أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وهيب أيوب - بين سكّين الجزار وحنجرة القاشوش














المزيد.....

بين سكّين الجزار وحنجرة القاشوش


وهيب أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 3429 - 2011 / 7 / 17 - 13:23
المحور: حقوق الانسان
    


بعد عقود من استقرار مستنقع البعث الآسِن في سوريا، جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ الخامس عشر من آذار الفائت، وسوف لن تتوقف.
ربما يستغرب كثيرون كيف كان يبدو هذا النظام قوياً ومتماسِكاً، وأنّه كان يسيطر على الأوضاع في سوريا؛ لقد كان هذا النظام يقوى على حساب ضعف الدولة. لهذا وصفَ بروفيسور إسرائيلي سوريا، أنها نظام قوي ودولة ضعيفة. وهذا ما كان يُطمئِن الإسرائيليين ويُريحهم من جهتهم الشماليّة التي تجمّد الرصاص فيها على جبهة الجولان لما يقارب الأربعة عقود، وهذا سرّ قلق إسرائيل من احتمال سقوط النظام السوري اليوم في أخطر امتحان يواجهه مع الشعب منذ استيلائه على السلطة، الذي ولا شكّ أنّ النظام أجرى معهم تفاهماً أو اتفاقاً، فحواه أن يحافظ النظام في سوريا على هدوء الجبهة من ناحيته في الجولان، مقابل التزام الإسرائيليين بعدم العمل على زعزعته، بل الترويج له في أوروبا وأميركا. هذا إذا كنا لا نريد الذهاب لأبعد من ذلك حاليّاً.
عبر خطّة مُمنهَجة، قام النظام منذ انقلاب حافظ الأسد عام 1970 بإقصاء مؤسّسات الدولة عن ممارسة دورها، جاعلا منها مجرّد واجهة لنظام حكمه، ومستعيضا عنها بتأسيس أكثر من خمسة عشر جهاز أمن يمسكون بكل مقدرات الدولة لصالح الفئة الحاكمِة، اقتصادياً، سياسياً، اجتماعياً وتعليمياً.
منذ انطلاق الاحتجاجات في درعا، لجاَ النظام مباشرة إلى الرصاص، ثم الدبابات والطائرات، ولم يكن لمؤسسات الدولة المفترضة كمجلس الشعب والجبهة التقدمية ومجلس الوزراء أي دور يُذكَر في إدارة الأزمة. لهذا فإننا لم نرَ أحدا من الجبهة التقدمية يظهر على الفضائيات التي تقوم بتغطية الأحداث في سوريا، واستعاض عنهم جميعاً بعشرة أو خمسة عشر نفراً مِمَن يُسمّون محللين سياسيين وأساتذة جامعات، أطلق عليهم الدكتور برهان غليون لقب "شبّيحة الإعلام" للدفاع عن النظام وحسب، فأخذوا يجترون الكذب ويلوكونه يومياً ويبصقونه على الفضائيات.
وباستثناء تصريحات بثينة شعبان ووليد المعلّم والمؤتمر الذي ترأسه فاروق الشرع، ويعلم جميع السوريين أن هؤلاء وسواهم مُجرد ديكور لا رِباط على كلامهم أو اقتراحاتهم، إذ تقتصر وظيفتهم على التسويف وتضييع الوقت لا أكثر؛ حيث صوت المدافع والرشاشات كان هو الأعلى.
لقد ذُهِل النظام من هول ما رآه وسمعه من المتظاهرين، وكيف أنّهم بلغوا من التحدّي والإصرار في كسر حاجز الخوف والرعب الذي أسكتهم لعقود حد تمزيق صور رأس النظام وتحطيم أصنام والده الذي كان يصوّره أتباع النظام وكأنّه آلهة يمشي على قدمين، ثم ينعتونه بأبشع الكلمات، ليس أقلّها ما كان يصدح به كروان الثورة إبراهيم القاشوش، الذي بلغ حقد النظام عليه أن قتله وحزّ حنجرته بالسكين. وقد سبق أن قام بتعذيب الطفل حمزة الخطيب وقطع عضوه ثم قتله وتشويهه على نحو مُريع.
يستغرب البعض مدى الوحشية والعنف الذي يقابل فيه النظام أبناء شعبه؛ لكن ما لا يعلمه كثيرون أن في العالم العربي عامة، الذي لا تسوده القوانين والدساتير الفاعلة والبرلمانات المُنتخبة ديموقراطياً، حيث يغيب القضاء وينعدم تداول السلطة، أن الاستيلاء على السلطة بالنسبة لمن استطاع، هو بمثابة غنيمة، وليس مجرد حُكم ورئاسة! لهذا تتحوّل الدولة برمّتها إلى مجرّد غنيمة، والغنيمة لا تحميها سوى الأظلاف والأنياب المُدجّجة بالنار والحديد، وبعقلية العصابة لا رجال الدولة. والعصابة عادةً تؤسّس جيشاً وقوى أمنية لحمايتها لا جيشاً ليحمي الوطن والمواطن. وهنا يفقد الوطن بالنسبة لهؤلاء أي معنى أو قيمة حقيقية، سوى كونه غنيمة بكل ما فيه، وهم ينظرون لأي معارضة أو حركة احتجاج على أنها مجرّد منافس من أجل اقتسام الغنيمة أو الاستيلاء عليها، من هنا وجب الاحتفاظ بالغنيمة مهما كلّف الثمن، ودون ذلك الكارثة.
ما يوضِحُ تلك الذهنية المتأصّلة في عقول المستأثرين بالسلطة، هو ما صرّح به يوما وزير الدفاع الأسبق، سيّء السمعة والصيت مصطفى طلاس، إذ قال: "لقد استولينا على السلطة بقوّة السلاح، ومن يريدها فليجرّب حظّه".
من هنا تأخذ مسألة حكم الناس من قِبل الفائز بالغنيمة ومن ضمنها الشعب، شكل الأسياد والعبيد، وأما تمرّد العبيد فلا يُعالج بالحوار والدبلوماسية والسياسة، بل بما هُيئ له بأن يُعالج، وهو القتل أو السجن أو التنكيل حتى الخضوع.
ضمن هذا السياق، سوف يكون المخاض عسيراً على الثوار المنتفضين ضد جلاّديهم، فهذه الثورة، في النهاية، قدرها، إما أن تنتصر أو تنتحِر، لأن مسألة الإصلاح والحوار غير متوفّرة في تركيبة وذهنية هذا النظام العصابة. وتراجع المنتفضين الثائرين يعني فقدان حريّتهم من جديد، التي فرضوها بدمائهم وتضحياتهم على الأرض، لا بالحوار على الطاولة، ولا باستجابة النظام.
مِن هنا، يصبح من المستحيل تحقيق أي تسوية أو حوار مع نظام لم يحتمل حتى مسيرة صغيرة لفنانين ومثقفين أرادوا التعبير عن موقفهم فيما يجري ببلدهم، فقوبلوا بالقمع والاعتقال. فالحوار الذي يسعى له النظام، ليس سوى محاولة عقيمة لاستعادة فرض إرادته وهيبته؛ تلك الهيبة والجبروت التي فقدها تحت إصرار وتحدّي صيحات المطالبين برحيله كل يوم.
ولأن ما جرى في الأشهر الأربعة المُنصرِمة فاق كل ما يتصوره مواطن في بلده بأن يُعامل من قبل حاكميه على هذه الصورة الوحشية الهمجية، فإن العدّ التنازلي لمرحلة عضّ الأصابع أو كسر العضم قد بدأت، لكن الثوار حسموا أمرهم وقرّروا السير حتى النهاية.
إنّ وهم النظام باستعادة سلطته التي فرضها بالقمع والترهيب، والتي بلغت من الزمن عتيّاً، قد بات ضربا من المحال، فكما أنه لا يقدر على إعادة حنجرة القاشوش إلى أصلها، وعضو حمزة الخطيب إلى موضعه، فإنه غير قادرٍ على إدارة العجلة إلى الخلف مهما حاول إعاقة تقدّمها.

الجولان السوري المحتل / مجدل شمس



#وهيب_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسن نصرالله - زعيم شبّيحة النظام السوري الإقليميين
- لماذا وجَبَ إسقاط النظام السوري...؟
- استبداد النظام السوري وجرائمه في عصر الثورة الرقميّة
- أفواه ومدافِع
- المتواطئون والمخدوعون
- بلا دراما بلا زراطة ...
- الشعبُ السوري وامتحانُ التاريخ
- أأُسودٌ على حوران وأرانب في الجولان..؟!
- ( الأعداء ...! )
- الشعب يريد إسقاط المطر...!
- النظام في سوريا - ممنوع من الصرف وغير قابل للإصلاح
- فنّانون ومثقفون سوريّون -عضاريط-
- طافَ الاستبداد فأبدع طائفيّة...!
- بيان لسوريين من الجولان المحتل / -أنتم الصوت ونحن صداه-
- سُمُّ الإسلاميين في دَسَمِ الثورات ومخاطِر أُخرى
- متى ال - طوفان في بلادِ البعث -...؟
- كرةُ النار البوعزيزيّة تتدحرج
- لبنان ليسَ وطناً
- احتراقُ البو عزيزي يُنبِتُ الياسمين
- لماذا فصلُ الديِن عن الدولة...؟


المزيد.....




- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وهيب أيوب - بين سكّين الجزار وحنجرة القاشوش