أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - دنيا ودين















المزيد.....

دنيا ودين


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3452 - 2011 / 8 / 10 - 15:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما نشتغلُ عليه اليوم لتأسيس مجتمع مدني متحضر وما تدعوا له ولممارسته كان قد اشتغل عليه من قبلنا جميعاً فرح أنطون وخصوصا في كتابه العظيم(أورشليم الجديدة) والتي نسميها اليوم(الشرق الجديد) عاش وحيدا مستوحشاً من الوحدة والفراغ وعاش طوال حياته أعزبا لم يقترن بأي امرأة ولم تكن له تجارب عاطفية وتجاوزات على أخلاق العصر الذي وجد به متألما منفردا يعيش وهو يحلم بأن يرى المجتمع المدني المتحضر, وكل الذين شاهدوه في آخر أيامه قالوا بأن اليأس والاكتئاب سيطر عليه في أُخريات أيامه الأخيرة, والمهم في الموضوع أن كاتبنا وصاحبنا وحبيبنا عاش وهو يحلم بأن يشاهد حكومة مدنية في كل قطر من أقطار الوطن العربي لا تقترن بالدين الإسلامي أو المسيحي أو اليهودي, بحيث الدين عنده طريقة فردية بين المعبود والعابد وعلاقة شكلية بين المجتمع وبين الرب لا دخل لها بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد, وكان حلمه بأن يرى الدين موضوعا في تخصصات أخرى تشمل كل شيء ما عدى العلم والسياسة...ولا تتعلق لا بالاقتصاد ولا بالفنون الأدبية والفلسفية وخصوصا السياسية, فمن ملاحظاته على الدين والسياسة بأن واحدا منهم يطغى على الثاني ويغلبه ودائما ما تغلب السياسة الدين.

إنّ في السياسة إذا غلبت الدين تؤدي إلى معركة أخرى ينتصرُ فيها الدين على العلم والعقل والثقافة في معركة حماسية ينغلب فيها العلم وتنغلبُ فيها الثقافة وإن السياسة هنا غدر ومكر وخبث ودهاء لا يصل إليها رجل الدين العادي لذلك تدنس الدين بالسياسة وتلوث بأوحال ومزابل السياسيين ونفاياتهم السياسية, فرجل السياسة خبيث جدا بكل ما تحمله الكلمة من معنى, ورجل الدين بريء جدا وبسيط بكل ما تحمله الكلمة من معنى ففي مجتمعنا اليوم الفساد في عصره الذهبي بسبب وجود الدين كحاكم يحكمُ في رقاب الناس وطريقة عيشهم ولا توجد وزارة عربية في كل الدول العربية إلا ولها مفتي عام, ولا يوجد جهاز مخابرات عربي إلا وله مفتي عام يفتي لهم كل ما يريدونه أن يأتي على هواهم وكأن المفتي يفصل للسياسيين قمصانهم وملابسهم على حسب ما يطلبونه وما يحبونه من ملابس وهنا يقع الظلم والفساد فكم أفسد المفتون علينا حياتنا ونغصوا علينا عيشتنا وهلكونا من كثرة الفتاوى حتى أننا اليوم نجد في كل دولة عربية وزارة للإفتاء تفتي لمصنع الحليب الجاف ولمصنع البندورة ومأكولات الأطفال حتى سمعنا آخر شيء تحريم دخول الخيار والجزر إلى البيوت لأنه يذكر البنات بشكل العضو الذكري, ولا يجوز أن يدخل إلا مقطعا على شكل دوائر...وللخردوات ولمصانع الإسمنت والحديد مفتي عام ولجهاز الأمن العام الشُرطي وللجيش مفتي عام..وللمدرسة مفتي وللمستشفى مفتي وللعاشق مفتي يسأله عن النظر في عين المحبوب حلالاً كان أم حراما , حتى صاحبي صاحب مصنع الطوب والبلاط والملاط والرخام لديه أكثر من مفتي وسعر كل مفتي 100 دينار أردني مقابل أن يضيع بمعية إفتاءاته أكثر من مليون إنسان عن طريق غشهم وعن طريق أكل أموالهم بكلمة واحدة من فم المفتي, وأستغرب أنا من هذه الدوائر وهذا التخلف الفكري, فنحن في عام 2011م وما زلنا نفكر بأسلوب القرون الوسطى, وللطبيب مفتي, ولصاحب محل السوبر ماركت الذي أشتري منه فتياً يفتي له, ولكل بيت مفتي أي لكل عائلة مفتي يسألونه عن الحلال والحرام وعن هل يجوز أو لا يجوز, لماذا هؤلاء المفتون ما زالوا بيننا,"أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟!" أتعرفون السبب؟ سأجيب معكم وأقول بأن السبب هو دمج الدين بالدولة ليتصالح الدين مع الحاكم لكي يخلق خصاما بينه وبين المثقفين لذلك تأخذ المخابرات العربية الإذن بتدمير الشخصيات العربية المفكرة والناهضة زد على ذلك أنهم يعتقدون ومؤمنون بالعمل الذي يقومون به ويعتبرون أنفسهم شهداء في سبيل الله إن مات أحدهم وهو ما زال يضطهد بالمثقفين .

