الخارجية الاميركية تعلم العراقيين اصول الكلام : هزلت ورب الكعبة

حسين كركوش

الحوار المتمدن-العدد: 232 - 2002 / 8 / 28 - 03:53
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 

 

اذاعت وكالات الانباء هذا الخبر : قال المتحدث باسم الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر ان 17 من عناصر المعارضة العراقية البارزين المقيمين في الخارج سيتلقون هذا الاسبوع تدريبا لمدة اربعة ايام في وزارة الخارجية الاميركية على كيفية عرض قضيتهم ضد الرئيس العراقي صدام حسين. وتتضمن الدورة التدريبية توجيهات بشان كيفية الظهور في مقابلات تلفزيونية وكيفية كتابة المقالات للصحف. وينصب التدريب في الدورة على التقنيات الاساسية في ميدان التلفزيون , من الاحتفاظ بالرأس مرفوعا وعدم التعلثم ومواجهة الكاميرا عند الحديث , الى جانب الكتابة باسلوب واضح وصادق .

 

هذا الخبر ليس من كتاب القيرواني ( جمع الجواهر في الملح والنوادر ) , انما هو , كما يرى القاريء , ( جوهرة ) من جواهر , السيد ريتشارد باوتشر الناطق باسم الخارجية الاميركية.

 

ولأن باوتشر لم يقرأ , كما يبدو ( للعراقيين على الاقل ) , ملح ونوادر القيرواني , فنحن نورد له هذه النادرة عساه يدخلها في فقرات برنامج دورته التدريبية لتعليم اهل العراق , اصول الكلام:

 

( دخل رجل من اهل العراق الشام في ايام عبد الملك في حوائج له , فحجب عنه ( لم يستطع الدخول بمفرده ) , فدخل في غمار الناس , فقال عبد الملك لجلسائه : ما معنى قول الشاعر:

 

إذا ما المواشط باكرنها / واتبعن بالظفر وحفا طويلا

تخذن القرون فعقلنها   / كعقل العسيف غرابيب ميلا

 

يصف شعر امرأة.

 

فسكتوا عن آخرهم. فقال العراقي لرجل من اهل الشام له بزة وهيئة : أرأيتك إن اخبرتك بمعناه وحصل لك الحظ عند أمير المؤمنين أتقربني منه حتى أسأله حاجتي ؟ فقال : لك ذلك . قال : إنما يصف البطيخ , فوثب الشامي , وقال ذلك , فافتضح وانقلب المجلس ضحكا. فقال له عبد الملك : من أين لك هذا العلم؟ فقال : هذا العراقي ابن اللخناء ( شتيمة تعادل اليوم ابن الكح... )قال لي ذلك . فقال عبد الملك ( للعراقي ): ما أدخلك ؟ اذكر حاجتك؟ فذكرها فقضاها له وقال : أخرج من الشام لا تفسدها علي بمجاورتك.)

 

والقيرواني , يا سيادة الناطق باسم الخارجية الاميركية , يروي , ايضا , هذه الأملوحة , نوردها نحن بدورنا , عسى ان تضعها هي الاخرى في برنامج الدورة التدريبية لتعليم الكلام للعراقيين.

 

تقول الأملوحة , وهي كما ذكرنا لك , من اماليح كثيرة , ان رجلا اتى نخاسا ( لم نشرح كلمة النخاسة , لاننا لا نشك بقدراتك اللغوية  يا سيادة الناطق , ) فقال : اشتر لي حمارا ليس بالصغير المحتقر , ولا الكبير المشتهر , إن أشبعته شكر , وإن أجعته صبر , وإن خلا الطريق تدفق , وإن كثر الزحام ترفق , لا يصدم بي السواري , ولا يدخل بي تحت البواري , إن ركبته هام , وإن ركبه غيري نام. فقال له النخاس : أنظرني قليلا , فإن مسخ الله ابن أبي ليلى القاضي حمارا أشتريته لك.)

 

ولأن الدورة التدريبية ( اظنها بدأت اليوم الثلاثاء ؟ ) ستركز على تعليم العراقي , كيفية ( الاحتفاظ بالرأس مرفوعا , وعدم التأتأة , ومواجهة الكاميرا عند الحديث ), فنحن لا نقدم لك املوحة , هذه المرة , وانما واقعة حقيقية , عاشها رجل منا, أعمى البصر ( وليس البصيرة , يا سيادة الناطق ( وارجو ان تعرف الفرق بين المعنيين ) , يدعى ( ابو العيناء ).

