أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد غريب - فن الجماهير: كلمة السر -منقول-















المزيد.....

فن الجماهير: كلمة السر -منقول-


أحمد غريب

الحوار المتمدن-العدد: 3427 - 2011 / 7 / 15 - 23:26
المحور: الادب والفن
    



الفيضان الإبداعي لثورة 25 يناير أسقط الإعلام الرسمي بالضربة القاضية؛ منذ تصاعد الدعوة للثورة، وانطلاقها، وتتابع فعالياتها في اعتصامات أو حشود أسبوعية، تدافعت التعبيرات والجمل المكتوبة على صفحات الفيسبوك وتويتر، وأفلام اليوتيوب، وتصميمات الجرافيك الخاصة بالكومبيوتر، والرسومات الشعبية التي رسمها ثوار مصر على حيطان كل المدن والقرى أو في ميدان التحرير، وأعادت مواقع التواصل الاجتماعي نشر بعضها كصور فوتوغرافية وإيصالها لكل جمهور الثورة وأنصارها، أو تلك التي انطلقت من الفيسبوك نفسه مباشرة.
من المبدع؟ وكيف يتم هذا التوافق الجمالي على شفرات وسمات جمالية، تجعل من المعنى والقالب الفني مضموناً واحداً متعدد المستويات؟ وكيف أسهم كل أبناء الوطن في هذا الفيضان الإبداعي بهذا القدرالفائق من التناغم والعفوية والسرعة؟ حتى وقت الاختلاف على الاستفتاء بنعم ولا استخدم الطرفان نفس الشفرات ولكن بلونين مختلفين!
كيف أصبحت كلمة "منقول" بمثابة كلمة السر في إعلام وثقافة الثورة اللذين أطاحا إعلام وثقافة السلطة؟ ماذا تشعر وأنت تنقل عبارة مذيلة بكلمة "منقول"؟ هل أصبحت بمثابة هتاف إليكتروني؟ وهل يمكن للنقد الفني رصد تيمات جمالية الآن بعدما أصبح لدينا رصيد كبير أثمرته الموجات الثورية الأولى (حتى التنحي)، والثانية التي تمضي بنا نحو إسقاط بقايا النظام وتأسيس جديد محل؟
كيف نتلمس طريقنا لفهم كل هذه الخطب والأشعار والأهازيج والأغنيات والرسومات التي يفيض بها ميدان التحرير، مركز الفعاليات الثورية، وتردد أصداءه في ميادين وشوارع مصر، وتنتشر عبر البث الإليكتروني مؤسِّسة لعقل حُرٍ بديلٍ لذلك الذي تهاوى؟
يقول الناقد السينمائي أحمد يوسف، وكنت قد وجهت له أسئلة هذا الموضوع من خلال نقطتي الهتاف الإليكتروني "منقول" والبحث النقدي عن تيمة جمالية رابطة بين المنتجات البصرية: (كلا النقطتين اللتين تقترحهما ينبعان من مصدر واحد، ما يحدث الآن تنبأ به روجيه جارودى بشكل ما فى أوائل السبعينيات فى كتابه "البديل"، وكان ذلك نتيجة تأمله لثورة الطلبة فى فرنسا، أضيف له ما ذكره أرنولد هاوزر عن الفرق بين الفن الشعبى والفن الجماهيرى، الأول أنت تعرف من ينتجه لكن قوة البث التكنولوجى تجعله يمضى كالفيضان فى اتجاه واحد، من المنتج إلى قطاع هائل من المستهلكين، وهو يميل إلى خلق مستهلك نمطى يكاد أن يتكرر بالملايين، وهذا ما حدث مع الكاسيت، ثم الفيديو، ثم القنوات الفضائية، أما الفن الفولكلورى فأنت لا تعرف من ينتجه، أو بالأحرى من ينتجه هو من يستهلكه، وكانت التكنولوجيا هذه المرة فى صالحه، من حلال الإنترنيت بشكل خاص هناك الملايين ينتجون صوراً، ومقاطع فيديو، وآراء، ويبثونها، وبعد فترة قصيرة يضيع صاحبها الأصلى وتظهر كلمة "منقول"، ويصبح المستهلك منتجاً جديداً لها، سواء نقلها كما هى أو أضاف إليها أو حذف منها).
