أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الدين عندما ينتهك إنسانيتنا - لا تلعب معنا ( 29 ) .















المزيد.....


الدين عندما ينتهك إنسانيتنا - لا تلعب معنا ( 29 ) .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3451 - 2011 / 8 / 9 - 13:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


* لا تلعب معنا - الطفولة عندما تغتال على مذبح البراء .
طفل قبطى مصرى ينتقل مع أسرته لمنطقة سكنية جديدة , يطل من نافذة بيته فيرى أطفال فى مثل سنه يركلون الكرة ويمرحون لتنطلق من عيونه نظرات متطلعة مُتلهفة تطلب المشاركة فى لهوهم .. يستقبل الأطفال هذا الإحساس فيدعونه للعب ..ينطلق " مايكل " بفرح على أثر هذه الدعوة ويبدأ يشاركهم ركل الكرة والجرى ورائها ولكن الأطفال يحدوهم فضول طبيعى لمعرفة مع من يلعبون حتى ينادونه .. يتوقف اللعب ويسأله أحدهم ذو أصول ريفية إنت إسمك إيه فيبادر اسمى : مايكل .. يندهش السائل ويقول له يعنى إيه "مايكل" ..هل هو إسم دلع أم إسمك الحقيقى فيجاوبه إسمى الحقيقى "مايكل" ...يلمح السائل سلسلة تتدلى من عنق مايكل يتدلى منها صليب من الجلد وايقونة للعذراء .. ماهذا ؟ هل أنت مسيحى فيجاوب ماركو بالإيجاب..هنا ينتاب الصمت المشهد ليقطعه قرار من الطفل صاحب الأصول الريفية يشهره فى وجه مايكل : أننا لا نلعب مع المسيحيين فهكذا قالت لنا معلمة الفصل لأنكم قليلى الأدب وصايعين .
يخرج الطفل من ميدان اللعب يحمل كل الخيبة والحسرة والألم والخجل ... يرتطم رأسه بأول حجر من أحجار الطائفية فيمزقه لتبدأ أولى مشاهد المعاناة فى فصول النبذ والتفرقة والدونية , ويتكون داخل الصغير أول غلالة من التشرنق والإنعزال .
هذا المشهد حقيقى ومن عشرات المشاهد التى يمكن أن يواجهها القبطى فى حياته بعد إن تلوثت مصر فى الأربعين عاما السابقة بسموم التأسلم والوهابية .
لو تأملنا هذه الصورة وحاولنا أن نتقمص وجدان "مايكل" ونتلمس مشاعره وجوارحه فسنتألم لنفسية هذا الطفل الصغير الذى يشهد أول فصول النبذ والتفرقة والإحساس بالدونية ..ولكننا فى المقابل سندرك أسباب نشوء بذور الطائفية القميئة عندما تبدأ كبراعم تنمو وتكبر وتتوحش .. يمكن من هذا المشهد إدراك سبب حالات التهمييش والإنعزال والتشرنق ونشوء مشاعر التوجس والنبذ التى تنشأ وتترعرع لتزرع الإغتراب والكراهية , وتخلق مناخ لبدايات حقيقية للإحتقان الطائفى وعمليات الفصل العنصرى التى ستأتى بثمارها مر وحنظل فى النهاية .

هذه القصة بالرغم أنها آلمتنى بشدة عندما وجدت نفسى أتقمص إحساس وألم "مايكل" الصغير , لكنى توقفت عند قول مدرسة الفصل التى سممت به أدمغة الأطفال .. فهل هى قرات هذا أم أنها إكتسبت هذه الرؤية من البيئة الثقافية المحيطة وصدرتها لأطفالها لترضعهم النبذ والنفور من المسيحيين ...أكاد أجزم أن معلمة الفصل لم تقرأ حرفا ً واحدا ً من كتب التراث بحكم ضحالة المستوى الثقافى والفكرى لمعلمات المرحلة الأولى الابتدائية بدليل أنه لا يوجد شئ إسمه أن النصارى "عالم صايعة وقليلى الأدب " , ولكنها عبرت عن رؤيتها السوداء من خلال مناخ مشبع بالكراهية و النصائح المسمومة أتت كإفراز لتراث بدأ يجد حضورا ًصدر نفسه من خلال فتاوى بعدم مصاحبة المسيحيين ونبذهم , وجاءت فى الأصل من نبع ثقافة الولاء والبراء.

