أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - صلاح نيازي يرصد التغييرات التي طرأت على الأدب والفن بعد ثورة 14 تموز العراقية















المزيد.....

صلاح نيازي يرصد التغييرات التي طرأت على الأدب والفن بعد ثورة 14 تموز العراقية


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3452 - 2011 / 8 / 10 - 11:12
المحور: الادب والفن
    


الشاعر العربي عدسة مقعّرة بينما الشاعر الإنكليزي عدسة لامّة
البياتي هو أول من كتب الشعر الصحفي بالعراق

نظّمت مؤسسة "ARK" بلندن أمسية ثقافية للشاعر صلاح نيازي والمعماري رفعت الجادرجي للحديث عن تأثيرات ثورة 14 تموز 1958 على الأدب والفن بأشكاله المتعددة. وقد قام بمهمة تقديم المُحاضرَين الناقد والفنان التشكيلي يوسف الناصر وبسبب طول الأمسية فإن هذه التغطية ستقتصر على محاضرة الشاعر والناقد والمترجم صلاح نيازي الذي ركّز في حديثه على محاور عديدة سنتوقف عندها تباعاً. أشار نيازي في مستهل حديثه إلى أن المخاضات الشعرية الحديثة التي بدأها بدر شاكر السيّاب ونازك الملائكة تعود إلى عام 1946 والعام الذي يليه. وقبل الحديث عن هذه المخاضات الشعرية الحديثة نوّه نيازي بشاعر مهمل في الوقت الحاضر اسمه أكرم الوتري الذي أصدر ديواناً واحداً عنوانه "الوتر الجاحد" ورغم أن بعض قصائده مؤرخة في عام 1946 إلا أن الديوان لم يصدر إلا بعد سنتين أو ثلاث سنوات، كما نشر بعض القصص في تلك الحقبة، وترجم كتاب "جني الثمار" لطاغور عام 1952، هذا إضافة إلى كتبه التخصصية في القانون حيث أصدر كتاب "نظام الوصاية الدولي" وكتباً قانونية أخرى. يعتقد نيازي من خلال قراءته النقدية العميقة لكتاب "الوتر الجاحد" أن الوتري كان يحب قريبته غير أنه فشل في هذا الحب من جانبه بينما كانت هي تريد أن تقترن به، لكنه تكبّر عليها وتركها بحسب الاجتهاد الشخصي لنيازي. وحينما حدثت نكبة فلسطين عام 1948 التقت الكارثتان العامة والخاصة فانقطع الوتري عن كتابة الشعر نهائياً. يؤكد نيازي بأن الشاعر أكرم الوتري هو من أوائل الشعراء العراقيين الذين كتبوا القصيدة العضوية وهذا بحد ذاته إنجاز أدبي مهم يتعلق بتقنية النص الشعري. وذكرَ بأنه كتب قصيدة ليلية عن غرفة، وحتى يعزل هذه الغرفة عن العالم الخارجي صوّر المطر والظلام خارج النافذة، وبعد أن تأكد وجود الغرفة مع البرد الشديد أصبح كيان الغرفة هو المسرح الذي يدور عليه النص الشعري. ولكي يؤثث هذه الغرفة جعل فيها موقد نار وفتاة شابة وراوية القصيدة والعمة إضافة إلى قطة بيضاء تدل على الدفء والألفة. هذه إذاً هي القصيدة العضوية التي تتشابك فيها عدة شخصيات مع عناصر الطبيعة. يَعتبر نيازي أن هذه القصيدة الممسرحة هي الأولى من نوعها تقريباً في الشعر العربي الحديث، وهو يرى أن الشاعر العربي هو شاعر انتشاري يتحدث عن الكأس المملوءة فينتشر متشظياً إلى النهر أو البحر أو المحيط، ويصفه بأنه عدسه مقعّرة تنشر الصور، بينما الشاعر الإنكليزي هو أشبه بالعدسة اللامّة التي تجمع العالم كله في حبّة رمل أو قطرة من قطرات المطر.

