الوضع السياسي في العراق واجتماع قادة الكتل السياسية يوم 2 من اغسطس الجاري

سامان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 7 - 15:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

حوار سايت الحزب مع سامان كريم سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي حول: الوضع السياسي في العراق واجتماع قادة الكتل السياسية يوم 2 من اغسطس الجاري

سايت الحزب: عقد قادة الكتل السياسية العراقية اجتماعا يوم الثلاثاء 2/8/2011 في بغداد، تناول الاجتماع ثلاث ملفات سياسية عالقة، الملف الاول يتعلق بمصير القوات الاميركية في العراق بنهاية العام الحالي تمديدًا او رحيلاً. الملف الثاني يتعلق بتوزيع المناصب الوزراية المهمة وتعيين وزيرين لحقيبتي الدفاع والداخلية الشاغرتين، واللتان يتولاهما نوري المالكي بالوكالة منذ تشكيل حكومته الحالية في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، الملف الثالث يتعلق بارسال مشروع قانون المجلس الوطني للسياسات العليا الى مجلس النواب لاقراره. كيف ينظر الحزب الشيوعي العمالي العراقي الى هذا الاجتماع والملفات التي تطرق اليها؟
سامان كريم: برأي ان الملفات العالقة بين الاحزاب البرجوازية وقوائمها المختلفة، اي بين القائمة العراقية وائتلاف دولة القانون، هي انبثاق لقضية وخلاف اكثر جوهرية، ان هذه المفات هي نتائج لقضية سياسية أعمق بين القائمتين، او بالاحرى بين الحركتين والقوتين البرجوازيتين.
الحركة القومية العربية التي تقودها القائمة العراقية داخل العملية السياسية الراهنة، هي حركة معروفة على صعيد المنطقة، لها نهجها السياسي والفكري وبرنامجها الخاص بها. تتمحور سياسة هذه الحركة، كحركة برجوازية، في عروبة العراق، دولة قوية متمركزة "مع إنها تتنازل عنهما تكتيكيا وحسب توازن القوى"، ولها تقاليدها الخاصة بها، ممتزجة مع الاسلام بصورة واضحة وخصوصا بعد فشل هذه الحركة في تحقيق اهدافها "امة عربية واحدة" وتلبية مطالب الجماهير في العالم العربي وبالتحديد بعد نكسة حزيران 1967... هذه الحركة واحزابها وقواها المختلفة في صراع مستمر منذ مجئ النظام الاسلامي في إيران "الاسلام السياسي الشيعي."
حركة الاسلام السياسي في العراق في صراع مستمر مع القومية العربية كحركة، قواها واحزابها المختلفة، صراع حول السلطة السياسية، صراع حول طابع الدولة. هل دولة العراق دولة عربية وجزء من الأمة العربية او هي دولة اسلامية او إسلامية عربية؟. هذا الصراع بين الحركتين وقواهما المختلفة، بين العراقية والائتلاف الوطني بقيادة دولة القانون، ينعكس في كل تفاصيل الحياة السياسية بين الفريقين، ينعكس في كيفية ادارة الحكم والدولة، في تشريع القوانين، في الخلافات على الدستور، في قانون الانتخابات، وفي المصالحة الوطنية....
هذه الملفات التي طرحت في سؤالكم إذن هي نتائج لخلاف اعمق بين الحركتين لطبقة البرجوازية. هنا السؤال يطرح نفسه، وهو هل ان اجتماع يوم الثلاثاء الثاني من اغسطس الجاري برعاية رئيس الجمهورية، الذي تتوج بالنجاح حسب قولهم واتفقوا على حل الملفات المذكورة، هو تجاوز للصراع بين الحركتين؟ او هل فعلا تم تجاوز الملفات العالقة؟! بالطبع لا. ان هذه الاتفاقيات هي جرعات تضميدية ليس الا، الاتفاق هو لإدارة الازمة السياسية وليس حلها. المشكلة تكمن في القضايا المطروحة اجتماعيا، وهي قضية الدولة، ماهو طابع دولة العراق الحالي او المستقبلي؟! حول إجابة هذا السؤال، تستقطب الحركات والقوى الاجتماعية المختلفة كل حسب اهدافها وإستراتيجيتها. قبل هذه الملفات هناك ملف اكثر سخونة وهو ملف من من الكتل والقوائم الفائزة ستشكل الحكومة؟ هل القائمة التي فازت بالانتخابات او الكتلة الأكبر في البرلمان، وقبل ذلك حول قانون الانتخابات...الخ.
