أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد بركة - الحكومة تبيع المواطنين في المزاد العلني















المزيد.....


الحكومة تبيع المواطنين في المزاد العلني


محمد بركة

الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 6 - 12:36
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


القانون الجديد: "اللجان الوطنية للسَكَن"
الحكومة تبيع المواطنين في المزاد العلني

// هذا ليس مجرد اقتصاد سوق، انه قانون الغاب. من جهتي، فانني اعتز بانني موجود في الحزب الصحيح، الحزب الذي نقش على اعلامه النضال ضد الخصخصة. لذلك انا سعيد بان الكثيرين يتبنون النهج الذي نادينا به طوال الوقت

// قبل عدة ايام كنّا في خيمة الاحتجاج في جلجولية التي كانت تملك اكثر من عشرين الف دونم في العام 1948. وكل ما تبقى لها بعد موجات المصادرة أقل من 1800 دونم. والآن يريدون مصادرة 700 دونم من هذه الاراضي. هل تعلمون لأي غرض؟ هل بإمكان احد التكهّن؟ هل هو من اجل بناء شقق للأزواج الشابة؟ هل هو من اجل بناء منطقة صناعية لتشغيل الشباب؟ طبعا لا. انهم يريدون بناء كراج لسلطة القطارات في اسرائيل!
// آن الاوان ان نضع الامور على الطاولة: سؤالا السلام والعدالة الاجتماعية مرتبطان. وسؤالا المساواة القومية والعدالة الاجتماعية مرتبطان. واسئلة السلام والمساواة والديمقراطية مرتبطة ببعضها البعض، وهو سؤال واحد.

في هذه الأيام يعملون في خيام الاحتجاج على بلورة وصياغة المطالب لتحويل الحركة العفوية المباركة، الى حركة تحمل اهدافا عينينة واضحة. الحقيقة اني ارغب في البداية بتحية ومباركة هذه الظاهرة وهذا الاحتجاج الشعبي والاجتماعي الواسع الذي يجمع بين كل طبقات المجتمع من مركز البلاد الى اطرافها، يهودا وعربا، من الطبقات الوسطى والطبقات الفقيرة.

1
مطالب حركة الاحتجاج يجب ان تشمل العربالى جانب ذلك، فانني ادعو القائمين على هذه الحركة والذين حظوا بفرصة المحاولة لصياغة المطالب الاجتماعية الافتراضية لكافة افراد المجتمع في اسرائيل، ان يأخذوا بالحسبان دائرة المطالب ودائرة المشاكل والفروقات المتعلقة بالمسألة الاجتماعية وبالاساس مسألة السكن وما يتعلق منها بالشقق للايجار او بناء مساكن في متناول يد جميع الطبقات، او البناء الشعبي من قبل الدولة في مختلف التجمعات السكنية او كما هو الحال بالنسبة للقرى والمدن العربية، وتوسيع مسطحات البناء ومناطق نفوذ القرى العربية التي تعاني من الاختناق او وضع حلول لقضايا المواطنين العرب في النقب، حيث لم يصل السكان هناك الى شقة مستأجرة او بناء مرخص انما يناضلون على مجرد الاعتراف بتجمعاتهم السكنية.
اعتقد ان صياغة مجمل المطالب يجب ان يأخذ بالحسبان هذه المطالب، وهذا هو الامتحان الحقيقي لحركة الاحتجاج والا سنقع في مصيدة الفئوية وستنشأ تصدّعات تستغلها الحكومة من اجل تفتيت هذا النضال.
من جهة اخرى فانني واع لحقيقة الحيطة، لا بل والتحفظ الذي يلف قادة هذا النضال من الاحزاب ومن السياسيين الذين يحاولون التسلق على هذا النضال. انني اتفهم ذلك خاصة عندما يجري الحديث عن اوساط في داخل الائتلاف الحاكم او اوساط في الائتلاف السابق، الذين قادوا مشاريع وسياسة واضحة في صالح رأس المال وضد الفقراء والطبقات الوسطى.

