أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - في نظرية التفكيك العراقية!















المزيد.....

في نظرية التفكيك العراقية!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3441 - 2011 / 7 / 29 - 20:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



دعا سامي العسكري، مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، إلى تفكيك القائمة العراقية، وكذلك تفكيك الائتلاف الوطني العراقي، الذي يضم ائتلاف دولة القانون في صفوفه، ولعل العسكري السياسي القيادي في حزب الدعوة سابقا والذي ينتمي إلى دولة القانون يدرك ما تعنيه مثل هذه الدعوة؛ فالقائمة العراقية، التي انشطر عنها القائمة العراقية البيضاء (ثمانية نواب)، اتخذت مواقف متباعدة عن العراقية، بعضها أقرب إلى دولة القانون، والآخر أكثر راديكالية وبُعدا عنه، لكن أمر عودتها إلى العراقية، حسبما يبدو بات بعيدا، وحتى بعد إعلان انضمام قائمة وحدة العراق إلى القائمة العراقية، فإن الأمر لا يزال يعاني من التفكك، خصوصا بعد حدثين مهمين، الأول هجوم الدكتور أياد علاوي رئيس القائمة العراقية على حزب الدعوة ورئيس الوزراء نوري المالكي، حين أطلق خطابه الشهير الذي نعتهم "بخفافيش الليل" في ردّة فعل غاضبة على تمزيق صوره في ساحة التحرير، ولا سيما تلك الصورة التي تم استغلالها مع مرتكب مجزرة عرس الدجيل (الجبوري).
والحدث الثاني جاء عند تصريحات أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي، من واشنطن ودعوته لإقامة إقليم سني أو حتى انفصاله، تعبيرا كما قال عن مشاعر وهموم السنّة الذين يعانون التهميش والإقصاء، فتفجّر الموقف، خصوصا وأن بعض أعضاء كتلته عبّروا عن تأييد فاتر أو تحفظ محدود أو تنديد شديد، لكن مثل هذا الموقف لم يكن مدروسا، وربما فوجئ به البعض أو لم يكن مستعدا لمواجهة مثل هذا الاحتمال، أما أعضاء الكتل الأخرى المنضوية تحت لواء القائمة العراقية سواء تلك التي برئاسة طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية (التغيير) أو الدكتور صالح المطلق نائب رئيس الوزراء أو الدكتور رافع العيساوي وزير المالية أو الدكتور ظافر العاني، فإن صوت الاحتجاج أصبح منخفضا أو أن نبرة المعارضة بدت خافتة منذ تشكيل الحكومة العراقية الحالية، وتوليهم مناصب قيادية فيها، الأمر الذي يعني أن رئيس القائمة وبعض القريبين منه في واد والآخرين في واد آخر، وذلك ليس سوى تفكيك فعلي حتى وإن ظلّت القائمة العراقية موحدة شكليا حتى الآن.
أما الائتلاف الوطني العراقي فقد بات هو الآخر أكثر تفككا من قبل، باستثناء دولة القانون الكتلة الأكثر تماسكا والأكبر حجما، في حين أن جماعة مقتدى الصدر يغرّدون خارج السرب، ولا سيما بشأن الاتفاقية الأمنية المرتقبة بين العراق والولايات المتحدة، حيث سينتهي مفعول الاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 2008، في نهاية العام الحالي 2011، الأمر الذي يستوجب مناقشة بقاء أو رحيل القوات الأمريكية، وتنفرد جماعة الصدر عن حلفائها وخصومها بموقف متميّز هو دعوتها لخروج القوات الأمريكية من العراق، وإصرارها (حتى الآن) على مقاتلة الأمريكان في حال بقائهم وعدم انسحابهم.
وبدت كتلة الائتلاف بقيادة عمّار الحكيم وهي كتلة محدودة ومعها كتلة الإصلاح الصغيرة التي يمثلها الدكتور الجعفري ونائب آخر غير منسجمة الإيقاع مع رئيس الوزراء، وربما باستثناء الجعفري وفالح الفياض اللذين حاولا لحمة العلاقة مع المالكي الذي كان هو الآخر حريصا عليها، خصوصا عندما شهدت مواقع حزب الدعوة والكتلة الشيعية، بعد فوز القائمة العراقية بـ 91 مقعدا مقابل فوز المالكي وكتلة دولة القانون بـ 89 مقعدا، قلقا شديدا، الأمر الذي تمت معالجته على جناح السرعة خوفا من أن تطير السلطة من أيديهم، فوقّعوا على تحالف جديد يضم نحو 70 مقعدا إليهم بما فيهم جماعة مقتدى الصدر التي فازت بـ 40 مقعدا، وهكذا حازت كتلة الائتلاف الوطني على الأغلبية في البرلمان وتم تشكيل حكومة ثانية بقيادة المالكي.
لكن هذا المشهد لم يستمر طويلا وكان أقرب إلى التفكيك هو الآخر، ففي حين أريد إمرار صيغة نواب رئيس الجمهورية الثلاث، إرضاء لخضير الخزاعي، استقال عادل عبد المهدي بعد تسميته نائبا للرئيس، خصوصا وقد شعر بأن المنصب أساسا بلا صلاحيات، ناهيكم عن أن المكانة الاعتبارية التي يمثلها الموقع بدأت تتدهور علما بأن الصفقة مرّت خلافا للدستور.