ربما يتجاوز الاجتماع هذه الملفات لفترة ما او لبضعة اشهر، لكن ستبرز بين فترة واخرى خلافات تحت لوحات وتسميات وقضايا اخرى. انه صراع مستمر لحين حل القضية الرئيسية وهي قضية الدولة وطابعها. لكن الصراع على الدولة ياخذ مجراه في اتون صراع اكبر واكثر عمقا، صراع في اطار الصراع بين الدول الكبرى عالميا حول تقسيم العالم مجدداً. من هنا ياخذ طابع الصراع طابعا دوليا، وحتى شرساً.

سايت الحزب: نريد هنا ان نتوقف قليلا حول ملف مصير القوات الاميركية في العراق، السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل دخلت القوات الامريكية الى العراق بموافقة ورضا جماهير العراق لكي تخرج منها بموافقة رسمية وايجاد طريقة قانونية لبقائها؟ الشطر الثاني من السؤال هو كيف تقيمون موقف امريكا اي ما لها وماعليها في قضية تدخلها واحتلالها للعراق؟
سامان كريم: القوات الامريكية وحلفائها دخلوا العراق واحتلوه ليس بدون موافقة العراق فحسب بل بمخالفة "المجتمع الدولي" نفسه الذي يتفاخرون به دائما، ان الاحتلال ضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية ومؤسساتها، مجلس الامن والامم المتحدة وغيرها. ليس هناك مجتمع ما في العالم يوافق على احتلال بلده من قبل محتل فاشي، ليس له الا مصلحته القومية على الصعيد العالمي. امريكا جاءت للعراق لكي تحتفظ بقيادتها للعالم الراسمالي بعد سقوط الامبريالية السوفيتية. انها اصلا من بدأ حرب خليج الاولى لهذا الهدف وليس لتحرير الكويت، وهي نتيجة الحرب ولكن لم يكن هدفها.
اليوم تختلف الامور بصورة جذرية. حين دخلت امريكا العراق كمحتل في سنة 2003، لها قوتها ومكانتها الاولى على الصعيد العالمي، لها قوة اقتصادها. اليوم فقدت كل مصداقيتها في العراق وافغانستان، فشلت في الاثنين. انظروا الى الاسلام السياسي الطالباني في افغانستان، اليوم اقوى بكثير من سنة 2002، وانظروا الى البعث اليوم اقوى بكثير من سنة 2004مثلا، وانظروا الى الوضع العراقي على كافة المستويات الخدمية والسياسية والامنية، انها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق استراتيجيتها. اليوم ليس بامكان امريكا ان تسدد يدونها التي ادت بها الى تقليص الميزانية الدفاعية وتبني سياسة الترشيق الصعبة على دافعي الضرائب الامريكية والعاطلين عن العمل فيها. ليس بامكانها ان تمول جنودها، رواتبهم، غذائهم، اسلحتهم، امنهم في افغانستان والعراق.
