أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغفار شكر - أثر السلطوية على المجتمع المدنى - الجزء الأول















المزيد.....



أثر السلطوية على المجتمع المدنى - الجزء الأول


عبد الغفار شكر

الحوار المتمدن-العدد: 1023 - 2004 / 11 / 20 - 11:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تواجه الأمة العربية العديد من التحديات والمخاطر الداخلية والخارجية، وتتنوع وتتعدد هذه التحديات والمخاطر لتشمل كافة مجالات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، كما تتسع ساحة المواجهة لتشمل الوطن العربى بأكمله وتتجاوزه إلى آفاق إقليمية وعالمية. فهناك تحديات التنمية والتحديث والتحول الديمقراطى واشاعة العقلانية، بالاضافة إى مخاطر الوجود الصهيونى التوسعى، والهيمنة الأمريكية، والتهميش المتزايد للأقطار العربية فى ظل العلاقات الدولية الاقتصادية والسياسية المعاصرة. ورغم أن طبيعة هذه التحديات والمخاطر تتطلب أوسع تعبئة ممكنة للشعوب العربية كطرف أساسى فى المواجهة، وقيامها بدور فعال فى صياغة سياسات المواجهة وتحديد أولوياتها، ألا أن نظم الحكم القائمة حرصت على الانفراد بإدارة هذه المواجهة وحرمان شعوبها من القيام بأى دور فعال رغم ما تتحمله هذه الشعوب من أعباء وما تقدمه من تضحيات فى مواجهة هذه التحديات والمخاطر. دفعت الشعوب العربية ثمنا باهظاً وتحملت عبء المواجهة من خلال المعاناة الاقتصادية والتقشف الذى وصل درجة كبيرة من الحرمان من أبسط ضروريات الحياة والبطالة والفقر، وقدمت عشرات الألوف من الشهداء، فضلا عن القمع السياسى والقهر الطبقى والتضليل الفكرى والإعلامى، ولم يكن هناك مبرر معقول لأن تتحمل الشعوب هذه المعاناة وتقدم هذه التضحيات بينما هى محرومة من المشاركة فى تحديد أهداف المواجهة وأبعادها وأولوياتها، خاصة بعد أن اثبتت التجربة على مدار سنوات طويلة تزيد عن نصف قرن فشل هذه النظم فى خوض معارك التنمية والتحديث والعقلانية والديمقراطية والصراع العربى الصهيونى بكفاءة لأنها حرصت بالدرجة الأولى ألا تؤثر هذه المواجهة على مصالحها الخاصة، واستبعدت من المواجهة القوى الشعبية خوفاً من أن تتجاوزها هذه القوى فى اللحظات الحرجة من الصراع، أو أن يهدد اتساع نطاق المواجهة أو تصاعد المعارك المصالح الضيقة للفئات الحاكمة. التقت حول هذا النهج كل نظم الحكم العربية ملكية وجمهورية، رجعية وتقدمية، لأنها بصرف النظر عن المسميات مارست الحكم من خلال سلطة أبوية أو تسلطية أو ديمقراطية انتقائية مقيدة، أى أن الاستبداد السياسى الذى عانت منه الشعوب العربية وما تزال تعانى حتى الآن رغم كل ما يقال عن تطورات ديمقراطية هو الجذر الأساسى لفشل العرب حكاما ومحكومين فى خوض معارك التنمية والتحديث والعقلانية والديمقراطية ومواجهة الخطر الصهيونى والهيمنة الأمريكية بكفاءة. ولهذا فإننا نلاحظ أن المناقشات الدائرة منذ سنوات بين المفكرين والمثقفين والقوى السياسية العربية حول المأزق العربى الراهن تجمع كلها على أن الديمقراطية هى المخرج الأساسى للشعوب العربية مما تعانيه حاليا من مشاكل وأزمات، فلا يمكن بدون الديمقراطية الحديث عن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية أو التطلع إلى تحديث حقيقى للمجتمع، أو توفير العدالة الاجتماعية، أو تعميق المشاركة الشعبية أو الحد من مخاطر الوجود الصهيونى والهيمنة الأمريكية. ورغم الجهود المضنية والتضحيات الكبيرة والمعاناة الشديدة فإن آمال العرب تحطمت أكثر من مرة على صخرة الاستبداد والحكم الفردى والعسكرى والقبلى والعشائرى.
وإذا نظرنا إلى الموقف الرسمى العربى من الصراع الصهيونى كنموذج لنهج الحكومات العربية فى التصدى للتحديات والمخاطر فإننا نلاحظ حرصها الشديد على تهميش دور الشعوب العربية فى المواجهة والحيلولة دون قيامها بأى دور فعال يتجاوز حدود الموقف الرسمى، ولم تترك لها سوى موقف رد الفعل والتعبير عن الغضب لما يحدث للشعب الفلسطينى مع حرصها على حصر رد الفعل الشعبى فى أضيق نطاق وعدم السماح له بالتعبير عن نفسه بأساليب ديمقراطية كتنظيم المواكب الجماهيرية والمسيرات الشعبية. ولم يكن مسموحاً فى أى وقت للقوى الشعبية أن تشارك عملياً فى مواجهة قوات الاحتلال الاسرائيلى فى الأراضى العربية، كما أغلقت الحدود تماماً فى وجه أى مساندة شعبية عربية للشعب الفلسطينى، ولم يكن مطروحاً لديها أى دور للمقاومة الشعبية سواء من خلال عمليات فدائية أو حرب عصابات او غيرها. وعندما اكتشفت نظم الحكم العربية بعد حرب الخليج الثانية 1991 وتدمير البنية الاقتصادية والعسكرية العراقية لمعاقبة العراق على غزو الكويت أن استمرار اغتصاب فلسطين والاحتلال الاسرائيلى للضفة الغربية وقطاع غزة ينذر بتصاعد الغضب الشعبى العربى لسياسة الكيل بمكيالين التى تطبقها الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة للعرب وإسرائيل، وأن تصاعد الغضب الشعبى العربى يمكن أن يؤدى إلى زعزعة الاستقرار فى المنطقة بما يهدد مصالح الفئات الحاكمة، سارعت هذه النظم إلى قبول ما طرحته أمريكا فى إطار مؤتمر مدريد بإجراء تسوية سياسية تنهى الصراع العربى الصهيونى ورغم ما كشفت عنه التطورات من أن هذه التسوية لن تحل قضية فلسطين ولن تعيد لشعبها حقوقه المغتصبة فإنها ما تزال متمسكة بها حتى الآن إدراكاً منها أن الاعلان عن فشل هذه العملية سوف يعود، بالمنطقة مرة أخرى إلى أجواء المجابهة التى لا تضمن النظم الحاكمة نتائجها ولا تطمئن معها إلى المحافظة على مصالحها. وهكذا يتأكد أن هذه النظم التى تحرم الانسان العربى من حقوقه وحرياته الأساسية وتحتكر السلطة لفئات معينة محدودة الحجم على حساب الأغلبية الشعبية لا يمكن أن تساهم بحق من أجل تحرير الانسان الفلسطينى، وهو ما توصل إليه أخيراً المفكر الفلسطينى الدكتور عزمى بشارة من عدم مصداقية النظم العربية فى دفاعها عن الإنسان الفلسطينى وهى تنتهك حقوق الإنسان العربى "فالذى يريد أن يدافع عن حقوق الإنسان الفلسطينى لابد أن يسأل عن مدى احترامه هو لحقوق الإنسان والمواطن فى بلده" (1) ويخلص من هذا الطرح إلى استنتاج هام يتمثل فى أن القوى القادرة على مواجهة العالم بحقوق الإنسان الفلسطينى فى ظل الاحتلال الذى يتخذ شكل نظام فصل عنصرى (ابارتهيد) هى القوى الاجتماعية والسياسية غير الرسمية العربية، فتضامنها مع الشعب الفلسطينى هو تضامن مشروع عربياً، ولا تستطيع الأنظمة العربية أن تواجهه بالقمع. وفى نفس الوقت يعتبر نضالها التضامنى مع الشعب الفلسطينى، ومع حرية الإنسان الفلسطينى، نوعاً من التحرير الذاتى ونوعاً من التمرين والتمرس على النضال من أجل حرية الإنسان العربى. فالدفاع عن حرية الإنسان الفلسطينى لابد أن يؤدى فى النهاية إلى تطوير الانعتاق الذاتى كهدف وكحلم.. يقود التضامن العربى مع تحرير الإنسان الفلسطينى إذا ما تم بناؤه على استراتيجية صحيحة ليس فقط إلى تحرير القدس ولا الإنسان الفلسطينى فحسب وإنما أيضاً إلى تحرير الإنسان العربى" (2) .
إذن تتطلب المواجهة الفعالة للصراع العربى الصهيونى وسائر التحديات والمخاطر المحيطة بالأمة العربية تحرير الإنسان العربى أولاً، وإطلاق طاقاته ليصبح القوة الأساسية فى هذه المواجهة. ولا يمكن الحديث عن تحرير الإنسان العربى طالما بقيت رواسب الاستبداد قائمة فى المجتمعات العربية على شكل نظم حكم سلطوية وثقافة غير ديمقراطية، وما لم يشمل التحول الديمقراطى كافة مجالات المجتمع فإنه لا مجال للحديث عن تحرير الإنسان العربى لأن الديمقراطية فى الأساس هى طريقة فى الحياة وأسلوب لتسيير المجتمع وإدارة صراعاته بوسائل سلمية، وهى بهذا المفهوم تتضمن قيماً ومؤسسات وآليات ولا يمكن الحديث عن الانتقال إلى الديمقراطية بدون اشاعة ثقافة ديمقراطية تعمق القيم الموجهة لسلوك المواطنين فى هذا الاتجاه. كما لا يمكن الحديث عن الانتقال إلى الديمقراطية بدون بناء المؤسسات التى تمارس من خلالها هذه الطريقة فى الحياة، أو بدون توافر الآليات التى يتم من خلالها وضع هذه القيم الديمقراطية موضع التطبيق وشمولها المجتمع كله (3) .
للقيم الديمقراطية إذن دور محورى فى إنضاج عملية الانتقال إلى الديمقراطية، وتوفير شروطها الأساسية ويتطلب ذلك":-
1-إشاعة الثقافة المدنية فى المجتمع.
2-الاهتمام بتربية المواطنين لتمثل هذه الثقافة وقيمها فى حياتهم اليومية وعلاقتهم بالآخرين.
3-تدريب المواطنين عملياً على الممارسة الديمقراطية، واكسابهم خبرة هذه الممارسة من خلال النشاط اليومى الذى يقومون به فى مختلف مجالات الحياة.
تعتبر مؤسسات المجتمع المدنى الاطار الأمثل للقيام بهذه المهام الثلاث لأنها تجتذب إلى عضويتها دائرة واسعة من المواطنين الذين يسعون إلى الاستفادة من خدماتها، أو الدفاع عن مصالحهم، أو ممارسة أنشطة انسانية متنوعة. فكيف تقوم مؤسسات المجتمع المدنى بهذا الدور؟ وما علاقة ذلك بتحرير الإنسان العربى؟ ولماذا أصبحت نظم الحكم السلطوية عقبة أمام تطور المجتمع المدنى وتعاظم دوره؟ وما هو أثر السلطوية على المجتمع المدنى؟
-1-
المجتمع المدنى وتحرير الإنسان العربى