ويضيف يوسف: (ببساطة أنت أمام فولكلور يتخلق أمام عينيك فى كل لحظة. إنه نوع من الفن، والممارسة الديموقراطية أيضاً، وليست هناك قوة قادرة على وقف هذا التيار فى اتجاهين، من المنتج إلى المستهلك وبالعكس، وليست هناك قوة قادرة أيضاً على إعادة البث القديم من السلطة إلى المواطن).
إذن كيف تمضي عملية الانتخاب سواء من ناحية الشكل أو المضمون؟ من هو الناقد في هذه العملية؟
الغاية من هذا التساؤل هو فهم هذه الآلة التي أثبتت أنها شديدة الكفاءة، ليس فقط في حشد وتجييش الآراء، ولكن في دقة التعبير عن الموقف السياسي، بالنكتة، وتعليق السطر الواحد الذي يدخل في باب المثل والأمثولة، والأغنية، ومقطع الفيديو القصير سواء كان مونودراما أو شريط من الرسوم المتحركة، وتصميم الجرافيك، والتدوينة التي لا تتجاوز حدود الـ 200 كلمة؟
يقول يوسف: (النتيجة؟ عشرات الآراء، والأعمال الفنية (بالمعنى الواسع للكلمة)، يتجاور فيها اللامع مع التافه، لكن ذلك التجاور هو ما يتيح لها أيضاً فرصة الانتشار والنمو ببساطة، سوف تظهر أعمال وآراء رثة كثيرة، لكن البقاء سوف يكون لأكثرها موهبة، بالمعنى الجماهيرى فى تأثيرها، وربما ضاعت فردية المنتج فى هذه الحالة أو تم نسخها، لكن ذلك يخلق تنويعات عديدة جداً على الفردية، بدلاً من النموذج الذى تريد السلطة أيا كانت أن يسود؛ لأنه الملائم بالنسبة لها لكى تحكمه. سوف يصعب فى الفترة القادمة التحكم فى الناس، لكن على أمل أن يجدوا شكلاً ديموقراطياً حقيقياً لكى يحكموا أنفسهم، ذلك هو رأيى المتواضع جداً، ربما كنت على حق، وربما كنت خاطئاً، الأيام سوف تعلمنى أين الحق وأين الصواب).

الكلام لا صاحبه
تتذكر الفنانة التشكيلية راوية صادق تجربتها مع نقل بعض المقولات ونسبتها إلى شخص قائلها، وتنشط راوية بشكل خاص عبر صفحتها على الفيسبوك في نشر مواد إعلامية وتعبيرات مذيلة بالهتاف "منقول"، ما يجعل صفحتها مرجعاً لتطورات أحداث الثورة: (لست متأكد تماماً من هذه الملحوظة، لكني لاحظت أن الناس كانت تذكر اسم الشخص الذي تنقل كلامه، وأعتقد- والله أعلم - أني ممن اهتموا بذكر كلمة منقول وليس اسم الشخص-باستثناء أن يكون مصدراً إعلامياً- أوأحياناً نوارة نجم، وهو في الأغلب بالنسبة لنوارة لتشجيع الحشد، أما اختياري كتابة منقول فلعدة أسباب: من باب الأمان لصاحب المصدر، من باب الأمانة الصحفية، من باب إن المهم الكلام وليس صاحب الكلام، لإني لاحظت إن البعض يوافق أو يعترض من باب مَنْ قائل هذا الكلام، مثلاً وجدت مقولة الآن على تويتر تعليقاً على تصريح البرادعي عن عدم مشاركته يوم 8 يوليو: "لو كان أحد قيادات الإخوان قاله كان قوِّم الدنيا، بينما مفيش رد الفعل نفسه ضد البرادعي"، وأعتقد إنه على حق للأسف. وأخيراً من باب إنه ليس ضرورياً نشر ما أوافق أو اعترض عليه، وإنما أن يعطي المنشور صورة فيها أكبر قدر من الموضوعية والتفاصيل المختلفة إذا كان يحاول أن يفهم صح".