الوحدة الوطنية والتقنيات الحديثة, هي الفلسفة التي تقوم عليها فلسفة فرح أنطون, والدمج بين سلطة الدين وسلطة الدولة المدنية تؤدي إلى اضطهاد العقل والذكاء والتطور والنماء والانتماء,لأن التنمية حرية وإبداع فكري حضاري, وعندما يصل بنا الدين إلى مستوى نسأل فيه المفتي كيف ننام مع النساء وكيف تنام المرأة مع زوجها, وبالمناسبة أتمنى أن أسمع على التلفزيون أي مفتي يقول(كلمن بنام على الجنب اللي بريحه) هذه الحالة التي وصلنا إليها المدموج بها الدين بسلطة السياسيين الملاعين الحرسي نكون نحن والدين متنافرين ومتضادين مع بعضنا ونكون قد سقطنا في وحل السياسة وأوساخ السياسيين فتضيع براءة الدين والتي هي في الأصل براءة حقيقية بين إله بريء لا يظلم أحدا مثل الأطفال البريئين وبين إنسان بريء مثل وجه الله الذي يحبنا كما يحب أمه وأبيه, لذلك يجب أن نركن الدين جانبا ونتعلم ونتثقف ونبدع من أجل خلق مجتمع متطور اجتماعيا وعقليا عند ذلك يعود الدين بريئا كما كان في سابق عهده وفي نفس الوقت لن نجد فرقا بين المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي أما إذا خضع الدين للسياسة فهذا معناه أننا ضعنا جميعنا واتسخنا بأوساخ السياسيين.