على سبيل المثال، استمعت قبل يومين الى النائب الأول لرئيس الحكومة، عضو الكنيست سيلفان شالوم، والذي قال: "ان حلمه كان ان يرى حركة اجتماعية كهذه". يبدو ان شالوم لا يستوعب انه ليس عضوا في حركة احتجاج وانه ليس مجرد شخص حالم لان هذا الشخص جلس وما زال يجلس وراء مقود السلطة في عدد من الحكومات، لا بل كان وزيرا للمالية ولم يكن مفروضا به ان يحلم انما كان عليه ان يعمل شيئا لصالح الفئات الشعبية.
الآن، هو وغيره، يحاولون التسلق على هذا النضال وهذا بحد ذاته مشهد جميل ومثير.
من جهتي، فانني اعتز بانني موجود في الحزب الصحيح، الحزب الذي نقش على اعلامه النضال ضد الخصخصة ولذلك انا سعيد بان الكثيرين يتبنون النهج الذي نادينا به طوال الوقت.


2
اقتصاد السوق ام قانون الغاب؟والحقيقة انه يجب تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية، خاصة عندما يتحدثون عن "اقتصاد السوق" ويبدأون بتمجيده وكأنهم يتحدثون عن التعبير الأنبل والأمثل في الديمقراطية.
ماذا يعني "اقتصاد السوق"؟ انه يعني اعفاء الدولة من التزاماتها تجاه العدالة الاجتماعية وتجاه تقنين الثراء الاجتماعي والعام، انه يعني ان تعطي السوق حرية التصرف على هواه. لذلك هذا ليس مجرد اقتصاد سوق، انه قانون الغاب: القوي يصبح اقوى والغني يصبح أغنى والفقير يصبح أفقر.

ربما من حسن طالعنا اننا "حظينا"، هذا الأسبوع، بالاستماع الى رئيس الحكومة في ذكرى "جابوتينسكي" وهو يقول الجملة التالية: "جابوتينسكي قال انه لا تجوز محاربة الغنى". ان هذه الجملة مثيرة للغاية: ممنوع محاربة الغنى، ولكن من ناحية اخرى فان هذا الرجل (رئيس الحكومة) قد ألزم نفسه بعدم محاربة الفقر.
طبعا هو يستطيع ان يقول ان نسبة البطالة قد انخفضت ولكن الحقيقة المرة تقود الى ان نسبة هائلة من الذين يعيشون تحت خط الفقر هم اناس يعملون، وجزء كبير منهم بوظيفة كاملة وجزء آخر منهم من الازواج العاملة (الرجل والمرأة) ورغم ذلك يعيشون تحت خط الفقر.
رئيس الحكومة يقف امامنا متسلحا بمعلمه ومرشده جابوتينسكي ليقول امرا في غاية البساطة في علم المنطق، دون الحاجة الى اتمام السنة الأولى في علم الفلسفة: اذا كانت محاربة الغنى ممنوعة ومحاربة الفقر ممنوعة، فهذا يعني ان الفقراء سيصبحون اكثر فقرا والاثرياء سيصبحون اكثر ثراء.
هذه المعادلة التي استعملها ويستعملها اليسار طوال الوقت تأتي على لسان الشخص الذي يمثل راس المال الكبير، والذي يجلس على كرسي رئاسة الحكومة. عمليا هو يقول ان هذه هي سياسته: اعفاء الحكومة من اية مهمة يمكن ان تنتج عنها عدالة اجتماعية. ممنوع محاربة الثراء ويجب انتهاج سياسة اقتصاد السوق وهذا هو المنهج العام.
لذلك فان النقاش مع الحكومة، واعني هنا احزاب الائتلاف الحاكم، واحزاب المعارضة التي كانت في الحكم وايضا مع بعض المتظاهرين الذين يقيمون في خيام الاحتجاج، لا ينصبّ على تعديل هنا او هناك انما على مجمل طريقها، على التوجه العام، على الايديولوجية الاقتصادية الاجتماعية التي تحكمها. وهذه الحكومة ورئيسها تحولوا الى سعاة في خدمة راس المال برتبة رئيس الحكومة.
قبل عدة سنوات، تحت "عصا المايسترو" نتنياهو وزير المالية آنذاك، جرى تحويل صناديق التقاعد الى القطاع الخاص، وقامت صرخة احتجاج بان هذه الاموال هي اموال الناس واموال الأمان الاجتماعي للمواطنين عند شيخوختهم وعند حاجتهم. آنذاك حوّلوا عشرات او ربما مئات المليارات من الشواقل من اموال صناديق التقاعد الى القطاع الخاص الذي حوّل هذه الاموال الى مصدر ثراء اضافي يلعب بها في البورصة وفي مشاريعه المختلفة. قالوا لنا في حينه ان وجود هذه الصناديق تحت المسؤولية العامة من شانها ان تصل بها الى حد اعلان الافلاس، بينما نرى اليوم ان امور هذه الاموال على ما يرام ما دامت تنتج ارباحا لرأس المال من مدخراتنا. اليوم نقول ان صناديق التقاعد هو امر قليل الشأن مقارنة بالقانون الذي نحن بصدده: قانون "اللجان الوطنية للسكن".



