أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار حمود - المؤامرة الكبرى - سوريا















المزيد.....

المؤامرة الكبرى - سوريا


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 3430 - 2011 / 7 / 18 - 01:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


طبيعي للغاية أن يزخر تاريخ الدول والشعوب بالأحداث التي ينطبق عليها مايسمى اصطلاحا ً بالمؤامرة. إن حياة الأفراد عبارة عن حلبة صراع يومي بين قوى الخير وقوى الشر الكامنة فيهم. فنحن في النهاية بعيدون عن صفة النبوة والعصمة! نحن بشر ٌ عاديون تتنازعــنا أهواءنا ورغباتنا وغرائزنا. وتبقى غريزة البقاء الغريزة الأقوى والأهم فينا. قلائل للغاية هم البشر الذين ينتصر الخيرُ فيهم ويأخذوا جانب العدل والإنصاف بخاصة ٍعندما يكون لهم ثمة مصلحة كامنة في الدفاع عن موقف ٍ مخاتل ٍ ظالم ٍ ما أو عمل لاإنساني كانوا شهودا ً عليه بشكل أو بآخر. وما أسهل فلسفة الأمور وتفسيرها تحت أي عنوان أخلاقي وتمويهها كي نستطيع تبرير موقفنا المجانب للحق والمخالف له، صراحة ً أحيانا ً، أمام أنفسنا أولا ً ثم أمام الآخرين. أما على صعيد الدول فالأمر مختلف نوعا ً ما، شكلا ً، لكنه متطابق من حيث الجوهر. فلقد اتفق الجميع منذ أور وأوروك وماري وإيبلا وروما وقرطاجة وسواها... أن الدول تدافع عن مصالحها أولا ً وثانيا ً وأخيرا ً. وهي أيضا ً، كما الأفراد، تدافع عن مصالحها تحت مسميات وذرائع أخلاقية مختلفة. كالدفاع عن الذات ضد الهمج والبرابرة أو نشر مفاهيم العدالة والديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان إلخ... فلا يستغربن أحد، مثلا ً، أن اتفاقية القاهرة 1916 أو ما عرف فيما بعد باسم اتفاقية سايكس بيكو كانت تهدف أولا وآخرا ً للحفاظ على مصالح ومكتسبات الدول الكبرى في حينه، فرنسا وانكلترا وروسيا وذلك من خلال تقاسم تركة العثماني المريض المشرف على الهلاك. ينطبق مصطلح المؤامرة تماما ً على هذه الاتفاقية من حيث الشكل والمضمون. فهي ضد مصلحة الشعب الأصلي، خطط لها سرا ً في الخارج ونفذت قسرا ً بالسلاح عندما نضجت العوامل والمكونات. وما هذه الاتفاقية إلا غيض من فيض المؤامرات التي مورست على الشعوب والدول!
تحاول وسائل الإعلام السورية مستميتة ً تصوير مايحدث اليوم في سوريا على شكل مؤامرة كبيرة. تهدف إلى تفتيت الكيانات السايكس بيكوية الموجودة حاليا ً إلى كيانات أصغر. وقد قالت الكاتبة السورية المعروفة كوليت خوري إن ما يحدث اليوم هو مؤامرة كونية على سوريا وليس فقط مؤامرة دولية. أي أن المتآمرين تجاوزا حدود الكوكب الأزرق ووصلوا إلى فضاءات أخرى مازالت غير معروفة حتى ساعة تحرير هذا المقال. هي المؤامرة إذاً. والهدف منها أولا ً التفتيت بعد التقسيم... ثم قطع الشرايين المغذية للمقاومة اللبنانية الشريفة المقاتلة في جنوب لبنان وأخيرا ً وليس آخرا ً منع النظام السوري الحالي من ممارسة الممانعة والمقاومــــة! لن أحاول هنا أن أدافع أو أنفي أي من هذه الأسباب والدوافع، ولكني سألفت الانتباه إلى مؤامرة أخرى أكبر بكثير وأهم بكثير، سبقت المؤامرة الكونية الكوليتية الحالية. وأنا أقصد بذلك المؤامرة التي رافقت استقلال الشعوب العربية ضمن كيانات جغرافية تدعى، تجاوزا ً، بدول.
لقد مرت الشعوب العربية في مطلع القرن العشرين بفترة النهضة وتلمس الذات ومعرفة النفس وطعم التحرر. وبرزت في سماء المنطقة أسماء ٌ نجوم مازالت تنير ظلام ليالينا حتى يومنا هذا. ثم عانت هذه الشعوب من مخاض مرحلة ولادة "الدولة - المسخ" التي نــُحتت وشكلت كما يريد الغرب والقوى الكبرى. ويكفي أن تلقي نظرة سريعة على خريطة الشرق الأدنى وأعلامها وأناشيدها الوطنية حتى تفهم لماذا أخذ العراق شكله المعروف محروما ً من مدخله على الخليج العربي جراء إنشاء دولة الكويت مع مايعني ذلك من احتمال الوقوع بكوارث اقتصادية واجتماعية مستقبلية. ولبنان