وحتى كتلة التحالف الكردستاني التي لم يأتِ سامي العسكري على ذكرها فهي الأخرى تعاني تباعدا وتعارضا، وقد استطاعت كتلة التغيير بقيادة ناوشيروان مصطفى، والتي حصلت بالتحالف مع الحركة الإسلامية في كردستان الحصول على 16 مقعدا في البرلمان العراقي وعلى نحو ربع عدد أعضاء برلمان كردستان، وكذلك على نسبة موازية تقريبا في انتخابات مجالس المحافظات، أن تهدد بانقسام التحالف الكردستاني، وفيما إذا حازت على أغلبية في السليمانية مستقبلا، فقد تعلن السليمانية إقليما مستقلا إذا رأت مصلحتها في ذلك، وإذا اعتقدت أن ذلك سيضعف التحالف بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني خصميهما اللدودين، وبذلك فإن فكرة عدم قبول أو رفض ثلاث محافظات على أية تعديلات دستورية، ستكون معطّلة، ولا سيما إذا سادت نظرية التفكيك، وإذا قررت كتلة التغيير وبعض المتحالفين معها الانسحاب من التحالف الكردستاني.
وإذا كانت نظرية التفكيك أمريكية في الأساس، ولا سيما بعد الفوضى الخلاقة بحل مؤسسات الدولة وتفكيكها وإعادة تركيبها بما فيها القوات المسلحة، فإن التفكيك السياسي سيجعل الجميع أقلية، ولا أحد يستطيع أن يدعي أنه أغلبية، وبالإمكان التحكّم في لعبة شدّ الحبل والصراع بين الأقليات، ولا سيما إذا تم تحويلها إلى طائفية وإثنية، حيث يتم تقسيم المقسّم وتجزئة المجزأ، وقد فُصّل القانون الانتخابي والكتل المتحالفة على أساسه، لتأتي بمثل هذه النتائج التي قد تزيد وقد تنقص حسب الهوى السياسي والتحديات التي تواجه هذه الكتل عشية أو لحظة الانتخابات البرلمانية.
ولعل ما ينسجم حاليا بين نظرية التفكيك الأمريكية ونظرية التفكيك العراقية، هو أن كتلة المالكي (دولة القانون) لا تستطيع امتلاك ناصية الأغلبية، فهي الكتلة الأقوى بين الضعفاء والكتلة الأكبر أو كتلة الأغلبية بين الأقليات، ولا سيما بعد تفكيك الكتل جميعها، وبما أن رئيس الوزراء والوزراء يعانون من مشكلة المحاصصة والتقاسم الوظيفي المذهبي والطائفي والإثني، فإن عملية ترشيق الوزارات التي تضخّمت لتصبح 42 وزارة والتي ستطول الجميع ستجعله يتصرف خارج نطاق بعض الحسابات التي تفرضها المحاصصة، خصوصا بعد الإقدام على عملية الترشيق، وستضحي الكتل الكبيرة داخل الائتلافات القائمة بالكتل الصغيرة في الحصول على مواقع وامتيازات، وهكذا ستكون الكتل الصغيرة بمنأى عن استمرار التحالفات القديمة، الأمر الذي سيؤدي إلى تفكيك الكتل الكبيرة، حيث تبقى الكتلة الأكبر وإن كانت أقلية، هي كتلة رئيس الوزراء.
ومثل هذا السيناريو يتفق مع نظرية التفكيك الأمريكية، ولا سيما عشية إمرار الاتفاقية العراقية - الأمريكية الجديدة، خصوصا بارتياب القوى والكتل والقوائم بعضها من بعض واضطرارها إلى التفكير بمستقبلها الذي سيظل مرهونا بوجود طرف ضامن، كما تبرر من خلال الوجود العسكري الأمريكي في العراق، وهكذا ستحصل الولايات المتحدة على ما تريد من بقاء قواتها وربما بإجماع الجميع.
وباستثناء جماعة السيد الصدر حاليا فإن لا وجود لقوى أو طرف سياسي من داخل الحلبة السياسية أن أعلن اعتراضه على بقاء القوات الأمريكية، ويبرر البعض مثل القائمة العراقية بأطرافها وجود القوات الأمريكية للحيلولة دون التدخل الخارجي الإقليمي، ولا سيما الإيراني الواسع النفوذ، أما حكومة إقليم كردستان فتراه ضرورة لا غنى عنها لاستمرار العملية السياسية، ويذهب بعض أطراف الائتلاف الوطني ودولة القانون إلى أن ذلك ضرورة أمنية، ولا سيما خارجية تمليها التحديات التي تواجه التجربة الجديدة في العراق والعملية السياسية، خصوصا النقص الفادح في سلاح الجو والبحرية. ولعل حالة الاحتراب وغياب الوحدة الوطنية والإرادة الموحدة هي التي ستدفع بهذا الاتجاه وهكذا تلتقي نظرية التفكيك الأمريكية مع نظرية التفكيك العراقية، لكن التفكيك الجديد قد يقود إلى إعادة تركيب جديدة، وقد يحتاج الأمر إلى وقت، ربما طويل نسبيا لحين الانتخابات القادمة، وقد يسهم التحرك الشعبي الذي بدأ في 25 شباط (فبراير) في تهيئة بعض المستلزمات لذلك، لكن الأمر لا يزال على صعيد القوى القابضة للسلطة أو خصومها أو معارضيها مجرد إرهاصات، سواء بالاتفاق أو الاختلاف، حتى أن اتفاقية أربيل التي كانت أقرب إلى صفقة سياسية لعملية تركيب جديدة لم تنجح في امتصاص حالة الغضب والتباعد التي هيمنت على علاقات القائمة العراقية مع قائمة دولة القانون، وبين رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور أياد علاوي. وقد اتضح أن حكومة ما سمّي بالوحدة الوطنية أو حكومة الشراكة الوطنية التي أقيمت على شرفها ولائم كثيرة، لم تكن زواجا منسجما أو موفّقا، ناهيكم عن كونه زواجا غير قائم على الحب والتفاهم والتعاون، بل كان أقرب إلى زواج مصلحة مؤقتة وحتى عابرة في حالة يأس وقنوط من جميع الأطراف، ولا سيما من القائمة العراقية.