المجتمع المدنى هو مجتمع مستقل إلى حد كبير عن إشراف الدولة المباشر، فهو يتميز بالاستقلالية والتنظيم التلقائى وروح المبادرة الفردية والجماعية، والعمل التطوعى، والحماسة من أجل خدمة المصلحة العامة، والدفاع عن حقوق الفئات الضعيفة، ورغم أنه يعلى من شأن الفرد ألا أنه ليس مجتمع الفردية بل على العكس مجتمع التضامن عبر شبكة واسعة من المؤسسات (4) .
تزداد أهمية المجتمع المدنى ونضج مؤسساته لما يقوم به من دور فى تنظيم وتفعيل مشاركة الناس فى تقرير مصائرهم ومواجهة السياسات التى تؤثر فى معيشتهم وتزيد من افقارهم، وما يقوم به من دور فى نشر ثقافة خلق المبادرة الذاتية، ثقافة بناء المؤسسات، ثقافة الاعلاء من شأن المواطن، والتأكيد على إرادة المواطنين فى الفعل التاريخى وجذبهم إلى ساحة الفعل التاريخى والمساهمة بفعالية فى تحقيق التحولات الكبرى للمجتمعات حتى لا تترك حكراً على النخب الحاكمة (5) وفى هذا الاطار يرى جرامشى أن المجتمع المدنى ساحة للصراع داخل المؤسسات السياسية والنقابية والفكرية للمجتمع الرأسمالى، تمارس من خلاله الطبقة البورجوازية هيمنتها الثقافية أو تصعد من خلاله بشائر الهيمنة المضادة للطبقـة العاملة (6) . أى أن المجتمع المدنى عند جرامشى هو مفهوم صراعى وليس شأنا رأسماليا بحتاً حيث يتعين على الطبقة العاملة والطبقات الكادحة أن تواجه الأيديولوجية الرأسمالية والثقافية السائدة بثقافة مضادة، مما يعزز استقلالية مؤسسات المجتمع المدنى ودورها فى حماية الإنسان العادى من سطوة الدولة، وقدرته على ممارسة التضامن الجماعى فى مواجهتها، مما يمكنه من الضغط عليها والتأثير على السياسات العامة للدولة.
من هنا يمكن تعريف المجتمع المدنى بأنه "مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التى تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة، أى بين مؤسسات القرابة ومؤسسات الدولة التى لا مجال للاختيار فى عضويتها". هذه التنظيمات التطوعية الحرة تنشأ لتحقيق مصالح أفرادها أو لتقديم خدمات للمواطنين أو لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة، وتلتزم فى وجودها ونشاطها بقيم ومعايير الاحترام والتراضى والتسامح والمشاركة والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف. وللمجتمع المدنى بهذا المفهوم أربعة مقومات أساسية هى:
-الفعل الإرادى الحر أو الطوعى.
-التواجد فى شكل منظمات.
-قبول التنوع والاختلاف بين الذات والآخرين.
-عدم السعى للوصول إلى السلطة.
ورغم أن مؤسسات المجتمع المدنى لا تسعى للوصول إلى السلطة فإنها تقوم بدور سياسى بالفعل لأنها تقوم بتنمية ثقافة الحقوق وثقافة المشاركة بما يدعم قيم التحول الديمقراطى الحقيقى وهى قيم المحاسبية والمساءلة، فضلاً عن قيامها بدور أساسى فى تربية المواطنين وتدريبهم عملياً واكسابهم خبرة الممارسة الديمقراطية على النحو الذى سنوضحه فيما بعد. وهناك أيضاً ما يتعلق بمهام المجتمع المدنى فى تطوير ثقافة شعبية لدى الناس تقوم على إعلاء أهمية تنظيم الجهود الذاتية والمبادرات التطوعية فى صياغة تنظيمية خلاقة تؤدى إلى الارتقاء بالوعى السياسى وبالثقافة السياسية وبما يدفع الناس إلى المشاركة الجادة فى صناعة القرار السياسى وفى التأثير على سياسات الدولة فى مختلف المجالات أو ما يعرف بالسياسات العامة (7) .
وهناك من يرى أن الأحزاب السياسية تدخل فى إطار المجتمع المدنى لأنها ما تزال محرومة من تداول السلطة فى المجتمعات العربية.

