أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسين القطبي - شيخوخة الفكر القومي















المزيد.....

شيخوخة الفكر القومي


حسين القطبي

الحوار المتمدن-العدد: 1021 - 2004 / 11 / 18 - 10:50
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


منذ ان بدأ الدين بالترنح، وثقلت كفته بحيث صار ابطأ من حركة الزمن، تنبهت الطبقات و القوى المسيطره لدور المشاعر القوميه في تشكيل دعامه واقيه ورخيصه لحماية السلطه.
حقيقه ساطعه، قد اساء بعض الماركسيين استخدامها، والدينيون فهمها، والحكام استعمالها، وحاول المجندون للسلطات على الدوام انكارها، او غدر من يجاهر بها، الا انها تبقى اسطع من الشمس وضوحا وهي ان هناك طبقات مسيطره تنعم بالسلطات، واخرى محرومه ممنوع عليها الوصول الى مصادر الثروه، او بالكاد.
ولكن كيف تحافظ السلطات على ديمومتها، وتسور جدرانها امام هجمات الكتل السكانيه المسحوقه والتي قد تتطلع نحو الثروه باعتبارها من خيرات الطبيعه، او من نتاج عرق هذه الطبقات ذاتها، المحرومة منها؟ لعب الدين (اغلب الاديان) دور الدرع الواقي للسلطه طوال قرون عمره الممتد لاكثر من ثلاثة الاف سنه، سواء في تحقير وتحجيم طموحات الطبقات المغبونه فيما يخص الحصه من الثروات، او في شحذ الهمم لحروب لا مصلحه لهم فيها اساسا، وهم ليسوا سوى الوقود الذي يحرك ماكنه السلطه، يحترقون لتنعم الطبقات الحاكمه، ولا استطيع الا ان اضع الفتوحات الاسلاميه منذ صدر الاسلام وحتى نهايه عهد الدولتين الصفويه والعثمانيه، وكذلك هجمات الجيوش الصليبيه على المشرق في هذا الاطار.
الدور الذي كان ينفذه الدين في توفير الدرع الواقي للسلطه بدأ بالتصدع بعد الثوره الصناعيه، اذ وفرت للانسان مدخلا للعلوم الحديثه وسبلا للعيش خارج حضوة الاقطاع، تلك القوه التي كانت ترتكز على الدين، وكان ذلك كافيا، اي العلم والحريه لان يفتحا ابوبا عالم جديد اكثر تطورا، لم يستطع الدين مجاراته، فكان لزاما، في ظل التنافس الناشئ بين القوى الاقتصاديه التي استفادت من المتكرات العلميه تجهيز اسلحه فكريه جديده لستخدامها بعد عجز الاخير عن الوفاء بمتطلبات المرحله. نُظـّمت المشاعر القوميه وصيغت على شكل فكر، على انقاض الدين الذي انسحب من الحياة العامه بشكل تدريجي في ا لغرب.
وكما كان الدين فكرا تنويريا يثويريا في ضروف نشأته وبداياته ينادي بالمساواة التي تشبه بعض صيغ الاشتراكيه، ليتخذ بعدا انسانيا وليستقطب الاغلبيه السكانيه المقهوره، فأن المشاعر القوميه التي اتخذت شكل الفكر، وراجت في المراكز الحضريه، دعت الى نبذ الفئويه والقبليه كجزء من كفاحها ضد الاقطاع، القبلي الطابع وتوحيد الامم الممزقه اساسا.
ارتبطت المشاعر القوميه لدى الامم الممزقه، او الرازحه تحت الاستعمار بالاحاسيس الانسانيه والثوره بنفس الدرجه التي كان الدين يدعو فيها الى المساواة، ولهذا فقد كان من السهل للبرجوازيه الصاعده حديثا ان تستند على هذه الركيزه الايديولوجيه في نضالها ضد الاقطاع من جهه، ومن جهه اخرى لفتح اسواق جديده، والسيطره على منابع الثروات الطبيعيه، بواسطة تدجين هذا الفكر بالشكل الذي تستطيع اتخاذه سلاحا للحروب الخارجيه، حتى عندما تكون استعماريه باحثه عن اسواق جديده خارج الحدود.
اما في الامم القموعه، والتي لم تستطع الافلات من قبضة الاستعمار فقد تحولت المشاعر القوميه الى فرائض انسانيه بحته خصوصا في فترات الاباده الجماعيه والتطهير العرقي التي تمارس ضد تلك الامم بالشكل الذي تذوي فيه ا لحدود بين ماهو وطني وما هو انساني وما هو قومي، فانسلخ هذا الفكر عن مهمته الاساسيه في انهاء مرحلة الاقطاع نهائيا، بل حصل ان تحالفت تحت رايته القوى المدينيه البرجوازيه، والتي تعاني من ضروف القهر الاستعماري مع الاقطاع ورجال الدين. حصل هذا للفكر القومي العربي في اواخر عهد الدوله العثمانيه، بينما بقي ملازما للحركه القوميه الكرديه الى اليوم بسبب انها لم تستطع بعد انشاء الدوله الكرديه الحديثه.