إذن هي تحاول ان تخرج من العراق بنوع من ماء الوجه، تحاول ان تحول فشلها الى انتصار او على الاقل الى جلاء مشرف، من هناك نرى الاتفاقية الامنية من قبل الحكومة العراقية المطيعة وامريكا، من هنا تريد موافقة الحكومة العراقية. لكن الحكومة العراقية جاءت على الحكم عبر دباباتها وصورايخها عليها ان تفي لرئيسها الواقعي وهومن اعطائها السلطة السياسية. هذه هي اللعبة بين الطرفين. امريكا بالاتفاق او بدونه، يجب ان تخرج من العراق ليس فقط لانها فشلت بل لانها ليس بامكانها ان تستمر بالاحتلال، انها تطلب العون والمساعدة من الوليد بن طلال وملك وأمراء السعودية، انها تستجدي بسبب سياساتها وتصرفاتها العنهجية والرجعية. سقطت اقتصاديا مثلما سقط الاتحاد السوفيتي جراء سباقه مع الغرب وامريكا. السقوط الاقتصادي هذا ادى وسيؤدي الى مثواها الاخير كقوة اولى في العالم، تتكرر تجرية سقوط السوفيت على امريكا، لكن هذة المرة بصورة اكثر دراماتكية واكثر تاثيرا على العالم كله.
سايت الحزب: صرح الطالباني في تصريحات في ختام الاجتماع إن اللقاء "كان جيداً جداً، وتم التوصل إلى إتفاق بالإجماع، ما عدا تحفظ التيار الصدري على موضوع التدريب الأميركي لكن البقية كانوا موافقين". هل من الممكن ان توضح لنا الاسباب التي تكمن وراء موافقة اكثرية الكتل السياسية لبقاء القوات الامريكية وفي نفس الوقت اسباب تحفظ التيار الصدري على بقاء القوات الامريكية؟ هل من الممكن ان نقول بان هذا التيار يتبنى شعار الجماهير باعتباره مطلباً عاماً لجماهير العراق؟
سامان كريم: براي ان قضية بقاء جزء من القوات الامريكية في العراق تحت تسمية" المدربين" هي كذبة تاريخية كبيرة. بعد اكثر من ثمانية سنوات من الاحتلال، لم تتمكن من تدريب القوات العراقية، اذن كم من السنوات بامكانها ان تقوم بأداء هذه المهمة؟ انها كذبة ليس الا، هذا اولا. ثانيا، هل يعقل ان تدريب القوات العراقية يتطلب خمسة عشر الف مدرب؟! براي انهم ليسوا بمدربين بل لاعبين ربما يقعدون على كرسي الاحتياط ولكن حين تسنح الفرصة للعب سيلعبون بكل قوتهم وهذا هدف بقاء هذه القوات. ثالثا: ان هذه القوات هي قوات محتلة وتحت ايديها 675,28 الف هكتار من الاراضي في البصرة وكركوك وبغداد واربيل والموصل، ناهيك عن المناطق الاخرى التي لم تطرح بصورة رسمية وعلنية. يذكر ان الهكتار يساوي عشرة آلاف مترمربع وأن تلك المساحات الشاسعة التي سيشغلها الأميركان ستكون مصانة ومؤمنة بموجب الأتفاقية. هل يتطلب هذا العدد كل هذه المساحات الشاسعة؟ طبعاً لا. ورابعاً: ان توزيع هذه القوات في هذه المناطق المذكورة، يدل بما لا يقبل الشك ان لديها اجندات سياسية واضحة بعضها يخص الوضع الداخلي في العراق وبعضها يخص المحيط الدولي. وهي مجهزة بالتكنلوجيا العسكرية والاستخباراتية المتطورة. خامساً: ان لامريكا أجندتها وهي تخرج من العراق فشلا، عليه ان بقاء تلك القوات يساعدها في لعب دورا سياسي بصورة سلسة كقوة لايستهان بها على صعيد المنطقة ككل، وخصوصا بعد الموجات الثورية والاحتجاجية التي تعم المنطقة. واخيراً تنص الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2008 على انسحاب جميع قوات الولايات المتحدة من جميع الأراضي والمياه والأجواء العراقية في موعد لا يتعدى 31 من كانون الاول "ديسمبر" للسنة الجارية. اذن ان بقاء هذه القوات هو مخالف لهذه الاتفاقية.