مكونات المجتمع المدنى: يدخل فى دائرة مؤسسات المجتمع المدنى أى كيان مجتمعى منظم يقوم على العضوية المنتظمة تبعاً للغرض العام أو المهنة أو العمل الطوعى، ولا تستند فيه العضوية على عوامل الوراثة وروابط الدم والولاءات الأولية مثل الأسرة والعشيرة والطائفة والقبيلة وبالتالى فإن أهم مكونات المجتمع المدنى:
-النقابات المهنية
-النقابات العمالية
-الحركات الاجتماعية
-الجمعيات التعاونية
-الجمعيات الأهلية
-نوادى هيئات التدريس بالجامعات
-النوادى الرياضية والاجتماعية ومراكز الشباب والاتحادات الطلابية
-الغرف التجارية والصناعية وجماعات رجال الأعمال
-المنظمات غير الحكومية المسجلة كشركات مدنية كمراكز حقوق الإنسان ومنظمات الدفاع ومراكز البحوث والدراسات
-الصحافة الحرة وأجهزة الإعلام والنشر.
وهناك من يضيف إلى هذه المنظمات هيئات تقليدية كالطرق الصوفية والأوقاف التى كانت بمثابة أساس المجتمع المدنى فى المجتمعات العربية منذ مئات السنين وقبل ظهور هذه المنظمات الحديثة.