قصيدة التفعيلة
يعتقد نيازي أن السيّاب لم يكن أول منْ كتب قصيدة التفعيلة، فقد قرأ عام 1943 في مجلة "أبولو" قصيدة لمحمود حسن إسماعيل مكتوبة على وفق نظام شعر التفعيلة بينما أشار القائمون على المجلة أنها من الشعر الحر. كما توقف عند الشاعر علي أحمد باكثير، المولود في جزيرة سوروبايا بإندونيسيا عام 1910 لأبوين يمنيين من حضرموت حيث بقي هناك لمدة عشر سنوات وكان يتقن اللغة والفرنسية والملايوية إتقاناً تاماً فترجم مسرحية "روميو وجولييت" بالشعر الحديث، أي التفعيلة، ثم أردفها بمسرحية "إخناتون ونفرتيتي" وهي من كتاباته بالشعر الحديث أيضاً وعلى بحر المتدارك. وقد ذكر في مقدمة هذه المسرحية أنه كان يتلقى كتباً من بدر شاكر السيّاب وعليها إهداءات يشيد فيها بباكثير ويعزو له الأوليّة في كتابة الشعر الحديث ورأى نيازي أنه لشيء عظيم أن يعترف السيّاب بذلك ويقرّ له بالريادة أو الأسبقية في الأقل. يتساءل نيازي: مَنْ كتب قصيدة شعر التفعيلة، أهي نازك الملائكة أم السيّاب؟ ويجيب على هذا التساؤل قائلاً: " إن نازك كتبت قصيدة اسمها "الكوليرا" وحينما قرأتها لوالدها قال لها: "لكل جديد لذّة غير أني / وجدت جديد الشعر غير لذيذ". يؤكد نيازي بأن هذه القصيدة ليست أنموذجاً حتى يقلدها الشباب في ذلك الوقت، ولكنه أقرّ بأن السيّاب حينما نشر قصيدة "هل كان حباً" كانت أنموذجاً جديداً في ذلك الوقت، ولكنه حينما راجعها قبل المحاضرة بيوم تعجّب كيف تطوّر هو نفسه، وكيف تطوّر الشعر عما كان عليه سابقاً! إذ وصف هذه القصيدة بأنها مهلهلة ولكن الشعراء العراقيين أحبوها في ذلك الوقت. وكما هو معلوم فإن القصيدة تحتشد بأسئلة كثيرة نقتبس منها الأبيات التالية: "هَلْ تُسمّينَ الذي ألقى هياما؟ / أَمْ جنوناً بالأماني ؟ أم غراما؟ / ما يكون الحبُّ؟ نَوْحاً وابتساما؟ / أم خُفوقَ الأضلعِ الحَرَّى، إذا حانَ التلاقي". يستذكر نيازي ما حدث للشعر العراقي في أوائل الخمسينات حينما كان يرى السيّاب جالساً في مقهى من مقاهي الرصافة وهو ساهم بين الجنون والضوضاء، خصوصاً وأن التلفاز كان في بداياته مستقطباً اهتمام المشاهدين المتسمّرين أمام شاشاته العجيبة في ذلك الوقت. في قلب ذلك الصخب كان السيّاب يكتب قصيدة "أنشودة المطر" التي سوف تترك أثراً كبيراً في الشعر العراقي والعربي أيضاً. فهذه القصيدة، بحسب نيازي، فيها وزن لكنه لا يُستعمل وهو بين بحر السريع "مستفعلن مستفعلن فاعلن" وبين الرجز (مستفعلن مستفعلن فعل) "عيناك غابتا نخيل ساعة السحر / أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر". يتساءل نيازي قائلاً: من أين جاء هذا الوزن؟ ثم يتوصل إلى نتيجة مفادها أن السيّاب كان معجباً بالشاعرة الإنكليزية إيديث ستويل وكان الأستاذ المعماري قحطان المدفعي قد عاد في ذلك الوقت من لندن إلى بغداد وجلب معه بعض الأسطوانات المسجّلة بصوت الشاعرة ستويل، ويبدو أن السيّاب كان يسمعها يومياً فاستقرت في ذهنه وتغلغلت في وجدانه: " Still falls the rain"، حينما نشرت هذه القصيدة كأنما أُوحي لكل شعراء العالم بالكتابة على منوالها، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن ما يزال الشعراء يكتبون على هذا الوزن. تتبع نيازي التأثيرات التي وجدت طريقها إلى بعض الشعراء العراقيين مثل السيّاب ونازك الملائكة وحسين مردان وبلند الحيدري والبياتي، وقال بأن السيّاب تأثر بالدرجة الأولى بالشاعر المصري علي محمود طه المهندس، صاحب "أرواح شاردة" و "أغنية الرياح الأربع" و "أغنية الجندول" وغيرها من الإصدارات الشعرية، بينما تأثرت نازك الملائكة بمحمود حسن إسماعيل الشاعر المصري المجدد الذي أصدر العديد من الدواوين نذكر منها "أغاني الكوخ" و "قاب قوسين" و "نهر الحقيقة" كما غنى قصائده كبار المطربين العرب أمثال محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز ونجاح سلام، لكنها انتهت إلى الغيبيات كما انتهى محمود حسن إسماعيل نفسه.
الجحيم الحقيقي والجحيم المُفتعل

