أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث العبدويس - وحشٌ طليقٌ في الشام














المزيد.....

وحشٌ طليقٌ في الشام


ليث العبدويس

الحوار المتمدن-العدد: 3457 - 2011 / 8 / 15 - 17:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُجانِبُ الصوابَ منْ يَظُنُّ أنَّ الستالينيّة ولّتْ وماتتْ، كلّا فقد بُعِثتْ من جديد، ويُخطِئُ من يَعتَقِدُ بِرَحيلِ النازيّة ومعسكراتِ الاعتقال وَحُقول الإعدام، فَهي لا تَزالُ حيّةً قائِمةً، أنْ تنهارَ نُظُمُ القتلْ الجماعي وتنكفئ في مكبات النفاية التاريخية لا يعني بالضرورة انتهاء التجربة او زوال النموذج، فهناكَ على الدوام وعلى مَرّ الأزمان ثمة إقبالُ غامِضٌ لاستلهام الفكرة الجهنميّة واستيحاء طرائِق الشيطان.
تتبلورُ في شَرقِنا الأوسط مَعالِمُ "بورما" جديدة، بِنِظامٍ عسكريٍ شَرِسٍ يتولّى كِبَرَهُ "بول بوت" او"سابور" ذي الأكتاف، وبِئسَ المثابة والسَلَف، "نيرونٌ" جديدٌ يُحرِق اخضرار دِمشق وَيَأدُ فَتياتِ حماة، من خَلفِ جدارهِ الفولاذي السميك، يُجري نِقاشاً مُتحضراً مع شَعبِهِ عَبرَ فوهاتِ البنادِق، ولآنَّ رَقبتَهُ طويلةٌ ناشِزةٌ في طولها، يرى أن اعواد المشانِقِ كفيلةٌ ان تُطيل اعناق شعبِه، فيستترُ عيبُ القائِد، وَيُكبَتُ الجاحِدْ، ويتماهى المواطِنُ مع النِظام، ببالِغِ الوَدّ والهيام.
الرَجُلُ ابنُ أبيه، عاصرَ أجواءَ القَرَف الثوري والتملمُلات العمياء، وشَهِدَ العسكَرَ القوميين يَركبونَ موجةَ التغيير ويختَطِفونَ السُلطة باسم الإنقاذ والحُريّة، وابصَرَ البلدِ يتحولُ رويداً رويداً الى سِجنٍ هائِلٍ قُمِعَ في قُضبانِهِ كل صوتٍ مُعارض، فأعجبتهُ منذُ الصِغَر اُحجيةُ الاستبداد، وانكبَّ عليها تفكيكاً وتَحليلاً، واستهوتهُ منها تحديداً نظريةُ المؤامرة ولُعبةُ الدسيسة، فأتقنها أيما إتقان، وزادَ عليها بِما تفتقَ عنهُ ذِهنُ الطبيب المُنحَرِف، تحويلُ الوطنِ بِرمَتِهِ الى ظاهِرة المُنظمة الأمنيّة وخلايا المُخابرات، وزرعِ عينٍ للنِظام بين مواطِنٍ وآخر، فالأبُ لا يأمنُ وَلَده، والزوجُ يخشى زوجته، والكلُّ مرعوبون حتى نُخاعِهمُ من شُعَب التحقيق وفُروعِهِ الشهيرة، مُحولاً الدولة البوليسية الى شيءٍ أسوأ، الى سِردابٍ ومجاريرَ وثُكنة وجوقة قُرودٍ مُتقافِزةً ومُستودَعَ خياناتٍ سريّة وحانة رَقصٍ بالنار مع فتائِل البارود وصواعِق التفجير، عابِثاً بالمستقبل الغائِم والحاضِرِ الطافِحِ بالسواد، وانتهى طالِبُ جِراحة العُيونَ الى نتيجة كُل الطُغاة الغابرين، أن خيرَ طُرُق الطُغيان هي تلك التي عبّدها الأولون، فالمضمونُ ما جُرّب، ولا خيرَ في التجديد، فَلمْ يَحُد عن سِكة الوالد قيد شَعرة، وهو الذي وَرَثَ عنْهُ زنزانةً ومِطرَقة، فأما الزنزانةُ فَكانَ من الطبيعيِ انْ يَنظُرَ للناسِ أنهم مُجرّدَ "مُنشَقّين" وحُثالات لا تستَحِقُ الحياة، ينبغي رَميَهُم في ما وراءِ حُدود المجموعةِ الشمسيّة إذا