أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جعفر المظفر - جريمة النرويج.. وإن للحضارة ضحاياها أيضا















المزيد.....

جريمة النرويج.. وإن للحضارة ضحاياها أيضا


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3439 - 2011 / 7 / 27 - 02:19
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



مع كل جريمة إرهابية تحدث في الغرب, وذات صلة مباشرة أو غير مباشرة بقضية المهاجرين, تكون هناك إقترابات متفرقة ومتباينة, الأبرز فيها تلك التي تسهب في مسألة التسامح الغربي مع المهاجرين بالطريقة التي تحمل المهاجرين ذاتهم وزر تلك الجرائم والتي قد تكون قضيتهم لعبت دورا تشجيعيا عليها.
ملخص تلك المقالات لا يتطرق إلى قضية التسامح الأوروبي كسلوك سياسي واجتماعي ذاتي وذا علاقة أساسية بتطور هذه المجتمعات من داخلها, ومع علاقاتها بناسها وحركاتها وبقية العالم, وإنما يذهب ليحمل المهاجرين المسؤولية المباشرة, وكأن تلك الدول غافلة عما تعمل أو أن سياستها تجاه المهاجرين هي معزولة تماما عن طرق ومناهج حياتها بالذات, حتى كأننا أمام منظمات خيرية وليس أمام دول بسياسات ومناهج ومصالح.
إن الذي يتنكر لطبيعة وحجم المساعدات التي تقدمها أنظمة ومجتمعات تلك الدول للمهاجرين لن يكون ناكرا للجميل فحسب وإنما ناكرا للحقيقة, كما أن التأكيد على أهمية أن يلعب المهاجرون دورا مطلوبا للتخفيف من حدة وحجم التداعيات السلبية التي يخلقها وجودهم في الغرب هي مسألة على جانب كبير من الأهمية. لكن اقتطاع هذه الحقيقة عن بقية الحقائق الأخرى والنفخ فيها أو ترتيبها بما يعطيها مرتبة السبق على غيرها سيساهم بدوره في تضبيب طرق المعالجة, وفي جعل الإقترابات أكثر تعقيدا.
لنضع أيدينا أولا على مَن تأسس على مَن..؟! هل أن التسامح الغربي كان تأسس ونشأ ونمى ونضج بفعل وجود المهاجرين, أم أن مبدأ وسلوكيات التعامل مع المهاجرين جاءت كإحدى تداعيات هذا التسامح . إن اختيار إحدى الإجابتين ستحمل بدورها الإجابة أيضا على السؤال التالي.. من كان المستهدف الحقيقي وراء هذه العمليات الإجرامية: المهاجرون بشكل أساسي أم قضية التسامح الأوروبي ذاتها.
بطبيعة الحال, إن الحاجة الماسة إلى ترتيب الإجابات بشكل سليم لن تلغي وجود تداخل حقيقي بينها في ذات المشهد نفسه, وأظن أن القدرة على الفهم والمعالجة, كما أن حساب التداعيات وردود الأفعال, تتوقف إلى حد كبير على فك هذا التداخل وترتيب أسبقيات عوامله مثلما تتوقف أيضا على تأشير من كان هو السبب ومن كان هو النتيجة.
إن المجرم في النرويج كان استهدف سياسة التسامح بدرجة أساسية, تلك السياسة التي أدت إلى تصالح أوروبا مع مجتمعاتها ومع دولها والتي كانت تأسست نتيجة مباشرة لقرون من الحروب والمواجهات التي كلفت ملايين القتلى وكان من بينها الحربين العالميتين التي أنتجتهما السياسات العنصرية التعصبية والنازية, مثلما ساعد على ترسيخها, أي سياسة التسامح, تطور النظام العالمي وقيام الإتحاد الأوروبي اللذين اشترطا مستويات أساسية من الانفتاح والتسامح وحقوق الإنسان. وبهذا التسامح كانت تلك الدول قد خدمت إنسانها ومجتمعاتها ومحيطها وأسست ورسخت ثقافات إنسانية متفتحة كان من شأنها أن تمنع نمو وانتشار التيارات العنصرية القومية الداخلية بالاتجاه الذي يهددها بحروب مدمرة أخرى.
إن حاجة هذه المجتمعات إلى التسامح هي حاجة إنسانية ذاتية كانت قد وصلت إليها تلك المجتمعات بعد أن تأكد لها أنها البوابة الحقيقة نحو السلام الاجتماعي والسياسي الدائم, أما علاقة المهاجرين بها فهي جزء من تداعيات, ولسوف تستمر الحاجة إلى هذه الحالة سواء وجد المهاجرون أم لم يوجدوا, لأن التراجع عنها هو نكوص وانتكاسة وعودة إلى الوراء حيث سيكون بإمكان الأفكار والسياسات العنصرية أن تنمو وتترعرع مرة أخرى مهددة بحروب ذاتية مدمرة.
إن كل ما يقال عن حاجة هذه المجتمعات إلى عمالة رخيصة يوفرها المهاجرون هو صحيح, لكن ذلك لا ينطبق على جميع تلك الدول بالتساوي, فالدول الاسكندنافية ربما هي ليست في حاجة حتى متواضعة إلى هذه العمالة, كما أنها بلا شك الطرف الاقتصادي الخاسر في هذه المعادلة. وحتى مع وجود الحالة الموضوعية التي تفرض الحاجة إلى الهجرة فإن سياسة التسامح سوف تغدو مطلوبة أكثر وذلك من أجل استيعاب هذه العمالة وتحويلها إلى جزء من النسيج الاجتماعي والحالة الثقافية العامة لكي لا تستمر عبأ على المجتمع أو تكون نقيضا له.
إن هذه الجرائم في مقامها الأول هي شكل من أشكال الحروب العنصرية الداخلية, ولنا أن نتصور ماذا ستكون عليه حالة هذه المجتمعات فيما لو قدر للسياسات والأفكار العنصرية والنازية أن تنتصر, لذا فإن وقوف هذه المجتمعات ضد الأفكار العنصرية الداخلية هو بمثابة دفاع عن نفسها قبل أن تكون دفاعا عن قضية المهاجرين. وسوف لن يكون بمقدور هذه المجتمعات أن تمنع الانهيار الذاتي حيث الحروب الداخلية والخارجية المحيطة ما لم تحافظ على مناهجها وثقافتها الإنسانية. ولعل تبني قضية المهاجرين, وخاصة المسلمين منهم, هو أفضل امتحان لقدرة هذه المبادئ على الصمود نظرا للصعوبات التي تخلقها الحالة الإسلامية في الوقت الراهن وذلك نتيجة لعوزها الذاتي أو نتيجة لتفعيل استخدام هذا العوز سواء من قبل قوى اليمين المتطرف أو الصهيونية العالمية ذاتها, ونتيجة أيضا للتخريب التي تحدثه الحركات الإرهابية والسلفية وفي المقدمة منها القاعدة.
غير أن ذلك لا يعني في مطلق الأحوال أن المهاجرين هم متفرجين على المعركة الداخلية وأن دورهم هنا هامشيا, بل أن استيعابهم لأبعاد الحالة من شأنه أن يعرفهم على أدوارهم فيها, فهم رغم كونهم طرفا متلقيا وليس مؤسسا أو منتجا لطبيعة الصراع إلا أنهم فرسان السباق الحقيقين الذين تراهن عليهم كل القوى لتحديد المنتصر في بدء ووسط السباق قبل نهايته, وعليهم أن لا يحسبوا أنفسهم كطرف متفرج أو حيادي أو متلقي وإنما كطرف فاعل بما يوجب تغيير أنماط السلوك التي تدعم ثقافة التسامح وتجعل قدرة القائلين بها أكثر قوة على الصمود والمطاولة.
وفي هذه المجابهة الساخنة فإن التفتيش بإبرة عن الأخطاء والممارسات الضارة يصبح مطلوبا فكيف إذا كنا بهذا الرصيد من الأخطاء والممارسات الواضحة المؤذية.
إن جريمة النرويج يجب أن تكون إشارة واضحة للمهاجرين المسلمين كي يبدءوا تاريخا جديدا يتخلصوا فيه من كل الممارسات والثقافات المتخلفة التي تجعل انتصار قوى التطرف اليميني الأوروبي والأمريكي ممكنا. وليتذكروا أنهم سوف يكونوا أول ضحايا هذه النكسة, حيث سيكون العدو من ورائهم والعدو من أمامهم.
وإذا لم تدفعهم إلى ذلك تلك الورود النرويجية التي سقطت مضرجة بدمائها فما الذي سيدفعهم إذن !!