توقف نيازي بإعجاب كبير أمام تجربة الشاعر اللبناني إلياس أبو شبكة "1903-1947" الذي يعتبر واحداً من فطاحل شعراء العربية وقد أثرّ في الشاعرين حسين مردان وبلند الحيدري فنقلوا العديد من الكلمات المستوحاة من جحيمه العاطفي فلأول مرة نقرأ في الشعر كلمات مثل الديجور واليحموم والجحيم وقد جاءت ضمن صياغات شعرية رصينة مستمدة في حقيقة الأمر من القاموس الشعري الغني لأبي شبكة. أشار نيازي إلى أن إلياس أبو شبكة قد ترجم ستاً وعشرين رواية فرنسية، وهو شاعر مثقف ثقافة هائلة باللغة الفرنسية. وبما أنه كاثوليكي فإن الطلاق محرّم عليه، ولكنه يحب عشيقته حتى الموت، مثلما يحب زوجته حتى الموت أيضاً. من هنا فقد عاش إلياس جحيماً حقيقياً على أرض الواقع. فحينما يذهب إلى عشيقته يفكر بزوجته، وحينما يذهب إلى زوجته يفكر بعشيقته، وهذا هو الجحيم الحقيقي الذي كان يعانيه. أما جحيم حسين مردان أو بنلد الحيدري فهو جحيم حسي بحسب توصيف نيازي الذي يحترم الشاعرين مردان والحيدري لانه يشعر بالحجم الكبير الذي يفصل بين الجحيم الحقيقي الملتبس بالدين والعقائد والمشاعر الجوانيّة الأصيلة وبين الجحيم المُفتعل والعابر الذي يلامس القشور ولا يغوص في أعماق النفس البشرية. ويضرب نيازي مثالاً في الصدد مقتطفاً المقطع التالي من إحدى قصائد حسين مردان التي قال فيها:" وجلست إلى جانب امرأة بالباص، واتكأ كتفي على كتفها، ونسيت نفسي ولم أنزل من الباص حتى نهاية الموقف". فيما يعتقد نيازي أن موقف إلياس أبو شبكة من الحسيّات هو موقف واقعي ينمُّ عن ضعف إنساني كبير حتى أنه في آخر حياته قال:" رباه عفوك أني كافر جاني / جوّعتُ نفسي وأشبعتُ الهوى الفاني"، بينما كان يقول قبل ذلك:" جمّلي لي الجسد / وأسكبي لي الرحيق / لا تفكري بغد / قد يجي ولا نفيق / ما لنا وللأبد / أن سرّه عميق / الهوى إذا اتقد / كان للبلى طريق / فلنمت يداً بيد / ولنذوّب البريق / بين شهوة الجسد والرحيق". تحدث نيازي عن التأثيرات الأخرى على الشعر العراقي وذكر بأن هناك تأثيرين أساسين وهما شعر ناظم حكمت من جهة و ت. أس. إليوت والشعر الأوروبي من جهة أخرى. وفيما يتعلق بالشاعر التركي ناظم حكمت فإنه يرى بأن عامية اللغة التركية وفصحاها هي واحدة وليس هناك فرق كبير بينهما كما هو الحال بين عامية اللغة العربية وفصحاها، كما أن شعره بسيط، ومواقفه واضحة لا لبس فيها، وحياته اليومية بسيطة، وهو شيوعي، ويتحدّر من أصل صوفي. كل هذه المعطيات هي التي جعلت من شعرية ناظم حكمت خليطاً عجيباً سحرَ القرّاء وخلبَ ألبابهم.

