أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - علي عجيل منهل - العراق يبحث عن الحماية في بيئة خطرة















المزيد.....

العراق يبحث عن الحماية في بيئة خطرة


علي عجيل منهل

الحوار المتمدن-العدد: 3454 - 2011 / 8 / 12 - 15:19
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


باتريك سيل *
كان العراق، في ما مضى، بلداً عربياً قوياً وفخوراً بنفسه. وبفضل موارده النفطية الواسعة وأنهاره العظيمة وطبقته الوسطى المثقفة، حقق نجاحات عربية على صعد كثيرة، قبل أن ينحرف مسار الأمور نحو الأسوأ. فكانت السنوات الثلاثون الأخيرة رهيبة.
ومن بين الأحداث البارزة والمروّعة التي اختبرتها البلاد، نذكر أولاً صراع الحياة والموت الذي استمر ثماني سنوات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ما بين العامين 1980 و1988. وقد نجح العراق في الصمود، إلا أنه تكبّد خسائر كبيرة في الأرواح ودماراً مادياً. وهناك ثانياً حرب الخليج عام 1991، حين أخرجت أميركا وحلفاؤها العراق بالقوة من الكويت، بعد أن تهوّر صدام حسين بما فيه الكفاية ليجتاح هذا البلد المجاور له. ونشير ثالثاً إلى ثلاث عشرة سنة من العقوبات الدولية التي فُرِضَت على البلاد عقب حرب الكويت التي تسبّبت، كما يقال، بمقتل حوالى نصف مليون طفل عراقي، ورابعاً إلى اجتياح أميركا المدمّر للعراق سنة 2003، واحتلاله الذي طال أمده، ومن المفترض أن ينتهي، ولو مبدئياً، في 31 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
وفي سياق تعافٍ بطيء ومؤلم تلى عقوداً من الدمار، تكمن محنة العراق اليوم في أنه قد لا يزال بحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة، وهي القوة التي تسبّبت بدماره أكثر من أي بلد آخر. تلك هي خلفية النقاشات التي تدور حالياً بين بغداد وواشنطن في شأن إمكان تمديد الوجود العسكري الأميركي في العراق إلى ما بعد عام 2011، وهو التاريخ الذي حدّده «اتفاق وضع القوات» عام 2008 لتنظيم انسحاب أميركي كامل من البلاد.
هذا ولا يزال في العراق نحو 46 ألف جندي أميركي، بعد ان تراجع عددهم عن 140 ألفاً كما كان قبل سنوات. وقد تعهّد الرئيس باراك أوباما بإعادة الجنود إلى ديارهم، لكن يبدو أنّ الأميركيين منقسمون، شأنهم شأن العراقيين، حول هذه المسألة. وفي الولايات المتحدة، لطالما اعترض الديموقراطيون على الحرب. وأعلن زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ الأميركي، هاري ريد، الشهر الماضي أن «الوقت حان لوضع حدّ لمهمتنا العسكرية». وعلى نقيض ذلك، يريد الجمهوريون بقاء أميركا في العراق من أجل الدفاع عن مصالحها ومواجهة إيران. وعلى سبيل المثال، اعتبر السيناتور جون ماكين أنّ الولايات المتحدة تملك «قضية ملزمة» تفرض إبقاء 13 ألف جندي على الأقل في العراق إلى أجل غير مسمى.
ويبدو الرأي العام منقسماً في العراق أيضاً، إذ يتوق الأكراد لبقاء الأميركيين، باعتبارهم ضامنين لشبه الاستقلال الهش عن بغداد الذي ينعمون به، في حين أن الأحزاب الشيعية المتشددة، ولا سيما الصدريين المقربين من إيران، تود التخلص من الأميركيين كلهم، وفي أقرب وقت ممكن. ويكمن ما بين هذين القطبين عدد من الأحزاب المعتدلة السنّية والشيعية على حد سواء التي لا تحبذ وجود الأميركيين وتفضّل التحرّر منهم، إلا أنها تقرّ بأنّ وجودهم قد يبقى ضرورياً لجلب الاستقرار إلى الوضع الشديد الاضطراب داخل البلد وفي الدول المجاورة على حدّ سواء.
هذا وتتسم «ديموقراطية» العراق الحديثة التأسيس، والتي يسيطر عليها رئيس الوزراء نوري المالكي، باحتوائها على عدد كبير من الأحزاب والمجموعات المتفرقة التي تتنافس للفوز بمصالح. ويؤدي ذلك إلى الكثير من النقاشات المحتدمة، لكن من دون حصول أيّ تحرّك ملحوظ، إلى حدّ دفع بعراقي بارز (تمت استشارته خلال كتابة هذا المقال) إلى تشبيه الساحة السياسية العراقية بتلك التي كانت قائمة خلال الجمهورية الفرنسية الرابعة.
