أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مصطفى مجدي الجمال - وطني وصباي وعبد الناصر !!















المزيد.....

وطني وصباي وعبد الناصر !!


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 3442 - 2011 / 7 / 30 - 12:33
المحور: سيرة ذاتية
    



رغم أنني من أبناء المنصورة فقد شاهدت جمال عبد الناصر للمرة الأولى في حياتي في مدينة دمياط حيث كان والدي يشرف على شبكات المياه بالمحافظة.. ومن حسن الحظ أن الموكب كان سيمر من تحت شرفة بيتنا في شارع سوق الحسبة.. وجاء الأقارب والمعارف ليحتشدوا في الشرفة لرؤية هذا الرجل العظيم.. وما أذكره أن الجميع كان يهتف (عاش جمال عبد الناصر) بينما اخترت أنا الطفل الذي لم يتعد عمره 8 سنوات أن أهتف (عاش المشير عبد الحكيم عامر) فقد شدت حلته العسكرية انتباهي وبصري.. ولامني أبي على هتافي كما لو كنت أتدخل في السياسة العليا حسبما فهمت فيما بعد، كما أدركت لاحقًا أن ذلك المشير كان (غلطة) عبد الناصر الأولى.. وكما يقال في المثل فإن (غلطة الشاطر بألف!!)
ورأيت عبد الناصر مرة ثانية في مدينتنا المنصورة بعد أن عدنا إليها في منتصف الستينيات، وكان الزحام في المدينة رهيبًا حيث زحف مئات الألوف من القرى لمجرد رؤية الزعيم.. وقررت أنا وابن خالي أن نذهب إلى مكان بعيد خارج المنصورة لنشاهد القطار المقل له وهو يدخل طرف المدينة.. وما أن خرجنا من بين الأعشاب حتى فوجئنا بالقطار يتهادى أمامنا والرجل يقف في شرفة القطار.. أخرستنا طلعته المهيبة فانعقد لساني تمامًا بينما تلعثم ابن خالي في هتافه بصوت مشروخ (مربح مربح ياجمال!!) أي (مرحب مرحب ياجمال).. ولوح لنا الرئيس بتحية خاصة، وأقسم بالله أنه ابتسم لنا.. وصرنا نحكي الواقعة لأقراننا لأننا شاهدنا عبد الناصر في (عرض خاص جدا)..
وحدث في تلك الفترة أيضًا أن كان عبد الناصر مرشحًا للرئاسة.. وكنت في السنة الأولى الإعدادية بمدرسة ابن لقمان الشهيرة بالمنصورة، وكان طلبة مدرسة الصنايع يأتون كل يوم لإخراجنا للتظاهر ونهتف (أنور.. أنور ياسادات.. احنا اخترنا جمال بالذات) فالسادات كان رئيس مجلس الأمة..
ولكن في اليوم التالي لإقرار المجلس ترشيح عبد الناصر لم يأت أحد لإخراجنا للتظاهر.. فقررنا أن نتظاهر من تلقاء أنفسنا.. وكانت مدرسة الأيوبية أول مدرسة حاولنا إخراجها رغم أنف ناظرها المرحوم أحمد الحنبلي.. وذلك بعدما هتفت بصوت عالٍ (أين الحرية ياحنبلي!!) وفوجئت بأن الهتاف صادف هوى في نفوس الأولاد فرددوه ورائي وبدوني بأصوات هادرة.. أما الناظر الفاضل فكاد أن يفتك بي ولكنه في النهاية أفلتني .. ومشيت التظاهرة في شارع الثانوية حتى فوجئنا بسيارات النجدة والشرطة تهاجمنا وتعاملنا بقسوة، ووقعت بيننا وبينهم معارك كر وفر في الأزقة.. وكان السؤال الكبير الذي لم أجد له إجابة وقتذاك هو: هل الشرطة ضد الرئيس؟! وعندما كبرت استطعت تفسير هذا الموقف حينما قرأت للأستاذ هيكل عن ديمقراطية الموافقة..