الشعر الصحفي
لقد تأثر البياتي بهذا الشاعر الذي وصِف بـ "الشيوعي الرومانسي" ودار في فلكه الإبداعي لمدة طويلة من الزمن بعد أن تأثر برومانسية الأخطل الصغير. يحاول نيازي أن يصل إلى القول بأن البياتي الذي تأثر ببساطة حكمت وعفويته الشعرية هو أول من كتب الشعر الصحفي بالعراق. وذكّر نيازي الحاضرين بأننا لو ذهبنا إلى المتحف البريطاني لوجدنا ديواناً كبيراً يشتمل على أشعار ابن المعلم، وهو أول شاعر صحفي في العالم العربي كان الناس يتكأكأون على باب منزله كل يوم حتى يقرأ لهم ما كتبه في الليل من قصائد صحفية وهو شاعر مهمل تماماً في الوقت الراهن. وأضاف نيازي في السياق ذاته بأن اليساريين هم أول من اهتم بظهور الشعر الصحفي "المهمل" مُجدداً حتى أن الناقد والمفكر اليساري المصري محمود أمين العالم قد ألّف كتاباً عن الشعر اليساري، وهو بحسب نيازي، شعر تافه وثقيل ينطوي على أشياء صحفية ميتة تموت مادتها كما تموت الصحيفة يومياً. استذكر نيازي حدث تأسيس "دار اليقظة" في أواخر الخمسينات من القرن الماضي التي أخذت على عاتقها نشر الأدب الروسي، وبالذات رواياته العظيمة التي تعود إلى القرن التاسع عشر الأمر الذي أدى إلى تأثر الأدباء العراقيين بالنثر الماركسي، كما كان يسمّى آنذاك، وبالرواية على وجه التحديد فظهر غائب طعمة فرمان وعبد الملك نوري وغيرهما من الروائيين والقصاصين العراقيين. يعتقد نيازي بأن الشعراء العراقيين لا يقرأون النثر إلا لماما، وقال بالتحديد بأن "السيّاب لم يقرأ النثر، وأن بلند الحيدري كان يحرّم قراءة الرواية نظرياً، وأن البياتي لا يقرأ الرواية أيضاً". وحينما قدِمَت الروايات الروسية مع ظهور الموجة الوجودية بدأ الجيل بقراءة النثر فتحولت الأوزان الشعرية من نبرتها العالية إلى شيء خافت حتى قبل ثورة 1958. يرى نيازي بأن ثورة 1958 هي كأي ثورة أخرى ليست نهاية وإنما بداية جديدة في التغيير، وقد وضعت حداً للوضع السياسي الذي كان سائداً من قبل، لكنها لم تؤثر في القضايا الأدبية أبداً، بل أنه يرى أن الثورة البلشفية على عظتمها وحجم تأثيرها الكبير في المجتمع قد أضعفت الأدب قياساً بما أنجز في القرن التاسع عشر، لكنه يعتقد بظهور أدب جديد قد يكون مختلفاً عما اعتدنا عليه في السابق.

الدكتاتورية وخطورة التعريف الواحد
لا يجد نيازي حرجاً في القول بأن عبد الكريم قاسم الذي فجّر ثورة تموز عام 1958 كان حاكماً عسكرياً منفرداً برأيه مثل كل الضباط العسكريين الذين تناوبوا على حكم العراق، ولكن حينما جاء حزب البعث تكرّست ثقافة التعريف الواحد بحسب توصيف نيازي لأن حزب البعث كان يعرِّف الدين والقومية والوطنية تعريفاً واحداً وهنا تكمن الخطورة لأنه لا يقبل بأي تعريف آخر الأمر الذي أفضى إلى تكريس النظام الدكتاتوري الذي حكم العراق بالحديد والنار طوال خمس وثلاثين سنة. وأن الذي حدث خلال تلك الحقبة أن الصراع الذي كان قائماً بين المدينة والقرية قد تحوّل إلى صراع بين المدينة والصحراء أو البداوة بتوصيف آخر. يعتقد نيازي بأن شعراء النجف، تمثيلاً لا حصراً، قد ورثوا الشعر البدوي الذي يمجد القتل والدماء وذكر بيتين للجواهري يقول فيهما:" أرى أفقاً بنجيع الدماء / تنوّر واختفت الأنجم " أو "وطن تشيّده الجماجم والدم / تتحطم الدنيا ولا يتحطم" ويعتقد نيازي أن هذه التوصيفات والثيمات بدوية وأن ابن المدينة لا يتحدث بهذا الأسلوب المغرق في القسوة والدم، وإنما يتحدث بموضوعات مدينية منبثقة عن هموم المجتمع المتحضر مثل أبي نواس الذي عاش في بغداد حينما كانت حاضرة التاريخ، وكانت مضاءة لأول مرة حيث طوّل ساعات النهار وأضاف إليه ساعات أخرى، وظل يلتقي بالمغنين والراقصات والندمان في الليل وهذا هو سر عظمة أبو نواس كما يرى نيازي في معرض تحليله لهذا الموضوع بالذات. يقول نيازي بأن الليل كان مكروهاً عند العرب ولهذا قال الشاعر حندج بن حندج المري: " في ليل صول تناهى العرض والطول / كأنما ليله بالليل موصول" أو قول الشاعر ابن زيدون:" ياليل طل أو لاتطل / لابد لي أن أسهرك / لوكان عندي قمري / مابت أرعى قمرك".

