أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام محمود فهمى - من عبرات سقوط الدولة العثمانية ... وأي دولة دينية















المزيد.....

من عبرات سقوط الدولة العثمانية ... وأي دولة دينية


حسام محمود فهمى

الحوار المتمدن-العدد: 3443 - 2011 / 7 / 31 - 23:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعدما كانت قوة عظمى، بدأ فى عام 1800 سقوطُ الإمبراطوريةِ العثمانيةِ بسبب مزيجٍ من الانحطاطِ الداخلي والضغوط الخارجية. فَقدت حيويتَها الاقتصاديةَ بعدما أخَذَت الدولُ الأوروبيةُ الكبرى فى الدوران حول أفريقيا للتجارةِ واعتمَدت على الأمريكتين بدلا من الوسيط العثمانى، أيضاً تجاوزَت أوروبا الصناعية التقاليدَ العثمانيةَ التي عفا عليها زمنُ الثورةِ الفكريةِ والصناعيةِ. كما أدى ضعفُ نظامِ السلطنةِ إلى فقدانِ السيطرةِ المركزيةِ للدولةِ العثمانيةِ ثم الانهيارِ في نهايةِ المطافِ بعد تحالفِها مع ألمانيا في الحرب العالمية الأولى.



من القرن السادس عشر وحتى القرن الثامن عشر، أخذَت أوروبا طريقَ التقدمِ في جميع مجالات الحياة بأفكارٍ جديدةٍ وضَعَت تحدياً للقديمِ وأحدَثَت تغييراتٍ جِذريةٍ فى المجتمعِ تُناقضُ مع تأسسَت عليه الدولةُ العثمانيةُ التقليديةُ. غيَرَت الثورةُ العلميةُ التي حدَثَت في القرنِ السادسِ عشر الطريقةَ التي ينظرُ بها الأوروبيون إلى الحياةِ ككلِ، وتمحوَرَت ثورةُ الفكرِ على أساسياتٍ ثلاثة، الحرية والحقوق والمساواة، وغُلِبَ العقلُ على القوالبِ التقليديةِ كلِها.

وإذا عدنا إلى بدايةِ القرنِ الرابع عشر، فقد أنشأ عثمان الأول الدولة العثمانية، التي كانت متجهةً لتصبحُ واحدةً من إمبراطورياتِ التاريخِ القويةِ التى سيطرَت في أوجِها على منطقةٍ واسعةٍ شَمَلَت بلداناً في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا، وأوروبا. وقد كان عثمان الأول، الأول في سلسلةٍ طويلةٍ من السلاطين الذين حكموا الإمبراطوريةَ العثمانية التى دامت لأكثرِ من 700 سنة، من عام 1301 لعام 1922، صعَدَت خلالها حتى سقَطَت بغيرِ رجعةٍ. 



كان تراجعُ نظامِ السلطنةِ أحدَ الأسبابِ الرئيسيةِ المسؤولةِ عن سقوط الإمبراطورية العثمانيةِ. في الأصلِ كانت السلطنةُ مؤسسةً قويةً، يختارُ فيها السلطانُ خليفةً له من بين العديِدِ من أبنائه (وكان لبعضِ السلاطينِ أكثرُ من خمسمائةِ إبنٍ). وقد بدأ ضَعفُ السلطنةِ في عهد سليمان الفاتحِ على الرغم من أن حكمَه شهَدَ العصرَ الذهبى للإمبراطوريةِ العثمانيةِ، إلا أنه في السنوات الأخيرة من حياتِه أصبحَ أقلَ نشاطاً فى الاهتمامِ بشؤونِ الدولةِ، إلى أن دَبَرَ ضدَه إثنان من خلفائه المحتملين فأعدَمَهم. تلى ذلك، تَوَلى سليم الثاني السلطنةِ على الرغمِ من حقيقةِ أنه كان يعيشُ حياةً منعزلةً في القصرِ وبلا خبرةٍ في الحكمِ ولا كفاءةٍ، وقد كان ولَعُه المُفرِطُ والوحيدُ بالمُتعِ الجَسَديةِ. من بعده، واصلَت السلطنةُ الهبوطَ والتراجعَ، لانشغالِ الخلفاءِ المُحتملين بالحريمِ، ولهَجَرِ السلاطينِ تقليدِ تدريبِ أبنائهم على إدارةِ السلطنةِ والحكمِ. وقد أدى تراجعُ نظامِ السلطنةِ إلى ضَعفِ سيطرةِ الحكومةِ المركزيةِ على أنحاءِ الإمبراطورية، فأخَذَت قطاعاتٌ كبيرةٌ من الإمبراطوريةِ فى الانفصالِ، فى شمال أفريقيا عام 1808 وفى اليونان عام 1826.