إلى ذلك، من الضروري إطلاق ورشة إعادة إعمار كبيرة في العراق. فقد أطاحت حرب عام 2003 نظام صدام حسين الوحشي، إلا أنّ الويلات التي تلت ذلك كانت سيئة بالقدر ذاته، أو ربما أسوأ بكثير، من أي عمل اتُّهِم صدام بارتكابه.
* تسبب اجتياح الولايات المتحدة للعراق بحرب طائفية بين السنّة والشيعة، أدّت إلى مقتل عشرات وربما مئات الآلاف من الأشخاص وإلى تشريد الملايين داخل البلد، كما دفعت ملايين الأشخاص الى الفرار واللجوء إلى بلدان أخرى (بما يشمل قسماً كبيراً من المجتمع المسيحي).
* ساهم الاجتياح في تدمير العراق كدولة موحّدة من خلال التشجيع على بروز دويلة كردية مرتبطة حالياً في شكل غريب بسائر أرجاء البلاد في إطار اتحاد هش.
* دمر الاجتياح البنية التحتية للعراق، إلى حدّ أنّه خلال حرّ الصيف حيث تتخطى حرارة الجو 50 درجة مئوية، يعاني البلد انقطاعاً في التيار الكهربائي. وفي المعدل، تتم تغذية الجنوب بالتيار الكهربائي لمدة ساعة مقابل انقطاعها لمدة أربع ساعات. ويطالب الشعب بالحصول على خدمات أفضل.
وفي ظل نظام صدام حسين، كان العراق محكوماً من الأقلية السنّية، التي لا تشكّل أكثر من 20 في المئة من الشعب. وأعطت الحرب السلطة للأكثرية الشيعية. ومنذ انتخابات عام 2008، حكم البلاد ائتلاف من المجموعات الشيعية، إلى جانب علمانيين وأكراد، إلا أنّ القسم الأكبر من النفوذ يعود إلى الكتلة الشيعية التابعة للمالكي. كما يسيطر المالكي شخصياً على جهازي الدفاع والأمن.
ويعدّ المالكي قريباً من إيران، إلا أنه رجل قومي عراقي وليس دمية في يد إيران. وفي حين أنه يجري مفاوضات لتمديد الوجود العسكري الأميركي حتى عام 2012، تودّ إيران في المقابل إرغام الولايات المتحدة على الخروج من العراق بالإكراه. وتجدر الإشارة إلى أنّ إيران، التي تعاني بسبب عقوبات أميركية وتواجه باستمرار خطر شنّ هجوم إسرائيلي ضدها، تنتقم من الولايات المتحدة من خلال تشجيع مؤيديها العراقيين على مهاجمة القوات الأميركية. وعليه، قُتِل 14 جندياً في شهر حزيران (يونيو) وخمسة جنود في شهر تموز (يوليو) الماضيين. كما تعرّضت «المنطقة الخضراء» في بغداد، التي تضمّ السفارة الأميركية وسفارات أخرى، لعدد متزايد من الهجمات الصاروخية، ما يعني أن الوضع الأمني الداخلي يبقى خطيراً للغاية.
ويشعر العراقيون أيضاً، وبحق نسبي، أنهم يعيشون في بيئة عدائية، حيث إن سورية، البلد المجاور لهم، وقعت فريسة ثورة شعبية واسعة النطاق، ثورة تتعرّض للقمع الوحشي على يد النظام. وقد ينتقل هذا الوضع البالغ الخطورة إلى العراق. كما أنّ العلاقة التي تربط العراق بالمملكة العربية السعودية، موطن الثقل السنّي في العالم العربي، سيئة.
إلى ذلك، يبرز خلاف بين العراق والكويت بسبب الخطة التي أطلقتها هذه الأخيرة والتي تهدف إلى بناء ميناء عملاق في جزيرة بوبيان، الأمر الذي قد ينعكس على ممرّ شط العرب المائي الذي يعدّ منفذ العراق الوحيد إلى البحر. كما يرسل العراق لجنة من الخبراء إلى الكويت بهدف تقويم المشروع. واتهم بعض البرلمانيين العراقيين الكويت بسرقة النفط العراقي من خلال الحفر المائل لآبار نفطية إلى داخل الأراضي العراقية. وتُعتبَر هذه المسائل بالغة الحساسية. وهي الحجج ذاتها التي ذكرها صدام لاجتياح الكويت في عام 1990.
لهذه الأسباب يشعر العراق أنه بحاجة إلى تعزيز قواته المسلحة وإعادة بناء القوة الجوية والبحرية لديه وتحسين قواته الميدانية، من أجل حماية حدوده ومنصاته النفطية، وفرض الاستقرار في مدن مثل كركوك والموصل حيث لا تزال الاضطرابات العرقية والمذهبية محتدمة.
وإذا أخذنا هذه الأمور كلها بالحسبان، يبدو أنّ تورّط أميركا في العراق - الذي تبيّن أنّه مفجع بالنسبة إلى البلدين - لن ينتهي في وقت قريب.


