلة مغشوشة اسمها التحاصص السياسي العرقي والطائفي. وبذلك تم تسديد ضربة قاتلة لمفهوم المواطنة، وتم بطرفة عين تدمير مفهوم الشراكة الاجتماعية، وتم تحريف مبادئ الحقوق الدستورية لصالح التوافق الحسابي، المتناقض مع جوهر وحدة الوطن ووحدة المواطنة، فنشأ نمط شاذ من الحكم اسمه الديموقراطية العددية أو الرقمية. وهي صيغة صنمية فجة، لا وجود فيها للإنسان مواطنا، وللوطن مصلحة عليا، وللسيادة قانونا أخلاقيا قيميا. لقد وقعت القوى القادمة مع الاحتلال في مأزق (مصيدة للفئران) تأسيسي قاتل: لو أنها مارست الديموقراطية على طبيعتها المعروفة عالميا لأضحى الحكم مؤسسة طائفية آحادية خالصة، تقابل مؤسسة معارضة أحادية التوجه الطائفي الخالص. أي لغدا الانقسام الطائفي والعرقي فاقعا، وأضحت خنادق الحرب الأهلية على كل باب: الزرقاوي يقابله أبو درع، وبينهما يمرح أبو طبر! ولو تم توزيع وتقاسم الجسد السياسي كميّا، تنتفي حينئذ الحاجة الى سلطة حكومية ومعارضة نيابية، ويغدو الجميع شركاء في تقاسم جثة الوطن بالتساوي، ويصبح الوطن نهبا للناهبين. هذا ما حدث، وهذا هو الأساس المادي لتوقف مسارات الجدل السياسي والثقافي، ودورانه حول نفسه مثل أفعى سامة مستفزة ذات رأسين، رأس من الأمام وآخر من الخلف. لقد كانت معادلة السلطة مفروضة من الخارج ومركّبة تركيبا قسريا على واقع لم ينتجها بنفسه، بل أنتجتها عوضا عنه دبابات الاحتلال. لن يستطيع المجتمع الخروج من هذه المعادلة الشريرة القاتلة إلا من طريق كسر محيطها المغلق: التخلص من سطوة الاحتلال، وتصحيح ما يمكن تصحيحه من أخطاء تأسيسية قاتلة، وعودة الاصطفاف الوطني على أساس المواطنة، لا على أساس العرق أو الطائفة.
أما ترجمة ذلك الواقع على المستوى الثقافي فكانت أكثر بشاعة. مثال واحد صغير وعابر من تجربتي الشخصية يبين لنا حجم الكارثة مجسما. حينما بدأت بنشر كتابات ناقدة لثقافة الحرب والعنف، لم يقف ضدها حينذاك سوى غلاة البعثيين ومن مستهم الدراسة مسا مباشرا. في تلك الحقبة بدأ يتكون رصيد من النقد - مع وضد وبين بين- يهدف الى ما اسميته أنت فتح الملفات، خاصة أنها لم تكن ماضيا حينذاك، بل كانت حاضرا. وبالفعل أثمرت حركة الجدل عن ظهور بوادر تمرد علني على ثقافة القمع بين صفوف الخارجين توا على مؤسسة الحرب. وكان ظهور مجلة المسلة بادرة جيدة، ثم ظهرت مقالات عبد الستار ناصر الجريئة، الناقدة للذات، كما لو أنها أرادت أن تفتح الملفات من أوسع أبوابها. ماذا حدث بعد ذلك؟ لقد تمّت محاصرة عبد الستار بمديح كاذب ومنافق ولئيم، وتمّ الدفاع عن سقطات له عدها هو، بنفسه، تاريخا مخجلا يستحق النقد والتصحيح. من فعل ذلك؟ المفاجأة الكبرى تكمن في هوية ذلك الطرف الذي سعى الى سد نهر النقد وإسكات عبد الستار وغيره وإغرائهم بعدم الاستمرار في نهج المراجعة، بحجة أنهم ليسوا أسوأ من غيرهم. لقد تمّ إسكات صوت العقل من طريق تحويل الجدل الى مناكفات سوقية وشخصية مبتذلة، وربطها بالحسد والغيرة والشتائم والتنافس الشخصي، وبذلك تمّ جرّ الجدل الثقافي الوطني الى مواقع قاتلة: إغلاق بوارق نقد الذات ونقد التجربة التاريخية. إن تخريب الجدل الثقافي هو الوجه الآخر لتخريب الوطن ماديا والعبث به. من فعل ذلك؟ لم يفعل البعثيون ذلك، فقد اكتفوا، جريا على عادتهم البغيضة، بالصمت والترقب. لقد فعلت ذلك خلايا الاحتلال "النائمة"، فيلق الدعاية، الذي عمل لصالح قوات الاحتلال عند الغزو، فعل ذلك أكثرهم سطحية وجهلا ووقاحة وتمرغا في البشاعة السلوكية. لم يتوقف هذا الفريق على ذلك القدر من التدمير، بل قاد حملات منظمة، لا أخلاقية أيضا، لإعادة حفلات تسقيط الرموز الثقافية، بطرق تدنيسيّة تمسّ الأعراض والخصوصيات الفردية. وهي وظيفة مارسوها من قبل أيضا، بنفس البشاعة، ولكن لمصلحة مشتر آخر. ثمّ امتدت مساحه التسفيه والتشويه لتشمل التاريخ كله والقيم الوطنية والمثل الإنسانية العليا. لماذا حدث هذا؟ لم يكن ذلك خطأ في الحسابات أيضا. كان تهديم الدولة وحل الجيش وتمزيق بنية النسيج الاجتماعي هدفا أساسيا، أريد به إتمام عملية قطع الخبرة التاريخية والوطنية، وقطع أي بارقة أمل للمراجعة الوطنية الشاملة، الأساس الضروري للتطبيع المجتمعي السوي. إن مثقفي الاحتلال هم الحاضنة الرئيسة لعمليات قطع الجدل التاريخي ثقافيا، وهم ناشرو مبادئ الفوضى العقلية والأخلاقية، التي سادت الواقع الثقافي، بما يتماشى مع مشاريع تدمير الذات الوطنية وتهديم بنية المجتمع ومثله العليا. ففي هذه الحقبة تحولت كلمات استقلال وحرية وكرامة وحقوق اجتماعية ووطن وشعب وضميرالى مجرد نعوت قبيحة، استخدمها البعض كشتائم. وعوضا عنها جرى تأسيس نظرية أفضل الأشرار. وراح بعض شذاذ الآفاق يحاججون غيرنا من البشر قائلين: ما الأفضل، احتلالنا أم احتلالكم؟ ديكتاتورنا أم ديكتاتوركم؟ فسادنا أم فسادكم؟ خرابنا أم خرابكم؟ وأخيرا: عارنا أم عاركم؟
بهذه الطريقة البشعة تمّ حرق الملفات كلها مع سبق الإصرار والترصد. وإذا أردنا فتحتها الآن أخشى أن لا نجد سوى الرماد، وبقايا دم مجهول الهوية.
• أنت من المهمشين في المشهد الثقافي العراقي في زمن النظام السابق؟ ما رأيك في ثنائية المركز والهامش قبل وبعد التغيير؟

لم أزل مهمشا بامتياز.
كانت تضاريس الهامش معروفة الحدود والقياس. أما اليوم فقد أحرقت الخرائط وضاعت الإحداثيات. لكن ذلك لا يعني أن المتن اختلط بالهامش. على العكس، لقد تفكك المركز الجديد وتشرذم وكاد يغدو أضأل من الهامش في قدراته وتأثيره ووعيه. لذلك بدا الهامش الموروث، التقليدي، المغدور به على مر الحقب، لفرط هامشية المركز، لاعبا مشاغبا لا يخفي صوته وتململه. وهذا ما رأيناه في النزاع الأخير مع قيادة اتحاد الأدباء. لقد استغاث المركز المتهاوي طالبا المعونة من إعدائه الشكليين، حينما احتكم الى الماضي القمعي، للاستقواء بمركزية النظام الديكتاتوري الساقطة وبقوانيها الجائرة. فعل ذلك لكي يعيد تثبيت شرعيته المتآكلة، الناشئة بسبب تهميشه حسيّا في صفحة الواقع السياسي الراهن. بدلا من أن يصححوا الواقع العنيد الفاسد توجهوا بهمة لافتراس المفتَرَسين أصلا. ومن جانب آخر سعت قوى سياسية جديدة الى استخدام الهامش المغدور به، للحصول به ومن خلاله، على مركزية مغايرة، منافسه، ولكنها مركزية نابعة من القانون ذاته: القوة السياسية التي تحيل كل ما هو خارجها هامشا. لقد تحطمت مركزية المركز وهامشية الهامش القديمة، ونشأ على أنقاضها نظام المراكز والهوامش المتشظية. أنا عضو في اتحاد كتاب ستوكهولم وعضو في اتحاد كتاب السويد في الوقت عينه، وكنت قبلها عضوا في اتحاد كتاب شمال السويد، ولم أجد تعارضا في العضوية أو الأداء أو الحقوق. وبالمناسبة أنا عضو عامل في اتحاد كتاب اليمن سابقا، لكنني لا أحمل عضوية اتحاد أدباء العراق. من هو الهامش ومن هو المتن في هذه المعادلة الجائرة؟ هناك فوضى وسوء فهم لجوهر عمل الاتحادات الثقافية، وهذا جزء عضوي من تقاليد الايديولوجيات التسلطية. ولكنه سوء فهم يلائم ملائمة تامة طبيعة الواقع السياسي العام، الذي يحتقر الثقافة احتقارا تقديسيّا، بالقدر نفسه الذي يجهل فيه حقوق وإرادة وآمال الناس ورغبتهم في العيش الحر الكريم.