وأول من دعا إلى هذه الدعوة كان المفكر العملاق الكبير(فرح أنطون) لقد كان فرح أنطون يشاهد بأم عينية (روكفلر) وهو يملك 100مليون بينما البائسون لا يملكون ثمن الخبز...وهذا موضوع مختلف أردت فقط إظهاره للإشارة إلى شخصية المفكر...إلخ, وكان يشاهد ويقرأ ويسمع بالفتاوى المتعددة التي تصدر من قصور القاهرة والأستانة, ومن ناحية أخرى اهتم في رواية(أتالا) التي عربها للعربية ليظهر كما يقول(للنبت الجديد) حلاوة الحياة الرومانسية التي يحاول الدين إفسادها علينا وهي قضية مأساة العشق والحب بين اثنين حين تتدخل إحدى السلطات لإسقاطها سواء أكانت العائلة باسم الدين أو الدين نفسه, فكل من قرأ رواية أتالا بكى على مصير البطلة التي وهبتها أمها هي وعذريتها للكنيسة بينما البطلة تموت غراما في الإنسان الوحيد ألذي أحبها, وتتجلى نهاية الرواية حين تقرر البطلة أن تنتحر لتتخلص من عذاب الحب وقهر الدين والأم التي نذرتها فقط للكنيسة فتشرب السُم الزعاف وتقعد بكل هدوء منتظرة الموت والخلاص الأبدي وبعد أقل من دقيقة يأتي إليها(القِس) ليبشرها بأنه يستطيع أن يفك (النذر) الذي نذرته أمها لتستطيع الزواج من عشيقها عند ذلك يجنُ جنونها وتسقط على الأرض ليأكلها الندم قبل أن يأكلها السم, وهذه الرواية أبكت الملايين من العشاق الحقيقيين وأبكت فرح أنطون والمنفلوطي وانتبه الجميع إلى فلسفة جديدة قديمة في شكلها وهو أنه ليس للدين علاقة بحياتنا الشخصية ويجب على الدين أن ينسحب من بيوتنا ليحل مكانه المجتمع المدني التعاوني الاجتماعي , وأنا شخصياً حين أفكر في أغلب الأحيان بكتابات "فرح أنطون" المتوفى عام1922م.. أقف عند هذه الشخصية متأملا رسائله مع الشيخ (محمد عبده) الذي يريد أن يخضع كل حياتنا للدين وبين فرح أنطون الذي يعتقد بأنه ليس للدين علاقة بحياتنا الشخصية ولا حتى بزواجنا ممن نحب, فالدين في نظر الشيخ (محمد عبده) هو لتنظيم حياتنا الدنيا والآخرة, أما صاحبي فرح أنطون فقد كان يقول بأن الدين فقط من أجل إسعادنا في الحياة الآخرة..وانتهى الموضوع.
وكانت اشتراكية فرح أنطون الطوباوية أو النزعة الإنسانية الطوباوية تؤثر على أسلوب تفكيره وخصوصا بعد أن تمنع السلطة العثمانية دخول مجلة الجامعة إلى العاصمة العثمانية نظرا لخطورة ما يكتبه ويفكر به فرح أنطون , إن ما قرأه وما عربه فرح أنطون تجعله مؤمنا بفكره القومي الاجتماعي الذي يدعو لتأسيس مجتمعٍ مدني يكون فيه خالد مسلما وجورج مسيحيا وفراس اشتراكيا أو شيوعيا وإبراهيم يهوديا و فلان بوذيا وفي نهاية كل تلك الأسماء لا تعني حربا من أجل إخضاع البوذي للمسلم أو المسلم لليهودي أي أنه لا يعني اختلاف الدين أو المذهب إلا مسألة بين كل أولئك وخالقهم على شكل انفرادي والمهم أن تكون أنسانا جديرا بالاحترام وبالرقي الحضاري , فمثلا اختلاف المسيحي عن المسلم لا يعني بأن الخلاف بين المسلم والمسيحي بل الخلاف بين الخالق والمخلوق لأن الرب أعلم بقلوب هؤلاء جميعا, وكوني مسلما أو مسيحيا أو بوذيا فهذا لا يعني أن هنالك صدام حضارات بين الأديان لأن الاختلاف في طرائق ونظم المعلومات والتفكير وصعوبات التعلم هي فقط مسألة علمية,والاختلاف في المذهب والدين والمعتقد شيئا طبيعيا في النزعة الإنسانية حتى مثلا تستطيع أن تجد عائلة كاملة كل واحد منهم له طريقة تفكير مختلفة عن الآخر وهم بنفس الوقت يأكلون من صحن واحد, وفي كل كتابات فرح أنطون ورواياته التي ترجمها أو عربها تتحدث عن الدين حين يريد الدين أن يحشر أنفه في حياتنا الخاصة فهنا يحدث الفساد الديني والاجتماعي حيث يبرر المتفيهقون للسلطان تصرفاته وفساده, فيصبح الدين أهم أداة من أدوات الفساد السياسي والاجتماعي, , إن الدين أفسد علينا حياتنا وجعلنا أعداء لبعض رجل يفجر نفسه ورجلٌ يقتل أخاه ومسيحي يهجم على الناس ويقتلهم في الشارع وفي النهاية نقول عنه بأنه مجنون, وهذا يعني أننا نعيش في دولة 90% من السكان مجانين ومعاتيه, وأي رجل تطارده المخابرات ويكتشف ذلك فورا نقوم بتشخيص حالته بأنه مصاب بالفصام العقلي, وعلى هذا الأساس جميع الكتاب العرب المبدعين إبداعا حقيقيا هم من المفصومين عقليا لأن أغلبيتنا نلاحظ ونحس وندرك المخابرات وهي تحفر لنا في كل مكان وفي كل اتجاه نتجه إليه, لقد أفسد الدين الإسلامي علينا حياتنا السياسية والثقافية فلم يبقى من الكتاب في الصحف غير الذين ليس لهم بالكتابة علاقة لا من قريب ولا من بعيد, كان فرح أنطون يستاء جدا من الدين حين يتدخل بين الإنسان كإنسان والرب كرب, لأن الدين علاقة فردية بين الخالق والمخلوق وليست بين الأفراد ولأن الدين فقط من أجل أن نعرف أين سنذهب بعد أن نموت, ذلك أن أسئلة الفلسفة أو السؤال الفلسفي الأول هو من أين جئنا وإلى أين سنذهب؟.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرتي تؤلمني
- يقتلون الرجل للدفاع عن الشرف
- المرأة تلعن والرجل يغضب
- لم يذكر القرآن المحامين والمحاكم
- أنا أسعد رجل في الحارة
- الدرس الخامس:مشاعري وأحاسيسي في رمضان
- لغة الحمير
- الدنيا تعاسه والموت سعاده
- الدرس الرابع:ثقيل الدم
- صديقي قاسم في ذمة ألله
- لله في خلقه شؤون
- الدرس الثالث:الكوميديا الاسلامية
- الدرس الثاني:فتح مكة
- دروس رمضانية, الدرس الأول.
- أنا أكثر من شخصية واحدة
- هل أنا عبد ألله أم ابن الله؟
- عربي يكره الحياة
- من حقي أن أشعر بالتغيير
- رحلتي مع الحوار المتمدن
- الشاذ عن القاعدة


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - دنيا ودين