أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نائل جرجس - التحول الديمقراطي في مصر














المزيد.....

التحول الديمقراطي في مصر


نائل جرجس

الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 20:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تُعتبر ثورة مصر السلمية أحد أهم انجازات شعوب العالم العربي، حيث تمكّن الشعب المصري العظيم من إنهاء حقبة من الاستبداد والظلم. وقد تجلّت هذه الأخيرة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المصري وكذلك انعدام الحريات وأي مناخ ديمقراطي يسمح بنشر ثقافة حقوق الإنسان وهذا ما يجعل تحقيق أهداف الثورة المصرية، بالانتقال إلى نظام تعددي ديمقراطي قائم على الحرية والعدالة والمساواة، أمرا عسيرا.

إنّ هذا التحول الديمقراطي المرجو في مصر أمرا محفوفا بالمخاطر ولاسيما وأنّ النظام المصري السابق، كغيره من الأنظمة العربية، ساهم في غسل العقول خاصة عن طريق النظام التعليمي وتغييب ثقافة حقوق الإنسان وأخيرا وليس آخرا تغييب الحياة السياسية وهذا ما أدّى إلى نمو تيار ديني متطرف نجح بجذب شريحة شعبية مهمة، بدعم مباشر أو غير مباشر من نظام مبارك. حيث لم يكف هذا الأخير من التشدق بعبارة "إمّا نحن أو الإسلاميون" وهذا التعبير نفسه لطالما استخدمته بعض الأنظمة الغربية بتحريض من إسرائيل من أجل إجهاض أي مشروع ديمقراطي وطني يثور على أنظمة الاستبداد التي ساهمت باستمرار اغتصاب الأراضي العربية وحقوق الشعب الفلسطيني. وهذا ما يفسّر الحزن الإسرائيلي على نظام مبارك وهو ما تجلى بوضوح بخطابات سياسييها إثر سقوطه.

فإسرائيل على يقين بأنّ زوال نظام الاستبداد في مصر والتحول الديمقراطي فيها، كما في بقية الدول العربية، سيؤدي حتما إلى نهاية فوقيتها وانتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي ولحقوق العرب، لأن ميزان القوى سيكون بمصلحة شعوب المنطقة العربية التي يبلغ عددها مئات الملايين مقابل بضعة ملايين من الإسرائيليين نجحوا بتكبيل كل القاطنين في العالم العربي عن طريق هذه الديكتاتوريات. إنّ قيام أنظمة ديمقراطية في البلدان العربية بما فيها مصر سيؤدي إلى تقوية الاقتصاد عوضا عن نهب المقدرات وبناء جيوش قوية وشعوب متماسكة قادرة على استرداد الحقوق المسلوبة من طرف إسرائيل.

وللعودة إلى عبارة "إمّا نحن أو الإسلاميون" و "الديمقراطية والانتخابات النزيهة تفرز إسلاميين"، وهو أيضا ما يتشدّق به الإسلاميون المتطرفون أنفسهم، فإننا نقول بأنّ هذه "الديمقراطية الإسلاموية" غير مقبولة ومتعارضة تماما مع مفهوم الديمقراطية الحديث الذي أفرزته لنا الحضارة الإنسانية بجميع مكوناتها. حيث أنّه من المغالطة حصر الديمقراطية بالانتخابات لأنّ الديمقراطية جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وهذا ما أكّده صراحة إعلان وبرنامج عمل فيينا لعام 1993 الذي اعتبر في فقرته الثامنة بأنّ "الديمقراطية والتنمية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، أمور مترابطة ويعزز بعضها بعضا."

إنّ أي تشريع قانوني، حتى لو تمّ سنّه عن طريق استفتاء شعبي مصري، يجب أن يحترم حقوق الإنسان والأقلية مهما كان عددها. ولتوضيح الفكرة، فإنّ القوانين التي ينوي تطبيقها هؤلاء الإسلاميون المتطرفون في حال وصولهم إلى السلطة تتعارض كليا مع الديمقراطية هذه. فالتمييز الديني وقتل المرتد عن الدين، كما هو منصوص عليه صراحة في القانون السعودي والإيراني، يتعارض مع حق الإنسان في الحياة والحرية الدينية. كما أنّ جلد النساء والرجم كما يحدث حاليا في السودان، والكثير من العقوبات اللاإنسانية (التعذيب) يتعارض أيضا مع هذه "الديمقراطية". ومن هنا تبدو أهمية أنسنة الدستور المصري بما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان واستبعاد أية أيدلوجية سياسية أو دينية لأنها حتما ستؤدي إلى إعادة هيكلة نظام أشد استبداد وكذلك إجهاض أهم أهداف الثورة المصرية. كما يجب تشديد الرقابة الدستورية سواء على القوانين الحالية المصرية أو على مشاريع القوانين بشكل يؤدي إلى استبعاد كل ما يتعارض مع هكذا دستور وبالتالي مع منظومة حقوق الإنسان بمفهومها الدولي.

والخلاصة أنّ التحول الديمقراطي في مصر يجب أن لا يسمح لأي نظام سياسي يفرزه صندوق الانتخاب باضطهاد المواطن المصري وقمعه بأسم "التشريعات الديمقراطية" أو "الديمقراطية" لأن هذه الأخيرة وُجدت لمصلحة الإنسان واحترام حريته وحقوقه وإنسانيته وليس لسحقه واستعباده من السلطة الحاكمة.



#نائل_جرجس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات إلى الحكومة السورية بشأن صياغة قانون الإعلام
- سوريا: التعذيب جريمة ضد الإنسانية
- الحرية والانتفاضات العربية
- التحولات الديمقراطية في العالم العربي بين الديكتاتورية والإس ...
- دستورية انتقال السلطة في تونس
- من الإسلام دين الدولة والاعتراف بيهودية إسرائيل إلى العلماني ...
- مؤسسة الزواج الديني في الشرق الأوسط : انتهاكات مستمرة لحقوق ...
- دفاعا عن المسلمين وعن حقوق الإنسان
- دراسة قانونية : مدى انطباق مشروع قانون الأحوال الشخصية السور ...
- برنارد ستازي: العلمانية تعني التسامح أولاً
- غزة: وهمية أم حقيقية (بقلم إيلان بابي)
- العلمانية : آلية مؤسساتية و كفاءة أخلاقية


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نائل جرجس - التحول الديمقراطي في مصر