دور ووظائف المجتمع المدنى:
للمجتمع المدنى دور واضح محدد فى المجتمع الرأسمالى أو المتجه إلى الرأسمالية فهو من وجهة نظر البورجوازية يستكمل سيطرتها على المجتمع التى تمارسها من خلال أجهزة الدولة وبوسائل القمع بآلية ثانية هى الهيمنة الأيديولوجية والثقافية من خلال السماح لمختلف القوى والطبقات الاجتماعية أن تجد لها مكانا فى هذا المجتمع وأن تحسن شروط وجودها فيه وتدافع عن مصالحها بأسلوب سلمى من خلال العمل فى إطار النظام القائم واحترام آلياته. والمجتمع المدنى من وجهة نظر الطبقات المحكومة هو ساحة للصراع تستطيع من خلاله أن ترسى أساس هيمنة مضادة تمكنها من توسيع نطاق تأثيرها فى المجتمع والدفع فى اتجاه توسيع الهامش المتاح لها للحركة والتأثير وبلورة آليات ديمقراطية تسمح بتسوية المنازعات سلمياً وتعمق عملية التطور الديمقراطى للمجتمع وفى هذا الإطار تبلورت خمس وظائف تقوم بها مؤسسات المجتمع المدنى لتحقيق هذا الدور هى:-
1-وظيفة تجميع المصالح: حيث يتم من خلال مؤسسات المجتمع المدنى بلورة مواقف جماعية من القضايا والتحديات التى تواجه اعضاءها وتمكنهم من التحرك لحل مشاكلهم وضمان مصالحهم على أساس هذه المواقف الجماعية وتمارس هذه الوظيفة بشكل اساسى من خلال النقابات العمالية والمهنية والغرف التجارية والصناعية وجماعات رجال الأعمال والمنظمات الدفاعية.
2-وظيفة حسم وحل الصراعات: حيث يتم من خلال مؤسسات المجتمع المدنى حل كافة النزاعات الداخلية بين أعضائها بوسائل ودية دون اللجوء إلى الدولة وأجهزتها البيروقراطية، وبذلك فإن مؤسسات المجتمع المدنى تجنب أعضاءها المشقة وتوفر عليهم الجهد والوقت وتجنبهم كثيراً من المشاكل التى تترتب على العجز عن حل ما ينشأ بينهم من منازعات ودياً وتسهم بذلك فى توطيد أسس التضامن الجماعى فيما بينهم.
3-زيادة الثروة وتحسين الأوضاع: بمعنى القدرة على توفير إمكانية ممارسة نشاط يؤدى إلى زيادة الدخل من خلال هذه المؤسسات نفسها مثل المشروعات التى تنفذها الجمعيات التعاونية الانتاجية والنشاط الذى تقوم به الجمعيات التعاونية الاستهلاكية والمشروعات الصغيرة والمدرة للدخل التى تقوم بها الجمعيات الأهلية والتدريب المهنى الذى تقوم به النقابات العمالية والمهنية لزيادة مهارات اعضائها.
4-إفراز القيادات الجديدة: حيث تعتبر مؤسسات المجتمع المدنى فى الحقيقة مخزناً لا ينضب للقيادات الجديدة ومصدراً متجدداً لإمداد المجتمع بها. فهى تجتذب المواطنين إلى عضويتها وتمكنهم من اكتشاف قدراتهم من خلال النشاط الجماعى وتوفر لهم سبل الممارسة القيادية من خلال المسئوليات التى توكلها لهم وتقدم لهم الخبرة الضرورية لممارسة هذه المسئولية. وتؤكد الدراسات الميدانية أن العناصر النشطة فى مؤسسات المجتمع المدنى والتى تتولى فيما بعد مسئوليات قيادية فيها هى القاعدة الأساسية للقيادات الشعبية المحلية وأعضاء المجالس النيابية والتشريعية وأعضاء وقيادات الأحزاب السياسية وبذلك تساهم مؤسسات المجتمع المدنى فى توسيع قاعدة القيادات فى المجتمع بشكل عام من خلال ممارستها لهذه الوظيفة (8) .
5-اشاعة ثقافة مدنية ديمقراطية: من أهم الوظائف التى تقوم بها مؤسسات المجتمع المدنى اشاعة ثقافة مدنية ترسى فى المجتمع احترام قيم النزوع للعمل الطوعى، والعمل الجماعى، وقبول الاختلاف والتنوع بين الذات والآخرين، وإدارة الخلاف بوسائل سلمية فى ضوء قيم الاحترام والتسامح والتعاون والتنافس والصراع السلمى، مع الالتزام بالمحاسبة العامة والشفافية وما يترتب على هذا كله من تأكيد قيم المبادرة الذاتية وثقافة بناء المؤسسات. وهذه القيم هى فى مجملها جوهر الديمقراطية. من هنا فإن اشاعة الثقافة المدنية التى تمكن لهذه القيم فى المجتمع هى خطوة هامة على طريق التطور الديمقراطى للمجتمع حيث يستحيل بناء مجتمع مدنى دون توافر صيغة سلمية لإدارة الاختلاف والتنافس والصراع طبقاً لقواعد متفق عليها بين الأطراف، ويستحيل بناء مجتمع مدنى دون الاعتراف بالحقوق الأساسية للإنسان خاصة حرية الاعتقاد والرأى والتعبير والتجمع والتنظيم (11) . ومن ثم فإن دور المجتمع المدنى فى إشاعة الثقافة المدنية. بهذا المفهوم هو تطوير ودعم للتحول الديمقراطى فى نفس الوقت. ويتأكد دور المجتمع المدنى فى نشر هذه الثقافة من خلال الحياة الداخلية لمؤسساته التى ترعى وتنشىء الأعضاء على هذه القيم وتدربهم عليها عملياً من خلال الممارسة اليومية.
هناك صلة قوية بين المجتمع المدنى والتحول الديمقراطى، فالديمقراطية هى مجموعة من قواعد الحكم ومؤسساته من خلال الإدارة السلمية للجماعات المتنافسة أو المصالح المتضاربة وهذا هو نفس الأساس المعيارى للمجتمع المدنى حيث نلاحظ أن أعضاء المجتمع المدنى هم أفضل قنوات المشاركة الشعبية فى الحكم. والإدارة السلمية للمنافسة والصراع هى جوهر مفهوم المجتمع المدنى كما استخدمه منظرو العقد الاجتماعى وحتى هيجل وماركس ودى توكفيل وجرامشى. وكل ما فعله مستخدمو المفهوم من المحدثين هو تنقيته أو توسيع نطاق مظاهره فى المجتمعات المعقدة المعاصرة. ويرى بعض المراقبين أن تأخر التحول الديمقراطى فى الوطن العربى يرجع إلى غياب أو توقف نمو المجتمع المدنى وما يستتبعه من ثقافة ديمقراطية. ويمر الوطن العربى حالياً بعمليتى بناء للمجتمع المدنى والتحول الديمقراطى، والصلة بين العمليتين واحدة فى جوهرها، ففى الوقت الذى تنمو فيه التكوينات الاجتماعية والاقتصادية الحديثة وتتبلور، فإنها تخلق معها تنظيمات مجتمعها المدنى التى تسعى بدورها إلى توسيع دعائم المشاركة فى الحكم (9) .
وهكذا فإن الدور الهام للمجتمع المدنى فى تعزيز التطور الديمقراطى وتوفير الشروط الضرورية لتعميق الممارسة الديمقراطية وتأكيد قيمها الأساسية ينبع من طبيعة المجتمع المدنى وما تقوم به منظماته من دور ووظائف فى المجتمع لتصبح بذلك بمثابة البنية التحتية للديمقراطية كنظام للحياة وأسلوب لتسيير المجتمع. وهى من ثم أفضل إطار للقيام بدورها كمدارس للتنشئة الديمقراطية والتدريب العملى على الممارسة الديمقراطية. ولا يمكن تحقيق الديمقراطية السياسية فى أى مجتمع ما لم تصبح منظمات المجتمع المدنى ديمقراطية بالفعل باعتبارها البنية التحتية للديمقراطية فى المجتمع بما تضمه من نقابات وتعاونيات وجمعيات وروابط ومنظمات نسائية وشبابية.. الخ، حيث توفر هذه المؤسسات فى حياتها الداخلية فرصة كبيرة لتربية ملايين المواطنين ديمقراطياً، وتدريبهم عملياً لاكتساب الخبرة اللازمة للممارسة الديمقراطية فى المجتمع الأكبر بما تتيحه لعضويتها من مجالات واسعة للممارسة والتربية الديمقراطية من خلال:
-المشاركة التطوعية فى العمل العام
-ممارسة نشاط جماعى فى إطار حقوق وواجبات محددة للعضوية
-التعبير عن الرأى والاستماع إلى الرأى الآخر والمشاركة فى اتخاذ القرار
-المشاركة فى الانتخابات لاختيار قيادات المؤسسة أو الجمعية وقبول نتائج الانتخابات سواء كانت موافقة لرأى العضو من عدمه.
-المشاركة فى تحديد أهداف النشاط وأولوياته والرقابة على الأداء وتقييمه (10) .
عندما تتوفر لأوسع دائرة من المواطنين امكانية المشاركة الفعالة من خلال منظمات المجتمع المدنى، وعندما تتوفر لهذه المنظمات حياة داخلية ديمقراطية تمكن الأعضاء من القيام بهذه الأدوار فى نشاط هذه المنظمات وحياتها الداخلية، هنا تنشأ امكانية حقيقية لقيام مجتمع مدنى ديمقراطى يكون بمثابة البنية التحتية لنظام ديمقراطى فاعل فى المجتمع كله، وبذلك تصبح الديمقراطية بناءاً من اسفل يشمل الشعب كله تربية وتدريباً وممارسة فى مختلف ميادين الحياة اليومية، ويصبح الشعب عندها طرفاً أساسياً فى معادلة الحكم، وتكون الديمقراطية السياسية محصلة هذا كله، وبذلك يتأكد مفهوم الديمقراطية كنظام للحياة وأسلوب لتسيير المجتمع.