وبعد نكسة 1967 بدأت الصحافة الحكومية تشغل الرأي العام ببعض القضايا الجانبية، وكان منها وقتذاك قضية أحمد الحداد أستاذ اللغة الانجليزية بمدرسة ابن لقمان.. فقد اتهم الرجل بتسريب امتحان الشهادة الإعدادية لمحافظة الدقهلية.. ومن الطريف أن الذي كشف واقعة التسريب هو المرحوم إبراهيم عبد الرازق رئيس اتحاد طلاب المنصورة الثانوية والممثل الشهير فيما بعد. وأصبح أحمد الحداد الموضوع الرئيسي تقريبًا للصحف، وتعرض الرجل لاستجواب قاس وقيل إنه هو الذي رمي بنفسه من نافذة التحقيق وظهر المانشيت الرئيسي للجمهورية (انتحار الحداد!!)..
وكان الرئيس عبد الناصر قد شكل لجنة للإشراف على التحقيق برئاسة أنور السادات.. ولما كانت التحقيقات تجري في مبنى مدرستي التي أعرف مداخلها ومخارجها جيدًا فقد تسللت إليها ذات صباح لأشاهد فجأة أغرب منظر يمكن أن تراه عيناي، فقد رأيت أنور السادات يجري وراء أستاذ يرتدي بدلة في عز الحر، وعرفت فيما بعد أنه مدير المنطقة التعليمية.. هاجم السادات الرجل بالقول والفعل.. وكانت هذه هي المرة الأولى التي أشاهد فيها السادات على الطبيعة.. ذلك الرجل الذي عرفت فيما بعد أنه كان (غلطة) عبد الناصر الثانية..
أما آخر مرة رأيت فيها عبد الناصر فكانت يوم وفاته.. فقد كنت في زيارة لأقاربي بالقاهرة، وبينما كنت واقفًا في الأتوبيس أتصبب عرقًا واختناقًا من أبخرة المازوت، توقف السائق فجأة لتمر بجوارنا سيارة الرئاسة وكان عبد الناصر في المقعد الخلفي وبجانبه شخص لم أتبينه وفي المقعد الأمامي كان الملك حسين يتحدث ملتفتًا بجسده كله إلى الخلف.. تسلل إلي شعور غريب بعدم الراحة..
وبعد ساعات تصادف أن كنت أقف مع ابن خالتي أمام القصر الجمهوري بالقبة حيث تقابلنا مصادفة مع شخص عرفت أنه ضابط بالمخابرات وكان يعرف ابن خالتي عن طريق نادي الجزيرة الذي كان الأخير يلعب في فريق ناشئيه في كرة السلة.. وعرفت من حديث الاثنين أن الضابط ينظم جلسات في بيته لتحضير الأرواح، الأمر الذي أصابني بالدهشة والقرف.. لكني لا أنسى كلماته أن هناك حركة غريبة في القصر اليوم..
حينما أعلن السادات وفاة الزعيم تجمدت الدموع في عيني، وكان الذهول هو سيد الموقف، ثم التحمت في موجات لا تنتهي من بحر الدموع الذي أغرق مصر كلها إلى حين وري جسده التراب..
كنت قبل ذلك بسنوات قد بدأت التعرف على مجلات الطليعة والكاتب والسياسة الدولية والفكر المعاصر وتراث الإنسانية التي أحدثت انفتاحًا كبيرًا في ذهني على تيارات حديثة في الفكر العالمي من كل الاتجاهات.. ورويدًا رويدًا بدأت أكتب أوراقًا بدائية أحاول فيها الجمع والتوفيق بين ماو تسي تونج وإرنستو تشي جيفارا وعبد الناصر.. وفي كل الأحوال ظل عبد الناصر جزءًا من روحي حتى لو افترقت السبل في مجال الفكر..
