أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيروز أمين - رنين الأجراس الحلقة الثانية














المزيد.....

رنين الأجراس الحلقة الثانية


فيروز أمين

الحوار المتمدن-العدد: 3442 - 2011 / 7 / 30 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


كعادتها كل صباح فتحت نور مكتبتها لتستقبل يوماً جديداً مع وجوهٍ مألوفة ، وجوه بدون إسم ولا عنوان تمر من أمام مكتبتها كل يوم وورائها ألف قصة وقصة ، تراقبهم من بعيد من خلال نافذتها السرية كما تحب أن تسميها ، تلك السيدة هي موعد الساعة الواحدة تأتي لتأخذ طفلها من حضانة الأطفال الواقعة في أول الشارع بعد يوم طويل من العمل ، سيدة أخرى في أوائل العقد الخامس من عمرها هي موعد الأحد من كل أسبوع لدائرة البريد تراقبها نور منذ مدة وهي تأتي متلهفة لتلك الدائرة وتتسائل إذا ما وجدت ضالتها في تلك الدائرة أم لا ؟
ها هي الفتاة الطويلة التي تترجل كل أسبوع من نوعٍ مختلف من السيارات ، غير أن أحب المواعيد الى قلبها هو موعد الساعة الرابعة من كل يوم أربعاء حيث تلتقي برجلها الغامض الذي تعود المجيء الى مكتبة مجاورة منها ، لا تعرف إسمه ولا وظيفته ولكنه أصبح دافعا قويا لنور لتستقبل أسبوعها بنشاط وحيوية غير عاديين ، كيف يمكن لشخص غريب أن يضئ حياتنا هكذا ؟ أم أنه اليأس والخوف من الوحدة يدفع المرء بالتمسك بعلاقة مستحيلة وتكون رهينة لإنتظار بدون نهاية وبدون أي أمل في اللقاء ، هذه التساؤلات كانت نور تطرحها على نفسها عندما كانت تختلي مع نفسها .
وبينما كانت نور ترتب الكتب على الرفوف دخلت ندى صديقتها وزميلتها في العمل تبادلتا تحية الصباح ، الطقس رائع في الخارج هل تشمين رائحة المطر ؟ قالت ندى .
نعم أحب الفصول إلي هو فصل الشتاء قالت نور وأجمل ما فيه هو سقوط الأمطار على الورد والشجر أتذكر كيف كنا نرحب بسقوط المطر حين كنا صغاراً كنا ندور وندور ونرتوي من قطراته مغمضين عيوننا ، تلك القطرات كانت تترائ لي وكأنها كرة بلورية من زمن الجن تخبأ داخلها الكثير من السحر وأصوات أناس آتية من بعيد .
المطر يذكرني بطفولتي كنت أهرع لخزانة ملابسي لإخراج ملابسي الشتوية المجعدة استعدادا لقدوم الشتاء ، وأتعرض لتأنيب والدتي التي كانت تعاقبني لكوني بعثرت ملابسي في أنحاء الغرفة قالت ندى .
واليوم نهرع للداخل عند سقوط المطر ونكتفي بمشاهدته قالت نور بأسى .
أجل من الجميل أن يبقى المرء طفلاً ولا يكبر أبداً قالت ندى .
أجل مثل بيتر بان اليس كذلك قالت نور بمرح .
على ذكر بيتر بان ما هو أخبار صاحبنا ؟ قالت ندى بخبث .
من تقصدين ؟ قالت نور متجاهلة سؤالها .
أقصد صاحبنا الغامض ألم يطل اليوم ؟ قالت ندى .
لا أعرف ثم هل تحسبين أن لا هم لدي ولا عمل سوى مراقبة الطريق ردت نور بعصبية .
حسنا لا تغضبي سيظهر قريباً سأعد لكلينا كوب شاي قالت ندى .
كانت ندى ونور رفيقتا درب تشاركا معا حلاوة الحياة ومرارتها وكلتاهما تعتبران صندوق أسود للأخرى ، فندى تخبئ داخلها أسراراً لنور لا يعرف أحدا عنها حتى أختها ، وكذلك الحال بالنسبة لنور فهي ملمة بكافة تفاصيل حياة ندى ومشاكلها المتواصلة مع زوجها عصام الذي يعمل بشكل متقطع ولايأخذ مسؤلية العائلة بجدية كافية مما تجعل ندى تحل مكان الأب والأم لطفيلها .
وبينما كانت نور ترتشف الشاي لاحظت شرود ندى وهي تتمعن في كوب الشاي بيدها ،وقتها أدركت أن ثمة خطب فيها فندى بالنسبة لها كتاب مفتوح وتستطيع أن تحس بها قبل حتى أن تبوح عما بداخلها ، ماذا جرى ما بك ؟ سألت نور .