-2-
السلطوية وتهميش الإرادة الشعبية

رغم تفاوت الأوضاع السياسية فى الأقطار العربية، واختلاف نظم الحكم العربية بين ملكية وجمهورية، عسكرية ومدنية، شمولية وتعددية، إلا أنها تتسم جميعاًَ بقدر عال من التسلط وتمركز السلطة، وبضعف شديد فى المشاركة الشعبية فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا تتوفر فيها سمات الدولة الديمقراطية التى تقوم على احترام مبدأ سيادة القانون واعلاء شأن دولة المؤسسات والتعددية السياسية وتداول السلطة من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة وما يحيط بهذه العملية من ضمانات على رأسها استقلال القضاء واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وبصفة خاصة حقه فى حرية الرأى والتعبير والتنظيم (12) . وفى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ما يؤكد أن الديمقراطية الحقيقية تقوم أساساً على الحقوق الآتية:-
-الحق فى حرية الرأى والتعبير بما فى ذلك حرية تداول المعلومات من مصادر متعددة
-الحق فى تأسيس والاشتراك فى الجمعيات بعناها الواسع الذى يشمل الأحزاب السياسية والنقابات والروابط والجمعيات الأهلية
-الحق فى المشاركة فى إدارة شئون البلاد
-إرادة الشعب هى مصدر سلطة الحكومة ويعبر عنها بانتخابات نزيهة دورية
إلا أننا نلاحظ أن الأوضاع فى معظم الأقطار العربية تنعدم أو تضعف فيها هذه الشروط لقيام ديمقراطية حقيقية حيث تتسم هذه الاوضاع بغياب دولة المؤسسات، بمعنى تداول السلطة وفق التعددية السياسية عبر الانتخابات الحرة والنزيهة والقضاء المستقل وحرية الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى. كما تتميز كل نظم الحكم بتقليص سيادة القانون وسيادة حكم الطوارىء، ووضع القيود على الحريات العامة. وبدلاً من أن تنظر السلطات الحاكمة إلى منظمات المجتمع المدنى باعتبارها مساهما وشريكاً فى تنمية المجتمع، نجد أنها تتوجس من قيام هذه المنظمات ومن نشاطها، وتعتبرها جهات ضغط هدفها نقد الحكومة ومعارضة سياساتها (13) .
أننا لا نبتعد عن الحقيقة كثيراً إذا اعتبرنا نظم الحكم العربية نظماً سلطوية رغم أن بعضها يحكم وفق دساتير تنص على احترام حقوق الإنسان وتأخذ بالتعددية السياسية وتؤكد أن نظام الحكم يقوم على دولة المؤسسات واحترام مبدأ سيادة القانون لأن الممارسة فى ظل هذه النظم تختلف عما أوردته نصوص الدستور، ولأن القوانين تقيد هذه الحريات والحقوق وتمنع تداول السلطة من خلال انتخابات دورية نزيهة. وما تزال بقايا الاستبداد ورواسب الشمولية قائمة فى معظم المجتمعات العربية بما يؤكد أن السمة الأساسية لهذه النظم الحاكمة هو تهميش الإرادة الشعبية وهو ما يشكل الأساس الموضوعى لضعف المجتمع المدنى وعجزه عن التطور فيكرس بذلك تجميد أى امكانية للانتقال إلى الديمقراطية. وإذا كان الاستبداد فى جوهره هو غياب القانون والكف عن المشورة كما هو متفق عليه فى الفكر العربى، أو أنه حسب تعبير أديب اسحاق "تصرف واحد من الجماعة بدمائهم وأموالهم ومذاهبهم بما يوجبه هواه وما يقضى به رأيه، سواء كان ما يجرى مخالفاً لمصلحتهم أو موافقا لها" فإن هذا الاستبداد ما يزال له تجلياته فى مجتمعاتنا العربية، التى يمكن تحديد موقعها من التطور الديمقراطى بأنها تسير فى طريق أوله الاستبداد ونهايته الديمقراطية، وهى رغم وقوعها على مسافات مختلفة من هذا الطريق قربا وبعدا عن الاستبداد ألا أنها لم تغادر تماما هذه المرحلة. وهى فى أحسن الأحوال نظم سلطوية تقوم على احتكار حزب وحد بل وفرد واحد للسلطة لا يخضع للمساءلة بل هو فوق كل السلطات والمؤسسات (14) ونظم التعددية السياسية المقيدة القائمة حالياً فى معظم الأقطار العربية لا تزيد فى حقيقتها عن "قبول النظام السياسى مبدأ التعددية السياسية فى شكل أحزاب سياسية، ولكن فى أطر قيود وضوابط معينة تحد من امكانية تداول السلطة وممارسة هذه الأحزاب لوظائفها المتعارف عليها فى النظم الديمقراطية".
أن نظم التعددية السياسية المقيدة هى فى حقيقتها استمرار للنظم الشمولية نشأت الحاجة اليها لانقاذ هذه النظم التى تآكلت شرعيتها ولتخفيف حدة الصراع الطبقى والسياسى فى مجتمعات تعمقت أزمتها نتيجة لسياسات الحكم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تطبقها هذه النظم. أنها ديمقراطية انقاذية لنظم الحكم هدفها استمرار سلطتها بإجراءات جديدة، هذه النظم ما زالت تحتوى المجتمع وتهمين عليه وتبتلع المجتمع المدنى حيث لا يوجد مجال فى ظلها لمؤسسات تقع خارج الدولة، فكل المؤسسات يجب أن تكن امتداداً للمؤسسة الأم وهى الدولة أو على الأقل تخضع لاشرافها ووصايتها" (15) .