الحيادية التي تصفها صادق هي جوهر المصداقية التي جعلت من الإعلام الشخصي Personal Media إعلاماً ثورياً جماعياً، وللطرافة فقد جعلت تجربة راوية الغزيرة في نشر مواد منقولة على صفحتها بالفيسبوك وصفحات بعض الجروبات بعض أصدقائها يعلقون وسط موجة من التعليقات المازحة بأنها تستحق"أوسكار أحسن تعبير منقول". لكن ما أشارت الفنانة التشكيلية إليه من تغييب اسم القائل لصالح المعنى والمحتوى إليكترونياً، لا يختلف كثيراً عما فعله الثوار في الميدان منذ خرجوا يوم 25 يناير مغفلين اللافتات والانتماءات الأيديولوجية والحزبية، فلم يقل أحد أنا من 6 إبريل أو ناصري أو إسلامي أو وفدي أو من أنصار أيمن نور أو حزب الوسط، إن هذه الإشارة تحديداً هي ما تجعلني ألح على السؤال عن تحول كلمة "منقول" إلى كلمة سر أو شفرة للهتاف في النشاط الثوري على صفحات الفيسبوك وتويتر، لقد أصبح لها دلالة مستقلة بالفعل نحتاج لفهمها، لكن السينمائية صفاء الليثي تلفت الانتباه لزاوية أخرى، فهي ترى تغيير صورة البروفايل على صفحات الفيسبوك مظهراً بصرياً لتعبير "منقول" تحول إلى رسالة وهتاف هو الآخر، ولم يعد مقصوراً على الكلمة.
تقول السينمائية صفاء الليثي: (استبدال الصورة الشخصية بدأ بكلنا خالد سعيد، عندما استبدل كثير من الناس صورة الشهيد خالد سعيد بصورهم، وكأنه شعار حزبى أو علم البلد، إعلان موقف واضح بشكل مختصر وسريع جداً يناسب العصر. رمز لا للطائفية "هلال وصليب" كذلك، فى كل جماعة بشرية تتجاور الرموز ويمكن لكل منا أن يدرك حجم ونوع الاهتمام الآنى في لحظة ما عن طريق صورة البروفيل؛ واحد يصممها وكثيرون ينقلونها، هي نفس فكرة "منقول"،هناك عقل جمعى ولكنه لم ينشأ عن طريق سطوة فرد أو حزب، وإنما اختيار حر. الرغبة فى الانتماء لمجموعة، مثلاً من قالوا "لا" في الاستفتاء، وأحياناً يكتبونها "لع". لذلك يمكن اعتبار هذه الممارسات استكمالاً لـ "منقول" لأننا ننقل رمزاً ما ونضعه كبروفيل، البعض يدعوننا لذلك، وأصبح تقليداً جماعياً سيتحول إلى ثقافة مثل كعك العيد، وزهور عيد الأم).
وتضيف الليثي: (عندما أتصفح الهوم بيج وأجد "ستيتس" حالة اللحظة كما لو أنى كتبتها أنقلها على الفور، أجد أن "عاجبنى" أو "لايك" فقط لا تكفى، صيغة "لا مش عاجبانى وبس" تعبر عن شئ كنت أود أن أقوله، " فى نكتة مصرية احياناً ما تقال كتعليق .." كنت هأقولها " عندما نسمع رأىاً سديداً يعلنه شخص ما. الجملة التى نتداولها "منقول" تشبه الأمثال الشعبية التى لا نعرف مَنْ أول مَنْ قاله. كثيراً ما يكون هناك توارد خواطر يحدث بين الناس واحد منهم يعلن ويعبر ويوافقه آخرون. "منقول" تتحرك مثل الأقوال المأثورة، ولأننا فى عصر يتم فيه تبادل المعلومات على الملأ وتنتشر، نجد من الأمانة أن نكتب بعده "منقول" وأحياناً نكتبها "منقول عن"، غالباً نشعر بضرورة أن نعبر للأصدقاء عن شديد الإعجاب بما كتبوه فننسبه إليهم).
تحليني المشاعر التي تحاول الليثي التقاط موجاتها إلى نص رائع كتبه الأديب هيثم الورداني عن تجربته في اعتصام ميدان التحرير، يرصد فيه سمات واطوار من التحول عكسها الميدان وناسه وهم يتعلمون معنى كلمة ثورة، ولم يخل ما رصده من ملامح أصيلة في ثقافتنا الشعبية، تمازجت مع إرث ممارسات ثورية في بلدان أخرى.