* المروجون للخراب والكراهية .
مشهد أخر يأتينا من الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين وهو من أكبر علماء الإسلام بالمملكة السعودية ليدلى بفتاويه إستجابة لأسئلة الحائرين الذين لا يعلمون كيف يتعاملون مع الآخر وكأن هذا الأمر به لوغاريتم أو بعيد عن الفطرة الإنسانية .!
- سؤال : كيف يتعامل المدرس المسلم مع الطالب النصراني أو اليهودي أو غيرهما من أهل الأديان الباطلة، كما هو الحال في بعض البلاد الإسلامية، وفي هذه البلاد كما في بعض المدارس الأهلية، ولا سيما في مادة القرآن الكريم وعند أداء صلاة الظهر جماعة في مسجد المدرسة؟ وهل يبين المدرس للطلاب المسلمين أنه كافر حتى يحذروه ولا يستغربوا ذلك منه؟ وهل يحاول معه مرارًا لدعوته للدخول في الإسلام؟
# عبد الله بن جبرين : يفضل عدم قبوله في المدارس الحكومية !!، إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فإن استلزم الأمر قبول أحدهم فإنه يربى في صغره على محاسن الإسلام وتعاليمه، وفي مادة التوحيد يشرح له حال الكفر ومنه الدين الذي يدين به، ويبين بطلان كل الأديان المخالفة للإسلام وما فيها من التناقضات والمخالفات والأخطاء الظاهرة؛ رجاء أن ينطبع في فكره فضل الإسلام ونسخه للأديان الأخرى لما فيها من التحريف والتبديل، فإن أصر على كفره ولم يتأثر بالدعوة مع تكرارها ومرور السنوات عليه فلا بد من إهانته وإذلاله، ومعاملته بما يجب أن يعامل به الكفار الذميون، كما قال الفقهاء: إنه لا يجوز تصديرهم في المجالس، ولا القيام لهم، ولا بداءتهم بالسلام، أو بكيف أصبحت، أو كيف حالك، وبعد تسليمهم يرد بـعليكم، ويمتهنون عند أخذ ما يطلب منهم، ويطال وقوفهم، وتجر أيديهم. ويمنعون من إظهار شعائر دينهم كالخمر والخنزير، ومن مس المصحف ولو لدرس القرآن؛ لأنهم نجس، ومن دخول مساجد المسلمين؛ لقوله -تعالى- إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وإذا كان الطلاب ممن يخالف في الإسلام أو في العقيدة، كالرافضة والصوفية، فإنهم يلزمون بالصلاة مع الجماعة، سيما وقت الدوام والدراسة، ولا يمكنون من التخلف أو من الصلاة وحدهم، ولو اعتقدوا كفر من سواهم كما عند الرافضة، كما أن على المدرسين أن يحذروا الطلاب عن الانخداع بأولاد الكفار من النصارى والبوذيين والهندوس، وكذا المبتدعين كالروافض والقبوريين والبعثيين والحداثيين والعلمانيين والصوفيين، وكل أهل النحل المخالفة لمعتقد أهل السنة، حتى يحذروا من الإصغاء إليهم والسماع لشبههم، وحتى يعاملوا أولئك الكفرة بالاحتقار والإهانة والإذلال الذي هم أهله، والله أعلم.

شيخنا يفضل عدم دخول أطفال اليهود والنصارى والوثنيين للمدارس الحكومية تحت دعوى أنهم نجس .!!..هكذا بجرة قلم .!ولنصطدم بأولى مفردات العنصرية والقسوة علاوة على ما تعنيه كلمة " نجس" من دونية وإحتقار ..شيخنا يرى أيضا أن الأطفال المسيحيون إذا ظلوا على كفرهم فيجب إذلالاهم وإهانتهم ويطال وقوفهم وتجر أياديهم !!.. ماذا نتوقع من طفل مسيحى يوصف بالنجاسة ويسمع ويشاهد هذا الإذلال ..ألا نصل به إلى الإبتعاد والتشرنق من هكذا وسط يستقصيه ويذله ..ألا نكون قد بذرنا أولى بذور الكراهية والشقاق فى الجانبين لنحصد فى المستقبل المر والحنظل .