لم تكن نظم الحكم الشمولية والتقليدية، عسكرية أو وراثية، صادقة فى توجهها الديمقراطى عندما أقدمت خلال السنوات الأخيرة على الأخذ ببعض مظاهر الديمقراطية وأدواتها كالدساتير والتعددية والانتخابات الدورية... الخ بل كانت هذه النظم تناور للحفاظ على سلطتها وضمان استمرارها واستمرار مصالح الفئات الحاكمة تحت الضغوط الداخلية والخارجية التى تزايدت فى حقبة السبعينيات وما بعدها من القرن العشرين وأدت إلى تآكل شرعية هذه النظم نتيجة لاخفاقها فى حل المشكلة الاقتصادية الاجتماعية. فقد تكررت المواجهات العنيفة بينها وبين الجماهير والقوى الاجتماعية التى عبرت عن احتجاجها ورفضها الأوضاع والسياسات القائمة من خلال المظاهرات والاضرابات والاعتصامات والانتفاضات الجماهيرية التى عرفت باسم انتفاضات الجوع والخبز. واشتبكت النظم مع الشرائح العليا من الطبقات المتوسطة فى معارك حول الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية. وبدأت تحولات ديمقراطية من أسفل فى صورة تأسيس منظمات حقوق الإنسان وتنظيمات مهنية أكثر استقلالية مما أدى إلى بعث الحياة فى المجتمع المدنى الذى كان قد توقف عن النمو فى بعض هذه الأقطار منذ مجىء الأنظمة السلطوية إلى مقاعد الحكم (16) . وتزايدت المطالبة بحرية الصحافة وحرية تكوين الاحزاب. وقامت كل نظم الحكم تقريبا بتقديم تنازلات من جانبها استجابة لهذه المطالب. ولكنها لم تستجب لكل المطالب الديمقراطية، تلك المطالب التى تنهى احتكارها للحكم مثل إطلاق حرية تشكيل الأحزاب السياسة وتوفير ضمانات قانونية تكفل نزاهة الانتخابات العامة، وانهاء الوصاية الإدارية على مؤسسات المجتمع المدنى، وحق استخدام الإعلام الجماهيرى لكل القوى السياسية بالتساوى. حدثت هذه الظواهر طوال السنوات الأخيرة من القرن العشرين فى الجزائر 1988 – 1990، فى مصر 1971، 1981، 1986 فى الأردن 1989، فى الكويت 1989، 1990، 1991. فى اليمن الشمالى والجنوبى من 1986 إلى 1990، فى السودان 1985، فى تونس 1984 – 1988. فى كل هذه الأقطار وغيرها حدثت تحولات ديمقراطية وسمح بقيام أحزاب سياسية وأجريت انتخابات تشريعية ومحلية كما حدث فى الجزائر والأردن واليمن وموريتانيا والسودان ومصر (17) كما حدثت تحولات ديمقراطية فى ظل النظم التقليدية حيث شهدت المملكة العربية السعودية إصدار قانون أساسى للبلاد (دستور) ونظام حكم محلى وتشكيل مجلس استشارى بالتعيين. كما استؤنفت الحياة البرلمانية فى الكويت بانتخابات 1992. وشهدت المملكة المغربية تطورات دستورية هامة أدت إلى الانتقال إلى نظام التناوب الذى يعتبر أول اختراق لاحتكار الحكم والانتقال إلى مرحلة جديدة تدشن عهد تداول السلطة من خلال الانتخابات.
رغم هذه التطورات استمر الصراع حاداً حول المطالب الديمقراطية فقد واصلت القوى الشعبية والسياسية نضالها من أجل مزيد من التطورات الديمقراطية وأصرت النظم الحاكمة على فرض سيطرتها على هذه العملية وخضوعها لهيمنتها، بل أنها ما لبثت أن تراجعت عما تحقق من خطوات عندما أدركت أنه يمكن أن يهدد استمرار احتكارها للحكم. وشهدت فترة التسعينات حالات تراجع كثيرة فى مصر والجزائر وتونس والأردن واليمن وموريتانيا، ودار الصراع من جديد حول تعديلات أجريت على الدساتير وقوانين الأحزاب والصحافة والمطبوعات والنشر والانتخابات والنقابات العمالية والمهنية والجمعيات الأهلية كان هدفها احكام السيطرة الحكومية على عملية التحول الديمقراطى، واستمرار هيمنة الفئات الحاكمة. واستمر الوضع فى العراق والسودان وسوريا دون أى تقدم يذكر.
وقد حرصت نظم الحكم على ألا تتجاوز التعددية السياسية والحزبية المقيدة التى سمحت بها ما تميزت به منذ البداية من سمات أساسية تضمن استمرار نظام الحزب الواحد فى قالب تعددى وهى:
1-هيمنة السلطة التنفيذية على العملية كلها وعلى مجمل الحياة السياسية وخاصة رئيس الدولة الذى يملك فى الواقع صلاحيات وسلطات دستورية واسعة تجعل هذه النظم أقرب لى الحكم الفردى منها لأى نظام آخر.
2-التدرجية فى الانتقال إلى التعددية بقرار من أعلى أى من السلطة التنفيذية.
3-الانتقائية فى القوى التى يسمح لها بتأسيس أحزاب معترف بها والانتقائية فى الأنشطة المسموح بها للأحزاب.
وفيما يلى نعرض لأهم ملامح الوضع السياسى الراهن فى معظم الأقطار العربية فى ظل الأنظمة السلطوية وما يتصل منها بصفة خاصة بهيمنة السلطة التنفيذية ورئيس الدولة على السلطات الأخرى، وضعف المؤسسة التشريعية وتقييد التعددية الحزبية وجمود وضعف الثقافة السياسية وضعف المشاركة السياسية، وهى جميعاً ظواهر تؤكد تهميش الإرادة الشعبية وتؤثر بالسلب على فرص نمو المجتمع المدنى واستقلاليته.
أولاً: هيمنة السلطة التنفيذية والحكم الفردى
تتميز معظم نظم الحكم العربية بأن رئيس الدولة سواء كان ملكاً أو أميراً أو رئيس جمهورية أو رئيس مجلس قيادة الثورة يتمتع بسلطات دستورية واسعة فهو رئيس السلطة التنفيذية يضع السياسات العامة بالاشتراك مع الوزراء ويشرف على تنفيذها، ويعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم، كما يعين الموظفين المدنيين والعسكريين والسفراء ويعزلهم وله حق إصدار قرارات لها قوة القانون فى غيبة السلطة التشريعية إن وجدت. يعلن حالة الطوارىء ويبرم المعاهدات، ويدعو المجلس التشريعى للانعقاد ويعتمد القوانين التى أصدرها المجلس وله الحق فى حله. وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة والشرطة ورئيس السلطة القضائية أيضاً (18) .
وبالاضافة إلى هذه السلطات الواسعة لرئيس الدولة الأمر الذى ينعكس على مكانة السلطة التنفيذية بالنسبة للسلطات الأخرى، فإن هذه السلطة تحتكر أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة كما تسيطر على الصحافة وتضع مؤسسات المجتمع المدنى تحت إشرافها.