الأدب العضلي
ومن الأمراض الأخرى التي شخّصها نيازي هي الأدب العضلي فحتى السيّاب الذي كان مسالماً قال في قصيدة " النهر والموت":" أود لو أشدُ قبضتي ثم أصفع القدر" بينما لا ترد كلمة الصفع ببال شاعر أوروبي أو الجواهري الذي قال:" وضيِّق الحبل وأشدد من خناقهمو / فلربما كان في إرخائه ضرر". إن خطورة الأدب الصحراوي تكمن في كونه يورث اليقينية ويوحي للشاعر بأنه قوي والآخر ضعيف لهذا يفضي إلى الافتخار بالعضلة. وهذا ما دأب عليه النظام البعثي السابق الذي مجّد الجانب العضلي بشكل غريب. أما النقطة الأخيرة التي توقف عندها نيازي فهي قضية الغرور التي تهيمن على عدد كبير من العراقيين تحديداً، واستشهد بإحدى القنوات الفضائية العراقية التي تُظهر المتنبي وهو يقول:"أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي / وأسمعت كلماتي من به صمم" أو الجواهري وهو يصيح: "أنا العراق" أو السيّاب الذي يقول:" الشمس في بلادي أجمل من سواها / حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن العراق". وجدير ذكره أن الشاعر والناقد صلاح نيازي قد أصدر سيرته الذاتية المعنونة "غصن مطعّم بشجرة غريبة" والتي تعد بحق واحدة من أهم السير الذاتية العربية التي تنطوي على رصد دقيقٍ ومشوّقٍ للأمراض والعِلل الشخصية والمجتمعية. ومنْ يقرأ هذه السيرة المتفردة سيجد أن بعضاً من محاور هذه المحاضرة مبثوثة في متنها ومدروسة بعناية مختبرية فائقة يمكن أن تقلب حياة قارئها رأساً على عقب وتضع خطواته من جديد على السكة الصحيحة لأنه سوف يراجع حتماً سلوكه وطريقة تفكيره المتعالية وسوف يجد أن أولى مراحل العلاج الناجع ستبدأ بالخلاص من الغرور والتطوّس والنفس الديكي الذي هيمن على الشخصية العراقية منذ زمن طويل. وحبذا لو يتْبعُها إلغاء الجانب العضلي أو تحييده في الأقل والاستعاضة عنه بتعزيز الجانب الفكري الرصين بواسطة شحذ العقل وترجيح قوّة المنطق على منطق القوة.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد المنعم الأعسم يتحدث عن ثقافة التسامح
- تحديات الإعلام العراقي في الداخل والخارج
- الصدمات و الكراهية في السياق العراقي
- قاسم حول: -المغني- فيلم متميز في مضمونه وشكله وقيمه الجمالية
- خالد القشطيني يقرأ بعض حكاياته ويوقّع كتابه الجديد -أيام عرا ...
- الواقعية الجديدة في -زهرة- بارني بلاتس
- -حديث الكمأة- لصبري هاشم أنموذج للرواية الشعرية
- أسرار فرقة الدونمه ودورها في المجتمع التركي الحديث (3-3)
- الدونمه بين اليهودية والإسلام . . . مسوّغات العقيدة المُزدوج ...
- الدونمه بين اليهوديّة والإسلام (1-3)
- (اسأل قلبك) للمخرج التركي يوسف كيرجنلي
- مهرجان بغداد السينمائي الدولي مُلتقى لشاشات العالم
- قبل رحيل الذكريات إلى الأبد (3-3)
- السينما الطلابية في العراق. . محاولة لصياغة مشهد سينمائي مخت ...
- (قبل رحيل الذكريات إلى الأبد) لفلاح حسن ومناف شاكر (1-3)
- -فرقةُ القرّائين اليهود- للدكتور جعفر هادي حسن (الجزء الثاني ...
- -فرقةُ القرّائين اليهود- للدكتور جعفر هادي حسن (الجزء الأول)
- فيلم (كولا) ومضة تنويريّة تسحر المتلقي وتمَّس عاطفته الإنسان ...
- الرحيل من بغداد وهاجس المطاردة الأبديّة
- قراءة نقدية في ستة أفلام روائية ووثائقية وقصيرة في مهرجان ال ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - صلاح نيازي يرصد التغييرات التي طرأت على الأدب والفن بعد ثورة 14 تموز العراقية