3
الدولة سلبت ارض العرب وتوزعها الآن على المقاولينمعروف ان دولة اسرائيل تُدار كدولة رأسمالية متطرفة للغاية ووفق مبادئ خصخصة كل شيء. لكنها في موضوع واحد، وبحكم الايديولوجية الصهيونية وبفعل تراكمي على مدار سنوات طويلة، ليست دولة رأسمالية، وهو ملكية الارض.
الدولة حوّلت الارض الى ملكية الدولة بعد موجات المصادرة التي مورست بحق المواطنين العرب الفلسطينيين. لقد وضعت الدولة يدها على اراضي الافراد وعلى املاك الوقف الاسلامي وعلى اموال الغائبين (اللاجئين الفلسطينيين) ونحن لسنا بصدد العودة الى التاريخ كله ولكن تجربتنا مع التاريخ مرة وقاسية للغاية.
وبفعل هذه المصادرات فان 93% من مساحة الدولة قد تحوّلت الى ملكية الدولة، ولا يوجد لهذه الحقيقة مثيلا في أي دولة في العالم، حتى في بعض الدول التي عرّفت نفسها كاشتراكية لم يصل الامر الى هذه النسبة، فكم بالحري عندما يجري الحديث عن دولة رأسمالية فيها 93% من مساحة الدولة ضمن ملكية الدولة.
ماذا تقول الحكومة لنا الآن؟ الحكومة تقول امرًا يبدو في غاية البساطة: هذا هو المرفق الاكبر والاهم والاكثر استراتيجية، وما علينا إلاّ ان نرهن مستقبل المواطنين في يد رأس المال الكبير متمثلين بكبار المقاولين. اطلقوا عليهم أي اسم تريدون ولكن الحقيقة هي ان الدولة ستضع الارض بين ايديهم باسعار بخسة.
الامر الوحيد الذي يلزم هؤلاء المقاولين بعد ان يحصلوا على الارض من الدولة هو ان يقوموا ب 25% من اعمال البنى التحتية خلال عامين ونصف ولا شيء اكثر من ذلك: هم غير ملزمين بالبناء وغير ملزمين باسعار معينة وغير ملزمين بأية حساسية اجتماعية، لا شيء.
ان هذه القانون هو عمليا بمثابة مزاد علني لبيع الاراضي العامة باسعار بخسة للغاية لرأس المال الكبير. من حق الحكومة ان تحكم ولكن ليس من حقها ان تتاجر بالمواطنين.
اعلم ان ما ساقوله سوف يستفز أذن الاجماع القومي الاسرائيلي: ان هذه الارض التي صودرت منا هي اولا من حقنا نحن المواطنين العرب، ونحن احق بها من الدولة ولا يوجد أي حق للحكومة ان تبيعها للقطاع الخاص.



4
الارض للمواطن مباشرة وليس لرأس المالولكن حتى اذا قفزنا على الحقيقية التاريخية وقلنا ان هنالك أزمة سكن وعلى الدولة ان تجد حلولا، لماذا لم يخطر ببال الحكومة ان لا تضع هذه الارض تحت تصرف المقاولين واصحاب رأس المال، بل وضعها تحت تصرف مجموعات من المواطنين الذين يمكنهم ان ينظموا انفسهم في مجموعات لغرض البناء الخاص من اجل سكنهم هم، وبدل ان تدخل التخفيضات التي تتراوح بين 50 و 90% من ثمن الارض الى جيوب المقاول، ان تذهب لصالح الازواج الشابة التي تعاني في جادة روتشيلد في تل ابيب او الناصرة او أم الفحم او اشدود.
على الدولة ان تضع الارض تحت تصرف مجموعات من 50 – 100 عائلة لغرض البناء للسكن بنفس الشروط التي تمنحها لرأس المال الكبير.
ان طريقة طرح المسألة وطريقة طرح الاجابة في صلب هذا القانون تعني بوضوح ان الحكومة غير ذاهبة لحل مشاكل السكن انما ذاهبة في نفس الطريق المشينة والقبيحة والقاسية، وهو وضع المُلك العام لصالح رأس المال. وهذا ايضا يتحقق في ما قلناه اعلاه: ان رئيس الحكومة لا يستوعب حقيقة انه رئيس حكومة بل يفهم دوره على انه مدير لوبي مركزي لصالح رأس المال.
الحكومة لا تقوم بتوظيف القوة الاجتماعية والاقتصادية والثراء العام في صالح عموم المواطنين ولا تجنّد صلاحياتها في الحكم من اجل انتاج عدالة اجتماعية ولا تعمل من اجل انشاء رزمة شروط حياة اساسية متوفرة لكل مواطن فوق خط الفقر.



5
سبتمبر والمغامرة القادمة لاحباط السلام والعدالة الاجتماعيةرئيس الحكومة وبعض الدوائر التي تحيط به يقولون لنا وفق وسائل الاعلام، بان موجة الاحتجاجات ستتلاشى او تنتهي وسيجري فك الخيام في سبتمبر. والسؤال هنا: ما هي قصة سبتمبر؟ ماذا سيحصل في سبتمبر؟ ماذا يخطط رئيس الحكومة في سبتمبر؟
الحكومة تقوم اليوم بأمرين، الأول احباط حقوق المواطنين البسطاء والثاني احباط عملية السلام، ومن لا يفهم العلاقة بين الأمرين فهو لا يفهم أوليات مؤسسة السلطة ولا يعقل ان تكون المسألتان منفصلتين.
قضية السلام وتأمين أمن المواطنين باتفاقية سلام وليس بعقلية العنجهية والردع والقوة من ناحية، وتوفير الأمن الاجتماعي للمواطن من خلال سياسة عدالة اجتماعية من ناحية اخرى، هما امران مرتبطان.
المعادلة واضحة: كلما زاد الصرف على الاستيطان انخفض الصرف على التعليم وانخفض الصرف على الحد الادنى من الاجور، وكلما زاد الصرف على التسلح لانتاج معادلة ردع ورعب في عقلية القوة والغطرسة سينخفض بالضرورة الصرف على البنى التحتية وعلى الصحة. المعادلة واضحة، وكعكة الميزانية هي نفس الكعكة، اذا استهلكت منها اجزاء لغرض ما، سينخفض الاستهلاك لغرض آخر.
لا مكان للفلسفة الزائدة ولا للفذلكة: في سبتمبر سيلتقي الموضوعان، القضية السياسية وطلب م.ت.ف لقبول دولة فلسطين كعضو في الامم المتحدة، وعندها ستختلف المعادلة كلها وستكون اسرائيل وحكومتها في عزلة تامة بسبب رفضها السير في طريق السلام، وسيتزامن ذلك مع حركة الاحتجاج الشعبية. لكن لماذا يعتقد رئيس الحكومة ان الاحتجاج سينتهي في سبتمبر؟ ما الذي سيحدث في نهاية اغسطس (آب)؟ انا اعلم ان نهاية آب ستتزامن مع نهاية شهر الصوم (رمضان) وعلى حد علمي فان هذا الامر لا يعني شيئا لرئيس الحكومة، فما الذي سيحصل؟

اننا نحذر الحكومة ومن يقف على رأسها بأن لا تسوّل لهم انفسهم بالهرب من الواقع السياسي والواقع الاجتماعي الى التصعيد العسكري سواء كان ذلك في الساحة اللبنانية او في غزة او الضفة الغربية او حتى في ايران. لقد خبرنا تخصص حكومات اسرائيل بانتاج مواقد حريق للتملص من مسائل مختلفة، وخاصة للتملص من السلام ومن التفاوض ومن استحقاقات المفاوضات. الآن يحاولون انتاج اجماع متطرف لاحباط الاحتجاج الاجتماعي ولاحباط مساعي منظمة التحرير لاعتراف الامم المتحدة بفلسطين.