 

قال ابو العيناء ( والعهدة عليه وحده , فأنذاك لم تكن نيويورك تايمز قد ظهرت بعد , ولا نيوزويك , ولا CCN ولا الجزيرة , ولا ... ) : كان عيسى بن فرخان شاه ( وهذه اسماء لا تتوقف عندها كثيرا , يا سيادة الناطق , انما خذ اللب , ان كنت تعرف ) يتيه علي في ولايته الوزارة ( عدنا ثانية الى الوزارة , يا سيادة الناطق ) , فلما صرف رهبني ( أي خاف منه ) , فلقيني فسلم علي فأحفى ( بالغ في السلام ). فقلت لغلامي ( لان ابي العيناء اعمى البصر , وليس البصيرة , كما اوضحنا توا, يا سيادة الناطق ) : من هذا ؟ قال : أبو موسى , فدنوت منه وقلت : أعزك الله , والله لقد قد كنت أقنع بإيماءك دون بيانك , وبلحظك دون لفظك , فالحمد الله على ما آلت اليه حالك, فلئن كانت أخطأت فيك النعمة , فلقد أصابت فيك النقمة, ولأئن كانت الدنيا أبدت مقابحها بالإقبال عليك, لقد اظهرت محاسنها بالانصراف عنك , وللله المنة إذ اغنانا عن الكذب عليك , ونزهنا عن قول الزور فيك , فقد والله أسأت حمل النعم, و ما شكرت حق المنعم , فقيل له ( لابي العتاهية ) : يا أبا عبد الله , لقد بالغت في السب , فما كان الذنب ؟ قال : سألته حاجة أقل من قيمته , فرد عنها بأقبح من خلقته) .

 

وربما تعترض, يا سيادة الناطق باسم الخارجية الاميركية , على مثال ابي العيناء ( عفوا , تعمدت ان لا اذكر لك ان ابا العيناء عاش في العصر العباسي , لاني اعرف انك ستقول : وما الفرق , فتاريخ الشعوب هو نفسه )   الذي اوردناه , وتقول : هذا اعمى ,  لا يقدر اهمية الكاميرا , ونحن نريد عراقيين يتعاملون مع الكاميرا. وهذا قول حق , لكني اوردت  مثال ابي العيناء , لان الدورة التدريبية تركز على كيفية بقاء الرأس مرفوعا , ولأن الرواة يذكرون ان ابا العيناء قال كل ذلك دون ان يتأتأ. 

 

لم نذكر لكم , يا سيادة الناطق باسم خارجية اميركا , بعض النوادر عن قوانين حمورابي  و مسلته, او تلك النوادر التي تتحدث عن القضاة بعد الفتح الاسلامي , , لسبب بسيط هو , ان ندوتكم مخصصة لتعليم العراقيين اصول الكلام , وليس اصول القانون.

 

ولاننا بدانا حديثنا معكم بنادرة , فالافضل ان نختمه بنادرة , ايضا , ودائما عن ابي العيناء , إذ قال المتوكل لأبي العيناء : ما تحسن ؟ قال : أفهم وأفهم ( واترك لك , يا سيادة الناطق باسم خارجية اميركا , ان تضع حركات الاعراب على المفردتين ).

 

واذا لم يسعفك الوقت , واعرف انه لن يسعفك , فاتمنى ان نلتقي واياك في عراق الغد لنشرح لك الفرق , بالقرب من أسد بابل , او ملوية سامراء أوجامع الخلفاء , او الزقورة , اوقلعة اربيل , او في الحظر , او في اور , أو في الانبار , او في الكوفة , او عند سوق الوراقين ببغداد , او بالقرب من حائط المدرسة النظامية او المستنصرية , او في نينوى , او في أي مكان تشاء من ارض العراق , لكن شرط ان لا تهدم صواريخ توما هوك هذه الاماكن التي ذكرتها لك , وان لا يترصد السائرين عليها من العراقيين , عسس صدام حسين ورجال شرطته.

 

وختاما , نقترح عليكم , يا سيادة الناطق باسم خارجية اميركا , ان تأمروا تلاميذكم ان يردد كل واحد منهم خمس مرات , بعد انتهاء ايام الدورة التدريبية  واجراءات حفلة التخرج , هذه الاضمامة الشعرية للشاعر صريع الدلاء , وهي اشعار يعتبرها البعض منا , وصفة مضمونة النتائج لمكافحة التأتأة :

 

من لم يرد أن تنتقب نعاله / يحملها في كفه إذا مشى

من اكل الفحم يسود فمه   / وراح صحن خده مثل الدجى

من صفع الناس ولم يدعهم / أن يصفعوه فعليهم اعتدى

من اكل الكرش ولا يغسله/ سال على شاربه منه الخرا

والذقن شعر في الوجوه نابت / وإنما الاست التي تحت الخصا

فاستمعوها فهي أولى لكم / من زخرف القول ومن طول المرا

 

 

نسال الله حسن العاقبة للعراق واهله , ولكم ولشيطانكم صدام سوء المنقلب في الدنيا والاخرة , بسبب هذه ( البهذلة ) التي جعلتنا ( فرجة ) للعالم اجمعين.

 

 

حسين كركوش

 

 

#حسين_كركوش (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات