أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسين يونس - حثالة البروليتاريا ..تطلق لحاها















المزيد.....

حثالة البروليتاريا ..تطلق لحاها


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3457 - 2011 / 8 / 15 - 19:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


البروليتاريا في التعريف الماركسي هي مجموع الطبقة العاملة التي تشكل هيكل العملية الانتاجية الرئيسي .
اما الذين يعملون علي هامش هذا الاطار في مهن غير ثابتة تتعدل طبقا للظروف ، ولا يحصلون علي أجر محدد مثل تقديم الشاى والطعام للعاملين من خارج الاسوار او في أعمال الخفارة ، النظافة ، جمع القمامة أو اعمال ترفيهية تجرى في الشوارع و الحارات كالحاوى ، القراقوز ، العالمة ( الغجرية ) فهؤلاء يطلق عليهم حثالة البروليتاريا.
في مصر اتسعت رقعة هذه الطبقة من المهمشين ( قد تصل الي 15 % من السكان ) مع هجرة ابناء الريف الذين لا يعملون بالزراعة و لا يتقنون صناعة و لا يحملون مؤهلات دراسية و ضاقت بهم الحياة هناك فهربوا الي المدن يمتهنون مهن طفيلية مثل تجارة القطاعي كبائع متجول أو مستخدم لركن في سوق غير رسمي تنظمه لهم مافيا تستغل فاقتهم و احتياجهم ... البعض يعمل كنـّاس بالشوارع و في نفس الوقت متسول و منهم من يعمل منادي في موقف سيارات و من يسعده الحظ يعمل بواب او سايس جراج او صبي في محل تجارى او موزع بضائع ( دليفرى ) او خادم في منزل .. مهاجرىالريف هؤلاء يعيشون في تجمعات عشوائية علي اطراف المدن تفتقر الي المياه النقية و الصرف الصحي يتكاثرون بسرعة رهيبة و يتحكم في مجتمعاتهم عصابات التسول ، النشل ، تجار المخدرات ، الدعارة ، بيع الاطفال و المباحث و امن الدولة .. و يسيطر علي تفكيرهم رجال الاخوان المسلمين و السلفيين يقدمون لهم خدمات محدودة يضخمون من الدعاية لها .. اهالي العشوائيات لا صوت لهم يصل الي المسؤلين الا ايام الانتخابات عندما ينشط سماسرة الاصوات يرشون ويعدون و يتبخرون بعد دخول البرلمان .
بعد انتفاضة 25 يناير .. و تخلي الشرطة عن واجباتها .. لم يعد هناك مانعا يحول بين العشوائيين و الشارع .. فتحولوا الي ضباع شرهة منتقمة تهجم ، تنهب ، تدمر، تحرق ، تروع بالاسلحة البيضاء و النبابيت و البنادق المسروقة من اقسام الشرطة دون رادع ..
حثالة البروليتاريا امتلكت الشارع تفرغ المحلات و ماكينات صرف النقود و جيوب المارة في مخابئ عشوائياتهم ويفرضون سلوكا كان ممنوعا عليهم ، يبيعون المخدرات علنا ، يجرفون الارض الزراعية و يستخدمونها للبناء ، يقيمون اكشاك بيع علي الارصفة دون ترخيص يلقون بمخلفات البناء و يقايا الهدم علي جوانب الطرق يقودون العربات والموتسيكلات في عكس الاتجاه و دون لوحات ارقام يخطفون شنط و حلي العابرات يرفعون اصوات الميكرفونات بأغاني هابطة .. حولوا المدن الي عشوائيات ضخمة يتجاور فيها معهم المفرج عنهم من سجون أمن الدولة و العائدون من منفي تورا بورا و الخليج و السعودية .. ضوارى منطلقة تهاجم الكنائس و الاقباط و تدمر الاضرحة و تثير الرعب بتطبيق شريعة الغاب بين سكان الحضر و الريف و لا ينجو منهم حتي من يقودهم ـ فهناك قصة شهيرة عن احد الدعاة الذى استأنس ذئبا منهم فاغتصب زوجته و قتله ـ وهكذا ارتفعت أعلام السعودية في ميدان التحرير و أعلنت الامارة الاسلامية في قنا و العريش وأُثيرَت المشاكل حول أسلمة بعض المسيحيات .. مع مرور الوقت ينتظم التيار الجديد ويتوسع ( بفضل المليارات القادمة من بلاد الخليج) فى تحالف بين السلفيين والبلطجية وحثالة البروليتاريا محدودى التفكير ، ويتصاعد سقف مطالبهم حتى يصل الى الهتاف بسقوط الديموقراطية والليبرالية ولعن الكفرة المنادين بالدستور أولا .