لم يستطع الفكر القومي التواصل في اوربا مع المراحل اللاحقه التي تلت الحرب العالميه الثانيه، ذلك ان اكثر الامم والقوميات قد حصلت على استقلالها وكونت دولها الموحده من جهه، ولان الفكر القومي قد استنفذ بعده الانساني عندما تحول الى سلاح ايديولوجي محض في الحروب غير المقدسه، شأنه شأن الدين. والسبب الاخر الذي دفعه للانزواء هو تعاظم القوى الامبرياليه التي تحولت فيها الى سلطة شركات متعددة الجنسيه تحتاج فكر عولمي اكثر رحابه يزيل الحدود التي بدأت تشكل عائقا قانونيا امام حركة البضاعه والمعلومات لاحقا.
اما في المشرق، لنأخذ العالم العربي مثالا، فأن التخلف الاقتصادي وضعف الحركه الصناعيه قد ساهما في بقاء العلاقات الريفيه الاقطاعية المنشأ، ونزوحها للمدينه مع النازحين، في الوقت الذي كانت المدن المتضخمه والتي تشبه القرى العملاقه تدين في بقائها الى الريف بسبب الاعتماد على الحرف اليدويه البسيطه والتي ينشط الكثير منها في نقاط التماس بين الريف والمدينه، وعدم انشاء المشاريع الصناعية الكبرى التي من شأنها ان تقطع الروابط الريفيه عند سكان المدن، فلم تستطع القوى القوميه انجاز مشروعها بالقضاء على الدين والاقطاع كما حصل في الغرب، بل كان عليه ان يتعايش بجانبه على مضض.
ان عدم حسم المعركه داخل المدينه العربيه لصالح البرجوازيه المحليه قد ادى الى الحفاظ على المشاعر القوميه، كوجه تحرري للامه من جهه، وبقاء الدين كرمز للاستقرار، لكن في حالة صراع طال امدها. وبما ا ن الغرب، القريب جدا هذه الايام، على ضوء التطور المضطرد في وسائل الاتصالات، -كما في نقاط اخرى من العالم- قد تجاوز شكل الصراع التقليدي هذا، وانهى سلطة الفكرين، القومي والدينى، فانهما يجدان نفسيهما عندنا في خندق واحد، في حالة حرب مع الجديد القادم، في مواجهه ذات العدو المشترك حتى ظهرت بوادر حلف بينهما في الكثير من النقاط ضد الفكر الليبرالي الحديث الذي يدعو الى فهم اعمق لطبيعة التغيرات الخارجيه، وهي تقف على الحدود، والداخليه القادمه لا محال.
ان شيخوخة هذين الفكرين في العالم العربي بدت جليه للعيان، امام المتغيرات التي بدأت بوادرها تلوح، والمتوقعات القادمه، الا ان الطبقات والفئات الحاكمه والتي هي اما دينيه متزمته او قوميه كلاسيكيه ملتصقه بشعارات نفذت صلاحيتها، او نتاج التحالف القلق بينهما، لا تجيد سلاحا غيرهما، ولا تستطيع اي منهما تكييف نفسها مع الفكر الجديد الوافد من الغرب. تحاول تجريعه المضادات الحيويه والاكاسير التي لم يبقى منها سوى شعار فلسطين لتضفي البعد الانساني اللازم، ولتتصدى لما تعتبره حتفها الزاحف من الغرب فترة اطول.
ولكن الى متى ستصمد هذه القوى اما التغيير الذي يأتي مع التقنيه الحديثه، والتي لا مجال هي الاخرى للاستغناء عنها، ونحن نعيش الفترة القلقة ما بين المرحلتين، مرحلة "المحلي" الغاربه، ومرحلة " العولمي" البازغه، امام هذا التغيير الذي تقوده الشركات العالميه الكبرى والتهديد باضعاف دور البرجوازيات الصغيره، والاقطاع سويا؟ اذا كان الافراز الحضاري القادم هو مجتمع انساني واحد تختلط فيه القوميات والاديان بحيث يكون كل زقاق هو خليط من لغات وطوائف وشعوب شتى؟ وان الاحكام و القوانين تقفز فوق كل ما هو محلي. الى متى سيصمد الفكر القومي، والفكر الديني وقد اصدر العالم العولمي الجديد، بشكل العلاقات الاقتصاديه الوافده، وبالفئات والطبقات الناشئه والتي تكيف نفسها مع الجديد، عليهما الحكم بالاعدام.



#حسين_القطبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين مقتدى الصدر وكاظم الساهر
- انتخاب رئيسان
- كركوك .. السؤال الغريب
- لكي لا تتحول الحوار المتمدن الى كتابات
- فضائيةايلاف، حشوة جديده للذهن العربي
- شرق اوسط .. حقنه
- سباق الغزالة والسلحفاة، الغرب والشرق
- بيوت المهجرين .. ورمضان
- اكتشاف امه جديده في العراق
- اين السوبروطنيين العرب ؟
- الاستقلال، ما الذي يجنيه الاكراد؟
- من يدفع الاكراد لل-ثأر-؟
- الاروهابيون
- المرأة السعوديه ... الرجل السعودي
- المثقف العربي، بين نار الارهاب، وثلج امريكا


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسين القطبي - شيخوخة الفكر القومي