أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الربيع العربي والهواجس المراوغة















المزيد.....

الربيع العربي والهواجس المراوغة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3433 - 2011 / 7 / 21 - 16:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الربيع العربي والهواجس المراوغة
ثلاثة عناوين أساسية تصدّرت الواجهة السياسية أو وجدت طريقها إليها ترافقاً مع ربيع الحرية والكرامة الذي حلّ بالعالم العربي . ولعل تلك العناوين هي أقرب الى المخاوف أو الهواجس من اختطاف الثورات أو دفعها باتجاه خاطئ، ومثل هذا القلق ارتفع الى درجة كبيرة لدى أوساط وجماعات مختلفة في أهدافها وتوجهاتها، بعضها راوده لاعتبارات أيديولوجية والآخر دينية أو طائفية والثالث لأسباب سياسية أو اجتماعية .

العنوان الأول هو الخوف من صعود نجم الحركة الإسلامية والقوى الدينية، لاسيما المتطرفة مهما اتّخذت من أسماء، سلفية وأصولية، أو معتدلة، لكنها تصبّ في تيار الإسلام السياسي مثلما تنبع منه، وتولّد شعور أن هذه القوى تكاد تكون الوحيدة، المنظمة، ولديها آليات عمل متقنة ويمكنها باسم الدين التأثير على الجمهور، القليل الوعي، وبالتالي يمكنها كسب الشارع والوصول الى قبّة البرلمان وقد يكون بإمكانها إحراز الأغلبية فيه ودفع البلاد باتجاه دولة إسلامية، في حين أن هدف الثورات هو إقامة دولة مدنية على أساس مواطنة سليمة عابرة للأديان والطوائف والإثنيات والسلالات واللغات، تشيع الحريات وتعيد رسم العلاقة بين الحاكم والمحكوم على أسس جديدة قوامها احترام إرادة المحكومين الحرّة في اختيار الحاكم واستبداله وفقاً لانتخابات دورية وعلى أساس تداولية السلطة سلمياً في إطار حكم القانون وفصل السلطات واستقلال القضاء . وفي هذا السياق فإن مبدأ الشفافية والمساءلة يعدّ ركناً حصيناً من أركان الدولة العصرية الديمقراطية .

وإذا كان القلق من صعود تيار إسلامي أو “إسلاموي” متشدد قد يدفع البلاد باتجاه “التديين” أو “التطييف” أمراً وارداً، إلاّ أن الحل ليس بعزله أو منعه من ممارسة حقه المشروع في العمل العلني الشرعي- القانوني أو الوقوف ضد ثورات التغيير بذريعة “التيار الإسلامي”، بل في اعتماد آليات ديمقراطية يمكن صياغتها في عقد اجتماعي جديد وإدراج بعض مبادئه في الدستور بحيث لا يمكن تغييرها أو استبدالها بسهولة، خصوصاً إذا كانت ضامنة لسير الحياة الديمقراطية باعتبارها خطة طريق طويلة الأمد للتحوّل الديمقراطي .

وبقدر مشروعية القلق من تحقيق القوى الإسلامية فوزاً كبيراً في الانتخابات البرلمانية المقبلة، لاسيما في تونس من خلال حزب النهضة، ومصر من خلال حركة الإخوان المسلمين، ممثلة بحزب الحرية والعدالة، خصوصاً أنهما استطاعا بحيوية ومرونة تبنّي بعض عناصر وأركان الدولة المدنية، الأمر الذي سيرمي الكرة في ملعب القوى الوطنية الأخرى: اليسارية والديمقراطية والقومية، من حيث إعادة النظر بمجمل استراتيجياتها وتكتيكاتها التي وصلت الى طريق مسدود، والاستفادة من جيل الشباب صانع الثورات والتعلّم منه وإقامة تحالف واسع يلعب فيه الشباب، إضافة الى مؤسسات المجتمع المدني، دوراً وازناً، لاسيما بتبنّي مطالب الناس والدفاع عن حقوقهم في العيش الكريم وتوفير مستلزمات العمل والصحة والتعليم، باعتبارها أساسات لا يمكن للتنمية الشاملة أن تقوم دونها، إضافة الى قاعدة الحقوق والحريات المدنية والسياسية .

وإذا كانت ظروف وأوضاع العمل السري وقمع الحريات وملاحقة أتباع التيار الإسلامي سبباً في انتشاره، إضافة الى براعته في العلاقة بالناس، فإن شروط العمل العلني وفي ظل حكم القانون واحترام حق الاختلاف وإقرار مبادئ التنوّع والتعددية، ستقود الى انحسار هذا التيار إنْ آجلاً أم عاجلاً، ولكّن حذارٍ من عزله أو تهميشه، لأن هذه البيئة هي الصالحة لأن ينمو فيها التطرف وينتشر مستغلاً أحياناً عن حق أو عن باطل اسم الدين والإسلام في مواجهة الآخرين .

العنوان الثاني الذي عاظم قلق الكثير من الأوساط السياسية والشعبية، هو الخوف من الفوضى، ولعل هذا السبب كان وراء قلق بعض القوى التي ظلّت مترددة أو حتى مرتابة من التغيير، وهاجس الفوضى يكاد يكون موازياً لهاجس الإسلام السياسي، لاسيما بعد تجربة “الفوضى الخلاقة” التي ضربت أفغانستان وبعدها العراق بعد احتلالهما عامي 2001 و2003 .

وحتى الآن فإن ما حصل في تونس ومصر فاق الكثير من التوقعات، على الرغم من بعض ما رافقه من حوادث وأعمال شغب، لكنه بشكل عام كان دليل صحة وعافية ومدنية على انتصار الثورة السلمية، وخصوصاً الحفاظ على مؤسسات الدولة . واستطاعت الثورة بسرعة كبيرة تقليص ظاهرة الانفلات الأمني، التي ظلّت محدودة، كما أن بعض مظاهر العنف والجريمة المنظمة انحسرت الى حدود غير قليلة، الأمر الذي يحتاج الى عقد اجتماعي جديد لاستعادة وترسيخ تقاليد جديدة ديمقراطية قائمة على قيم الحرية والعدالة والمساواة والمشاركة، واحترام التنوّع والتعددية وحقوق المرأة والأقليات والمهمشين .

العنوان الثالث هو الخوف من القوى الخارجية، التي قد تحاول استغلال الثورات أو حرفها عن مسارها أو توجيهها وجهة خاطئة أو التأثير فيها، سواءً الثورات المنتصرة في تونس ومصر، أو الانتفاضات والاحتجاجات الأخرى في البلدان العربية المختلفة من مغرب الوطن العربي وحتى مشرقه، ومن محيطه الى خليجه . ونعتقد أن القلق من التدخل الأجنبي مشروع ومبرر، لاسيما أن هذا البرزخ يمكن أن يكبر، وهناك الكثير من الأمثلة الصارخة، ولعلها أكثر إثارة بالنسبة للعالم العربي هو ما حصل في العراق بعد الاحتلال، وما يجري اليوم في ليبيا من اقتتال قد يطول بسبب تدخل حلف الناتو وقيامه بقصف طرابلس وتدمير البنية التحتية والمرافق الحيوية والمنشآت الاقتصادية، فضلاً عن إلحاق ضرر بليغ بالسكان المدنيين الأبرياء . وإذا كان مبرر التدخل الإنساني هو حماية السكان المدنيين في بنغازي وبقية المناطق التي وقعت تحت قيادة الثوار، فإن هذا الهدف تم تجاوزه، لاسيما ما تعرّض إليه السكان المدنيون، وما سيتركه من تأثيرات سلبية على صعيد المستقبل .

أقول ذلك بعيداً عن أصحاب نظرية المؤامرة الذين يفسّرون الأحداث والتطورات في ضوئها وعلى هديها . ولا أحد يستطيع إنكار الاستهداف الخارجي، لاسيما من جانب القوى المتنفّذة والمتسيّدة في العالم، وخصوصاً الولايات المتحدة وحلفاءها، لأن ذلك جزء من الصراع الدولي، لكن مثل هذا التفسير سيبدو وحيد الجانب، حين يجري التشكيك بمطالب شعبية وتحركات واحتجاجات وقوى وجماهير غفيرة، كأنها دمى يحرّكها الخارج .

لعل مثل تلك الأطروحات مهما كانت نزيهة، ستكون شئنا أم أبينا دفاعاً عن الحاكم وتبريراً لاستبداده وتجاوزه على الحريات والحقوق، فضلاً عن أوضاع الفساد المالي والإداري الذي يزكّم الأنوف، تلك الأحوال والأهوال، التي دفعت الشباب إلى الانتفاضة من أجل الكرامة والحرية . كما أن الحجة التي يتم التعكز عليها، وأعني بذلك مناهضة الامبريالية ومؤامراتها، التي هي غير غائبة، لن تكون مبرراً لما تقوم به أنظمة التسلّط والاستبداد من قمع للحريات والتجاوز على الحقوق، ولعل نقيض هذه السياسة التي أدت الى الإفقار والإذلال، سيكون المزيد من الحقوق والحريات والتنمية لمواجهة المخططات الخارجية وليس العكس .

أما الوجه الثاني لهذا العنوان، فهو محاولة بعض القوى تبرير التدخل الخارجي بل الاستقواء به، تحت ذريعة عدم قدرة المعارضات الداخلية على تغيير الأنظمة بسبب كبت الحريات المزمن، وقد قاد مثل هذه التعويل على القوى الأجنبية الى كوارث لا حدود لها، الأمر الذي يحتاج الى توازن بحيث تكون المطالبة بالتغيير هي ضد الاستبداد، وفي الوقت نفسه ضد الطغيان الخارجي، الذي لا يريد خيراً لتطلعات شعوب المنطقة، لاسيما في ظل انحيازاته المسبقة الى “إسرائيل” وفي محاولاته المستمرة للهيمنة على النفط .

ومن الطبيعي أن تحاول القوى المخلوعة أو بعض أركانها أو المعارضة التقليدية، أو حركات سياسية جديدة، “اصطياد” الثورة وتوجيهها الوجهة التي تخدم مصالحها، إلاّ أن جيل الشباب صانع الثورة قد يكون في واد، وهذه القوى أو بعضها في واد آخر، الأمر الذي يحتاج الى توافقات جديدة بين جميع هذه القوى، بما فيها المجتمع المدني ومؤسساته وجمعياته .

وتبقى المعضلة الأساسية هي علاقة الحاكم بالمحكوم في الدولة العربية الحديثة، التي تتوقف عليها الشرعية المنشودة، خصوصاً شكل الدولة وطبيعة نظامها السياسي والاجتماعي والمبادئ والقيم التي تحكمها، الأمر الذي لا بدّ من التفكير فيه على نحو معمق في ظل الشرعية الجديدة التي ينبغي أن يقوم عليها العقد الاجتماعي الديمقراطي الجديد



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشباب وفن الانتفاضة: خريف الآيديولوجيا وربيع السياسة!
- شروط أوباما الفلسطينية
- إقليم السنّة العراقي: التباس التاريخ
- ديناميكية مغربية
- حين تصبح العدالة ميداناً للصراع الدولي!
- منهج ماركس لا يزال صحيحاً لكنه لا يصلح لنا الآن
- الربيع العربي وحرية التعبير
- التسامح والرمز
- هل تتقطّع خيوط واشنطن في بغداد؟ التعويضات ومعسكر أشرف
- ثلاثة ألغام أمريكية جديدة في العراق
- عبد الكريم الأزري: المشكلة والاستعصاء في التاريخ العراقي
- السلام يُصنع في العقول
- كوبا الحلم الغامض- كتاب جديد
- فقه التجديد والاجتهاد في النص الديني
- الشاعر أحمد الصافي.. التمرّد والاغتراب والوفاء للشعر
- قانون التغيير وتغيير القانون
- في العقول يبنى السلام وفي العقول يتم القضاء على العنف
- فصل جديد من الدبلوماسية الأمريكية
- سعد صالح.. سياسي كان يسيل من قلمه حبر الأدب
- إمبابة وأخواتها


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الربيع العربي والهواجس المراوغة