أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار الجنابي - فلسفة الالماني فيختة















المزيد.....

فلسفة الالماني فيختة


عمار الجنابي
(Amaar Abed Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 3447 - 2011 / 8 / 4 - 17:57
المحور: الادب والفن
    


تـرى مـا هـي هـذه الميتافيزيقا التـي جذبت الرومانسي كل هذا الجذب؟ لقد كان محورها هو أن الفرد والأنا الواعية بذاتها - تلك الأنا التي جوهرها الإرادة الحرة - هي ذروة كل حقيقة reality • ولا شيء يبهج الرومانسي أكثر من هذا لكن الأمر لم يكن (لوسينده Lucinde) كما عرضها فريدريش فون شليجل، بل إن فيشته نفسه بعد أن نشر كتابه (تأسيس علم شامل للمعرفة، 1794) وجد من الضروري أن يوضح أفكاره، فأصدر في سنة 1797 (مقدمة ثانية) وبتقديم جديد، وقد أضاف كلا العملين سخافات جديدة (أمورا منافية للعقل)• لقد كانت الكلمة الشارحة أو الكلمة المفتاح في حد ذاتها تحتاج إلى شرح• لقد استخدم كلمة Wissenschaftsleher التي تعنى عمود المعرفة Shaft أو عصبها أو جزءها المركزي Trunk، أو لنستخدم كلمة مانعة جامعة - نظرية المعرفة•
وبدأ فيشته بتقسيم الفلاسفة إلى قسمين: الدوجماتيين dogmatists (أصحاب النظريات الذين يؤكدون نظرياتهم أو أفكارهم ويرفضون بحسم كل نظرية غيرها) أو القائلون بالوجود الحقيقي للمادة خارج العقل realists• (إنهم مقتنعون بأن الأشياء موجودة بشكل مستقل خارج العقل (أو النفس)، والمثاليون idealists الذين يعتقدون أن كل التجارب وكل الحقائق facts هي مفاهيم عقلية، وعلى هذا فهي كل الحقيقة فكل ما يمكننا معرفته جزء من العقل المدرك• لقد اعترض فيشته على القائلين بالوجود المنفصل للمادة (الوجود المستقل لها) realists على أساس أن مقالتهم تفضي منطقيا إلى أن الجبرية التلقائية التي تجعل (الوعي) أمراً زائدا أو غير ضروري مما يقوض دعائم المسئولية (البشرية) والأخلاق، بينما حرية الإرادة (حرية الاختيار) من بين أكثر الأمور التي نتمسك بها• لقد رفض فيشته ما هو أكثر إذ ذهب إلى أن أي فلسفة تبدأ بالمادة لا يمكنها أن تشرح الوعي الذي هو غير مادي• لكن قضايا الفلسفة الأساسية تهتم بهذه الحقيقة الغامضة التي نسميها الوعي• وهكذا بدأ فيشته بالوعي نفسه - الأنا (The Ego أو I ch أو I)• لقد تعرف العالم الخارج عن الأنا، لكن كان تعرفه من خلال ما نعرفه (نحن) عنه عن طريق إدراكنا الحسي•
هذا - من خلال عمليات إعداد عقلية - يحول الأشياء إلى جزء من العقل (إنه تفسير الحواس من خلال الذاكرة أو الغرض (أو الهوى أو الهدف Purpose) (وعلى هذا فالكلمة بمعناها الصحيح (الموضوعي) تختلف تماما عن الكلمة كما تفسرها الخبرة والسياق والغرض• وعلى هذا فالعاصفة (مثلا) التي هي من الناحية الحسية مجرد فوضى لا معنى لها تراها (وتحس بها) حواس مختلفة تصبح في الإدراك - من خلال الذاكرة والظروف والرغبة - مثيرة لفعل عامر بالمعاني)) وانتهى فيشتة إلى أننا يجب أن نفترض أن (الأشياء خارج الذات) أو (اللا أنا (non - Ego هي سبب لإحساسنا بما هو خارج الذات، لكن هذه الأشياء الواقعة خارج الذات لا تفسرها إلا الحواس والذاكرة والإرادة، وبالتالي فهي من مكونات العقل• وانطلاقا من وجهة النظر هذه فإن (الموضوع) والمادة Object هي جزء من الأنا، ولا يمكن أن نعرف أي شيء خارج الأنا Ego• تلك هي فلسفة فيشته إلا جانبا واحدا• فوراء النفس المدركة هناك النفس الراغبة (ذات الرغبة) والمريدة (ذات الإرادة) فالأنا (الإيجو Ego) هي نظام للدوافع أو البواعث أو المثيرات فكل النظام الذي تتشكل منه أفكارنا يعتمد على دوافعنا وإرادتنا (هنا نجد فيشته يتفق مع سبينوزا في قوله إن الرغبة هي الجوهر الصميم للإنسان) كما أن أفكاره هذه تفضي إلى فكرة شوبنهور عن (الكون كإرادة