6
السلام والعدالة الاجتماعية والمساواة للعربالحكومة تحاول اغتيال المواطنين واغتيال مستقبلهم، حقهم في السلام العادل، وحقهم بسكن في متناول اليد، وحقهم في دخل يضمن كرامتهم، وحقهم في خدمات صحية تضمن حياتهم.
الامور مرتبطة ببعضها البعض ولا مكان لإنتاج تحول وتغيير حقيقي دون ربط المسائل الاساسية المدرجة على جدول حياتنا، ولن يكون بالامكان الحديث عن عدالة اجتماعية متكاملة دون ان نربط ذلك برؤية واضحة تقود الى سلام حقيقي.
ان قلة التجربة في الحركة الاجتماعية الصاعدة قد تقود البعض الى التفكير بامكانية الفصل بين مسألة العدالة الاجتماعية والعدالة السياسية، وهذا خطأ. واكثر من ذلك، لا يمكن النضال من اجل عدالة اجتماعية لليهود فقط او عدالة اجتماعية للعرب فقط، لأننا نتحدث عن تفس الدولة وعن نفس الحكومة وعن نفس الميزانية وعن نفس الموارد.

صحيح ان هنالك تباين في المشاكل التي تواجه قطاعات السكان المختلفة او وفق مناطق جغرافية مختلفة او يهود وعرب او حجم العائلة لدى المتدينين او لدى العلمانيين، لكن النضال يجب ان يستند على رؤية ديمقراطية ذات آفاق واسعة بحيث تكون قادرة على الربط بين السلام والعدالة الاجتماعية وبين المساواة وبين العدالة الاجتماعية.
هنالك اوساط قليلة داخل المجتمع العربي في البلاد التي تعتقد انه بالامكان ادارة المعركة من اجل المساواة خارج السياق العام في الدولة. وانا لا اتفق معهم. ولكن هناك اوساط واسعة في المجتمع اليهودي التي تريد ان تدير النضال الاجتماعي بايديولجية عنصرية، يريدون عدالة اجتماعية دون رؤية العرب في جبهة النضال لئلا يخدش الاجماع الصهيوني.
آن الاوان ان نضع الامور على الطاولة: سؤالا السلام والعدالة الاجتماعية مرتبطان. وسؤالا المساواة القومية والعدالة الاجتماعية مرتبطان. واسئلة السلام والمساواة والديمقراطية مرتبطة ببعضها البعض، وهو سؤال واحد.
اتمنى من كل الاوساط العاملة على الساحة الآن، سواء كانت حركات احتجاجية او جهات سياسية ان يعملوا على تذويت هذه الحقيقة. ولكن، لو لم يكن كذلك، فهنالك اهمية في مجرد النضال والخروج الى الشارع ومجرد طرح التحدي امام الحكومة ومجرد الاعتراض على قدسية هذه البقرة المسماة "خصخصة".



7
العرب خارج المواطنةالى جانب ذلك هناك خصوصية لاوضاعنا نحن ابناء الجماهير العربية حيث وجدنا انفسنا بعد 63 سنة من قيام اسرائيل نعيش في تجمعات سكنية لا تتعدى مناطق نفوذها 2.5% من مساحة الدولة. 20% من المواطنين يعيشون على 2.5% من مساحة الدولة واولادنا يشكلون 24% من الاطفال ونعيش على 2.5% من مساحة الدولة.
في بداية حركة الاحتجاج الحالية قلت في الكنيست انه لا توجد ازمة سكن بين المواطنين العرب، لأنه لا يوجد سكن عندنا. لذلك لا يمكن ان تكون أزمة في أمر غير موجود عندنا.
منذ قيام اسرائيل لم تقم الدولة باقامة شقة شعبية واحدة في القرى والمدن العربية. لكن مشاكل الجماهير العربية لا تنتهي عند هذا الحد، بل هنا يبدأ مسلسل المعاناة. فالمواطن العربي يبني بيته بدون دعم حقيقي من الدولة وبدون الاعتراف بأية قرية او مدينة عربية كمنطقة اولوية في موضوع السكن.
ثم ان المواطن العربي يبني بيته بيده وعلى ما تبقى له من ارضه الخاصة، ثم تظهر الدولة بكامل هيبتها لتتحدث معه بلغة واحدة واضحة وقاطعة وهي لغة بلدوزر الهدم.
لكن هوس العنصريين لا يتوقف مع انهاء البلدورز عمله بهدم البيت العربي، انما جاء من جاء من اعضاء الكنيست باقتراح عبقري للغاية وهو بأن تكون مصاريف البلدوزر على حساب اصحاب البيت.
حاولوا ان تتخيلوا بان يُقال مثل هذا الكلام في أي مكان طبيعي في العالم، كيف ستبدو هذه الدولة وكيف ستبدون؟
في الوسط العربي لا توجد مساكن شعبية، ولا يوجد تخصيص لأرض عامة لغرض السكن. المواطن يبني بيده على ارضه، وبعد ذلك يجري هدم بيته. وبعد ذلك عليه ان يدفع مصاريف الهدم ومصاريف البلدوزر. ثم يبدو ان هذا المسلسل هو من نصيب ذوي الحظ!
قبل عدة ايام كنا في خيمة الاحتجاج في جلجولية التي كانت تملك اكثر من عشرين الف دونم في العام 1948. وكل ما تبقى لها بعد موجات المصادرة اقل من 1800 دونم. والآن يريدون مصادرة 700 دونم من هذه الاراضي. هل تعلمون لأي غرض؟ هل بإمكان احد التكهّن؟ هل هو من اجل بناء شقق للأزواج الشابة؟ هل هو من اجل بناء منطقة صناعية لتشغيل الشباب؟ طبعا لا.
دولة اسرائيل التي تملك 93% من مساحة الدولة لم تجد مكانا في طول البلاد وعرضها، إلاّ ما تبقى من اراضي جلجولية لبناء كراج لسلطة القطارات في اسرائيل، أليست هذه سياسة مجرمة؟.
انني اؤكد هنا ان من يعتقد ان التضييق على العرب سيكون في مصلحته، فهو مخطئ، فالتجربة تدل بوضوح ان ما يبدأ بالعرب لا ينتهي عندهم، وما يبدأ بالتضييق على الأقلية لا ينتهي عندها.