أما بخصوص موافقة اكثرية الكتل السياسية لبقاء هذه القوات، هو تحصيل حاصل، للوضع الداخلي والاقليمي الذي يحيط بالعراق. ان كل الاحزاب المشاركة في العملية السياسية وفي الحكم، والعملية السياسية نفسها التي اوصلتها الى الحكم، كانت بقيادة امريكية صرفة، ليس بامكانها ان تضرب بعرض الحائط هذه الهبة الكبيرة التي قدمتها امريكا لها، حيث حولها من أحزاب هامشيه الى حكام والى راسماليين الكبار، انهم على الاقل اوفياء لمن ساعدهم في اخذ الكعكة الكبيرة هذه وتقسيمها. الاحزاب البرجوازية الكردية، موافقه بالتاكيد وتبصم بأصابعها العشرة على ورقة الموافقة، نظراُ لوضعهم في العراق وما يحيط به من تهديدات تركية وايرانية حسب قولهم. ان هذه الاحزاب تنظر الى امريكا كقوة حسم تفك قضايا الخلافات بينهم وبين اطراف عراقية اخرى من جانب، ومن جانب اخر انهم من قدموا للقوات الامريكية في بداية الاحتلال مساعدات سخية جدا، عليه يطلبون منهم البقاء لمساعدتهم، هذا ما يتصورون. بخصوص القائمة العراقية، وهي تمثل القومية العربية المشاركة في العملية السياسية، ترى ان بقاء هذه القوات لصالحها خصوصا حماية من الهجمات والتهديدات الايرانية من جانب وفي صراعها مع الاسلام السياسي، كما شرحنا ذلك في معرض اجابتنا لسؤالكم الاول. القائمة العراقية ترى ان امريكا على الاقل تخلق التوازن بين الاطراف السياسية في العراق بصورة عامة وبينها وبين الاسلام السياسي بقيادة دولة القانون بالتحديد. وهذا ينطبق على الاسلام السياسي بصورة عامة، حيث انه سياسيا يهدف الى إمالة هذا التوازن لصالحه، وامريكا مستعدة لهذا الامر كما فعلتها مع رئيس الوزراء الحالي حين ساعدته في تبوء الحكم بعد ازمة الانتخابات، بمساعدة ايران طبعا. ان خلق التوازن هي قضية مهمة ايضا للاسلام السياسي، وخصوصا ان المرحلة الراهنة تتسم بحصار على ايران سياسيا واقتصاديا، وتحجيم الدور الايراني في المنطقة خصوصا بعد ضرب مؤيده في البحرين واشتعال التظاهرات والاحتجاجات في سوريا. من هنا ان الاسلام السياسي ايضا يحاول ان يخلق التوازن بمساعدة امريكية وبموافقة ايرانية، وهذا ما تمت الموافقة عليه في ذلك الاتفاق.
اخيرا ان التيار الصدري، وهو تيار برجوازي يميني الى اقصى حد، يخالف اتجاه الرياح داخل العملية السياسية، لكنه تحت السيطرة، بمساعدة ايران. ان مطلبه خروج كافة القوات الامريكية، اي تطبيق الإتفاقية الامنية لسنة 2008، هو ليس من باب الدفاع عن الجماهير العراق ورفع مطلبها كانه يمثلها، بل بالعكس تماماً، يهدف الى احتواء هذا المطلب وهذه المعارضة الجماهيرية لصالحه. من الطبيعي ان مطلب خروج الاحتلال، هومطلب جماهيري واسع، يستقطب الحركات السياسية جميعاً. ان التيار الصدري يهدف من وراء سياسته هذه, الى تمثيل المحتجين على الاحتلال، ومن ثم لم وتنظيم اكثر ما يمكن من الجماهير حول هذه السياسة، وتحوله بالتالي الى القوة الاولى على الاقل على صعيد الاسلام السياسي، حيث ان كتل وتيارات اخرى مثل دولة القانون والمجلس الاعلى ليس لديهم هذا الموقف السياسي، وهو يحاول ان يمثل بيضة القبان بين امريكا وإيران، كقوة لا يستهان بها، وبمساعدة إيران، من هنا تمثل سياسته هذه فرض شروط اخرى على امريكا لصالحه ولصالح ايران.