الحالي بعد أن أ ُجبرت الحكومة السورية الوليدة في حينه على إعطاء أقضيتها الأربعة له (بيروت ضمنا ً) ليتحول إلى لبنان الكبير ويحرم سوريا من منفذها الكبير على البحر أيضا ً ثم سرقة لواء اسكندرون ووهبه لتركيا لتزداد سوريا ضعفاً على ضعف من الناحية الجغرافية. ثم انظر للأردن العجيب وحدوده الكرتونية المرسومة بالمسطرة، مسطرة الحاكم الأجنبي. أما بعد الاستقلال / ولادة الدول... فقد دخلنا بمـجريات المرحلة الثالثة والأخطر ربما في سياق المؤامرات التي حيكت ضد الشعب السوري. ألا وهي مؤامرة تنصيب من لايرحم على شؤون البلاد والعباد ودعمه بكل الوسائل المتاحة كي يبقى ويزدهر على جماجم الناس وحقوقهم وحرياتهم وكراماتهم. في العراق شهدنا صدام الرهيب وفي سوريا أتانا حافظ المزمجر وفي الأردن ملك ولا كل الملوك وفي لبنان حصلنا على ديكتاتور أشد وأقسى ظلما ً وظلاما ً وقسوة وأقصد بذلك ديكتاتور الطوائف وملوكها الذين شـَـرْعـَن َ وجودَهم ميثاق الـ 1943 وميثاق الطائف من بعده وميثاق الدوحة أخيرا ً. أما عن فلسطين المنكوبة فحدث ولا حرج...
لاشك أن وراء مايجري اليوم في سوريا مؤامرة ما. فللدول الغربية مصالحها التي ليس من المعيب لها أن تدافع عنها. ولكن الطـــامة العظمى والمؤامرة الكبرى تكمن ماوراء مفهوم المؤامرة الأجنبية على سوريا الغالية. فالمؤامرة الكبرى كانت ومازالت وجود نظام الحكم السوري بحد ذاته. هذا النظام الذي تاجر ويتاجر بكرامات ومشاعر الناس وحسهم الوطني و حماسهم لتحرير الأراضي السليبة. نظام ٌ مضى عليه نحو نصف قرن ينادي بالوحدة والحرية والاشتراكية وهو من كل ذلك براء. بعد نصف قرن من الزمن وجدنا أنفسنا، فجأة، نخشى على وحدة سوريا الداخلية ومناطقها بعد أن كنا ننادي بالوحدة مع المغرب العربي وموريتانيا! بعد نصف قرن من ممارسة العهر الفكري والكذب الإيديولوجي الممنهج والمدروس بات المنادي بالحرية مندســا ً وعميلا ً وخائنا ً يعمل لصالح جهات مجهولة مغرضة. بعد نصف قرن وجدنا أنفسنا نبحث عن اسم ٍ مناسب ٍ نعطيه للاقتصاد السوري الاشتراكي بعد أن لم يعد ممكنا ً إدراجه تحت أي اسم ٍ أو مذهب اقتصادي معين... وأعتقد أنه من المعقول جدا ً تسميته اقتصاد اللواحم والكواســــر والأسود. هذه هي، برأيي المتواضع، المؤامرة الكبرى التي أتت ثمارها اليوم. ثمار ٌ سامة ٌ ملونة ٌ بلون الدم.
كلي ثقة بأن الشعب السوري قادر ٌ على تجاوز هذه المؤامرة بوعيه وعمقه التاريخي. فهو مازال حتى اليوم سلميا ً في تحركه نابذا ً للنعرة الطائفية رافضا ً للتدخل الأجنبي. أقول وبالفم الملآن: أشعر اليوم وأكثر من أي وقت مضى بالفخر كوني سوري. أشعر اليوم بالعزة والكرامة وأنا أرى العلم السوري والنسر السوري بعد أن فقدت هذه الرموز معناها فيما مضى تحت ضربات الكذب والنفاق والإخصاء الفكري. ستقدم سوريا، هذه العروس الآرامية الخالدة الخصبة، المثال والقدوة... وستخرج من رمادها مرة أخرى كالفينيق منتصرة على كل المؤامرات وكل المتآمرين، رافعة راية العدل والحرية والمساواة والديمقراطية والمواطنة الحقة. قوة الوطن من قوة إنسانه، والإنسان السوري يعيد اليوم تعريف ذاته من جديد بدمه ودموعه.



#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آرام
- قالوا في العصابات المجرمة !
- المثقف
- إنتصار
- إلى مصر مع حبي
- مصر أمي، مصر أبويا
- أنا الفينيقي
- أنت الأهم
- لماذا الانتخابات ولماذا فيزيون مونتريال - هاريل ؟
- خادم وحامي الحرمين الشريفين !
- حتى نغير ما بأنفسنا
- صديقي خليل
- ما لقيصر لقيصر ... ومالسليم لسليم
- الأستاذ سليم زبال
- رسالة إلى المواطن اللبناني العنيد
- والله زمن يا سلاحي !
- النار هذه المرة
- علهم في آخر الأمر يعرفون
- أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون
- مصر يامّه يا بهية


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار حمود - المؤامرة الكبرى - سوريا