- سؤال آخر : هل تجوز مصافحة الكفار وأن نبدأهم بالسلام؟ وإذا سلموا علينا فكيف نرد عليهم؟
# عبد الله بن جبرين : الكفار والمشركون من يهود ونصارى ووثنيين ودهريين كلهم نجس كما أخبر الله فلا يجوز إكرامهم ولا احترامهم ولا تقديرهم في المجالس ولا القيام لهم ولا بدائتهم بالسلام أو بكيف أصبحت أو أمسيت لقوله صلى الله عليه وسلم لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه وإذا سلموا علينا فإنا نقول وعليكم ، ولا تجوز مصافحتهم ولا معانقتهم ولا تقبيل أيديهم. والله أعلم.

مازال شيخنا يؤكد وصفه للكفار والمشركون من اليهود والنصارى والوثنيين بأنهم أنجاس وحقيقة هذا الوصف لم يأتى به من لدنه ولكنه إستقاه من القرآن !..ولنسأل ثانية ما معنى كلمة " نجس "؟..فهل يوجد سبب بيولوجى يمنح الإنسان النجاسة أم هى فى النهاية تصدير لمعنى عنصرى قمئ يُنعت به الإنسان كونه خارج عن الإيمان الإسلامى .!
ولنسأل سؤال برئ أخر : ماهى علاقة أنه غير مؤمن بعدم إكرامه وإحترامه ومبادلته السلام ؟!..ماذا يضير فى هذا الامر ؟! ..هل سيتقوض الإيمان وينهار من فعل المصافحة أم أننا أمام ممارسة عنصرية مُتعالية مُشبعة بكل الكراهية والإزدراء .!!
نلاحظ أيضا ً بأن شيخنا لا يبدع فتوى وفكر من وحى خياله بل هو يتكئ فى حديث لرسول الإسلام بعدم مبادأة اليهود والنصارى السلام بل وإجبارهم على السير فى أضيق الطريق .!

شئ غريب أن تمد الهمجية والعنصرية يدها لتطال أطفال صغار تمارس عليهم ساديتها وكراهيتها العمياء الغبية .!!.. ولكن السواد فى هذه الفتوى أن النار لن تنتج إلا نار تأكل نفسها ..فهاهى الدوائر تدور لتحرق العنصرية أصابعها فلا تتحمل المسلم خارج الإطار السنى !..فشيخنا المبجل يصدر الكراهية والعنصرية للشيعة والصوفيين لينالوا حظا ً من البغض والإحتقار والمهانة ...شئ غريب هذا التراث الدينى .!!

الشيخ بن جبرين لا يفتى من مزاجه أو من خلال حالة نفسية أو مزاجية تعتريه فهو عالم إستقى فكره وعلمه من تراث يُصدر هذا المنهج وما عليه سوى أن ينقله لنا ..هو يعطينا إطلالات عن فقه الولاء والبراء الذى يوصف فى التراث بأنه من أعمدة الإيمان .!

* الولاء والبراء .
هناك ترسانة من الأيات التى تؤسس لفقه الولاء والبراء والذى يعتبرها علماء المسلمين أنها من أركان الإيمان والتوحيد .!!
معنى الولاء : هو حُب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم ..أما البراء : هو بُغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ، من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق .
الولاء هو إبداء الحب والصفح والولاية للمؤمن فى العقيدة , والبراء هو إبداء الكراهية لغير المؤمن ..نعم المؤمن مُكلف فى تصدير الكراهية للأخر وإظهارها .!!

حسب الفهم الإسلامى فإن الولاء والبراء ركن من أركان العقيدة وشرط من شروط الإيمان !! ..وإن تغافل عنه الكثير من الناس وأهمله البعض فاختلطت الأمور وكثر المفرطون فى إيمانهم .!!.. هذا ليس برأى أو إجتهاد أو إختيار لك فى محبتك للمؤمن و كراهيتك للكافر فهو صلب العملية الإيمانية .!!!
تعالوا نرى كيف أن ممارسة الود للآخر والبعد عن كراهيته وبُغضه يجعل المسلم يدخل فى الكفر !!..نعم يخرجه من إيمانه ويُلقى به فى أتون نار الجحيم كونه تواد مع كافر ولم يمنحه الكراهية والبغضاء .!!
رَوى أحمد في مسنده عن البراء قال : قال رسول الله : ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله )!!!
أنه بتحقيق هذه العقيدة تنال ولاية الله ، كما روى ابن عباس قال : ( من أحب في الله وأبغض في الله ، ووالى في الله وعادى في الله ، فإنما تنال ولاية الله بذلك ) .!
لك أن تعلم أن عدم تحقيق هذه العقيدة قد يدخل في الكفر ، قال تعالى : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) .!

{ لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم }
هذه الآية تُخرج المؤمن من إيمانه لمجرد أنه يحمل بعض الود لغير المؤمن وتصل الحدة إلى سقفها الأعلى لتشمل الأباء والأبناء والأخوة وكما قال البغوي : " أخبر أن إيمان المؤمنين يفسد بموادة الكفار وأنّ من كان مؤمنا ً لا يوالي من كفر وإن كان من عشيرته "!!! .. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " أخبر سبحانه وتعالى أنه لا يوجد مؤمن يواد كافراً فمن واد الكفار فليس بمؤمن " .!!!
إذن نحن لسنا أمام إجتهاد للشيخ بن جبرين فى التعامل مع الآخر الغير مؤمن ولا رؤية ساذجة عبيطة لمعلمة الفصل التى ذكرت أن المسيحيين "صايعين" ..ولكننا أمام منهج يؤسس للكراهية والنبذ .. فبمجرد أن هذا لا يؤمن بالله ورسوله فقد إستحق الكراهية وحتى لو كان يؤمن بالله وليس بالرسول فهذا أيضا ً مُدعاة لبُغضه وكراهيته وعدم تقديم أى ود إنسانى له لتشمل عدم موادته ونبذه وتصدير الكراهية والبغض له بل معاملته بقسوة وإحتقار ودونية .
بالطبع عندما تزرع منهج كراهية وتؤسس له فلن يقف عند حدود فستمتد دوائر الكراهية السوداء لتحرق أصابعها فتشمل الإبن والأب والأخ .. لذا لا تسأل عن سر هذه القسوة المُفرطة التى يتعامل بها السلفيون مع ذويهم .

- آيات إضافية ..
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور } .
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض }
نلاحظ هنا تحذير شديد اللهجة من الله بعدم الموالاة مع توعد شديد اللهجة بقوله : { ومن يتولهم منكم فإنّه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين }
فجعل الموالاة لغير المسلم بإنضمامه للكفار والقوم الظالمين !!..و قال بعض المفسرين : " فيه زجر شديد عن إظهار صورة الموالاة لهم وإن لم تكن موالاة في الحقيقة " ..وفى أقل الأحوال الآية تقضي بتحريم موالاة أعداء الله تعالى وإن كان ظاهرها يقتضي كفر من تولاهم ولهذا روي عن حذيفة أنه قال : ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر وتلا هذه الآية .!
كما روى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري قال : " قلت لعمر رضي الله عنه إن لي كاتبا ً نصرانيا ً قال : مالك قاتلك الله أما سمعت الله يقول : { ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض } ألا اتخذت حنيفاً ؟ .. قال : قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه . قال : لا أكرمهم إذا أهانهم الله ولا أعزهم إذا أذلهم الله ولا أدنيهم إذا أقصاهم الله .!!

إذن ماذا بعد كل هذا الفيض من الآيات !!..أننا أمام دعوة حادة وقاطعة بعدم التواد والتراحم والمحبة مع الآخر , بل تصدير كل الكراهية والبغض له فقد أصبح البغض ليس شئ يريده الله فحسب بل سيخرج من يُمارس المودة مع الآخر من الإيمان و يجعل مصيره الجحيم والعذاب الأليم كونه جعل الآخر يمسك له بعض دفاتر الحسابات أو قال له نهارك سعيد .
ماذا سيحدث للمسلم من معاملة الآخر بإنسانية ومحبة إذا كان يبادله نفس الشعور ..هل سينتقص هذا من إيمانه ويقينه ..أن تقول لجارك صباح الخير فيرد عليك بمثلها فهل هذا سيجعل الإيمان ينهار فى داخلك وتفقد فيه إسلامك .. وهل سينزعج الإله الجالس على عرشه من مجرد مشاعر وعلاقات إنسانية ودودة .!