وشهَدَت الإمبراطوريةُ العثمانيةُ ركوداً اقتصادياً لأنها فَشَلَت في التَكَيُفِ مع التَغَيُراتِ التي طرأت على العالمِ من حولها. لفترةٍ طويلةٍ خَدَمَت الإمبراطوريةُ العثمانيةُ كبوابةٍ للشرقِ، لأنها جَلَسَت على مفترقِ الطرقِ بين أوروبا وآسيا. وبالتالي، شكَلَت الإيراداتُ من طُرقِ التجارةِ جُزءً أساسياً من اقتصادِها. إلا أن الأوروبيين طَوَروا طُرقَ التجارةِ الجديدةِ التي تجاوزَت الإمبراطوريةَ العثمانيةَ، مما ضَرَبَها بشدةٍ. ثم، خلالُ القرنِ الثامن عشر، فَشلَ العثمانيون في التصنيعِ وتخلَفوا تماماً عن الدولِ الأوروبيةِ المحيطةِ بهم، وبطبيعةِ الحالِ خابَت بضاعتُهم فى المنافسةِ وهو ما جعَلَ الركودَ الاقتصادى يخنقُهم ويُوهِنُ إمبراطوريتَهم.



أيضاً، كان التحولُ في ميزان القوى الدولي عاملاً فاعلاً في سقوط العثمانيين. فقد شَكَلَ أورخان، السلطان العثماني الثاني، شعبةً من الجيشِ سماها الإنكشارية، ظَلَت أشرس قوة قتالية في أوروبا لأعوامٍ كثيرة. في عهدِ سليمان أصبَحَت الإمبراطورية العثمانية أقوى دولة في العالم، وفي عام 1529 وصلَ سليمان أبوابَ فيينا. مع مرورِ الوقت، تقادَمَت الإنكشارية وتمرَدَت وعجزَت عن ملاحقةِ الثورةِ الصناعيةِ، ولم يعدْ العثمانيون قوةً. وعلاوةً على ذلك، أضعَفَتهم الحروبُ العديدةُ مع روسيا خلال الفترةِ 1806-1812، وكذلك فى القِرم 1853-1856، وأنهَكَتُهم حركاتُ التمردِ في منطقة البلقان. في عام 1839، حارَبَ العثمانيون ضد محمد علي، حاكم مصر، وهو ما أسفَرَ عن خروجِ مصر من الامبراطورية العثمانية. كما لم تكنْ علاقاتُ العثمانيين بجيرانِهم جيدةً، وارتكبوا فى 1915-1918 مذبحةَ تطهيرٍ عرقيٍ راحَ ضحيتها مليونٌ والنصفُ مليونٍ من الأرمن. في آخرِ المطافِ، تحالفَ العثمانيون في الحربِ العالميةِ الأولى مع ألمانيا، ومع نهايتها، كانت الإمبراطوريةُ العثمانيةُ قد مُزِقَت ولم يبقْ منها إلا تركيا الحاليةُ.

وفي النهاية، اِنهارَت الإمبراطوريةُ العثمانيةُ بعدةِ عواملٍ داخليةٍ وخارجيةٍ، أدَت في خاتمةِ مطافِها إلى عزلةٍ عن التاريخِ والجغرافيا أسقطتها بلا رحمةٍ. سَجَنَت الإمبراطوريةُ العثمانيةُ نفسَها فى العصورِ الوسطى بكلِ مَظالِمِها، بينما الكلُ من حولِها يسبقُها وهى غافلةٌ، لدرجةِ أن العثمانيين كانوا يتصورون الجنودَ الأوروبيين حريماً لشعورِهم الطويلةِ إلى أن فوجئوا بهم رجالاً غازين منتصرين. تسبَبَ الفسادُ في مؤسسةِ الامبراطوريةِ العثمانية والحكومةِ، ورفضِها التقدمِ الاجتماعى والثقافى والسياسى والاقتصادى والعلمى فى تفتتِها ووقوعِها بسهولةٍ فى أيدى إمبراطورياتٍ جديدةٍ تسيطرُ على العالمِ بعقولٍ مُنفتحةٍ، حَقَقَت للإنسان حريتَه وكرامتَه. 


