أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - توفيق أبو شومر - فجاعة ومجاعة














المزيد.....

فجاعة ومجاعة


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3455 - 2011 / 8 / 13 - 11:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قلت وأنا أجلس وسط مجموعة قبل الإفطار الرمضاني بأقل من ساعة، معلقا على مجاعة الصومال:
كُتب على الصومال، وهي بلد كبير بالمقياس الجغرافي فمساحتها أكثر من نصف مليون كيلومتر مربع، ولها موقعٌ استراتيجي على شكل قرنِ ثورٍ، كما أن عدد سكانها يماثل عدد سكان فلسطين وإسرائيل معا، فيبلغ عدد سكانها أحد عشر مليونا، هذه الدولة التي كانت مُقسَّمة بين بريطانيا وإيطاليا وفرنسا، تُعاني اليوم من كارثة المجاعة!
وشجعني صمتُ الجالسين على أن أذكر لهم قصة استفتاء أهالي العاصمة جيبوتي عام 1958 والتي كانت تتبع فرنسا، وكانت صيغة الاستفتاء:
هل ترغب في أن يزول الاحتلال الفرنسي أو أن يبقى، أو بعبارة أخرى:
هل توافق على أن تنضم إلى الصومال الحرة؟
ففاز الاستعمار الفرنسي في الاستفتاء، فقد صوت الصوماليون لمصلحة بقاء هذا الاستعمار، غير أن الصومال استقلت منذ عام 1966 ، وأنهت تقسيمها نهائيا بين الدول عام 1977 !!
وكان ما سبق تمهيدا لأن أقول:
النساء اليوم يتركن أولادهن يموتون على الطرق، فقد مات أكثر من ثلاثين ألف طفل، فالمجاعة تهدد أربعة ملايين مشرد صومالي، بفعل الانقسام والاقتتال والهجرة الذي ما يزال دائرا على الرغم من المجاعة، كل ذلك وسط احتفال العرب والمسلمين (بفجاعة) الموائد الرمضانية، فما يزيد عن حاجة بعض المدن العربية من الطعام يكفي لإغاثة جوعى الصومال، وللأسف فإن الدول التي تُغيث الصومال وتُنجدهم، ليست من سلالة عدنان وقحطان، وليست من أبناء الدين الواحد، لأن أبناء أساطيل أبناء عدنان وقحطان من الطائرات الدبابات وما في حكمها مخصصةٌ ، إما لحرب البلطجية والشبيحة من أبناء شعبهم حسب زعمهم، وإما لجلب الأطعمة والورود من هولندا وبلجيكا، أو لنقل رؤسائهم وأثريائهم إلى هونولولو وجزائر الفيلبين وبراري البرازيل ليستمتعوا بالطعام والشراب والغيد الحسان!!
وبسرعة البرق قال أحد الجالسين الشباب:
سامحك الله، دعنا نستمتع بوجبة الإفطار لهذا اليوم، فامرأتي في المطبخ منذ ساعات الصباح الأولى تُعد لنا المشهيات وأطاييب الطعام والمعجَّنات والحلويات والمكسرات وما في حكمها!!
ساعتئذٍ أرجعتني كلمات هذا الشاب، إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، قبل أن تُصاب الشعوب العربية بالبلادة، إلى ذاكرتي لأتذكر الشحنات العاطفية التي كُنَّا نملكها باعتزاز وفخر، على الرغم من ضيق حالنا وفقرنا، ومن هذه اللقطات:
وقع زلزال أغادير في أقصى بلاد العرب( المغرب) في 29/2/1960 وكان زلزالا مدمرا قُتل فيه أكثرُ من خمسة عشر ألف مواطن ودمر الزلزالُ نصف المدينة، فأسرعنا نحن الغزيين إلى تشكيل لجان لجمع التبرعات لإغاثة أهالي أغادير، وكنتُ آنذاك في المرحلة الإعدادية، وتمكنت من التبرع بقرشين مصريين- وهما كل ثروتي- لكي أتولى شخصيا شرف جمع التبرعات من أصدقائي، وظللتُ أياما أشعرُ بالفخر والنشوة بفعل مشاركتي وتبرعي السخي!!
وما أزال أذكر أيضا حركة التبرع التي كانت تنتشر في المدارس في غزة، لنصرة الجزائريين المحتلين ولدعم نضالهم، وقد استمرتْ ظاهرة جمع التبرعات للجزائر في غزة سنوات طويلة!
لماذا إذن اختفى هذا الإحساسُ النبيل؟
وما أسباب اختفائه؟
ومن المسؤول عن اختفائه؟
ثم ما الآثار الجانبية المصاحبة لاختفائه؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى جواب:
نعم اعتاد مدرسونا في تلك الفترة أن يُنمُوا فينا أنبل ما في الإنسانية من مشاعر وأحاسيس، وكان ذلك هو أهم ركن في التربية والتعليم، فقد كانوا مؤمنين بأن التعليم والتربية لا تعني المحفوظات الجامدة، والدروس الخاوية، بل إنها تعني تثقيف العقول وتشذيبها ، تمهيدا لإعادة صقلها من جديد، فلا غرابة أن مدرسينا استطاعوا أن يؤسسوا جيل الرواد، ممن تولوا قيادة الثورة الفلسطينية، فقد كانوا معظمهم، إما طلابا أو مدرسين .
واهتدى مدرسونا الواعون المخلصون إلى أن الإحساس بالآخرين، والرأفة بحالهم، ومساعدتهم، ليس عاطفة زائلة، بل هو مكوِّنٌ رئيس من مكونات الشخصية السليمة الصحيحة، وهو المسؤول عن تكوين جينة المواطن الصالح، القادر على خدمة وطنه وأمته، فواظب مدرسونا الأفاضل أن يحثونا كل أسبوع على دعم المحتاجين والثائرين والمنكوبين في كل أنحاء العالم، فكنا نستغني عن حاجاتنا الأساسية لنصرة المعوزين والمقهورين، وكنا نتبارى في التبرع، على الرغم من أن تبرعنا كان دائما على حساب لحمنا الحي!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروف مضيئة من كردستان
- قطرة حرية من وادي النسناس
- غزة والقهروباء
- من المخزون العنصري الإسرائيلي
- قصة قريتين فلسطينيتين
- إلى مناضلي غزة
- أكبر أخطاء إسرائيل في التاريخ
- مسكين هذا الشهر
- التعليق السياسي
- محاكمة سكان العراقيب وتغريمهم
- ابنة النيل وسفَّاح النرويج
- نشرة أخبار سلطانية
- وثيقة أمريكية عن سلاح إسرائيل النووي
- تقرير يُشخِّص أزمة العرب
- عنصرية الدولة الديمقراطية!
- هلع الاستثمارات في غزة
- بارك الله ومُتْ
- أنابيش سلطانية (1)
- غزة الفصل الثالث من الإلياذة
- استيعاب إسرائيلي وتهجير عربي


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - توفيق أبو شومر - فجاعة ومجاعة