هذا يقودنا للأسف لنسف أى حجر تؤسس لفكرة المواطنة بين أبناء الوطن الواحد ...فلا يوجد شئ إسمه مواطن يختلف عنى فى الإيمان وأسمح لنفسى أن أتواد وأتعاون وأتشارك معه حتى لو كان يحمل لى الخير والود ..كما لن أسمح لنفسى أو أسمح له بأن يكون وليا ً وقائدا ً مهما كان هذا العمل بسيطا ً وتافها ً , أو كان يمتلك من الكفاءة والخبرة والأمانة الكثير تؤهله لذلك .

نكرر سؤالنا مرة أخرى لما هذا الإنزعاج الشديد الذى يصل لحد الخروج من منظومة الإسلام للكفر فى أن أتعامل بإنسانية مع جارى الغير مؤمن ..ماذا يُضير المسلم أن يتعامل مع الآخر بود ومحبة طالما هو إنسان يمتلك النبل والأخلاق .. وماذا سينال من المسلم عندما يجد كافر أو ذمى أو ملحد يدير عمله بمهارة وكفاءة وأمانة ..فهل سيتحطم إيمانه ويرتد عن دين الإسلام ؟!.
ياسادة نحن ببساطة نؤسس لمجتمع عنصرى تُمارس فيه العنصرية بكل بشاعتها وقسوتها .

أنا أقول لكم السبب وقد تعرضت له فى مقالاتى عن " لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون " بأن العقائد تمثل مشروع هوية إجتماعية لها مشروعها السياسى وطموحاتها الطالبة للتواجد والهيمنة والتوسع , ونرى الإسلام حالة مثالية لتأكيد هذه الرؤية فهو لديه مشروع سياسى يبغى التحقيق ولن يتحقق إلا بعمل عسكرى يتم فيه تجييش الجماعة الإسلامية وتعبئتها للمواجهة التى لن تطلب هنا اللين والمودة للآخر بل تصعيد الشحن والبغض له لتحقيق النصر .
إذن نحن أمام مشروع مواجهة مع الآخر يؤطر لمشروع تعبوى وهمى يضمن الولاء والإنتماء والفاعلية داخل الجماعة المؤمنة .. لذا تجد الإسلام المؤدلج لم يترك منظومة فكرية إلا وعادها ليوسمها بالصهيونية والصليبية والإلحادية ..إنه يخلق معركة دائمة وحية و يحاول جاهدا ً إستحضار التاريخ القديم لتفعيل العداوة بالرغم من تجاوز العصر لملابساتها .
الإسلام مشروع سياسى يقوم على تجييش الجماعة الإسلامية وتعبئتها فى مشروع قتالى لا ينفع فيه ممارسة الود والموالاة للآخر بل تصدير الكراهية والبغض لخلق مناخ تعبوى فيأتى البغض فى الله من دعائم الإيمان ! ..وتكون الكراهية والبغض والنبذ هى حجر الزاوية الذى يتأسس عليه مشروع العداوة .

للأسف هذه الرؤية ستخلق مناخ من التوجس والقلق فى وجدان غير المسلم عن كل ماهو إسلامى ..فهو يرى المسلم كاره وباغض ونابذ ومستنفر من الآخر لأن إلهه حثه على ذلك فسينتج بالضرورة مناخ من الحيطة والحذر والتوجس تتكلل فى النهاية إلى مشاريع كراهية ضد المسلم تتحفز له ..لقد بدأ الآخر يسأل سؤاله الشهير " لماذا يكرهوننا " وبدأ التفتيش فى هذا التراث الذى يتم إستحضاره ..لقد وجد المتعصبون فى الغرب المناخ ليتواجدوا ويعلنوا كراهيتهم للإسلام والمسلمين .
الكراهية والبغض فى الله لن تنتج عسل وشهد بل حنظل ومر ..ولن تستطيع أن تقف عند سقف محدد طالما نار الكراهية إشتعلت وتأججت فسنجد فى النهاية إرهاب وحرق للبشر وذبحهم من الوريد للوريد .. وإرهاب مماثل قد يكون أشد وطأة .