ثانياً: ضعف المؤسسة التشريعية فى الحياة السياسية
تشكل المؤسسة التشريعية إحدى أهم القنوات الرئيسية لدى الدولة والمجتمع السياسى ونخبة الحكم فى صياغة شكل ومضمون العلاقة بين الدولة والمجتمع وفى إدارة وتسيير المجتمع (19) . ولذلك فإن النظم السلطوية تستخدم المؤسسة التشريعية بما يضمن تكريس الأوضاع القائمة واستمرار احتكار الحكم. من هنا غياب أو ضعف دور المؤسسة التشريعية فى الحياة السياسية فى أغلب البلاد العربية بما فى ذلك الدول التى تأخذ باشكال من التعددية السياسية والتى تشهد إجراء انتخابات عامة دورية. وهذه الظاهرة تعكس فى جانب منها حالة عدم التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لحساب الأولى فى العديد من الدول العربية. وقد أكدت دراسات عديدة على ضعف وهشاشة دور البرلمان فى العملية السياسية. بهذه الدول حيث:
1-أغلب البرلمانات يغلب عليها لون سياسى واحد فى ظل عدم تمثيل أحزاب المعارضة، أو تمثيلها بصورة محدودة. وفى الدول التى يتمتع فيها الحزب الحاكم بأغلبية كبيرة داخل البرلمان فإن رئيس الدولة يكون من الناحية العملية هو المسيطر على السلطتين التنفيذية والتشريعية معاً، ومن هنا فإن حكومات هذه الدول تكون قادرة على تمرير أى قانون داخل البرلمان بسهولة ويسر.
2-على صعيد الدور التشريعى، يلاحظ أن السلطات التنفيذية هى التى تتقدم بأغلب مشروعات القوانين، وغالباً ما تقوم البرلمانات بتمرير هذه القوانين وإضفاء المشروعية عليها.
3-بالنسبة للدور الرقابى، يمكن القول بأن البرلمانات المنتخبة فى العديد من الدول العربية تعمد فى الأغلب الأعم إلى استخدام أساليب للرقابة البرلمانية لا تضعها فى تصادم مع الحكومة مثل تقديم الأسئلة وطلبات الإحاطة لرئيس الوزراء والوزراء. أما بالنسبة للوسائل الأكثر فاعلية فى ممارسة الرقابة البرلمانية مثل تقديم الاستجوابات وتشكيل لجان تقصى الحقائق وطرح الثقة بأحد الوزراء أو الحكومة فقليلاً ما تمارسها البرلمانات فى الدول العربية. وأن كان هناك تفاوت من بلد لأخر بهذا الخصوص.
4-شيوع ظاهرة نواب الخدمات فى برلمانات العديد من الدول العربية، مما يسهم فى تقليص قدرة البرلمان على ممارسة رقابة جدية على أعمال الحكومات لحرص النواب على علاقة طيبة مع الوزراء وكبار المسئولين.
5-تأسيساً على ما سبق يمكن القول بأن السلطات الحاكمة فى عديد من الدول العربية تسمح بوجود برلمانات منتخبة، وإن كانت تحيطها بعدد من القيود والضوابط التى تهمش دورها فى العملية السياسية بل إن القرارات المصيرية والكبرى عادة ما يتم اتخاذها خارج أطر هذه البرلمانات مع الاكتفاء بموافقتها عليها لاحقاً. يستثنى من ذلك مجلس النواب اللبنانى ومجلس الأمة الكويتى (20) .

ثالثاً: خريطة الأحزاب السياسية العربية تعددية سياسية شكلية (مقيدة ومشروطة):
تتفاوت الأوضاع الحزبية فى الأقطار العربية بين الحظر الكامل والتقييد الصارم والتعددية المشروطة المقيدة. يؤثر هذا التفاوت على خريطة الأحزاب العربية من حيث الانتشار والحجم والفاعلية والقدرة على التأثير، فهناك حظر مطلق على التعددية الحزبية فى دول الخليج الستة وفى ليبيا، كما شهد السودان هذا الحظر طوال التسعينات من القرن العشرين رغم تمتعه قبل ذلك بتعددية حزبية ناضجة. كما أدى تفكك الدولة فى الصومال وسيطرة أمراء الحرب على مختلف أجزائه إلى الحيلولة دون قيام أحزاب سياسية حقيقية وغلبة الصراع القبلى والعشائرى على الحياة السياسية هناك. وتعانى الحياة الحزبية فى العراق وسوريا من التقييد الصارم الذى يحول دون ممارستها نشاطاً حقيقياًَ فى المجتمع، وهو ما أدى فى حالة العراق إلى هجرة معظم القيادات والكوادر الحزبية المعارضة إلى الخارج. كما أدى فى سوريا إلى قبول الأحزاب المعترف بها قانوناً الدور القيادى لحزب البعث العربى الاشتراكى واحتكاره الحكم والاكتفاء ببعض الأنشطة الإعلامية والثقافية المحدودة فى غياب نشاط سياسى جماهيرى مما يحرمها من امكانيات التأثير الفعال أو القدرة على النمو والاتساع. وهكذا يمكن القول أن التعددية الحزبية مصادرة أو شبه مصادرة فى أحد عشر قطر عربى/ وأن أحزاب المعارضة السودانية والعراقية والصومالية موجودة بالفعل خارج بلادها. وهكذا فإن نصف الأقطار العربية تقريبا تمنع إنشاء الأحزاب أو تصادر نشاطها فعلياً. أما النصف الآخر والذى يشمل مصر والأردن ولبنان واليمن وفلسطين وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا فإنه يشهد نوعاً من التعددية الحزبية المقيدة التى تتسم بهيمنة السلطة التنفيذية والانتقائية فى الأنشطة التى يسمح بممارستها والانتقائية فى القوى التى يسمح لها بتأسيس أحزاب معترف بها. مما أدى كما أوضحنا من قبل إلى استمرار نظام الحزب الواحد فى قالب تعددى، واستمرار احتكار الحكم لحزب كبير تحيط به مجموعة من الأحزاب الصغيرة التى لا يسمح لها بالنمو لمنافسته بحكم القيود المفروضة عليها.