تنهدت ندى لاشيء مثل كل مرة .
ماذا حصل قولي ؟ ألحت نور .
لا أريد أن أشغلكِ بمشاكلي ، فمشاكلي لا نهاية لها تدرين أن أي يوم يمر بدون شجار وقتها يعتبر يومي غير عادي قالت ندى والدموع تترقرق في عينيها .
هيا على الأقل بوحي ما بداخلك ولا تكتميها ، تعرفين أنك ستشعرين بالإرتياح إذا تكلمت ، ثم من لنا غير بعضنا لنشكي له همومه قالت نور .
قالت ندى بعد أن أخذت نفساً عميقاً الليلة الماضية تجاوز عصام كل حدوده معي تصوري أنه رجع للبيت متسللاً كالمجرمين حتى أنني والأطفال فزعنا ومتنا من الرعب ظننا أن لصاً أو مجرماً إقتحم بيتنا .
ربما فعل ذلك لأنه لم يرد أن يقلق نومك قالت نور .
لا قالت ندى بقوة ، لقد فعل ذلك ظناً منه أنه سوف وبعدها ترددت ولم تستطع إكمال حديثها .
أكملي ندى بدأت تخوفينني عليك قالت نور بقلق .
إنه يظن أنه سيضبطني مع رجل قالت ندى وقد إستسلمت لبكاءٍ شديد .
كان وقع كلماتها كالصاعقة عليها ، لا تقولي المزيد قالت نور أرجوك ، ثم نهضت من مكانها وأحست بضيق في التنفس ، كنت أتوقع من زوجك كل أنواع الحقارة ولكن أن يصل به الأمر للتشكيك بك فهذا يفوق التحمل ، من يحسب نفسه عليه أن يحمدالله لأنك لم تتركيه حتى اليوم ، ألا يكفيك ما تلاقين من مرارة في العيش معه حتى أنك تعيلينه هو وأولاده ، ثم أتدرين معنى أن يشك بك ؟
نعم معناه أنه يخونني ، في البداية كان عندي شك ولكن الآن تأكدت قالت ندى بثقة .
أتركيه أساساً لست بحاجة اليه فعملياً أنت التي تعيليه هو يحتاجك أكثر ما تحتاجيه قالت نور .
وماذا افعل وحدي ؟ وكيف أواجه المجتمع ؟ هل تتصورين معنى إمرأة مطلقة مع طفلين في مجتمع لايرحم ولا يعترف بحق المرأة في إختيار حياتها ، ثم أن أياً من أفراد عائلتي سوف لن تدعم قراري وحتى لو عاندت وأصريت على الانفصال سوف نقع أنا وأطفالي تحت رحمة والديّ وأخوتي وسوف تحتسب خطواتي من قبل البيت والمجتمع قالت ندى .
لكنك تستطيعين إستئجار بيت مستقل لك قالت نور.
وهل تظنين أن أهلي سيسمحون لي بالعيش في بيت مستقل بعد الطلاق ؟ قالت ندى متسائلة .
حقيقة لا أعرف ما أقول قالت نور .
ليس هنالك ما يقال قالت ندى ، ربما علي الانتظار حتى يكبر الاطفال ويصبحوا سنداً لي وقتها أستطيع التحرر من قيود زوجي وأسرتي .
ولكن أية حياة ستعيشها ندى خلال السنوات القادمة و أية تنشئة سيتلقاها طفلاها في بيت مشحون بالتوتربين أبٍ غائب عنهم ، وأمٍ تحارب داخل البيت وخارجه في سبيل توفير أشبه ما يكون بمنزل لهم .

يُتبع .........



#فيروز_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رنين الأجراس الحلقة الأولى
- جريمة بحق البراءة
- إعلان عن شركة لتصدير .........
- رنين الأجراس
- الحكام العرب من جنيف الى الرياض
- رؤية عصرية لروبن هود
- سعادتي
- أيها البشر إحذروا ......
- أأعجبتُك ؟
- لا
- أين الرئيس ؟
- يوميات شباب 25 يناير في ميدان التحرير الجزء السادس
- يوميات شباب 25 يناير في ميدان التحرير الجزء الخامس
- يوميات شباب 25 يناير في ميدان التحرير الجزء الرابع
- يوميات شباب25 يناير في ميدان التحرير الجزء الثالث
- يوميات شباب 25 يناير في ميدان التحرير - الجزء الثاني
- يوميات شباب 25 يناير في ميدان التحرير


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيروز أمين - رنين الأجراس الحلقة الثانية