|
زيارات الرؤساء .. مَحَلِياَ
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3437 - 2011 / 7 / 25 - 13:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الرئيس المصري المخلوع حُسني مُبارك ، زارَ فرنسا خلال الثلاثين سنة من رئاسته ، ثلاثة وستين مّرَة !.. بينما لم يزُر مدينة " السويس " ولا مرّةً واحدة ، بل انه لم يطُل على مسقط رأسه ، أي قرية " المصيلحة " التي كان " يستعر منها " في محافظة المنوفية ، إلا مرةً يتيمة ، عندما توفتْ عمته ! .وهنالك العديد من المحافظات المصرية السبعة والعشرين ، لم يزرها في حياته . حسني مُبارك ليسَ حالة إستثنائية بالنسبة الى الرؤساء والملوك العرب ... فجميعهم لايزورون مدن وقرى بلدانهم في العادة ، وتنقضي سنوات حكمهم الطويلة ، دون ان يروا ثلاثة أرباع أوطانهم ! ...بينما يسافرون آلاف الكيلومترات نحو بلدان بعيدة ، عدة مرات في السنة الواحدة ، وليس في زيارات عمل ، بل للإستجمام وتبديل الجَو . في العراق ، تعودنا خلال عقود الحُكم السابق ، على الزيارات ( التأريخية ) التي كان صدام يَمُن بها على كُل مناطق العراق ، والتي تسبقها إجراءات صارمة ومسحٌ شامل للمنطقة وتحضيرات دقيقة ، وتلقين للأشخاص الذين سوف " يتشرفون " بمُخاطبة الرئيس ...الخ . صحيح ان صداماً زارَ الكثير من مدن العراق وحتى المناطق النائية ، لكن زياراته بالمُجمل كانتْ دعائية وغايتها تلميع صورته الشخصية والتسويق لسياساته الرعناء ... وكان يفرح لأن " أهالي " المنطقة كانوا يحتفلون في كُل سنة بذكرى زيارة القائد الى منطقتهم ويعتبرونه يوماً مشهوداً وتأريخياً !... كانتْ المناطق التي سوف يزورها صدام ، تُطّوَق بالكامل ، قبل الموعد بأيام وتُفرَض حالة طوارئ قُصوى في الاجهزة الامنية المُختلفة وتُجّهَز كافة المنظمات البعثية والرديفة والموظفين والطلاب لإستقبال القائد الرمز ، ويُحاسَب الذين لم يشتركوا في هذه الفعاليات !. أما اليوم ، وبعد أن تَغّيرَتْ الظروف ، ولم يعُد هنالك زعيمٌ أوحد مُقّدَس في العراق الجديد ، فأنه لم يتغّير الكثير في مجال " زيارات " الرؤساء والقادة .. إلا من ناحيةٍ واحدة .. وهي ان الرؤساء ، وفي ظل الفُسحة من الحرية المتوفرة للناس .. باتوا يخافون من الذهاب الى المدن والقصبات والارياف ، متوقعين أن تُبادر الجماهير الى التعبير عن غضبها من الحالة المُتردية ، وإستياءها من عدم تنفيذ الوعود ، ورفضها للممارسات القمعية للسلطات ... فلأكثر من خمس سنوات متواصلة ، لم يقُم نوري المالكي ، بزيارة أي من أقضية الانبار التي عانتْ من كثير من المشاكل ، مثل عانة وراوة والفلوجة ، ولم يلتقي بأهاليها مُباشرةً في مناطقهم ، وينطبق نفس الشئ على قصبات ومدن صلاح الدين وديالى وغيرها ... بل ان حتى رئيس الجمهورية او المسؤولين الآخرين ، لم يزوروا المُدن العراقية " على قِلة هذه الزيارات " ، إلا حسبَ أجندات حزبية وفئوية ضيقة ، ولم يعطوا إنطباعاً راسخاً بأنهم يُمثلون العراق كله . وحتى في أقليم كردستان ، فكم مرة زار برهم صالح اقضية ونواحي وارياف منطقة دهوك ؟ بل كم مرةً إجتمع رئيس الاقليم بصورةٍ مُباشرة بأهالي وجماهير منطقة السليمانية ونواحيها وقُراها ؟. المُشكلة الكبيرة تتمثل ، في ان الرؤساء والقادة ، ما زالوا خاضعين للثقافة القديمة المتوارثة من الحُكم الدكتاتوري ، ويعتبرون في أعماقهم ، ان قيامهم ب " زيارة " مدينة او ناحية او قرية .. هو نوعٌ من " التنازُل " مِنْ قِبَلهم ، و " مِنّة " منهم على أهالي تلك المناطق ! .. ويتناسون ، ان ذلك من صُلب واجباتهم ، وانهم خُدامٌ للشعب ولأهالي المدن والقرى .. وينبغي عليهم الإطلاع عن كثب على مشاكلهم ، ومتابعة شؤونهم وإيجاد الحلول ومتابعة التنفيذ . هذا المرض الخبيث الذي يُعاني منه رؤساءنا ، ينجَرُ أيضاً على معظم الطبقة السياسية الحاكمة ، من وزراء واعضاء مجلس نواب والموظفين الكبار في الدولة ... فأنهم بحاجة الى ضغوطات من الرأي العام والصحافة والإعلام ، لكي يرفعوا مؤخراتهم عن الكراسي المُلتصقين بها !.. ويقوموا بصورةٍ دَورية بزيارات " عَمَل " وليس مُجاملة ، الى كافة المناطق ، وتَحّمُل مسؤولياتهم التي يستملون بواسطتها ، أموالاً ضخمة .. على حسابنا نحنُ الشعب .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايران والحدود مع العراق
-
سياسة فرنسا وتأثيراتها على العراق
-
ترشيقٌ على الطريقة العراقية
-
بين - الميتِنك - و - الإيتِنك -
-
الصحة النفسية لرؤساءنا
-
حكومتنا وصناعة الإحباط
-
يومٌ إيراني مشؤوم في العراق
-
- عصا - عُمر البشير
-
الفساد و - الأثر الرجعي -
-
المصريون و - الإستكراد - !
-
الصحفيون العراقيون .. وكِلاب التفتيش
-
المُعّلِمون .. أمس واليوم
-
المُؤمنُ يُلدَغ من جُحرٍ عشر مرات
-
النُخَب المُهّمَشة
-
- شالومكي - هو الذي يضرُبنا
-
الحكومة ونقود الملا - سين -
-
قائدنا .. زعيمنا المُفّدى
-
العبرة ليستْ بِطول الخدمة
-
انتخابات مجالس محافظات اقليم كردستان
-
الطالباني والقفز من فوق المخّدة !
المزيد.....
-
سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي
...
-
مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي
...
-
بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
-
النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
-
نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
-
الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار
...
-
ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
-
بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن
...
-
روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
-
أطعمة تضر المفاصل
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|