الشارع المصرى ينظر بدهشة لهؤلاء الذين يكونون الميليشيات الملتحية المسلحة فى سيناء أو الذين يعدون قضاة فض المنازعات العرفية ( بدلا من القانون والمحاكم ) ويبتسم عندما يجد أحد البلطجية أو اللصوص متخفيا فى زيهم ، أو واحدة من المشكوك فى سلوكهن وهى ترتدى النقاب .. فوضى غير محكومة وفتاوى غير مفهومة عن شريعتهم التى لو طبقت عليهم ما بقى أحدهم سليما.
وهكذا احتمى اللصوص والبلطجية والقوادين وتجار المخدرات والعاطلين باللحية والجلباب القصير والطاقية والشبشب ، وداروا مع أذناب السعودية وعملائها ، يملأون الدنيا صراخا .. إسلامية إسلامية ، وكأن المصريون قد عادوا الى زمن حكم الامبراطورية العثمانية.
عندما رد سويبسكي الترك عن فينا عام 1683 أنقذ اوروبا من ان تكون جزءً من الامبراطورية المترامية الاطراف ولكنها كانت البداية لتداعي هذا النموذج من الحكم حيث فقراء المسلمين السذج الانقياء ( كما وصفهم وول ديورانت في كتابه قصة الحضارة ) يفلحون الارض تحت امرة سادتهم الاغنياء الاذكياء المتشككين.
(( ويمكن القول بوجه عام ان التركي العادى كان قانعا غاية القناعه بمدنيته حتي لقد ظل قرونا لا يطيق اى تغيير ذى بال )) ، (( القرآن هو الشريعة و الديانة معا وفقهاء الاسلام شراح الشريعة الرسميون ، اما في الطبقات العليا فان البدع العقلانية التي طلع بها المعتزلة في القرن الثامن الميلادى و التي واصلها الشعراء و الفلاسفة المسلمون لقيت قبولا واسعا مستورا )) ، (( وانقسم الاسلام بين مذهبين السنة و الشيعة ثم قام مذهب جديد في القرن الثامن عشر علي يد محمد عبد الوهاب احد شيوخ نجد ، استنكروا التعبد للاولياء و هدموا الاضرحة الخاصة بالمشايخ و الشهداء واستهجنوا لبس الحرير و التدخين ودافعوا عن حق كل فرد ان يفسر القرآن لنفسه وقد شاعت الخرافات في جميع المذاهب علي السواء و لقي دجاجلة الدين كما لقيت المعجزات الكاذبة التصديق السريع و كان جل المسلمين يعدون عالم السحر عالما حقيقيا كعالم الرمال و الشمس الذى يكتنفهم ، اما التعليم فهيمن عليه رجال الدين الذين آمنوا بأن أضمن سبيل لتكوين المواطنين الصالحين أو الاتباع الاوفياء للقبيلة هي ترويض الخلق لا تحرير الفكر، وكان رجال الدين قد انتصروا في معركتهم علي العلماء و الفلاسفة و المؤرخين الذين ازدهروا ايام الاسلام الوسيط فانتكس الفلك الي التنجيم ، و الكيمياء الي الخيمياء (العطاره ) و الطب الي السحر و التاريخ الي الاساطير ))
(( وكان علي النساء الافادة ما استطعن من قدودهن اللدنة الرشيقة ، فمتي ذبلت محاسنهن جر عليهن الزمن ذبول النسيان في زوايا الحريم . وكان لفظ الحريم هذا لا يقتصر علي أزواج الرجل و سراريه بل ينسحب علي كل اناث البيت وقد ظل الحجاب مضروبا عليهن في القرن الثامن عشر، وكان لا يسمح لهن بالخروج من الدار و لكن بعد 1754 كان عليهن اذا خرجن ان يخفين كل عضو فيهن الا عيونهن الساحرة و لا يدخل جناحهن غير الاب او الاخ او الزوج او الابن وحتي بعد الموت كان المفروض ان يتصل هذا الفصل بين الجنسين في الدار الاخرة فالمؤمنات لهن جنتهن غير جنة الرجال والمؤمنون يمضون الي فردوس آخر ترفه فيه عنهم حور من الجنة ابكار متجددات الشباب ))