* كاتب بريطاني مختص في شؤون الشرق الاوسط



#علي_عجيل_منهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجاعة فى الصومال- وحركة الشباب الاسلامى- تعتبر اعلان الامم ...
- مذبحة سميل - 7 أب - ذكرى يوم الشهيد الاشورى-- عام 1933-- فى ...
- موقف سعودى حاسم مع الشعب السورى- والعراق يدعم -النظام السورى ...
- عبد الكريم قاسم - والملف السرى - حول الماسونية - هل -هو- عضو ...
- صحيفة المانية -تقارن بين وزير الدفاع السورى-- مصطفى طلاس - و ...
- نماذج من حكام العراق-- من -عبد السلام عارف - الذى قال - لاقص ...
- الكتل السياسية العراقية - تفوض السيد رئيس الوزراء - التمديد ...
- الفتيو الروسى- فى مجلس الامن- ضد اصدار- قرار ايقاف - العنف ف ...
- دولة كردستان- الاعلان عنها - فى محافظة دهوك-- من قبل- شخصيات ...
- مزبلة التاريخ- مسلسل- الحسن والحسين ومعاوية - فى شهر رمضان - ...
- عبد الكريم قاسم - شخصيه ورواريه - كما يقول اهل بغداد - بين ا ...
- مانديلا سوريا - رياض الترك -والثورة السورية
- دولة اسرائيل وجمهورية جنوب السودان - جمهورية العراق ودولة ال ...
- جمهورية ايران الاسلامية - تقصف القرى الكردية العراقية- وتقطع ...
- الرئيس العراقى --يدعم الرئيس السورى - السفاح - الذى يطلق الر ...
- الجنس فى الجنة -- والارهاب - -والتفجيرات والعمليات الانتحاري ...
- نهر الوند المجنون - تقطعة ايران الاسلامية- -عن خانفين- - ثم ...
- الفكر السعودي الوهابي- من أقبح وأنكر الأفكار-- على وجه الأرض ...
- مردوخ- وامبراطوريته الاعلامية - والمال السعودى--و الامير ولي ...
- عرب- وكرد-- وجمهورية عربية سورية-- واكراد العراق--- والمطالب ...


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - علي عجيل منهل - العراق يبحث عن الحماية في بيئة خطرة