يجب ان نؤكد ان الاتفاقية الحالية التي رعاها الطالباني، هي اتفاقية شراكة مؤقتة بين ايران وامريكا ايضا وبهذا تحولت مهمة الإشراف من البارزاني الى الطالباني حيث ان اتفاقية اربيل كانت مكتوبة بروح امريكية ولو فيها مصالح ايرانية، ولكن رعتها امريكا وهي اصلا امريكية من جو بايدن ولكن طرحت باسم البارزاني، كانها عراقية. بعد تعنت ايراني وتعنت دولة قانون، تغيرت الامور وتغير المشرف من البارزاني الى الطالباني لكي يرعى هذا التوازن بين امريكا وايران وبالتالي بين الكتل المختلفة. من هنا سحب الصدر بديله لحلحلة المشاكل العالقة بين الاطراف السياسية. لكن في الوقت نفسه ان التيار الصدري يحاول جمع اكثر مايمكن من النقاط في هذه المرحلة، مثلا يضرب الامريكان ويعلنه باسم "جيش الموعود"، انه يحاول ليس فقط ان يجني ثمار خروج القوات الامريكية في داخل العراق فحسب بل يحاول كسب ود النظام الايراني كقوة اولى بين الاجنحة المختلفة للاسلام السياسي، وخصوصا تراجع دور المجلس الاعلى مقارنة بدولة القانون، عند النظام الايراني. التيار يهدف الى هذه المسالة ايضا.

سايت الحزب: اكد الحزب الشيوعي العمالي في اكثر من مناسبة وباشكال مختلفة بان امريكا خلقت سيناريو أسود للعراق وأوجدت ذريعة للإسلام السياسي والحركة القومية العربية في أن تكون قوى مهيمنة على الساحة السياسية وأوجدت مناخاً للعسكرتارية وانعدام الأمن وعدم الاستقرار الشامل، وحطمت أسس المجتمع والحياة المدنية. هل يعني خروج القوات الامريكية في الوقت الحاضر انهاء لكل تلك المآسي والأوضاع الكارثية التي مرت بها الجماهير في العراق؟
سامان كريم: تحليلنا وتنبؤاتنا حول الوضع العراق بعد الاحتلال تحقق مع الاسف الشديد. في البداية كنا نحذر من الهجمة الامريكية ومن ثم من الاحتلال وتداعياته السياسية. ان الاحتلال زرع بذور التقسيم والصراعات الطائفية، وعمق من الصراع القومي الذي كان موجود اصلا، ووفر للأرهابيين فرصة مناسبة لاعمالهم وممارساتهم.... ان الدستور العراقي الذي كتب بهذا التوجه والروح هو دستور امريكي بامتياز، وعلى اثره بدأت العملية السياسية التي قادتها امريكا. حيث ادت الى الصراع والحرب الطائفية والقتل على الهوية، وانتشار المفخخات والعبوات الناسفة، والتهجير القسري في داخل العراق والى خارجه... هذا هو السيناريو الاسود الذي كنا نتحدث عنه.
لكل تحولات اجتماعية- سياسية ماضيها وحاضرها ومستقبلها. ماضي الاحتلال واضح ومعلوم لدى الجماهير في العراق، حاضره واضح ايضا، لكن مستقبله اي بعد خروج الاحتلال غير مكتوب ويعتمد على نهوض الطبقة العاملة كقوة سياسية مقتدرة بوجه الاوضاع البائسة، بوجه الراسمال وسلطته، حينذاك بامكاننا أن نقول ان خروج الاحتلال هو انهاء لكل تلك المآسي والويلات التي مر بها مواطنينا في العراق. ماعداه هو افراز لحاضر وماضي الاحتلال، اي ان خروج الاحتلال لايؤدي بصورة اوتوماتيكية الى انهاء الماسي والكوارث، لان الاحتلال افرز القوى البرجوازية الرجعية، التي لا تتورع عن القتل على الهوية، لا تتورع عن الإغتيالات السياسية، لا تتورع عن اشعال حروب طائفية وقومية بحجج واهية وحقيرة.
