أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعيد رمضان على - مصر، بين الحواة والمهرجين














المزيد.....

مصر، بين الحواة والمهرجين


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 3450 - 2011 / 8 / 8 - 17:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



توهجت مصر فجأة في ظلام الليل، ورمى القدر العجيب ثورتها في أحضانها، وبدا أن هناك أسطورة تتشكل في الأفق، أسطورة من النضارة والحيوية، رسم حروفها الثوار وهم يجوبون مصر رافعين أعلامها التي ترفرف بجلال في الهواء الطلق، وكان كل فجر يأتي .. يأتي متوهجا بالأمل، حاملا معه الندى، ونور يسطع على الدنيا.. نفس النور الذي سطع على أرضنا ، من خمسة ألاف سنه .. نور الضمير والأخلاق الذي أخمد أنفاس القوة الوحشية التي حاولت السيطرة على العالم .. وكان بمقدورنا- جميعا- ان نعمل بجهد لإنماء الثورة، بحيث تصبح من القوة لتحريك مصر ناحية الدولة العظمى، بمدن زاهرة بعدل وأخلاق وضمير ..
لكن ذلك تراجع .. أن الأمل الذي سطع بقوه وانعقد على النضال .. أصبح مسكونا بهواجس ومسكونا باتهامات وصغائر ..كأن كل الجثث القديمة طفت فجأة على السطح .. لقد حطمنا بضربة لاتتكرر في الزمان مرتين الديكتاتورية .. لكننا دخلنا عبودية الانتقام وعبودية التحقير وعبودية دينية وبوليسية وسياسية .. – فعلنا ذلك بأنفسنا ونحن مبصرين، وأي ثورة لايمكن ان تعفى نفسها من المجهود الخلقي، والا حكمت على نفسها بالدمار .. أقول ذلك لأن الثائر والمعترض على الثورة كلاهما لأسفي قد انحدر للحضيض.. عبر اتهامات وتخوين وسباب قبيح انتشر وطغى .. ولا اعلم ، هل انقضت الفرصة لإنقاذهما من هذا الانحطاط ،الذي ترديا في مهاويه .. أن الثورة لها قيمة سامية.. والمفترض أن ترفع بالإنسان إلى المستوى الراقي الخلقي.. فتكون القضية الأخلاقية أولا .. لأن القضية الأخلاقية وتحوى العدالة الاجتماعية والحرية وغيرهما ، هي التي قادت الإنسان طول تاريخه ليقوم بثورته .. وقد عانينا في عصر مبارك فعلا .. معاناة رهيبة في الفقر والانهيار الخلقي الذي أدى للفساد في كل جوانب الحياة، مع القهر والمعتقلات .. لكن حسنى مبارك سقط ، ووجهت له اتهامات ، على أثرها اقتاد لمحاكمة ودخل القفص كمتهم .. وفى هذه اللحظة كان علينا التوقف .. وترك الأمر في أيدي القضاة .. وأن ننتظر النتيجة .. مدركين ان الله الذي أسقطه لن يتركه .
وما اقصده بالتوقف، هو عمليات الشماتة والتحقير والاستهزاء .. فكلها لا تعبر عن قيم خلقية حقيقية .. بل عن صغر نفس ولؤم .. لقد دخل حسنى مبارك القفص وتلك مذلة له .. أما دخوله مع أولاده فهو مذلة أكبر .. والإمعان في إذلال رجل أصبح بلا قيمة ، هو فعل ليس من الأخلاق في شيء .. سيقال انه لا يشعر بالمذلة .. ولو عرف معنى العار لانتحر من زمان .. سأقول أن تلك الأمور تخصه وحده، لا تخصنا .. وما يخصنا أخلاقنا نحن .. تلك هي التي تمنحنا قيمتنا الإنسانية على مر الزمان، فهل نفقدها لنؤكد صغر نفوسنا .. ونترك الحقد واللؤم ينتصر .. حقا سوف اشعر حينها بأن الثورة انهزمت بهزيمة قيمها الأخلاقية .
وهاهو ذلك يظهر بكثرة ظهور الحواة والمهرجين، وانتشارهم في كل مكان، ولا يوجد واحد من بينهم خصم للنظام البائد أو حتى خصم للثورة .. هم بلا هوية ولا مبدأ .. يعبرون عن ارتداد عميق للوطنية .. إبداعهم الوحيد كحواة ومهرجين، هو اللعب خارج ثقافة الأمة وتدمير هويتها ..!!
أنهم متواجدين بشكل دائم ، لكنهم ليسوا هنا وليسوا هناك .. ان وجودهم شبحي .. لخلوهم من مبدأ القيم والوطنية .. ومع ذلك فهم يؤججون الصراعات الراهنة التي تنذر بالتفكك .. وهو ما يغرى بإظهار القوة لا السياسة .. قوة لا تعرف سوى لغة واحدة.. لكن الحوار يختفي منها .
وفى ظل هذا التشرذم أصبح الوطن قلقا والمواطن متشككا ،تتقاذفه حركات تحاول اللعب بمصيره .
ان الوطن، ذلك المفهوم الأرحب والمتسع، والذي يدل على قيمة الهوية وأصالتها .. أصبح معرضا لانقسامات وبدأت تناوشه في العلن مفاهيم متخلفة تملأ وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت .. مما ينذر بتهديد خطر وانقسامات قبلية وعشائرية وطائفية .. والحماية الوحيدة ممكن ان نجدها في الهوية التي يحاولون إفقادنا إياها .. محاولين تجريعنا سم بلا دواء .
أن علينا أن لا نهرب من مصيرنا .. ومصيرنا موجود في هذا الوطن .. مصر .. انه هويتنا
والمركب الذي نبحر في رحلة حياتنا فوقه ..وعلينا جميعا ان نتحمل مسئولياته .



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناء، استراتجيات وخفايا
- سيناء تدفع ثمن الإهمال
- ملامح القهر والرفض في قصص سعودية
- الجسور الفلسطينية
- الحرب الأهلية بدأت بمصر
- تراث السلاطين في حكم الشعوب
- الثورة والسلاحف
- الثورات، وبهاء لحظات الميلاد
- ميادين التحرير
- تبرئة حسنى مبارك
- 8 يوليو وتصليح المسار
- صمت الليل – الجزء الأول
- صمت الليل – الجزء الثاني
- البدو
- الدستور بين المواطنة والدين
- فشل الثورة المصرية
- حق الإضراب والقمع التنموي
- حق إسرائيل في الغاز، وحق مصر في الكلام
- الدستور، البيضة أولا أم الفرخة ؟
- ديكتاتورية الديمقراطيين..!!!


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعيد رمضان على - مصر، بين الحواة والمهرجين