وفكرة)• والإرادة الطائشة ليست جزءا من الكون (العالم) الموضوعي الذي يبدو خاضعا (أو عبدا) لجبرية تلقائية• من هنا فالإرادة حرة• فالحرية هي جوهر الإنسان لأنها تجعله كائنا مسئولا أخلاقيا، قادرا على الالتزام - بشكل حر - بالقانون الأخلاقي• وكلما مضت الأيام بفيشته طوّر إعجاب كانط بالنظام الفلكي والأخلاقي في لاهوت جديد يفترض قانونا أخلاقيا يحكم الكون ويدعمه كما يحكم شخصية الإنسان ومجتمعاته ويحميهما• وأخيرا فقد جعل النظام الأخلاقي للكون (بالمعنى الآنف ذكره) بمعنى قيام كل جزء فيه بخدمة الكل من خلال أدائه لما هو منوط به - جعله هو نفسه الله• فهدف الإنسان الحر وواجبه هو أن يعيش في تناسق (هارمونية) مع هذا النظام الأخلاقي المقدس• وعلى هذا فالنظام الأخلاقي الكوني ليس مجرد (شخص) وإنما هو (عملية) ويظهر أي هذا النظام بشكل أساس في التطور الأخلاقي للبشرية• فمهمة الإنسان هي أن يعيش متناسقا (في هارمونية) مع النظام المقدس (بالمعنى الآنف ذكره)• كل هذا يذكرنا مرة أخرى باسبينوزا Spinoza لكننا نجد فيشته أيضا في سياق آخر متأثرا بهيجل: "فالنفس الفردية أو الروح الفردية فانية" ومع هذا فهي تسهم في خلود هذا (الكل) من النفوس الواعية التي هي الأنا Ego الخالصة أو الفكرة أو الروح•
إننا عند تناولنا لفلسفة فيشته نحس بقلق إنسان يتلمس طريقه بعد أن فقد إيمانه الديني المتوارث لكنه يناضل كي يجد لنفسه وقرائه أو تلاميذه طريقا وسطاً بين الإيمان والشك• وفي سنة 1798 واجه المشكلة (القضية) مرة أخرى في مبحثه (على أساس معتقدنا في الحكم المقدس للكون العالم)• لقد أعاد مفهومه لله سبحانه رافضا أن يكون الله شخصا (مشخصا) وإنما هو النظام الأخلاقي غير المشخص للكون، لكنه (أي فيشته) سمح بأن يعزى إلى هذا النظام شيء من (الشخصية) أو (التشخيص) (أي جعله مشخصا على نحو قليل) لإضفاء الحيوية• وعلى أية حال فقد أضاف أننا لو تصورنا الله كطاغية اعتمادا على ما سيقدمه لنا من مسرات ومباهج في المستقبل، فمعنى هذا أننا نعبد وثنا، والذين يعبدون إلها على هذا النحو حري بنا أن نسميهم وثنيين•
وظهر مقال لم يذكر اسم مؤلفه يصف مبحث فيشته الآنف ذكره بأنه مناهض للدين (المفهوم طبعا المسيحية بمعناها التقليدي) وشارك آخرون في الهجوم ، فصادرت حكومة سكسونيا كل النسخ المتاحة من مبحث (مقال) فيشته، وقبلت شكوى مؤداها أن حكومة فيمار تسمح للألحاد (المقصود هنا الخروج عن العقيدة المسيحية التقليدية) بأن يصبح موضاعا للدرس في مناطقها• وحاولت اللجنة التعليمية في فيمار تهدئة الأمر برد مهذب على السكسون Saxon، لكن فيتشه لم يكن مسالما فأصدر نشرتين (كتيبين) للدفاع عن كتابه أمام العامة، كانت نشرة منهما تحوي ردا مباشرا (نداء للجماهير)، فاعتبرتها لجنة فيمار التعليمية تحديا لطريقتها في معالجة الأمر ووصلته شائعة مفادها أن اللجنة ستطلب من مجلس الجامعة توجيه اللوم له علنا• وساق فيشته الأدلة على أن هذا الإجراء سيسيء للحرية الأكاديمية وكتب إلى عضو المجلس الملكي في فيمار مهددا بالاستقالة إذا أصدرت الجامعة هذا اللوم وأضاف أن أساتذة آخرين وافقوا على تقديم استقالتهم تضا منا معه فأصدرت اللجنة التعليمة في فيمار (بموافقة جوته وشيلر) بلاغاً لمجلس الجامعة يرغبها في توجيه اللوم له وقبلت الجامعة تهديد فيشته وتحديه ففصلته، وقدم الطلبة ملتمسين لإعادة أستاذهم، فتجاهلتهما الجامعة•