8
التضامن الطبقيواخيرا اريد التطرق الى مصطلح درج في الاحتجاجات الأخيرة وهو مصطلح "الطبقة الوسطى". انا اتحفظ من هذا المصطلح لانه يأتي لاصطناع هوة بين نضال الفقراء وما يسمى بالطبقة الوسطى.
الطبقة الوسطى هي طبقة العاملين، سواء العاملين جسديًا او بالقلم او في المكتب..الخ. لذلك علينا ان نتحدث جميعا عن طبقة العاملين وعن طبقة العمال وان لا نسمح بالعبث في اللغة لضعضعة التضامن العمالي وخلق تصدعات في الجبهة الاجتماعية تكون بمثابة فرصة للحكومة لتفتيت النضال.

المطلوب بناء جبهة كل المتضررين من سياسة الحكومة ومن سياسة الخصخصة ومن سياسة الاضطهاد الطبقي والاجتماعي ومن سياسة التنكر للسلام العادل.
اذا كانت هذه الجبهة موجودة فهي ستشكل المعسكر الاكبر في اسرائيل، وهي قادرة على صنع العجائب في موضوع السلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.



(نص الكلمة التي ألقيت في الكنيست حول قانون "اللجان الوطنية للسكن")



#محمد_بركة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النازية وصلت للحكم بالانتخابات ومهدّت لجرائمها بسنوات
- توفيق طوبي المعلم والبوصلة
- قادرون معًا على هزم الفاشية والعنصرية
- عبدالله حوراني: على قلق كأن الريح تحته
- النقب أولا
- دروس النصر على النازية
- خمس سنوات على رحيل ابي عمار - بين الحصار والانفاق والسراب ال ...
- لماذا أجازت الرقابة العسكرية نشر شهادات جنود عن جرائم ارتكبو ...
- بين غدعون ليفي ومجلي وهبة بين الكرامة وفقدان الحياء
- إلى محمود درويش: كفاك موتا... لا وقت لدينا للموت
- تعلموا من التاريخ ... أدرسوا التاريخ
- في ذكرى الانتفاضة الحمراء 1958الناصرة تطلق الصرخة الحمراء وت ...
- المساواة للمرأة شرط ضروري لبناء مجتمع صحي وحضاري
- الحكيم آمن أن حكاية العنقاء الفلسطينية ليست خرافة
- التمسك بمبدأ التقسيم وشعار الدولتين يعني التمسك بإقامة الدول ...
- شرف السواقي أنها تفنى فدا النهر العميق-.... لقاء المبدعين: ل ...
- فلسطين اليوم - بدون مجاملات لأحد..
- أبو خالد (حيدر عبد الشافي) لم يعد حيّاً معنا ولكنه سيظل حيّا ...
- ملاحظتان على هامش ذكرى النكبة وهامش فلسطينيتنا
- -استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا ...


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد بركة - الحكومة تبيع المواطنين في المزاد العلني