تطورت أحوالي فانغمست في السياسة بالجامعة حتى أذني.. وكنت أنزعج بشدة من أصدقائي الماركسيين الذين لا يريدون أن يضعوا عبد الناصر في ذات المكانة التي كانوا يضعون فيها محمد علي باشا بصفته (باني مصر الحديثة) رغم قسوة هذا المتسلط الإقطاعي ومغامراته التي أرسلت الجيش المصري للحرب في كل اتجاه حتى في شمال البحر المتوسط بل والمكسيك أيضًا..
بالقدر نفسه كنت لا أحب تحويل عبد الناصر من رمز وطني نحبه ونحترمه كلنا إلى كائن مقدس لا يجوز نقده.. كنت أقول لهؤلاء إن عبد الناصر نفسه كان ينقد نفسه موضوعيًا من خلال التطور في فكره وممارسته..
وحدث أنني حضرت لقاء ناصر الفكري الذي كان يعقد صيف كل عام بنادي اتحاد طلاب عين شمس.. وحينما دعوت الناصريين إلى ضرورة المبادرة بتشكيل حزبهم المستقل بعد تمام الانقلاب السياسي الذي أنجزه السادات.. غضب بعض الزملاء الناصريين الذين مازالوا مؤمنين بالعمل من خلال الاتحاد الاشتراكي بعد استرداده أو تثويره.. بل حاول البعض اتخاذ قرار بإبعادي من اللقاء ولكن أصدقائي الناصريين في جامعات عدة تضامنوا معي بقوة.. وقال أحدهم عني (إنه يمثل الحلقة المفقودة بين الماركسيين والناصريين)..
في مساء هذا اليوم عرض فيلم تسجيلي عن عبد الناصر .. وما أن أضيئت الأنوار حتى وجدت الزملاء الناصريين يشيرون إلى في تعجب شديد لأنني كنت أبكي.. قلت لهم : أتطنون أن عبد الناصر ملكية خاصة للتيار الناصري.. إنه قطعة من تاريخنا الوطني.. قطعة من حياتنا وصبانا وأحلامنا.. بغض النظر عن النظريات والاختلافات..
متى تعيد مصر للرجل ما يستحقه من تكريم..
بل متى نعطيه ما يستحقه من اهتمام وبحث ودراسة.. خاصة ولدينا الآن مجلس عسكري.. ومرشحون عديدون أيضًا للرئاسة.. ومع ذلك لا تجد فردًا بقامة عبد الناصر.. وهو ما يطلق عليه الكاريزما.. ونعلم جميعًا أن للزعيم الكاريزماتي صفات ومواهب ومواقف تاريخية خاصة، ولكنه أيضًا يتشكل بالتفاعل مع الحركة الوطنية التي نشأ فيها..



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقدير موقف للثورة المصرية ومبادرة للحزب الاشتراكي
- فيروس الانقسامية في اليسار المصري
- الفطام الذي طال انتظاره
- المال السياسي
- الإخوان وأمريكا .. الغزل الماجن
- الديمقراطية .. والمدرب الأجنبي !!
- إنقاذ الثورات العربية من الاختراق
- ترجمة أفريقيا
- إصلاح الشرطة يبدأ من -كشف الهيئة-
- ميلاد الاشتراكي المصري.. والسماء تتسع لأكثر من قمر!!!
- الجبهة في بلاد العرب (محاولة في تنظير الواقع)
- عودة الدكتور -بهيج-
- الاشتراكي والعربي .. منظور مصري
- حوار مع كريم مروة
- جوهر الديمقراطية الضائع
- صناعة المشاهير في خدمة الثورة المضادة
- المجلس العسكري وحكمة الجنرال -علي زيوار-
- الثورة كأمر واقع .. الحالة المصرية
- إلا السيناريو السلفي


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مصطفى مجدي الجمال - وطني وصباي وعبد الناصر !!