أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبلة درويش - خسارة أسد















المزيد.....

خسارة أسد


عبلة درويش

الحوار المتمدن-العدد: 3430 - 2011 / 7 / 18 - 11:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يواجه الإنسان طوال سنوات حياته من الرحم حتى التراب، خسارة يومية تختلف بالنوع والكم والكيف مع مرور الأيام والسنوات ومجابهة القدر، فبرغم أن الجنين خرج للحياة مفجّرا معه فرحة لوالديه بالمجمل، وبدأ رحلة حياته على سطح الكرة الأرضية ليعيش في كنف عائلته ويأكل ويلعب ويُداعب ليكبر، إلا انه بلحظة خروجه بدأ يخسر حياته في رحم أمه، فمن يعلم أن كانت الحياة للجنين بعدما يولد أجمل من رحم أمه، فما من جنين جاء يتكلم ليقول أعيدوني لرحم أمي، فلو كانت الحياة جميلة وخالية من الخسارة لما جاء الجنين يبكي، كما ويقلق الوالدان ان لم يبك الجنين لحظة خسارته رحم أمه... بل يبكي لأنه خسر العيش في اقرب نقطة لامه ويحزن في الوقت الذي لا يفهمه فيه احد، فلن يكون في أي يوم بعد الآن الأقرب الى امه حتى وان اعتنت به واحتضنته وأحبته وربته و.....

فكم نفكر ان نكسب من الحياة ونحافظ على ما لدينا لنستمر، نفكر ان نكسب المال لنعيش ونلبي طلبات الحياة، ونفكر ان نكسب صحتنا بألا نتعب كثيرا ونتناول الدواء ان لزم، نفكر الا نخسر صديقا وحبيبا وشقيقا وابا واما ورفاق، وفي ذات الوقت يبدو اننا لا نعلم كيف نحافظ عليهم... فيجب ان نفكر كيف نحافظ على احبائنا بدلا ان نمضي الوقت بالتفكير كيف لا نخسرهم ونبقى نراقبهم عن كثب ولا نريد ان نخسرهم وفي ذات الوقت لا نريد ان نكسبهم احيانا وفقط نريد الا يكسبهم احد آخر لنخسر الكثير حينها من ثقة هؤلاء بنا وبالغالب سنخسرهم ايضا وتكون خسارة مضاعفة، ونفكر الا نخسر صحتنا بأن نتناول الدواء الذي يقي من مرض معين ولا نفكر كيف نحمي انفسنا من السبب، وهنا نخسر الصحة ونخسر المال للدواء وربما نخسر من هم حولنا لعدم سماع نصيحتهم وربما سيخسروننا من المرض.

فان كان جل تفكيرنا كيف نحافظ على احد او شيء لن نكون بحاجة حينها لنفكر كيف لا نخسرهم، وبالتالي هنا سنكسبهم ونكسب الوقت ونحرر العقل من التفكير ونوفره لملايين المواضيع التي هي بحاجة للتفكير، فلنطلق شعارا "وفروا عقولكم وقلوبكم للأجمل والاهم".

يتشابه الناس في بعض النقاط ويختلفون في الكثير ويختلفون في نوع الكسب وطرقه، حيث يختلفون في امور هامة اكثر من التافهة، وخصوصا من هم اقرب لبعضهم، فيكبر الخلاف والاختلاف كلما اقتربت المسافة بين الشخصين بعد ان كان الاقتراب نتيجة مباشرة للتفكير والسعي وراء كسب قلب فلان او كسب مودته وصداقته فتكون نتيجة التفكير بكسبهم خسارتهم، عكس ما كنا نتوقع قبل ان نكبر، فهل السبب انه كلما قلت المسافة بين اثنين يتم طرح امور حساسة اكثر وامور هامة اكثر وبالتالي تتوفر عدة ثغرات ونقاط للحديث عنها، ام ان احد الطرفين عندما يصل للنقطة التي ارادها وسعى وراءها وحقق ما يريد يبدأ باختلاق الثغرات ليبدأ بالخسارة التي لا يفكر فيها بعدما فكر مليا وخاف كثيرا ان يخسر فلان وبدأ يخسره، وهناك خيارين في هذه الحالة إما ان يقوم الطرف الاول باختلاق الثغرات والمشاكل فيبدأ الصراع ولا ينتهي وتبدأ الخسارة من الطرفين، واما ان يقوم الطرف الثاني باستيعاب الطرف الاول سعيا للاستمرار وحفاظا على العشرة والمودة فيخسر الثاني المتفاني، وهنا تبدأ الخسارة وننسى فكرة الكسب الا اننا نبدأ بكسب واعتناق افكار سيئة واحلام قاسية ونخسر من عمرنا سنوات قضيناها نفكر بشي ليبدو لنا بالنهاية انه شيء اخر يختلف، ونبدأ نخسر لحظة وراء لحظة وليس الخسارة هنا مستقبلية وفي القادم فقط، انما نخسر من الماضي والحاضر وصولا الى المستقبل.