رابعاً: السلطوية والثقافة السياسية:
المكون المعرفى هو أهم مكونات الثقافة السياسية على الإطلاق، لأن عدم معرفة أسس النظام الديمقراطى والعمليات السياسية المرتبطة به ووظائف المؤسسات الديمقراطية يؤدى إلى ضعف التمسك بالديمقراطية، وبالتالى عدم المطالبة بها حيث يجهل المواطن مزاياها. ولما كانت مصادر المعرفة السياسية تقع أغلبها تحت سيطرة السلطة السياسية المركزية فى النظم السلطوية سواء من خلال سيطرتها على أجهزة الإعلام الجماهيرى أو المؤسسات الثقافية أو مؤسسات التعليم، فإن هذه المصادر على اختلاف أنواعها تعمل على إعادة انتاج نفس القيم السائدة فى النظام السلطوى وتساهم فى تكريس الواقع السلطوى. من هنا فإن التغيير فى الثقافة السياسية نحو الثقافة الديمقراطية لن يتأتى إلا بعد حـدوث تغييـر فى النظام السيـاسى نفسه (22) .
يؤكد ما أشرنا إليه من مسئولية الدولة وأجهزتها عن غياب ثقافة ديمقراطية أن المدرسة التى تزدحم فصولها، بالتلاميذ تقوم العلاقات فيها على منهج تسلطى حيث لا يشارك التلاميذ فى اتخاذ القرارات المدرسية أو انتخاب من يمثلهم ولا يناقشون إدارة المدرسة والمدرسين. ويتم تنشئة الأطفال على التوحيد ما بين الحكومة والدولة، وتمجيد الفرد مقابل التهوين من شأن الجماعة. وأن حركة المجتمع لا تصنعها الجماهير بقدر ما يصنعها أفراد، وتأتى قيم العدل والتسامح فى أدنى المنظومة القيمية. ولا تتورع مناهج التعليم عن تشويه وحجب الحقائق التاريخية فى سبيل تسويغ أفكار وقيم النظام الحاكم. أما وسائل الإعلام فإنها تخضع للسيطرة الحكومية مما يؤدى إلى انخفاض الثقة فى مصداقيتها وفى دورها السياسى ولا يسمح ألا لتوجه واحد موالى للحكومة باستخدامها. وتمارس المساجد الخاضعة للحكومة دوراً مشابها حيث يؤكد أئمة المساجد فى خطبهم على القدرية ومحاربة العقل ودعوة الناس إلى الاستكانة والتشاؤم.
لهذا كله فإننا لا ندهش عندما نعلم أنه أجرى مسح فى 18 دولة عربية من بينها مصر كانت نتيجته أن 11% فقط من مجموع العينات تنظر إلى الديمقراطية كقضية رئيسية تستحق الاهتمام الكبير وكان معظم هذه النسبة من الشرائح المتعلمة (23) .
أما الأحزاب السياسية فإنها ضعيفة ولا تلعب دوراً يذكر فى نشر الثقافة السياسية الديمقراطية. وفى دراسة ميدانية عن الأحزاب والتنشئة السياسية فى مصر أكد 65% من المرتبطين بالأحزاب أنها لا تقوم بدور يذكر فى التنشئة السياسية وقد احتلت التنظيمات السياسية المرتبة الأخيرة من بين مصادر نشر المعرفة السياسية حيث لم تتجاوز سوى 3% فقط من بين مصادر المعرفة الأخرى (24) .

خامساً: السلطوية والمشاركة السياسية:
تعتبر المشاركة فى الحياة السياسية أحد الأركان الأساسية للديمقراطية، ولا يمكن حدوث تطور ديمقراطى حقيقى دون أن تكون هناك قنوات ومؤسسات فعالة يشارك من خلالها المواطنون فى اختيار حكامهم وممثليهم فى عملية صنع القرارات والرقابة على تنفيذها. وهناك عدة صور وأشكال للمشاركة السياسية منها المشاركة فى الانتخابات العامة، ورغم تفاوت نسبة المشاركة فى الانتخابات من دولة عربية لأخرى، فإن هناك عدة ملاحظات جديرة بالتسجيل من منظور علاقة الانتخابات كإحدى صور المشاركة السياسية بعملية التطور الديمقراطى فى الوطن العربى منها:
1-تدنى نسبة المشاركة فى الانتخابات العامة لزيادة عزوف المواطنين بسبب إدراكهم أن نتائج الانتخابات محسومة سلفاً لحساب الحزب الحاكم ومقاطعة المعارضة لهذه الانتخابات من حين لآخر.
2-تزايد نسبة التصويت فى المناطق الريفية والمدن الصغيرة عن المدن الكبرى نتيجة لغلبة الاعتبارات القبلية والطائفية على حساب العلاقات الحديثة السياسية والمهنية.
3-لا تختلف نتائج المحليات عن الانتخابات العامة من حيث تأكيد الأغلبية الساحقة للحزب الحاكم.
4-أدى غياب أو ضعف القنوات الرسمية والفعالة للمشاركة فى الحياة السياسية إلى تزايد السلبية وتزايد اللجوء إلى اساليب غير تقليدية للمشاركة مثل المظاهرات وأعمال الشغب والإضرابات، وهو ما يؤدى إلى تكثيف الإجراءات الحكومية والممارسات غير الديمقراطية لقمع تلك الأشكال.
5-غياب تنظيمات المجتمع المدنى فى بعض الدول العربية أو ضعفها أو هشاشتها فى الدول الأخرى التى سمحت بقيامها أدى إلى ضعف الوجود الحزبى والبرامج السياسية عند إجراء انتخابات عامة فى عدد من الدول، واتساع المجال أمام القبيلة والطائفة والعصبية العائلية والعرقية، وفى الأغلب الأعم تتجه الأحزاب إلى التكيف مع المتغيرات الحاكمة لديناميات العملية الانتخابية بل وتصبح مجرد امتداد لبعضها كما حدث فى مصر بشكل واضح فى انتخابات مجلس الشعب سنة 2000 (25)



#عبد_الغفار_شكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية-الجزء الرابع والأخير
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية- الجزء الثالث
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية - الجزء الثانى
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية-الجزء الأول
- نحو ثقافة عربية ديمقراطية
- نشأة وتطور المجتمع المدنى : مكوناته وإطاره التنظيمى
- الانتقال الديمقراطى فى المغرب ومشاكله
- الأحزاب العربية وثقافة حقوق الإنسان
- تحالف الجنوب فى مواجهة أممية رأس المال
- عروبة مصر والصراع العربى الصهيونى
- الأمن العربي والتقدم العلمي
- الطبقة الوسطى والمستقبل العربى
- تطور الفكر الاشتراكى فى مصر1970-2000 الجزء الثالث
- تطور الفكر الاشتراكى فى مصر1970-2000 الجزء الثانى
- العولمة والديمقراطية فى الوطن العربى
- تطور الفكر الاشتراكى فى مصر1970-2000 الجزء الأول


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغفار شكر - أثر السلطوية على المجتمع المدنى - الجزء الأول