و كأن ول ديورانت يعيش بيننا اليوم و كأنه يقرا في كتاب هؤلاء الذين يريدون العودة بنا لالف و اربعمائه سنة.
قال المسعودى :ـ (( ما ذكرناه من الأخبار فى مبداأالخليقة هو ما جاءت به الشريعة ونقله الخلف عن السلف والباقى عن الماضى ، فعبرنا عنهم على حسب ما نقل الينا من ألفاظهم ووجدناه فى كتبهم مع شهادة الدلائل بحدوث العالم واتضاحها بكونه ...)) .
ماذا قالت السلف وما قاله الخلف وقدمه المسعودى فى كتابه مروج الذهب (( ثم شاء الله عز وجل أن يخلق آدم فقال الله للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة فقالوا ربنا وما يكون ذلك الخليفة ، قال تكون له ذرية ويفسدون فى الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا فقالوا ربنا ، أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، قال إنى أعلم ما لا تعلمون ، ثم بعث الله جبريل الى الأرض ليأتيه بطين منها ، فقالت له الأرض إنى أعوذ بالله منك ان تنقصنى ، فرجع ولم يأخذ منها شيئا ، ثم بعث الله ميكائيل فقالت له مثل ذلك ،فرجع ولم يأخذ منها شيئا ، فبعث الله ملك الموت فعاذت بالله منه ، فقال وانا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ الأمر ، فأخذ من تربة سوداء وحمراء و بيضاء ، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين فى الألوان ، وسمي آدم لأنه أخذ من أديم الأرض ، ووكل الله ملك الموت بالموت وجبله الله تعالى وتركه حتى سار طينا لازبا ، يلزق بعضه ببعض أربعين سنة ، ثم تركه حتى إنتن وتغير أربعين سنة ، وذلك قوله تعالى ، من حمأ مسنون ، أى متغير منتن ، ثم صوره وتركه بلا روح من صلصال كالفخار ، حتى أتى عليه مائة وعشرون سنة فكانت الملائكة تمر به فيفزعون ، وكان أشدهم فزعا إبليس ، كان يمر به فيضربه برجله فيظهر له صوت كظهوره من الفخار وتكون له صلصلة ، وذلك قوله تعالى : من صلصال كالفخار. وكان إبليس يدخل من فيه ويخرج من دبره ، ويقول لأمر ما خلقت ))
هذا هو ما يريدوننا أن نقتنع به ونصدقه على أساس انه قول السلف ، إذا كانوا هم يريدون أن يكونوا من حمأ مسنون متغير ونتن ، فهو أمرهم وهو أقرب لتصديق عندما تلتقى بأحد أصحاب اللحى من بدو السعودية فانك لا تستطيع أن تجاوره لأكثر من دقائق معدودة ، لأنه اعتاد عندما يأكل ويملأ الدسم كفه أن يمسحه فى لحيته الممتدة حتى منتصف صدره فتتعفن ويصدر عنها رائحة تشبه رائحة الصلصال النتن ، وإذا كان الشئ ينجذب الى من كان على شاكلته ،لهذا انجذبت حثالة سكان المدن التى أطلقت لحاها اليهم.



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكفل قرية في الصعيد.. خلط فكرى شديد .
- سقوط الميتافيزيقيا
- ((لا أعرف شيئا عن سر الاله))
- النبوءة
- ميدان التحرير .. منطقة منكوبة
- أهذا .. هو الطوفان !!
- انقلاباتنا العسكرية داء مستوطن
- سيدتي .. اعتذر نيابة عنهم .
- هل تحل الفلسفة مأزق العنف الدينى !!
- القطن ..البترول ..و نهب الوطن
- 23 يوليو و الفرص الضائعة
- لا أنفى، لا أؤكد، ولكني أشك
- تربية المساخيط حرفه شرقيه
- مصباح علاء الدين و أحلام المهمشين
- التكنولوجيا و العقل البدوى
- العودة الي متوشالح
- الخوف من الحرية
- -تكليف الله - و النكوص الجيني
- حامد حمودى و احواض السمك
- صعوبة أن تكون مسلما


المزيد.....




- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسين يونس - حثالة البروليتاريا ..تطلق لحاها