في عالم اليوم، اجتاحَت بدعمٍ عالمي القواتُ الأثيوبيةُ والأفريقيةُ الصومال، ما تزالُ ميليشيات الشباب تكررُ وتعيدُ الخطابَ العتيقَ، المتشنجَ، المانعَ، الرافضَ، تجبرَت رغم هشاشتها، تمنعُ المعوناتٍ عن شعبٍ في مجاعةٍ، لا اعتبارَ عندها لحياةٍ أدميةٍ، قهرَت وتقهرُ شعبَها باسم الدين. 
قبلها كان إقصاء طالبان بعد أن قدمت نموذج يستحيل أن يُحتذي. بنفس الإخراج، أُبعد حزب الله عن جنوب لبنان، أُجلي عن أرضٍ كانَ يعتبرُها حصنَه وملاذَه، يتغني بالنصر ِعن بُعد، بالمراسلةِ، يطالبُ بالثمنِ من استقرارِ لبنان ووحدتِه، يلعبُ بشارعٍ يسودُه التقلبُ والغوغائيةُ. وبمحنة الجلوس علي كراسي السلطة بأي ثمنٍ وعلي أي خرابةٍ سيطرَت حماس، غابَت عنِ العصر، اتشحَت بنفسِ سلاحِ القهرِ، باحتكارِ الصوابِ، برفضِ الآخرين، بإنكارِ التاريخِ، المعاهداتِ، الاتفاقياتِ. العالمُ الآن شديدُ الحساسيةِ لهذا الخطاب، لا يصدقُه، لا يثقُ به، يري فيه التنمرَ عند المقدرةِ، الخيانةَ.



في مصر بوادرُ تجربةٍ مماثلةٍ، تتصورُ في نفسِها القوةَ، تتحدي سلطةَ الدولةِ، الفسادُ المستشري أغراها برفعِ شعاراتِ استمالةِ الناقمين، هِرَم النظام السابق جرأها. بوضع اليد سيطرت علي شوارع وجامعات ونقابات، تغلغلت باسم التجارة وفعل الخير، أساءت لكل من فكر علي خلافها، سلاح الدين مُشهر، به تمنح وتمنع، تبيح وتحلل، تقود المطحونين لويلات أكبر منهم. ما أخطر سيطرتهم أو حكمهم، الشعب هو الضحية، مصر الدولة، المعاهدات التي ينكرونها ستهدر أرضاً غالية، إنكارُ المواطنةِ سيمزقُ الوطنَ، لا يملكون إلا كلاماً براقاً مخادعاً وتاريخاً محدودَ النماذجِ بالهوى يروونه، وواقعاً بائساً يائساً فقيراً يتصورونه ملاذهم.

ليعطوا الفرصة ليجربوا، كيف؟ لا يقدمون إلا هلاميات تثيرُ الفزعَ، صراخٌ، تطاولٌ، تهديدٌ، وعيدٌ، لا مجالَ للتجربةِ، سوف تكون الأخيرة وبعدها الانهيار والتفتت. 
بنك فيصل السعودي قدم النموذج، نظام قَبَلي يستبعد المخالفين في الديانة، يستغلُهم ولا يسمحُ بمشاركتِهم في اتخاذِ القرارِ، في الحكمِ، كله باسم الدين.

الجمعة 29 يوليو 2011 أكدَ أن الحالَ مخيفُ، اقتحامُ العريش باسم الدين كارثي، لا نملك ترف المجاملة، و إخفاء الحقيقة والمخاوف، أو الدفاع عن دكتاتوريات دينية فيها عظاتُ كل من يعتبرُ. الترويجُ لمن يرون أنهم الحلُ، ما هو إلا الدمار علي عجل، الخروج من التاريخ والجغرافيا،،


www.albahary.blogspot.com
Twitter: @albahary



#حسام_محمود_فهمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل اِنتُخِبَ طه حسين وأحمد لطفي السيد؟!
- صنائعُ الفضائياتِ … 
- كثير كده؟!
- اِحترموا أنفسكم بَقَى …
- مِهنُ ما بعد الخامسِ والعشرين من يناير … 
- اللاسلوكيات …
- فيسبوك، لعبة، نشاط، أم مؤامرة كبرى؟
- الانتخاباتُ ليست الحلَ الأمثلَ لاختيارَِ القياداتِِ الجامعية ...
- صَومَلِة وحَمسَنِة مصر ...
- فى عبراتِ سقوطِ الدولةِ العثمانيةِ ...
- هل يُستَفتَى الشعبُ على حمايةِ الشرطةِ؟
- تسيير أعمال أم تكبير مخ؟ أم ماذا؟
- الإعلامُ بعد ٢٥ يناير … وقبله
- فى طَلَبِ ما لا يُطلَبُ ...
- شِبه دولة ...
- تقسيمُ السودان ثم ضربُ ليبيا ... ماذا بعد؟
- ليسوا جيلاً فاشلاً ...
- سارقو الفرح ...
- الحَذَرُ من هؤلاءِ ...
- لنا وعلينا ... فى الجامعاتِ


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام محمود فهمى - من عبرات سقوط الدولة العثمانية ... وأي دولة دينية