ما خَبا هِتافَهم بِحياة الزَعيم الأوحد، وَلنْ يُجدي حينها عُذرُ الأعياء أو السُعالُ العارض، فالزَعيقُ باسم القائِد الضَرورة فَرضُ عينٍ على مَن بَلَغُ الحُلُم والرُشدْ، هكذا كانتْ تعاليمُ الأب الراحِل، وهكذا تجري الأمورُ في الشام المنكوب المُستَباح، هكذا أهينَ الإنسانُ فلمْ يَعُد حتى لِجُثمانِهِ أدنى كرامةٍ أو اعتبار، حَقُهُ في الحياةِ مسلوب، وحَقُّ رُفاتِهِ في التكريم مُصادَر، فَجُثَثٌ في المزابِل، واخرى تُقذَفُ في الأنهار كأيِ جيفٍ نافِقة، وثالثة تعلِكُها جنازيرُ الجيش الذي نَفَذَتْ عزيمَتُهُ وخارتْ قِواه وَدَلَقَ ضُبّاطُهُ الميامينُ آخِرَ عُلبة بيرةٍ مُرّةٍ في حَفل الهزيمة الشنيعة عندَ اعتاب الجولان والسويداء، أُسودٌ كقائِدِ قواتِهمُ المُسلّحة على شعبِها دونَ سِواه، وأما المِطرَقةُ فَتُحيلُ البشرَ الى محضِ مسامير، قابلةٌ للخَلعِ، للطرقِ، للتعديلِ، للنبذِ، للتهشيمِ، للتحطيمِ، عليكَ ان تبقى مُلتَصِقاً بِخَشَب السُلطة المُتعَفّن، والّا تعرض رأسُكَ للاقتِلاع، كأيِ مِسمارٍ ناتِئ.
ومهما حاولَ الشَعبُ لَفتَ نَظر القيادة الحَكيمة الى أحوالِهِ المُرّة الأليمة، وانهُ ليس يباباً أو هباباُ او بَهيمة، جاء الرَدُّ سريعاً كَعادة ريمة القديمة: ترى الإرادة العليّة لفخامة رئيس الجمهوريّة وبالتشاوُرِ مع المُبجلينَ الكاريكاتوريين الورقيين من القيادة السياسية العليمة الفهيمة الأبية، ان وصف "البشرية" مع ما يترتبُ عليهِ من حصاناتٍ وامتيازاتٍ وحُقوق هو تشريفٌ حصريٌ بِمقام رئيس مجلس قيادة الثورة السَرمَديّة، وان مُجرّدَ التفكيرِ في نيلِهِ او المُطالبةَ بِهِ هو دَعوةٌ للتمرُدِ والعصيان ومُحاوَلةٌ لِهدم مؤسساتِ الدولة وبُناها التحتية، بَل يَرقى الى مُستوى التَخابُرِ مع الأجنبي والتواصُلِ المشبوهٌ مع المُتمردينَ الضالينَ القابِعينَ خلفَ الحُدود واعانةٌ للفِئة الباغية وتستُّرٌ على إرهابيينَ خَطرين، وخيانةٌ عُظمى ما بعدها خيانة، ونحوَ ذَلِكَ مما لا يَتَسِعُ المقامُ لِذكرِهِ من نُعوتِ التَطرُّفِ والأُصوليّة، والتُهم المُقولَبة الجاهزة الساخنِة، وعليهِ استقرتْ إرادةُ الحاكِمِ بأمرهِ تجريدَ حملةٍ عسكريّةٍ كُبرى لتجفيف مَنابع الحُريّة من العُقولِ الفَتيّة، وتوجيهِ ضربةٍ ساحِقة ماحِقةٍ جَسورةٍ لإعداء الشعب والوَطَن، وننتَهِزُ الفُرصةَ لِنُجددَ عهدَ البيعةِ الفاسِدة والطاعة العمياء والولاء المُباع لِقائِدنا الضَرورة، وعاشتْ أُمَتُنا العربيةُ المجيدةُ بمنأى من شرور الديمُقراطية.



#ليث_العبدويس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -جمهورية- انكلترا المُتَحِدة
- فينيقُ لُبنان..ورمادُ الطائِفيّة
- هوامش على دفتر الثورة
- الصومال.. محنةُ الضمير.. محنةُ الإنسان
- الإرهاب الإسلامي ..تهافت النظرية
- هل شارف عصر الطغاة على الانتهاء؟


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث العبدويس - وحشٌ طليقٌ في الشام