أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نوال السعداوى - أحداث أوسلو والثورات الشعبية الجديدة














المزيد.....

أحداث أوسلو والثورات الشعبية الجديدة


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3448 - 2011 / 8 / 5 - 09:18
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


كنت فى مدينة «أوسلو» ٢٦ يوليو ٢٠١١ بعد المذبحة التى قام بها الرجل النرويجى (لا أرغب فى كتابة اسمه)، عضو الحزب اليمينى النرويجى الذى ترأسه امرأة شديدة الأنوثة والماكياج والصوت الناعم، الإيمان بالنازية الرأسمالية الأبوية ليس له علاقة بالهرمونات فى الجسد مذكرة أو مؤنثة، بل بالأفكار التى تدور فى رأس الحزب السياسى الذى يحمل اسم الحزب التقدمى المسيحى، يتستر وراء المسيح والتقدم والمحبة ليزرع الكراهية والتخلف والعنصرية والإرهاب فى عقول أعضائه (منهم هذا القاتل) يحقنهم من الصغر بأفكار تحض على كراهية المهاجرين من ذوى البشرة غير البيضاء، من ذوى الهويات والثقافات والعقائد غير النرويجية، هذا التيار السياسى الدينى النازى الذى أصبح ظاهرة فى بلاد أوروبا وأمريكا وليس النرويج فقط، يضم التيار رجالاً ونساء وشباباً وأطفالاً تربوا فى الأحزاب اليمينية الصاعدة على الكراهية لكل من يختلف عنهم، فى الشكل أو اللون أو العقيدة أو الجنس أو الدين أو الجنسية أو غيرها.

رافقتنى صديقتى النرويجية «ماريان» وهى بيضاء تجرى فى عروقها دماء نرويجية وأوروبية، لكن أفكارها تختلف عن هذا التيار النازى المتصاعد الداعى إلى إبادة الشعوب الفقيرة فيما يسمونه العالم الثالث، بل إبادة الفقراء فى أوروبا الشرقية النازحين إلى النرويج، فى أغنى شوارع أوسلو اللامعة بالنظافة والزهور والعطور رأيت امرأة بيضاء من رومانيا جالسة على الرصيف تشحذ بضع كرونات من المارة، تكررت الظاهرة فى شوارع أوسلو بل فى أكبر ميدان أمام البرلمان، قالت ماريان: التيار النازى اليمينى يكره هؤلاء المهاجرين من أوروبا الشرقية الذين يدخلون النرويج دون فيزا أو تأشيرة دخول، إنهم ضمن الاتحاد الأوروبى،

هل لاحظت أن بعض المارة ينظرون إلى هؤلاء الشحاذين البيض البشرة شذرا، فمابال لو كانوا من السود أو الصفر أو الحمر أو غيرهم، هؤلاء النازيون الجدد يناضلون ضد التعددية الثقافية وضد تعدد الهويات والعقائد والأديان، يناضلون لطرد كل المهاجرين من النرويج، ووضع قوانين جديدة تحرمهم من الحقوق القليلة التى يحظون بها فى ظل الحكومة الحالية، يتضامن الإعلام العالمى الرأسمالى الأوروبى الأمريكى مع هذه التيارات المحلية اليمينية الدينية، مسيحية أو يهودية أو إسلامية أو غيرها، لا فرق بين أشكال وأنواع التعصب الدينى اليمينى، أهدافهم واحدة متشابهة، يكرهون النساء المستقلات ذوات الكرامة والعزة، يريدون إخضاع المرأة النرويجية لتعاليم كنيسة العصور الوسطى، يريدون عصر الجوارى والعبيد والسيطرة الأبوية المطلقة، أفكارهم لا تختلف عن أفكار التيارات اليمينية اليهودية فى إسرائيل، أو السلفية الوهابية فى بعض البلاد الإسلامية أو أفكار بن لادن وتنظيم القاعدة، إنهم جماعات منظمة وليسوا أفرادا، يخططون لضربنا نحن التيارات الإنسانية فى النرويج وفى أوروبا وغيرها من بلاد العالم، نحن الداعين للمساواة والعدالة والحرية للجميع داخل النرويج وخارجه.

