|
ذاكرة العراق المشروخة
عبد الله السكوتي
الحوار المتمدن-العدد: 3439 - 2011 / 7 / 27 - 11:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هواء في شبك ( ذاكرة العراق ىالمشروخة ) كان يشكل وجع رأس لاسرته ، واسوأ تلميذ في صفه ، وكان يبدو انه لامخرج من ذلك الوضع المخجل ، الى ان اقام ابو التلميذ الخائب مأدبة للمعلم ، وبعد ليلة طويلة من المدائح وكرم الضيافة ، رجع المعلم الى بيته محملا بالهدايا ، وفي اليوم التالي ، تحول اسوأ تلميذ الى افضل تلميذ . هذه القصة ، بكلمة زائدة او كلمة ناقصة ، رويت قبل اكثر من اربعة آلاف سنة ، تدلل على ان الرشوة هي واحدة من اقدم عادات الحضارة ، هذا ماجاء في كتاب افواه الزمن للكاتب ادواردو غاليانو ، واضاف غاليانو : لقد اكتشفت القصة على ضفاف نهر الفرات ، رواها السومريون ، برموز تشبه آثار قوائم العصافير ، مرسومة بقصبة مدببة على واحد من الاف الواح الطين التي اختفت من متحف بغداد ، انتهى هنا كلام غاليانو حول الالواح التي اختفت من متحف بغداد ، ومنذ ايام اعادت الولايات المتحدة الاميركية عددا كبيرا من القطع الآثارية الى السفارة العراقية هناك ، وكان من ضمن الآثار المسروقة والتي قام بتهريبها جنود اميركيون ، وآخرون من المتعاقدين قلادة ثمينة تعود الى اكثر من الف سنة ، ومن الطبيعي ان يكون العائد من الاثار اقل بكثير من المسروق من قبل مافيات آثار عالمية ، وقد شكر سفير العراق سمير الصميدعي الجانب الاميركي على مايقدمه في اعادة الاثار المسروقة ، وقال بالحرف الواحد : ان اميركا ربما تشعر بالذنب ولهذا تسعى في ارجاع الاثار المسروقة. لقد رابطت الدبابات الاميركية امام ابواب وزارة النفط ابان 2003 تاركة النار واللصوص يلتهمان ذاكرة العراق وآثاره ، حتى هذا اللوح المسروق والذي يؤكد وجود الرشوة في بلاد مابين النهرين قبل اربعة آلاف سنة هو تاريخ عراقي ، بحالتيه الجيدة وغير الجيدة ، ومع حجم خسارتنا فاننا لانعير اهتماما لتاريخنا وآثارنا ، ونعتبر الامر مزحة ، وقد رأينا باعيننا ضعاف النفوس وهم يتداولون مخطوطات مهمة بازدراء ويبيعونها في شارع المتنبي بابخس الاثمان ، لقد اقتنى امريكي تراث الهنود الحمر بخمسين دولارا ، وهاهي المأساة تتكرر في العراق ، حيث ساعد البعض على سرقة وتهريب تراثنا الكبير ، ربما كان الوجود الاميركي برمته هو حسد حضاري ، ربما لم تكن اسلحة الدمار الشامل هي من حرك كبار البيت الابيض باتجاه العراق ، وربما لم يكن احتياطي النفط المغري هو من ايقظ الرئيس الاميركي ، حين صرح ان صوتا سماويا ايقظه طالبا منه الذهاب الى العراق ، وقد اصاب الصميدعي كبد الحقيقة عندما قال : الاميركان يشعرون بالذنب تجاه حضارة العراق . للاسف اننا لم نقدر ماموجود لدينا ولم نعيره ادنى اهتمام ولم نتألم على ضياعه ، ولم نبن سورا بشريا للحفاظ عليه كما فعل المصريون ، بل على العكس هناك من مثقفينا من حمل شاحنات من المخطوطات وذهب بها الى بيته ، وعندما سألناه فلان ماذا تفعل ؟ اجاب اريد الحفاظ عليها وعندما تستقر الامور سأقوم بتسليمها ، ولكنها للاسف هبطت شارع المتنبي لتباع كما بيع غيرها ، مع تجذر الخطأ وقدمه ، ومع وجود اللصوصية ومنذ زمان سحيق ، لكن هناك من الامور غير القابلة للسرقة ، وهناك من المقدسات الشعبية ماتجعل الفرد يعطي ذاته للدفاع عنها ، لماذا اضع تاريخي وتراثي للبيع في حين يعتز الجميع بهما ، ولا انسى العجوز التي وضعت قليلا من الحصى والاحجار ، وعندما حاول احدهم شراءها منها واحست بلكنته الاجنبية ، قالت انا لا ابيع تراث بلادي ، ولكن بعضهم باع وبابخس الاثمان ليحيل حضارة العراق الى احجار تتداولها مافيات الآثار ، بينما هي التي اعطت للكون اهميته وهي التي اضاءت للبشرية طريقها ، وبالتالي بسبب هوج البعض ممن ركدوا في داخل البيت الابيض كالبرك الآسنة ، فارادوا ان يصنعوا لانفسهم تاريخا مشرفا ، فاختاروا اعرق البلدان واقدم الحضارات ليدللوا وفي القرن الواحد والعشرين انهم مازالوا عصابات متفرقة تستطيع العبث باي شيء ، ومازال راعي البقر يسكن مخيلتهم ، ومازالت البنوك والمصارف والسطو عليها شغلهم الشاغل وثقافتهم الاثيرة ، ولذا حاولوا شرخ ذاكرة العراق . عبد الله السكوتي
#عبد_الله_السكوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحم الله جمعه افندي
-
هذا واحد من الاربعين
-
الكاع وثورة تموز 58
-
العطش ، العطش
-
احقد من جمل
-
من جلة الخيل
-
امر حكومه او جاري
-
اذا جان المغسّل اعور ، كول ياموتة الكشره
-
هذا مو يوازيك اتبيع الجدر
-
ديونّا ماوفيناها
-
ناصر الاشكر وميناء امبارك
-
مثل اخوة زينب ظلينه
-
اليدري يدري والمايدري كضبة عدس
-
اتلوا ( اكلوا ....)
-
جوية العجل من ذيله
-
اذا ردت اتهجج اكنس او عجج
-
هاذي ماهي رمانه ، هاذي اكلوب مليانه
-
زرازير النبكه
-
الصخمج لطمني
-
امجلبين ابذيل هالخير وماندري وين راح ايودينه
المزيد.....
-
السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
-
الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال
...
-
السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت
...
-
سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
-
عملية احتيال أوروبية
-
الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
-
-بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ
...
-
مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا
...
-
عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
-
إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|