أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم تايه - حفل خيري














المزيد.....

حفل خيري


هاشم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 19:05
المحور: الادب والفن
    


استقبل عميد كلية (.......) سيّدة بثياب كهنوتيّة سود من تلك التي لا خرق فيها إلاّ لعينين وأنف وفم.
قدّر السيد العميد أنّ السيدة تحمل أمراً يرهقها وتعاني منه، وتودّ لو تستنجد به وحده ليخفف عنها، وقرّر في نفسه أن يختبر إمكانية استثماره حضورها لصالح صباحه الوظيفي بما يسمو به، قبل أن يمنحها استجابته.
جلست السّيّدة حيث أشار إليها أن تجلس على الكرسي الملتصق بمكتبه المستطيل، ورداً على ابتسامة وظيفيّة اعتادها السيّد العميد، بمصاحبة ذراعين انفرجتا في الفضاء للاستقبال، أعلنت السّيّدة أنّها ناشطة نسوية في مجال العمل الخيري، وأنّها ما قصدتْهُ إلاّ لأنّها تعلم علم اليقين كم هو سخيّ، وكريم، ومستعدّ لتقديم العون...
أشرق وجه السّيّد العميد واسترخى جسده كلّه فوق مقعده الدوّار، وتعلّقت عيناه بفم السّيدة التي أطرقت قليلاً ثمّ تابعت بعدما أبصرت تطلّعه إلى المزيد..
قالت إنّها سمعت أخباراً عن إنسانيته التي تفوق الوصف، ومحّبته أفعال الخير، وحرصه على أن يكون له فيها نصيب كبير، وإنّها شخصيّاً تغبطه على سعادته بما يهب من ماله لآخرته..
شعر السّيد العميد بالإحراج وبدا كما لو أنّ غرفته تحوّلت إلى برميل ماء وأنّه يختنق في قعره، واستعدّ للانتفاض ليخلّص نفسه، لكنّ السّيدة أسرعت تقول: سيدي العميد، إنّه حفل خيري لتقديم الدعم لأطفال يتامى يعلم الله كم هم محرومون، وسوف يحضر حفلنا مسؤولون حكوميون كبار، ورجال أعمال، ووجهاء عشائر، وضباط جيش وشرطة، وستغطي وقائعه قنوات فضائيّة شهيرة، ووسائل إعلام معروفة.
سأل السّيّد العميد وكأنّه يطلب النجاة على يديْ محدّثته:
- والمطلوب؟
- خمسمائة ألف دينار، أقلّ مبلغ تبرّع به كلّ من سيحضر الحفل من السّادة الذين ذكرتهم. أجابت السّيدة.
أطرق العميد وكأنه حُشِر في جيب سترته، فأضاءت السيدة عتمته:
سيدي، ستنال فرصتك في الحفل بالإعلان عنك محسناً كبيراً أمام عدسات الفضائيات، ولن يضيع أجرك وأنت سيّد العارفين!
ومضت تقول باندفاعة غالبة، سيكون الحفل غداً في المتنزه (......) في تمام السّاعة (........) وسيشرفنا حضورك!
أمضى السّيد العميد نهاره وليله يقنع نفسه بأنّ ظهوره على الملأ، كمحسن كبير، عبر أضواء الفضائيات يستحق خمسمائة الألف التي خرجت بها السّيدة... إنّها، مهما تكن، يمكن تعويضها من هذا الباب، أو ذاك، وفوق هذا ستجلب الفرصة لمصافحة ضروريّة مع السّادة المسؤولين والضباط والأعيان...
"لي الشرف سيّدي، أنا ....... بن...... الـ......... عميد كلية ........"...
........
في جهة من المتنزه انتصبت، على عشب أصفر، كراسٍ سود لا يزيد عددها على عشرين كرسياً، كانت السّيدة الناشطة تذود عنها أطفالاً استوقفتهم في الشمس، وكان هناك ضابطان عزفا عن الجلوس، وانتحيا جانباً، كأن لا علاقة لهما بما يجري، وليس بعيداً عنهما وقف شيخ بعمامة جامداً كما لو كان ينتظر بلبل السماوات يهبط على عمامته ويشرع بالتغريد..
قبالة الكراسي الفارغة انتصبت كاميرا وحيدة لفضائية مغمورة..
جلس السّيد العميد على أحد الكراسي وألقى بعينيه على الفراغ المحصور بين قدميْه، وشرع ينتظر... أقبلت عليه السّيدة وانحنت تقول... سيّدي تفضل لتوزيع هذه التـيـ شيرتات على أبنائك اليتامى... للأسف، سيدي، عطلٌ غير متوقع أصاب الكاميرا وأوقفها عن العمل، و..... لكن لا بأس، تفضل سيدي!
ظلت الكراسي فارغة أمامه حين شرع السيد العميد يضع، ممتقع الأسارير، التيـ شيرتات الصينيّة القليلة التي قدّر ثمن الواحد منها بما لا يعدو خمسمائة دينار، في أيدي أطفال لم يكن يعنيهم أبداً من يكون هو...



#هاشم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الرسم والشعر
- في الطريق إلى اللّبلبي !
- أحبّ كلّ أربعٍ وعشرِ
- عالية
- عابر استثنائي... وعي العين وشقاء الرؤية
- الرّسّام سارداً تشكيليّاً
- قصائد
- جدل حول قصيدة النثر في بيئة مُسرْطَنة
- سليلة الملائكة
- عصفور آب
- معرض أطفال العراق في حفل زواج
- الشعراء العراقيّون يغزون أمريكا
- كيسُ القُبَل
- نُزهة قاتلة
- على مفرق الحجر
- سياحة عمياء
- بعيداً عن الوحل خذني
- حوار مع الفنان العراقي هاشم تايه
- ميثولوجيا عراقية
- مصالحة في الهواء الطلق


المزيد.....




- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم تايه - حفل خيري