لا أعلم ماذا أقول عن الجهل ..فيبدو أن الجهل نعمة فى بعض الأحيان !!.. فالذى أستطيع أن أؤكده أن غالبية المسلمين لا يعرفون شيئا عن فقه الولاء والبراء ,لذا هم يتعاملون مع الآخر وفقا لرؤية انسانية إكتسبوها من واقع يطل عليهم بإطلالات حضارية سواء كانت مُكتسبة من حضاراتهم الموغلة فى القدم أو بتأثير الحضارة الغربية على واقعهم .. وبالطبع هناك فئة من المسلمين تشبعت بالتراث نتيجة إحباطات الواقع فإرتموا فى ثقافتهم القديمة تجتر منها لتتجاوز يأسها وحنقها على مجتمع همشها لتتدرج فى تعاملها مع الآخر من الحذر والتوجس لتصل للنبذ فالكراهية فالعنف , ليكون هكذا منهج فيتم الإنجذاب لكل ما هو عنيف وحاد من خلال فتاوى جاهزة لشيوخ حظوا على درجة من التواجد والشهرة فى واقع متخلف وفى ظل نصوص متواجدة وصريحة تم إستدعائها .

بقدر ما النصوص مُشبعة ومُشجعة على ممارسة الكراهية فلا أعتقد أن الميل للكراهية للآخر تجد حضورا ً كبيرا ً فى العالم الإسلامى فالحضارة والمدنية والتاريخ الطويل الطيب بين أبناء الوطن الواحد ستحول دون أن تجد لها حضور .. ولكن كل خشيتى تكمن فى أن الإحباطات السياسية والإقتصادية التى يواجهها الإنسان العربى ستجعله ينفث طاقة غضبه وكراهيته فى الإتجاه الضعيف الذى أمره الله أن يبغضه فيكون هنا أفرغ طاقة كراهيته بعيدا ً عن السلطة والنظام والطبقات المُستغلة التى تمتلك أنياب ومخالب تطبش به إن فكر الإقتراب , كما تمنحه مظلة شرعية فى ممارسة العداء فقد حقق الإيمان كما ينبغى .. ولعل هذا يفسر لنا تصاعد التيار الإسلامى الوهابى فى عصر الحداثة فهو تعبير عن حالة مجتمع مُحبط مُقهور يبحث بجهله عن وسيلة لتنفيس غضبه ... وللأسف بدأت ظلاميته تنتشر .

مقاومتنا لهذا التيار الظلامى يبدأ بأن نحتضن " مايكل " ليلعب مع أطفالنا ليشاركهم مرحهم ولهوهم البرئ .
دمتم بخير .

- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكمت المحكمة ( 3 ) - القصاص فى الشريعة بين القبول والإدانة .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 28 ) - رخصة للنكاح .
- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ( 14 ) - إشكاليات العقل الدينى وطر ...
- تأملات وخواطر فى الله والدين والإنسان ( 14 ) - أفكار مدببة
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 7 ) - إشكاليات منطقية ف ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 11 ) - يوم القيامة بين ال ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 10) -الصلاة فعل تواصل أم ...
- تأملات وخواطر فى الله والدين والإنسان ( 13 ) - البحث عن معنى ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (27) - الحنين لدهاليز وكهوف الما ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 9 ) - الوجود بين العشوائي ...
- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ( 13 ) - علاقات الإنتاج كخالقة وحا ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 11 ) - إنهم يصفعوننا ...
- الأديان بشرية الهوى والهوية ( 1 ) - خرافات الأديان . جزء أول
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 26 ) - أطفالنا فى الجنه وأطفال ...
- تديين السياسة أم تسييس الدين ( 7 )- الإسلام السياسى رؤية سيا ...
- نحن نخلق آلهتنا ( 12 ) - نحن نجسد آلهتنا من دم ولحم وأعصاب و ...
- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ( 12) - الدنيا من غير حب ما تتحبش ...
- نحن نخلق آلهتنا ( 11 ) - وهم الجَمال والله يحب الجَمال ويستح ...
- تديين السياسة أم تسييس الدين ( 6 ) - الأديان كثقافة وميديا ل ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 8 ) - الإنسان بين وهم الش ...


المزيد.....




- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الدين عندما ينتهك إنسانيتنا - لا تلعب معنا ( 29 ) .