أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - دموع الصمت قصة قصيرة














المزيد.....

دموع الصمت قصة قصيرة


محمد عبد الله دالي

الحوار المتمدن-العدد: 3437 - 2011 / 7 / 25 - 19:42
المحور: الادب والفن
    


دموع الصمت ــــــ قصة قصيرة

نزل من السلم وهو يتكئ على الحائط مرة على هذه الجهة ومرة على الجهة الثانية
ومن ينظر إليه يظنه قد شربَ شيئاً جعلهُ يترنح ، وهو يتمتم بكلمات لا تفهم ، وعندما استقر على الأرض ، أخرجَ تباغته ، وبللً رأس بإصبعهِ تمهيداً للف سيكارة من ورق الرشيد ،تنهدَ ودلف من الباب يمشي ببطء شديد متهالك القوى ولسان حالهِ يقول إذا لم أحصل على المقسوم هذا اليوم .. كيف أتمكن من شراء الدواءَ ؟ لهذا الطفل .
توكل بعد إن دسَ سيكارة في فمه الذي أصبح أصفر من دخانِ السكائر وهي علامة أكيدة على كثرة التدخين ، سحب نفساً عميقاً أدخل كل دخان التبغ إلى رئتيهِ وزفر كأنً مركباً قد اقلع للتو ، على أمل أن يصل إلى موقف العمال الصباحي ، وهو شخصية معروفة في الموقف وبعد وصوله إلى المكان أخرج ورقة صغيرة كُتِبَ عيها اسم الطبيب ،وكتابة باللغة الانكليزية صعبة الفهم ، لايحل طلاسمها إلا الراسخون في علم كتابة الأطباء .
يسمع صوتاً من بعيد :ـ
ــ أبو أحمد ، أبو أحمد ..؟
ــ ركب مستبشراً بالعمل ِ عسى أن يوفر َ مبلغ الدواء ، حرقته شمس تموزإختلط عرقه بالتراب ِ والاسمنت ، شكل طبقة من لون بشرته ، رسمت خطوطاً كروافد صغيرة للماء المتصبب من وجهه وصدره ترسم صورة جميلة للعامل الكادح على صفحة الحياة لبناء غدِ جديد ،كان يسأل بين الحين والأخر كم الساعة ؟ أملا أن يستلم مبلغ خمسة ألاف دينار ..سمع صوت رب العمل يعلن عن انتهاء العمل . دسَ رأسه تحت الحنفية ، غسلَ رأسه وصدره ، والظاهر من جسمه جلسَ على مرتفع ٍ من الطابوق سانداً جسمه المتهالك على الحائط و كالعادة ،لفَ سيكارة دخنها ببطء مدً بصره في الأفق البعيد ثم رفعه إلى السماء متأملاً وفي قلبه مطالب وتمنيات كثيرة .. أولها، أن يجدَ إبنه الصغير على قيد الحياة، اندفع مسرعاً حاثاً خطاهُ ودلفَ إلى أولَ صيدليةٍ دفع َ ورقةَ الطبيب إلى الصيدلي نظر َ فيها قاطباً جبينه ،دخلَ إلى داخل الصيدلية يبحثُ بين أدراجِها ،جمع كمية من الدواء ، وأخذَ قلمه مؤشراً على علب الدواء . وطلب قائلاً :ـ
ـــ ثمانيةَ آلاف ونصف ؟
أطرقَ أبو أحمد مثبتاً نظرهُ على قدميه متأملاً فتحةً في مقدمة ِ حذاءه ،وقد بانت أصابعه ،الملونة، بالأبيض والأسود و الرمادي قطعَ تفكيره صوت الصيدلي ، رفعَ رأسه محدقاً بوجهه لبرهة ، وهو يضربُ برأسِ قلمهِ زجاجَ الطاولةِ
ـــ أخي ثمانية آلاف دينار ونصف ؟
ــ انتبه قائلا ، ممكن نصف الدواء أو المهم منهُ .!
ــ أجابه قائلا :ــالدواء يشكل دورة كاملة واحدهما يكمل الأخر .
ــ مالدي ، هو أربعة ألاف ونصف ، لأني اشتريت مايسد ُ رمق ألأم ِوابنها .
ــ حسناً أعطيني المهم وسأرجعُ على الباقي غداً بإذن اللهِ ..؟
ــ أجابه الصيدلي :ــ أخي خذْ الدواء وارجع ْ غداً ،لتسديد المبلغ ، ما هو رأيك
ارتسمت على محياه إبتسامة رفعت معنوياته قائلا :ـ
ــ الدنيا بخير ، الدنيا بخير ... سأرجعُ لتسديد المبلغ إن شاء الله ..
تناولَ الدواء مسرعاً إلى البيت ،أنساه الفرح أن يشكر الصيدلي على كرمهِ وإنسانيته ، كانَ يحدوه الأمل أن يجد إبتسمة صغيرهً شفافة بريئة مرسومة على شفتي طفله ، صعدَ السلم بسرعةٍ .. نسي كل تعب اليوم الصيفي الحار . وَسًعَ من خطواته ليصعد السلم بسرعة ، إنتهى به المطاف إلى غرفته سأل زوجته :ـ
ــ ها ، أم أحمد ، كيفَ الحال ؟ خذي الدواء ،أخذَ يُرشدها إلى كيفية استعماله .. أعطيه والله كريم .. انتبه نحن مطلوبين عليه ، أحسَ بالحزن ِ والأسى يعصرها عصراً ، ودمعتان حائرتانِ في عينيها ، وقفت أمامه من هول أثر الصدمة ،سقط كيس الدواء من يدها ، وسال الدواء على الأرض وامتزجت ألوانه بدموعها ..!التفت أبو أحمد إلى الطفل ، رأى قرصاً أصفراً ذابلا ،خنقته العبرة تماسك في بادئ الأمر ، ثم إنهارَ على الأرض ِ ،مستلقياً على البساط القديم ونظرهُ مثبتٌ بالسقف وخطان ِ متوازيان ِ من الدمعِ يسيلان ِمن عينيهِ وشفتاه الذابلتين ِ تدعوان بطلب الرحمة....



#محمد_عبد_الله_دالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليالي البيض قصة قصيرة
- الطاحونه قصة قصيرة
- هل نحن على الطريق الصحيح
- رغبة في البكاء قصة قصيرة
- وتستمر الحياة قصة قصيرة
- نحو اطلاق قناة فضائيه علمانيه
- الموديل قصة قصيرة
- الثمن قصة قصيرة
- الأختيار قصة قصيرة
- النخيل تموت واقفه قصة قصيره
- العودة الى الضفه قصة فصيرة
- الغروب قصة قصيرة
- أماني على الجدار قصة قصيرة
- القمر والحوت قصة قصيرة
- قصة قصيرة بضاعتهم ردت...!!
- الرجل الذي تكلم اخيراً قصة قصيرة
- احلام بائع
- قصة قصيرة رسالتان من الغربه
- ضحكات لم تكتمل/قصة قصيرة
- بين نقطتين قصة قصيرة


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - دموع الصمت قصة قصيرة