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرابع عشر من تموز.. من بدأ الصراع, الشيوعيون أم البعثيون ؟
- الإسلام السياسي وصراع الحضارات
- تصريح النجيفي.. تهديد أم تحذير
- نوري السعيد.. جدلية القاتل والمقتول
- ثورة الرابع عشر من تموز والعهد الملكي... قراءات خاطئة
- بين أن تكون ديمقراطيا أو أن تكون مالكيا
- حديث حول الطائفية
- النجيفي وأصحاب المناشير الأبرار
- الشيعة والسنة بين فقه الدين وفقه الدولة الوطنية المعاصرة – 2
- الشيعة والسنة.. بين فقه الدين وفقه الدولة الوطنية المعاصرة*
- أحزاب الدين السياسي والنفاق الوطني
- هناء أدور.. الكلام في حظرة الرئيس
- مأزق العراق مع دولة الإسلام السياسي
- مجزرة عرس التاجي.. مجزرة دولة ونظام
- خرافة المائة يوم.. إذا أردت أن تطاع
- الانسحاب الأمريكي العسكري من العراق
- أوباما.. وقضية النملة والبيجاما
- لولا علي لهلك عمر
- الخزاعي ليس هو المشكلة
- ولكن ما هو الإصلاح


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جعفر المظفر - جريمة النرويج.. وإن للحضارة ضحاياها أيضا