ان الاحتلال هيئ مناخاً مؤاتيا لسياساته وهو عدم الاستقرار في العراق. براي ان العملية السياسية الراهنة والدستور العراقي الحالي، هي عملية ودستور لعدم الاستقرار.
على رغم كل ذلك ان خروج الاحتلال هو افضل للمجتمع ولجماهير العراق. افضل لان خروجه يسحب البساط من تحت اقدام القوى الارهابية لتنفيذ ارهابهم، ويسحب البساط من تحت اقدام تلك القوى التي ليس لديها بوق سوى بوق خروج الاحتلال وهم غارقين في الرجعية ومتسلطين على رقاب الجماهير، وبهذا يهدفون الى التعالي وكسب الجماهير. مع خروج الاحتلال سيظهر محتوى وسياسات كل القوى المشاركة في الحكم والمعارضة البرجوازية، بصورة اكثر وضوحا لجماهيرنا.
سايت الحزب: كيف يكون وضع العراق بعد خروج القوات الامريكية في ظل هذه الحكومة الطائفية؟ وماهو موقف الحزب حول خروج الاحتلال؟
سامان كريم: لا ارى تغييراً كبيراً في اختلال توازن القوى الحالية بين اطراف البرجوازية اذا خرجت القوات الامريكية كلها. لكن الان القضية اختلفت حيث يبقى عدد كبير من القوات الامريكية في العراق، اي يبقى العراق بلدا محتلاً تحت تسمية "تدريب القوات العكسرية" او "عدم جاهزية القوات العراقية".
الوضع السياسي في العراق، كما ذكرت اعلاه مرهون بدرجة كبيرة بحسم الصراع على الدولة، ستبقى هذه القضية وخصوصا نحن نعيش في اتون مرحلة عالمية حاسمة والتي تتسم بتحولات وتغيرات كبيرة، وتتمثل في الصراع الدائر على تقسيم العالم مجددا بين اقطاب الراسمالية الكبرى في العالم، ستبقى قضية الدولة في العراق لحين حسم هذا الصراع وهذا رأيي الشخصي. وبهذا تبقى الصراعات وعدم الاستقرار والفساد والقتل والخوف من الصراعات الطائفية والقومية وربما تفجيرهما بصورة فعلية، احتمال وارد.
هناك احتمال واحد فقط لتغير هذا المسار، وهو نهوض قوة اخرى وهي قوة الطبقة العاملة نهوضها كقوة سياسية مقتدرة واعية لطبقتها ولسياساتها. حينذاك نحن امام مشهد عراقي مغاير تماما، مشهد يتميز بالصراع الطبقي الشفاف حول حسم السلطة السياسية وهو السيناريو الذي نبتغيه.
ان حزبنا منذ البداية كان ولا يزال ضد احتلال العراق، كنا القوة الوحيدة التي حذرت الجماهير والقوى السياسية من مغبة الحرب الامريكية على العراق، ومن ثم احتلاله. نحن مع خروج قوات الامريكية بصورة كاملة وشفافة ودون اي معاهدات سرية. اذا يريد الاحتلال فعلا ان يقدم شيئا للمجتمع في العراق هو خروجه فورا ودون اي قيد او شرط او اية اتفاقية امنية سرية أوعلنية. في الوقت نفسه ونحن امام احتجاجات جماهيرية منظمة في كل يوم جمعة في بغداد، وتظاهرات في مدن اخرى مطالبين بالخدمات والكهرباء وفرص العمل وضمان البطالة، عليه ان مطلب "خروج الاحتلال فورا" يجب ان ياخذ مجراه في هذه الاحتجاجات. لكن الاحتجاجات الجماهيرية يجب ان تفصل صفها عن صف القوى البرجوازية الحاكمة التي تطالب "بالخروج،" من خلال لائحة مطلبية دقيقة ومحدده، بما فيها الخدمات والكهرباء وضمان البطالة وتوفير فرص العمل.. وخروج الاحتلال فورا دون اي قيد وشرط. 5/8/2011

#سامان_كريم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات