أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل عبد الأمير الربيعي - من ذاكرة الديوانية.... أهل الشط(مدينة النضال والكفاح)















المزيد.....

من ذاكرة الديوانية.... أهل الشط(مدينة النضال والكفاح)


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 3433 - 2011 / 7 / 21 - 10:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تميزت الديوانية بالحس والشعور الوطني الذي تشهد له الحركة الوطنية العراقية وما سجله لها من مآثر التأريخ العراقي الحديث, الذي جعل لها اهتماماً لدى السلطات لعمقها ومواكبتها حركة النشاط الوطني, وملاذاً آمناً للقادة الشيوعيين , مكاناً مناسباً لاستعادة تنظيماتها السياسية.
عندما تعيش في هذه المدينة تشعر إن أهلها عائلة واحدة لا توجد تمايزات طبقية واجتماعية , بالرغم من أحيائها البائسة الفقيرة والعتيقة , ولكنها احتضنت كل أسر مكونات الطيف العراقي من اليهودية والقومية الكردية والتركمانية والفارسية والعربية وطيفها الديني من الديانة اليهودية والمسيحية والآيزيدية والمسلمة والصابئة المندائية , فقد كانوا قلبها وضميرها ,يتصف أبناء الديوانية بتلك الطيبة المفرطة , وبساطة الحياة , وقد فشلت السلطات المتعاقبة عبثاً على أن تلغي العلاقات المتينة والمحبه والوئام.
لقد انحاز شباب المدينة الواعي نحو تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي , ومنها منطقة الجديدة والفاضلية وأهل الشط (لسكناهم قرب نهر الفرات) الذي يقسم الديوانية إلى جانبين, منطقة أهل الشط في نهاية الديوانية سابقاً حيث أنظمت حالياً لتصبح مركز المدينة .
تقع منطقة أهل الشط في الجزء الجنوبي الغربي من الديوانية وفي نهاية منطقة الجديدة خلف مستشفى الديوانية الجمهوري, كانت تسمى سابقاً (الغرب) نسبة إلى شجرة الغرب الذي ينمو بها بصورة كثيفة وبعضها ترجع لأملاك السيد مجيد فؤاد.هذه العوائل كادحة تعتمد في المعيشة على عملها المضني في سوق الديوانية, فقد هاجروا أغلب عوائلها من العمال والفلاحين من الكوت هرباً من الإقطاعي ومعاملته السيئة للفلاحين, شيدت الصرائف التي يسكنها عوائل الفقراء والنازحون من الأرياف , الذين يسدون حاجات البلد في القيام بأعمال لا يقوم بها أبناء الأسر الأخرى.

((الطيور أتدك على البيبان
تصحّي الدنيه من غبشه
تهمس بذنـَه وتبشره
بعد أسبوع.. لايومين.. لاساعه
تسمعون الغنه، والدبجه ،والجيلات
الشمس طكت قيدها .....
..........وباكتهـا العصافير
وزفتهـا عروس وحنت الجفين
وشوباش العرس يم كبة القاسم
(ياهلبت تجي وترتاح)
الدنيه أبعازة أجفوفك
يل أجفوفك ...
..... مناره وباب للكِصـاد
سراديب العطَش بالروح
ويفيض الخير بجروفك
يامهر الآصيل...
المايحده أعنان
تسحَـن صبرك وتلهم
بس يحلَه السفر وياك
أشيعله الروج....
أنت النوخذه......
وسكان )) 1
لقد انخرط أكثر أبنائهم وشبابهم منذ أربعينات القرن الماضي في المجال السياسي وارتباطهم بالتيار اليساري والحزب الشيوعي العراقي , بسبب معاناتهم من الظلم والحيف الذي وقع على رأسهم بسبب سلوكيات الإقطاع فامتهنوا الكثير من الإعمال رجال ونساء وبرز منهم من امكنياتهم المادية جيدة مثل الحاج هلال المياحي صاحب علوة الخضار واللبن العربي والحاج هندي عكش صاحب معامل الطابوق وقد تمكن من شراء معمل طابوق صالح معلم بعد مصادرة المعمل من قبل الدولة وبجهود متصرف اللواء الذي لا يخاف الله في سرقة أموال الآخرين.
ومن ضمن العوائل التي انخرطت في تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي عائلة عواد صاحب مقهى في حي الجديدة مقابل دور أهل الشط وكان ابنه الشهيد ناصر عواد وكامل عواد يعملون مع والدهم في هذا المقهى الذي أصبح وكراً للمناضلين اليساريين وتجمع للمثقفين.
ومن ضمن عوائل أهل الشط أبو عمش( كيطان ساجت)الذي تعرفت علية عن قرب بواسطة هادي شاكر أبو دية والمناضل الراحل عبد الله حلواص وصديقي جواد كاظم الرازقي(جواد المراقب), في بداية تعرفي وأنا بعمر الثامنه عشر وبداية ولوجّي التنظيم ألقبه أبوعمشة فكان جواد المراقب يضحك بقوة لأن عمشه اسم بنت وعمش اسم ولد,يتصف بالشارب الكث وذو نظرات قاسية تجده من المناضلين من الطراز الستاليني الذي لا يحيد عن مبادئه وأفكاره ,إذ اعتقل أكثر من مره في عام 1962 ,و1963 وتعرض لشتى أشكال التعذيب أيام الحرس القومي البعثي إلا إنه لم يتنازل عن فكرة الماركسي, ورفض إعطاء البراءة عام 1964.ومنطقة أهل الشط تلاحظ عند دخولك شوارعهم إنهم أقارب من عشيرة واحدة متكاتفين متفاهمين متفقين على الحلوة والمرة ولم يستطع النظام السابق من تفتيت وحدتهم ,ويصفهم القاضي زهير كاظم عبود في أوراق من مدينة الديوانيةص298: (ولما لم تنفع معها الأساليب لجئوا إلى تقطيع أوصالها بحجة التطوير العمراني وتركوها خرائب وأنقاض طيلة سنوات طويلة ولم تزل حتى اليوم تعاني من تلك المحاولة

لقد عملت أكثر نساء هذه المنطقة في حياكة السجاد في الشارع وتتعاون أكثر من امرأة للحياكة لإعالة عوائلهن بسبب ظروف الحياة الصعبة وبعض النساء تعمل في صناعة التنانير الطينية لعمل الخبز , حيث كانت والدتي ترسلني لشراء تنور الطين ثم نتساعد أنا وأخوتي لبناءه في باحة الحديقة الجانبية , لعدم قناعتها بشراء الخبز من السوق.
كانت هذه المنطقة مأوى للمناضلين اليساريين المطاردين من قبل السلطات التي تعاقبت على العراق, فكان طريق العمل السري ديدنهم وقد قدمت الكثير من الشهداء من فلذات أكبادها وخاصة عائلتي الكادح عواد الشطاوي الذي سلكوا النضال والقتال بصفوف أنصار الحزب الشيوعي العراقي في كردستان العراق وهم الشهيدين ناصر وإقبال والأنصارية نصيره عواد(حالياً مقيمة في الدنمارك) والأنصار نصير عواد(مقيم في هولندا), فقد استشهد ناصر (أبو سحر) وأقبال(مهدي) في معارك بشتآشان بغدر من قوات جلال الطالباني بقيادة نيشروان مصطفى, محققاً أمله وحلمه في أن يعطي روحه للشعب والقضية , وقد أوفى بموقفه وكلمته ورافقه في الشهادة أخيه اقبال.
((يا رفيقي ..أبصرت روحك أطيافا
من العشق المعتق والمعترف
من ألواح الحروف الأبجدية
أيها الصمت الحزين المستعين
أيها النازف جرحك
وتأبط صبرك .. المزمن والعشق الملون
وتطهر بنسيم الصبح حتى تستفيق
من سبات امتد من عنف الولادة
سيذوب الليل حتماً سيذوب..))2
لقد صار اسمهُ بهياً ساطعاً فوق المدينة ومحلته وأهله , كان ناصر عواد نحيلاً غير انه كان كتلة من المشاعر والمباديء والقيم, كبير في التزامه وشهادته. على ثرى كردستان قدم الشهادة في قاطع بشآشان ليلة الخميس 28-9-1984 حيث توجهة مفرزته الأنصارية وهي تشق طريقها عبر مهاجع الجنود وفصائل المندسين من عملاء النظام وعلى نهر دجلة أقصى الجنوب تعرضت المفرزه بكمين قاتل متسوّر بالقطعات العسكرية الخاصة والمغاوير وخونة العراق وأراذل الرجال , ممن تواطأ مع النظام, والحاج هلال المياحي قد اعدم ولده البكر حميد وسجن ولده الصغير فاضل ثم أطلق سراحه بعد قضاء محكوميتة وحالياً يعيش في السويد. وتميز الحاج هلال المياحي بامكانياته المادية وبناء دار خارج المنطة وامتلاكه علوة لبيع الخضرة واللبن العربي , بمساعدة أبناءه وخاصة منهم مجيد هلال المياحي.

((على أخدوده ورد رمان
ومشكبن أشليله،أبنفحة العنبر
باليمنه......
ترفرف راية الثوار
وباليسرة ......
طفل شالَه ،.... أيخاف لا يعثر
يدك بوب السلَف بالليل
متكبع عباتَه... وللدفو يحضن
يوصَـل......
للمعامل ، للصـرايف...
لبيوت الكَصب والطين
جدمه يندل الفقير ومن يتيه....
أتكوده عينه
وكلبَه ساحِـكـهـا السجَـج
على وسع الفُقره فكرَه
وللطفوله.....
نسج شريانه مرجوحه
وحدايق ..... موعد العشاك
وماتت السعلوه غيض
خايفه وعاميهـا سمهـا
ومن حقدهـا....
فلشت كل الحدايق .... والمراجيح))3
قدمت هذه المدينة الكادحة الكثير من أبنائها شهداء للحركة الوطنية اليسارية ومنأعز شبابها منهم: (كريم عبد الله الذي أعدم مع الشهيد الرياضي بشار رشيد, حامد خضير خير الله , شاكر هادي , مدرس الفيزياء شاكر داخل كطفان, مسّلم شاوي والكثير الذي لا تسعفني ذاكرتي من أبناء محلة أهل الشط.
شاكر داخل كطفان:
تخرج من كلية التربية عام1965 وبدأ مشوار حياته في البصرة , ثم انتقل إلى الديوانية عام1968 وعمل في سلك التعليم الإعدادي, مجداً محباً لمادته معروفاً بين أقرانه وتلاميذه لطريقته الشيقة في طرح المادة, وكذلك تدريس مادة الفيزياء في إعدادية الديوانية للبنات لسمعته وكفائته التي بناهما في زمن قياسي,كان مثابراً في مجال التنظيم اليساري الشيوعي في الديوانية,وقد كان عضو لجنة محلية الديوانية للحزب الشيوعي العراقي وبعد تشكيل الجبهة كان نشط في محلية الديوانية للحزب الشيوعي العراقي, في نهاية السبعينات عام1978 اعتقل الشهيد شاكر داخل واخذ قصطه من التعذيب ثم أفرج عنه على أن لا يعود للنشاط الحزبي,وتحويله إلى كاتب في مديرية زراعة الديوانية,كان يتردد علينا في محل أحذية نجيب علوان في الديوانية, وكيف كان يعاني من عائلة كبيرة سبعة بنات وولد , ولكن عام 1981 اعتقل وبعد أيام سلمت شهادة الوفاة إلى عائلته بدون جثه, ثم قرار محكمة الثورة السيء الصيت بمصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة , وبيع البيت التي تسكنه العائلة بالمزاد العلني, فاستنجدت زوجته بما تملكه من مدخرات والإقتراض من الأقارب والأصدقاء ودخلت المزاد عام1982 وتمكنت من شراء بيتها بمبلغ 28000 دينار عراقي أي ما يعادل 95000 دولار في حينها.
اضطرت زوجته على العمل مربية في حضانة للأطفال لعدة سنين ثم معينة في مستشفى الولادة لتتمكن من إعالة أطفالها والعيش بكرامه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1, 3 -للشاعر حامد كعيد الجبوري
2قصيدة للشاعر سعد الشلاه



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كواكب تضيء سماء مدينة الديوانية..الشهيد وسام حسون صالح الكرو ...
- نجم آخر يتألق في سماء مدينة الديوانية...الشهيد رافد حنتوش
- من ذاكرة الديوانية.. ساعة القبض على الجاسوس الكولونيل لجمن(3 ...
- من ذاكرة الديوانية.. ساعة القبض على الجاسوس الكولونيل لجمن(2 ...
- من ذاكرة الديوانية..ساعة القبض على الجاسوس الكولونيل لجمن (1 ...
- كواكب تضيء سماء مدينتي الديوانية
- تارا الجاف....قيثارة سومر الدافئة
- الدستور العراقي بين الحكومة الذكوريه وإهمال المرأة
- فاجعة فرهود اليهود وحركة رشيد عالي الكيلاني عام1941 (2)
- الصحفي والإعلامي عدنان حسين للحديث عن الإعلام والحركات الشعب ...
- فيصل مشهد القيادي الفلاحي في حركة قسمة المناصفة في ريف الديو ...
- دور اليهود العراقيين في الحركة الوطنية العراقية
- كاظم فرهودالقائد الفلاحي ورحلة السجون
- سمير نقاش الروائي العراقي الحالم
- قصر الياهو ساسون خضوري في الديوانية
- الفنان التشكيلي أياد الزبيدي بين الحكاية الشعبية والنمنمات ا ...
- الأنصاري ناصر عواد( أبو سحر) مقاتل من مدينتي الديوانية
- فاجعة فرهود اليهود وحركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941
- القائد الفلاحي والرياضي كاظم فرهود ورحلة السجون
- أنور شاؤول ....... أديب وشاعر وصحفي


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل عبد الأمير الربيعي - من ذاكرة الديوانية.... أهل الشط(مدينة النضال والكفاح)