*هل ترى بأن هناك فرصة مستقبلية لليسار العراقي وهل انحسر دور اليسار على الجانب الثقافي فقط؟
رغم ضياع آثار التيار الوطني العراقي والتيار الديموقراطي منذ زمن طويل، ورغم ضعف اليسار عامة، فقد خسر هؤلاء فرصة تاريخية نادرة حينما أسقط نظام الطغيان على يد المحتلين. كانت فرصة اليسار والديمقراطيين الذهبية أن يكونوا صوت المجتمع العراقي المتنور والأقوى، من طريق ثلاثة أسس رابحة ونبيلة: الدفاع "بكل الوسائل الشرعية الممكنة" عن استقلال الوطن، الدفاع عن الخيار الديموقراطي نهجا وتطبيقا، الدفاع الميداني عن حقوق الجماهير المسروقة علنا. لكن اليسار الرسمي (السلطوي أو الحكومي) فعل العكس: جلس في أحضان بريمر، ولبس ثوب المحاصصة الطائفية العرقية، وأدار ظهره للناس، فخسر المشيتين. كانت تلك أعظم هزيمة تاريخية يمنى بها المجتمع العراقي، الذي كان يأمل أن يجد في سقوط الطغيان طريقا تفتح له الآمال لبناء وطن قائم على الحرية والمواطنة والكرامة الاجتماعية، المكفولة دستوريا. ستكون المهمة أكثر من شاقة لاستعادة ما يمكن استعادته، لكنها ليست مستحيلة. وحدة التيار الديموقراطي ممكنة وضرورية وحتمية ومصيرية. فهناك في الطرقات القريبة مفاجآت ربما فاقت بأهوالها كل ما رأيناه وسمعنا به حتى هذه اللحظة. المفخخات الكبرى لم تنفجر بعد. الطرق الطائفية العرقية مسدود، ولا تُنقل بضائعهم السياسية إلا باستخدام قاطرات العنف والفساد. لذلك لا بد للأمل أن يبقى يقظا. أما على المستوى الشخصي، فإن ما أعلنه من أفكار وأمارسه هو البوصلة الوحيدة، التي تقود خطاي، حتى لو سرت في طريق الحق وحدي.
* ماذا يقول سلام عبود للاديب والمثقف العراقي الآن؟
صن الإنسان في داخلك وخارجك! كن حرا بما فيه الكفاية! تذوّق بعمق عذوبة صفاء الضمير، وتمتع بمباهج الإخلاص للحقيقة. الشر ماكر وماهر. الشر لعبة سهلة الأداء، وحصان سريع العدو، سهل الامتطاء، لكنه إرادة وقحة ودبقة، عصيّة على القياد. أما الخير، الأضعف والأصعب ركوبا والأكثر عرضة للأذى، فلا يقلّ عن الشر عنادا، وربما تغلب على الشر لا في مغزاه وغاياته النبيلة حسب، بل حتى في سباقه اليومي للفوز بكأس الطمأنينة النفسية والرضا الروحي واحترام قدسيّة الحياة.
توضأ بالخير، وتيمم بالأمل الأجمل!
كن وطنا بديلا حينما يسقط وطنك قتيلا أو جريحا أمام ناظريك!



#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية بين أسبقية الكتابة واستراتيجيّة المحاكاة
- الاساءة للموسيقار العراقي الكبيرصالح الكويتي في مسلسل -فاتنة ...
- الإغراب في الشعر العراقي المعاصر جيل الستينات
- خطاب الجنس..مقاربات في الأدب العربي
- ألف ليلة وليلة.. كتبها ابو حيان التوحيدي
- بَعد إذنِ الفَقيه
- صناعة الاخبار العربية
- د. رشيد الخيون: العلمانية ليست حزب ولا نظرية ولاأيديولوجية
- سيميائية الإعلام
- تأثير البيئة العراقية في اعمال سامي ميخائيل( رواية فيكتوريا ...
- أخبار وحوادث يهود العراق في يوميات محمود خالص- ذاكرة ورق-
- مذكرات طفلة يهودية في عهد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم
- الأخرس يسرد حكاية المثقفين العراقيين في كتاب جديد
- نيران البصون.. في جسدها يجري دجلة والفرات
- الثقافة العراقية .. الحوار مع الذات
- الوحدة العربية بين الحقيقة والوهم وموقف صحيفة الأهرام منها ( ...
- مع كتاب -الطائفية السياسية ومشكلة الحكم في العراق- للدكتور ع ...
- المثقفون الإيرانيون من التأسيس إلى الثورة
- من اعلام الصحافة العراقية .. منشي زعرور -السميذع- العربي الي ...
- العذرية في اطار مباحث أنثربولوجيا الجسد


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مازن لطيف علي - سلام عبود: • إذا كان زمن صدام الثقافي هو الخراب، فإن الثقافة في زمن الاحتلال تدخل عوالم خراب الخراب من أبوابها الواسعة