صحيفة الاقتصادية السعودية العدد رقم 6500، الجمعة 29/7/2011



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسيون بلا سياسة في العراق!
- الربيع العربي والهواجس المراوغة
- الشباب وفن الانتفاضة: خريف الآيديولوجيا وربيع السياسة!
- شروط أوباما الفلسطينية
- إقليم السنّة العراقي: التباس التاريخ
- ديناميكية مغربية
- حين تصبح العدالة ميداناً للصراع الدولي!
- منهج ماركس لا يزال صحيحاً لكنه لا يصلح لنا الآن
- الربيع العربي وحرية التعبير
- التسامح والرمز
- هل تتقطّع خيوط واشنطن في بغداد؟ التعويضات ومعسكر أشرف
- ثلاثة ألغام أمريكية جديدة في العراق
- عبد الكريم الأزري: المشكلة والاستعصاء في التاريخ العراقي
- السلام يُصنع في العقول
- كوبا الحلم الغامض- كتاب جديد
- فقه التجديد والاجتهاد في النص الديني
- الشاعر أحمد الصافي.. التمرّد والاغتراب والوفاء للشعر
- قانون التغيير وتغيير القانون
- في العقول يبنى السلام وفي العقول يتم القضاء على العنف
- فصل جديد من الدبلوماسية الأمريكية


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - في نظرية التفكيك العراقية!