قلت لماريان: هذه خطة عالمية محلية تحدث فى كل البلاد بما فيها بلادنا العربية، انظرى إلى المحاولات اللانهائية لإجهاض ثورتنا المصرية وثورات الشعوب الأخرى، انظرى كيف تتحول شعارات العدالة الاجتماعية الاقتصادية إلى شعارات دينية سلفية تصرف الأنظار عن الاستعمار الخارجى والاستبداد الداخلى إلى قشور.

قالت ماريان: الاتحاد الأوروبى يقف فى الخفاء وراء التيارات النازية الصاعدة ضد وحدة الشعوب فى أوروبا، بل إن القوى النرويجية الحاكمة هنا أصبحت تمول التيارات الدينية اليمينية إسلامية ومسيحية ويهودية، ولا تريد تمويل الحركة النسائية فى النرويج، تصورى الردة التى تحدث عندنا، لكن رغم كل هذا فالمستقبل لنا لأننا مع الإنسانية والعدالة والحرية، تربت ماريان فى بيت نرويجى يؤمن بالمساواة والحرية والكرامة لكل البشر بصرف النظر عن الاختلافات، أبوها وأمها من المناضلين ضد التفرقة بين المهاجرين والنرويجيين، أسرتها وزوجها وأبناؤها وبناتها من المناضلين من أجل حقوق الشعب الفلسطينى والشعب العراقى وكل الشعوب المقهورة عسكريا واقتصاديا.

رافقتنى ماريان إلى حيث كانت المجزرة البشرية، رأيت أعداداً كبيرة من الشعب النرويجى رجالاً ونساء وأطفالاً يسيرون فى صمت وحزن بالغ، يحملون الزهور، يضعونها فى كل مكان من النرويج، الميدان الكبير أمام البرلمان فى أوسلو أصبح مغطى بالزهور بكل الألوان، رغم الحزن تبدو الأزهار متفتحة زاهية الألوان والشمس ساطعة دافئة، تبدو الطبيعة جميلة متألقة رغم الحزن، لعل الحزن يزيدها جمالا، يشتد الحزن إلى جوار الفرح، كالأسود إلى جوار الأبيض، يبتسم الأطفال البنات والأولاد، لا فرق بين ولد أو بنت، يضحكون، يتسابقون فى الجرى فوق الخضرة الممدودة إلى الأفق، بلاد جميلة وشعب جميل لن ينهزم أمام البطش الطبقى الأبوى تحت اسم أى عقيدة أو دين أو غيرها من الكلمات البراقة، على شاشة الإعلام المأجور، لأصحاب المليارات، مثل روبرت ميردوك، الإمبراطور البريطانى الإعلامى الفاسد الذى سقط مؤخراً، وسوف يعقبه سقوط الثقافة الرأسمالية الأبوية وإعلامها الكاذب فى العالم كله.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوة الجبرية الأبوية تستمر وتزيد تجبراً
- لا كرامة لثورة فى وطنها
- كلمة الثورة.. المستحيل الممكن
- المرأة تُحارَب على كل الجبهات، العائلية والمحلية والعربية وا ...
- كما شق نهر النيل طريقه الوعر
- الورقة يا ورق وجوهر الأخلاق
- النساء والثورة والأحزاب الجديدة
- شىء عن الاتحاد النسائى المصرى
- مبارك.. زويل.. عماد أبوغازى؟
- الحنين لمن كان يضربه بالشومة
- أقول لكم أيها السادة والسيدات؟
- بلبلة الرأى العام فى كل عهد؟
- أين العدالة الاجتماعية أيها السادة؟
- الكبارى مع السلطة الحاكمة الجديدة
- لم ير واحد منهم له عين واحدة
- رجولة جديدة أرقى وذكورة قديمة أدنى
- هل تأخرت الثورة سبعين عاماً؟
- هل ينتصر النقاء الثورى على أخطبوط الفساد؟
- هل يمكنهم إجهاض الثورات الشعبية؟
- أخلاقيات الثورة الجديدة والقيم المزدوجة القديمة


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نوال السعداوى - أحداث أوسلو والثورات الشعبية الجديدة