ويختلف مستوى الخسارة من شخص لآخر، فمنهم من يخسر الماضي فقط وربما يعتبره مكسبا من باب الخبرة ومدرسة الحياة، ويبدأ بالتفكير بكسب طرف ثان جديد في الحاضر حتى يصل المستقبل، ومنهم من يخسر الحاضر ويبقي الماضي للذكرى ليتمكن من كسب وخلق مستقبل جديد للمستقبل، ومنهم من يخسر المستقبل كاملا وهو يفكر بالماضي والحاضر بألا ينساهما، ومنهم من يخسر الثلاث، يخسر الماضي والحاضر لانه يريد ان ينساه او لا ينساه ويضيع بين المفهومين ويخسر عمره ويخسر المستقبل وهو يحاول ان ينسى الماضي والحاضر او يتخطاهما ويضعهما جانبا وهذا اكبر الخاسرين وللعلم فقط هذا الخاسر يكون اكثر شخص مخلصا للطرف الثاني في كل الحالات، ورغم ذلك وحسب تقديرات القدر الذي رأى انه يجب ان يعاقب لانه كان الاكثر اخلاصا والاكثر تمسكا وسعيا لعدم الخسارة، ويكافئء القدر من نسي الحاضر والماضي ولم يبق بذاكرته شيئا عنهما وكأنهما لم يكونا يوما ويبدأ من جديد للوصول الى المستقبل وهذا يكون نوعا ما قليل الاخلاص وغير مرتبط ارتباطا كبيرا كما كان يدعي عندما بدأ بالتفكير بكسب مودة طرفه الثاني الجديد ليكسبه، وغير آبه او لا يعلم حينها انه خسر الكثير رغم نسيانه وخسارته لماضيه فهو خسر وربما سيخسر الطرف الجديد ان بدأ كرتّه الجديدة بالخسارة بعد الكسب.

فمن منا لم يخسر، فكم يظن الاسد نفسه اسدا ملك الغابة ولا احد يقهره ولا احد يستطيع محاربته ولا احد يستطيع خسارته ويحبون ان يروا الاسد وان كان من بعيد ويظن الناس لن يعيشوا بعده، ويستهزء بالارنب والسلحفاة وبطيور الحب "الغبية"، فلو كان الاسد اسدا لما كان حلمه قفص في حديقة الحيوان محدود الحركة لا يستطيع حتى ان يرى حبيبته اللبوءة التي تركها في الغابة بين الوحوش فاللبوءة تكون لبوءة بوجود الاسد فقط وان غاب يتحول كل الحيوانات حولها الى وحوش، كما ويخاف الاسد في القفص من نظرات جارته النعامة "العبيطة" ان رصدت له يوما نظرة حزينة فهو قوي!!، ولو كان قويا كما يدعي لما استطاع احد الامساك به والايقاع به في قفص ومنعوه من الحركة والحياة التي يحب ويرغب، ويحرم حتى من حبيبته وهو يحلم بها دوما ويخشى على قوته ان علم جيرانه في الحديقة انه يفكر بها ليظنوه ضعيفا ان فكر بحبيبته اللبوءة، فخسر حريته ورغم انه يحاول اصطناع القوة ومهاجمة زوار الحديقة الجبناء "البشر" من وراء القفص رغم علمه المطلق والمؤكد انه لن يتناولهم على وجبته القادمة لانه محبوس ورغم علمه انه خسر حريته وقوته لحظة دخوله قفص الحديقة وخسر قوته وخسر شعور الخوف الذي كان يراه في عيون الحيوانات الضعيفة والبشر الجبناء، يبقى يحاول ان يكون اسدا الا انه مع مرور الوقت سيبدأ بالخسارة الكبيرة التراكمية ليصبح ذاك الحيوان الاليف ويخسر حتى طبيعة خلقه، ومع ذلك كرامته لا تسمح له ان يتنازل ليصبح ارنبا ويبقي على قوته الصورية انه اسد، رغم علمه ان طفلا في عمر السادسة يستطيع ان ينهي حياته ان وضع له حتى لو بالخطأ سائل مبيد حشري تستعمله امه للحشرات او مادة كيماوية تستعمل في التنظيف في الحمام، ويبقي على قوته الصورية وهو يخسر لحظة وراء لحظة ليبقى اسدا، ويعلم انه يخسر عندما يتظاهر بالقوة ويصيح، فلو كان قويا لما تظاهر بالقوة والاسد الذي يهاجم كثيرا لا يكون متوحشا فالمتوحش من بقي هادئا حتى لحظة يكسب ما يسعى اليه، فالقطة تتحول وحشا ان مس احد اطفالها، ولكن يبدو ان احدا لم يفكر يوما بقوة القطة لحظة الحقيقة التي تتحول اسدا والاسد الذي يحيط نفسه بالقوة الصورية يتحول ارنبا مع الوقت.

ان الصفات الخارجية والمظاهر للشخص لا تعكس بالغالب ما بداخله، بل هناك عدة عوامل تحدد شخصيته تبدأ من طرف شعره حتى قدمه، فليس كل من ترتسم العضلات على ذراعيه رجلا وليس كل من خاف ان مرت بجانبه قطة جبان.

الكاتبة والصحفية
الشاعرة عبلة درويش



#عبلة_درويش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات سيجارة
- سنلتقي
- ذيول الامل
- ودعتنا بلا وداع يا محمود درويش
- شجرة -مظلمة- في انوار عيد الميلاد المجيد
- هل ستكون هناك إذا ناديت عليك ؟!
- -وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا-
- الصحافة الالكترونية مستقبل واعد ومتحف ينتظر الصحافة الورقية
- لآلئ تتصدر جلسات المحاكم الاخلاقية في رام الله
- كيف أرسمه يا قلم؟!
- انتظرك هناك يا حبيب
- اليك يا حبيب:عندما يأتي المساء
- الصحافة الالكترونية:
- -الكندرجي- ابو موريس.. حكاية 58 عاما بين المطرقة والسندان .. ...
- -بيت ريا-..عين ماء تملأ الارض خضرة والسماء زقزقة باحلام العص ...
- قصة - الاحتلال يحكم بالسجن مدى الحياة على كنيسة في بيت جالا
- المرأة الفلسطينية مسألة الحقوق
- عرس صوري عن بعد في مخيم الدهيشة .. لمبعد اطفأت -التنفيذية- ف ...


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبلة درويش - خسارة أسد