وفي يوليو 1799 انتقل فيشته وزوجته إلى برلين حيث تلقاه بحرارة فريدريش فون شليجل، وشليرماشر وآخرون من جماعة الرومانسيين الذين أحسوا المذاق الرومانسي في خيال فيشته وقوة الأنا البطولية heroic - Egonism في فلسفته• وكي يوفر فيشته أجرة الإقامة في منزل مستقل قبل رغم معارضة زوجته دعوة شليجل العيش معه ومع برندل مندلسون فايت Veit• لقد كان الفيلسوف المرح (فيشته) يحب العيش مع الناس واقترح أن يكثر من عدد المجموعة• لقد كتب يقول لو نجحت خطتي فإن آل شليجل وآل شلنج ونحن سنكون أسرة واحدة كبيرة لنقطن في بيت أوسع وليكون عندنا طباخ واحد لكن الخطة لم توضع موضع التنفيذ لأن كارولين فون شليجل لم تنسجم مع برندل• إن الفردية هي الحية التي تتربص بفردوس العيش المشترك•
وعلى أية حال فقد ظل فيشته حتى النهاية وفيه مسحة اشتراكية، فقد نشر في سنة 1800 مقالاً بعنوان (دولة التجارة المقفلة) ذكر فيه أن التجارة الخارجية وتداول النقد يمكنان الأمم الأغنى من استنزاف للأمم الأفقر، وعلى هذا فلابد أن تسيطر الحكومة على التجارة الخارجية كلها وأن تمتلك كل سبيكة صالحة للتداول• فالدولة إن تسلحت بهذه السلطة أمكنها أن تضمن لكل فرد أجراً يكفي معيشته ونصيبا مساويا في دخل البلاد، وفي مقابل هذا حق على كل فرد أن يسلم بحق الدولة في تحديد الأسعار وحقها في تحديد مكان عمله وطبيعته•
ومن الغريب أن يتزامن مع دعوته هذه إصداره لمبحث ديني هو (مهمة الإنسان، 1800) الذي يصف فيه الله باعتباره نظاما أخلاقيا للكون، ويلجأ إليه (إلى الله بهذا المعنى) بنشوة وحب وتعبد:
"عقيدتنا••• عقيدتنا في الواجب هي - فحسب - إيماننا به (بالله in Him) وبحكمته His reason وبحقيقته His truth••• فالإرادة الأبدية الخالدة هي خالقة الكون على نحو أكيد•• ونحن أيضا خالدون لأنه (الله He) هو الخالد•
الإرادة السامية الحية معروفة بغير اسم، لا يحيط بها فكر•• إن الأطفال يعرفونها كأفضل ما يكون وتعرفها النفوس البسيطة المؤمنة••• إننــــي أخفـــي وجهـــي أمامــك Thee (يا أللـه) وأضــع يــدي علـى فمـــي (لا أجــرؤ علــى الكـلام)•• كيـف أنـت Thou وكيــف تنظــر لوجـودي•• لا أســتطيع أن أعــرف أبدا•• أنت يا ألله (Thou) علمتنى واجبي ومهمتي في عالم الموجودات العاقلة• كيف لا أعرف وكيف لا أحتاج للمعرفة••• في ظل علاقاتك هذه بي•• أأستطيع الاطمئنان إلى نعمتك أو بتعبير آخر أأستطيع أن أرتاح في ظل نعمتك المريحة؟".
يظهر أن فيشته - وقد أصبح معتمداً في تدبير أمور معيشته على محاضراته العامة التي ينشرها بعد ذلك - راح يتجه أكثر فأكثر نحو الإيمان المسيحي، والوطنية الألمانية•
وفي سنة 1805 دعي ليشغل منصب أستاذ الفلسفة في جامعة إرلانجن Erlangen فحقق لنفسه فيها شهرة جديدة عندما اضطر بعد دخول جيوش نابليون ألمانيا إلى البحث عن منصب أكثر أمناً، فعبر إلى شرق بروسيا وراح يدرس لفترة في كونجسبرج Konigsberg وأدى اقتراب جيوش نابليون بعد ذلك بفترة وجيزة من فريلاند Frieland إلى انتقاله هذه المرة إلى كوبنهاجن• وفي أغسطس سنة 1807 عاد إلى برلين مرة أخرى بعد أن تعب من العيش بلا وطن، وهناك ترك الفلسفة جانبا، وأعطى كل جهده لاستعادة كرامة شعب ممزق طعن في كبريائه•



#عمار_الجنابي (هاشتاغ)       Amaar_Abed_Salman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة المسرح بالشعر
- ارسطو والمحاكاة
- نظرية الالهام او العبقرية (افلاطون)
- نظرية الأجناس الأدبية theory of literary genres
- عناصر البناء الدرامي
- التعبيرية (Expressionism) في الادب المسرحي
- مفهوم الزمن في الدراما
- نظرية الانعكاس في الادب والفن
- ارسطو والشعر
- التطهير (catharsis) والسايكودراما
- الشعر والاخلاق في الجمهورية الافلاطونية
- الخرافة (myth)
- العلامة والسيرورة السيميائية
- علم المثيولوجيا(الاسطورة)
- المعنى الجمالي للوجود (نيتشه)
- نظرية المثل عند افلاطون
- وظيفة الشعر عند الفارابي
- التراجيديا والكوميديا (tragedy-comedy)
- المحاكاة imitation
- الدكتورة وعلامة الكلبة النائمه


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار الجنابي - فلسفة الالماني فيختة