أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - الآباء الثلاثة والشغل اللغوي المحض














المزيد.....

الآباء الثلاثة والشغل اللغوي المحض


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 1027 - 2004 / 11 / 24 - 09:55
المحور: الادب والفن
    


ثلاثاء الكتابة..
تجد الشعرية العراقية الراهنة في ثلاثة من كبارها آباء روحيين لها و مؤسسين ، هم : بشار بن برد وأبو نؤاس وابن الرومي. وقد أنزل الثلاثة الشعرَ من علو لغوي فارغ إلى الحياة والتأمل فيها من خلالها لا من خلال معادلات ذهنية يخلقها ترف لغوي بارد.
والثلاثة مجددون. وكل واحد منهم شكل ثورة أسلوبية وشعرية في زمنه.
والثلاثة ضد الشغل اللغوي البارد في الشعر.
ومما هو مضحك أن يرتبط الشغل اللغوي البارد بدعاوى الحداثة في العقود الأخيرة بل وفي هذه الأيام أيضاً. وقد عانيت ، شخصياً ، في أكثر من مناسبة هذا الأمرَ ، فالمتلقي لم يكن يحسن سماع داعية حداثة يعادي اللعب اللغوي.
كنت أراني أزاء تزوير تاريخي في نسب الحداثة إلى الشغل اللغوي الذهني المحض. قام به شعراء عرب مخادعون من خلال بث شغلهم الشعري في الشعرية العربية وكأنه هو الحداثة وردده ببغاوات من مناصريهم.
والحقيقة الساطعة هي أن هؤلاء الشعراء – بالمخاطبة - ( وقد يكونون في القصد شاعراً واحداً) لم يصلوا إلى رقي الشغل الشعري العراقي النازل تاريخياً من الآباء الثلاثة.
الشغل الشعري العراقي فيه قص سردي وفيه ذكر أسماء وفيه حياة تسمع نبضها داخل النص. ولم يشذ عن هذا في التاريخ الشعري العراقي غير أبي الطيب المتنبي الذي اشتغل في اللغة الذهنية ووجد له مناصرين ليسموه الشاعر الأعظم ، لأن الشغل اللغوي المحض يرهب الضعفاء من الشراح (نقاد ذاك الزمان) عادةً بهيبته وفخامته.
لكن الشعر العراقي ، على الرغم من وجود شاعر ذهني عملاق مثل أبي الطيب ، تسلسَلَ تاريخياً بسجيته الأولى وبرقيها الفني عند الآباء الثلاثة ، ولم يستطع المتنبي أن يزيحها .
وسنختصر الزمن فأقول إن الجواهري نفسه لم يكن كما يقول هو عن نفسه إنه ( فرخ المتنبي) تماماً ، وأحسب أن الآخرين من مناصري الشغل اللغوي ذي الهيبة والفخامة والجزالة الذين سموا المتنبي الشاعر الأعظم هم أنفسهم كانوا يرددون على مسامعه تأثره المتنبي في لحظات العلو اللغوي في شعر الجواهري فلم يفهموها بأنها صفاء لغوي غير ذهني محض ، يأتي رديفاً في الشعر ، عادة ، للعناصر الشعرية التي ذكرتها عن الشغل العراقي. ممكن أن يجد قارىء الجواهري شيئاً من المتنبي فيه وهذا أمر طبيعي ، لكنه كان ابناً لآباء آخرين أيضاً ، فكم قصيدة للجواهري تحيلك في روحها إلى الآباء الثلاثة ؟
يا "أم عوف" وما يُدريكِ ما خَبَأتْ
لنا المقادير من عقبى ويُدرينا
أنى وكيف سيُرخي من أعنتنا
تطوافنا.. ومتى تُلقى مراسينا
أزرى بأبيات أشعار تقاذفُنا
بيتٌ من "الشَعَر المفتول" يؤوينا
عشنا لها حِقَباً جُلّى ندللها
فتجتوينا..ونُعليها فتُدنينا..إلخ
وغير الجواهري ، الشعر الحديث منذ الشاعر الأول بدر شاكر السياب وحتى أي شاعر نعتدّ بوجوده الشعري من معاصرينا فهم كلهم أبناء لأولئك الآباء الثلاثة في شعرهم..
في صيغة أخرى للقول : لم أجد أحداً من الشعراء العراقيين ممن نعتد بوجوده الشعري كان متأثراً أدونيس.
ولمَ أدونيس ؟
أقولها بصيغة أخرى :
لم أجد شاعراً عراقياً واحداً ممن نعتد بوجوده الشعري متأثراً المتنبي تماماً. وأرجو الانتباه إلى مفردة "تماماً".
نعم قد تجد علواً لغوياً في لحظة شعرية ما عند شاعر ما، لكنه ، كما في حالة الجواهري ، الصفاء اللغوي غير الذهني المحض الذي يرافق العناصر الشعرية.
والصفاء اللغوي هو غير الشغل الأدونيسي بل هو غير شغل المتنبي نفسه.
فأنت تقرأ عند المتنبي :
شيمُ الليالي أن تشككَ ناقتي
صدري بها أفضى أم البيداء ؟
وهو أعلى مايمكن أن يولده الذهن من صورة ذهنية لغوية.
ولكن هذا هو غير ما يكتبه السياب في شغله الذهني :
فألتقي دمي ، كغيمة تعيد نفسها للبحر
أتعلم السحابة المرعدة المبرقة المجلجلة
بأن ماءها سيستحيل غيمة إليها مقبلة ،
تبذله في الفجر
وتلتقي به قبيلَ العصر ؟
أو :
أطلي فشباكك الأزرقُ
سماء تجوع
الشغل السيابي المشار إليه شغل ذهني أيضاً لكنه لم يكن ذهنياً محضاً ، إنما كان ذلك الصفاء اللغوي المرافق للعناصر الشعرية.
وفي ختام المقال أقدم لكم أبياتاً أربعةَ من الأب الشعري الأكبر للشعرية العراقية على مر العصور ، وأعني به أبا نؤاس :
وابأبي ألثغُ لا ججتُه فقال في سكرٍ وإخنــاثِ
لما بدا مني خلافي له كم لقيَ النـاثُ من الناثِ
نازعتُه صهباءَ كرخيةً قد جلبتْ من كَرْمِ حَرّاثِ
ابريقنا منتصـبٌ تارةً وتارةً مبتـركٌ جــاثِ

* زاوية الشاعر الأسبوعية في جريدة النهضة البغدادية 23-11-2004.



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توضيح من الشاعر كمال سبتي
- موقع لجماعة الزرقاوي يسميني ابنَ علقمي وعميلاً صهيونياً
- نسباءُ أصوليون
- سِنْخ وطبيعة
- جنود مقتولون
- الآخر ، العدو عند إدوارد سعيد والشعراء العرب..
- الشاعر والذنبُ القديم
- صخر
- أبناء المطلق
- لو أنَّ عبد الرزاق عبد الواحد
- المأموم
- أنعتبُ على أدوارد سعيد وهو غائب عنا ؟
- الخمرياتُ الأربع
- تعليقات سياسية
- ذكرى الهرب من البلاد
- عن الثقافة
- رسالة إلى الأستاذ أحمد الجلبي
- أين فقهاء العراق ؟
- ..إيران
- يوسف القرضاوي وفتواهُ الجديدة


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - الآباء الثلاثة والشغل اللغوي المحض