في نصه "ميدان" كتب الورداني في جريدة الأخبار: "أمام مدخل الميدان المُحرّر من ناحية كوبري قصر النيل تربض دبابتان ضخمتان، يجاورهما ثلاثة أو أربعة موتسيكلات توك توك لنقل الداخلين أو الخارجين. المدرعة التي تخترق خطوط الجبهة تقف بسلام جوار وسيلة النقل التي تدور في الأحياء الشعبية، وذلك على مشارف ميدان حداثة المدينة. غرابة المشهد وفانتازيته سترافق من يدخل إلى الميدان، وستظل تمزج بين أماكن وسياقات غير متجانسة حتى يكاد الأمر يختلط عليه. فحواجز التفتيش المحصنة المتتالية التي يتعين على المرء عبورها حتى يصل إلى ساحة الميدان تستدعي أطيافاً من بيروت أثناء الحرب الأهلية، ودقة العمل والتنظيم الذاتي في الميدان بعد أن تبخرت الدولة تستدعي ذكرى كميونة باريس، أما الخيمات المرتجلة من رقائق البلاستيك والعيدان الخشبية، والتي يبيت فيها المعتصمون ليلاً، أو يتمدد جوارها صباحاً رجال ونساء على وجوهم أثر السهاد، فتستدعي أجواء موالد الأرياف التي تقام جوار أضرحة الأولياء. أين القاهرة من كل ذلك؟ لقد انزاحت حدود واقعيتها لتنفتح على أماكن أخرى يختلط فيها الواقعي بالمتخيل".

الوسيط والتمكين
ولكن ماذا عن الجانب البصري؟ ماذا عن رسومات الحائط مثلاً، التي تشكل تفاعلاً بصرياً تقليدياً تربينا عليه نحن المصريون أجيالاً بعد أجيال في كل الأماكن من الأسوار إلى الحمامات العمومية، كيف أصابها المسُّ الثوري؟ وهل نشأ رابط جمالي بين هذه الممارسة القديمة جداً في حياة المصريين وبين "حائط" صفحة الفيسبوك شديد الحداثة؟ هل يمكن أن توحي لنا هذه التصميمات البسيطة لواجهات البروفايل بأول طرف لخيط نفهم منه فن الجماهير في الثورة؟
تقول الفنانة التشكيلية راوية صادق: (لا أوافقك على تعبير "التصميمات البسيطة"، بل أنا أقرب إلى القول أن شكلها بسيط بسبب هدفها:التعليم والإرشاد. ربما في هذا السياق أفضل الحديث عن السياق العام، والرئيسي الذي حكم أغلب أشكال التعبير البصري خلال الثورة وإلى الآن، وهو حسبما أعتقد موضوع أو مفهوم التمكين. هذه الأعمال تعكس تمكين الناس من وسائلها الخاصة في التعبير، وذلك في أشكال بصرية يتم فيها استخدام تقنيات تبدأ من الأكثر بساطة إلى الأكثر تعقيداً، هذا التمكين انعكس في استخدام الأمكنة العامة التي كان من المحظور استخدامها على الناس حتى لو لجأوا إلى كل الإجراءات البيروقراطية من أجل استخدام أحد حوائط مدرسة أو كوبري مثلاً، أو على أبواب وأسوار الداخلية، فالوسط الذي يضع الناس عليه أعمالهم مقصود ولا يتم اختياره عبثاً، وهو يعكس أيضاً قدرة عالية على المرونة والخيال: مثلا عندما يرسمون على الأرض أو يجمعون رسومات متنوعة كثيرة ويعلقونها على الأشجار أو "بدوبار" ويصنعون منها جدارية. كما أعتقد أن استخدام الناس للجرافيتي، بشكل أساسي، كان مثل إحدى الأدوات التحريضية والنضالية فهو تعبير وتحريض وحرية، وكان هذا نتاج روح إبداعية، استوعبت دروساً فنية استغرق فنانون محترفون، من أجل إبداعها، سنوات).
عندما نأتي لفن الصورة المتحركة لابد أن نستدعي تعبيرات مألوفة مثل "سينما الحي" و"خيال الظل" وحتى "مسرح الشعب"، والأخير تستحق منصات ميدان التحرير أن تُراجع وتُفهم في ضوئه، لكن ماذا عن فيديو يستعير المشهد الأخير لسقوط نظام هتلر ويركب عليه حواراً يختلف في كل مرة يعاد فيها إنتاج الفيلم مع تطور الحدث السياسي، فقد تم استخدامه للتعبير عن مأزق نظام مبارك بعد انسحاب القوى السياسية من انتخابات مجلس الشعب الأخيرة التي أدارها أحمد عز ببراعة صوب هاوية النظام، ثم مرة أخرى يأتي الفيلم بحوار يرصد حيرة النظام مع انسداد أفق استمراره وقت الاعتصام الأول في التحرير وانتظار التنحي وتنسب فيه جمل حوارية جديدة لشخصيات تمثل "سماح أنور" وموقفها الوحشي الداعي لحرق معتصمي الميدان، ثم يظهر سريعاً بحوارات أخرى أكثر طزاجة تتابع سقوط مبارك وهنا تبرز جمل حوارية أخرى لشخصيات تمثل وزير إعلامه "أنس الفقي" ومأزق مجموعة "آسفين يا ريس". الحقيقة لقد كانت معالجات هذا المقطع الفليمي رائعة، وهي بمثابة مفهوم جديد مبتكر لفنون التقليد تستهدف اليوتيوب وتشحن من قدرته على النشر والانتشار طاقة إبداعية جديدة.
تقول السينمائية صفاء الليثي: (بالنسبة للكليب الذى استعار مشهد من هتلر، اللافت أنه ليس نسخة واحدة بل قدم أشخاص مختلفون تنويعات عليه، أحدهم معد برامج وأفلام تسجيلية خريج كلية الإعلام. من المؤكد أن لحظات انهيار النظام وُجِدَت بتفاصيل الصورة فى الجزء المستعار من الفيلم،أما وضع سيناريو وحوار يستبدل المجموعة حول القائد المنهزم فقد استمدوها ممن سموا بعد ذلك، "مجموعة مصطفى محمود". المهازل الإعلامية فى القنوات الرسمية حركت الإبداع الساخر لدى الشباب، سماح أنور استخدمت ببراعة. غالباً هذا الفيلم عمل جماعى وكأن الشباب فى فورة الحماس قد أجروا " عصفاً ذهنياً" يشبه التعليقات التى نتعارك للإدلاء بها بعد حضورنا لعرض فيلم جذاب أو ندوة شعرية، الفيلم كان تعبيراً عن الأحداث المتلاحقة التى توالت كهزائم للنظام ، فيلم واقعى أقوى من كل الأفلام استدعى فى ذاكرة الشباب مشهد هتلر فقاموا بدبلجته بالطريقة الطريفة التى أعجبتنا جميعا).
وتضيف الليثي بخصوص الدبلجة وعلاقتها بالاستعارة وممارسات الفن الجماهيري: (أمر الاستعارات من الفنون الجاهزة قديم جدا قبل الانترنت، المديح النبوى فى الموالد تستخدم فيه ألحان أغانى أم كلثوم، ويستبدلون الكلمات بكلمات فى حب الرسول، هذه الممارسة مستمرة، وسمعت فى برنامج مع يسرى فودة المنشد الصوفى ..التونى نسيت اسمه كاملاً الآن (أعتقد أنها تقصد أحمد التوني) وابنه يستخمون ألحاناً لعبد الوهاب والسنباطى مع كلمات مدح النبى وآل البيت، هم مؤدون ولا يبالغون فى حساب أنفسهم بأنهم مبدعون. حتى فى إسرائيل سخروا من القذافى بوضع كلمات خطبه على لحن أغنية لشاكيرا، على ما أعتقد).
هذه الممارسات التي تعيد انتاج طرق وعالجات من الثقافة الشعبية، سواء في خيمات الموالد التي رصدها الورداني في نصه الذي راقب فيه تطور الاعتصام، أو في معالجة الفيديوهات، هي تجليات طازجة للإبداع شعبي مغرق في انتمائه. عن ذلك تستدعي الليثي من ذاكرتها: (كنا صغاراً نستبدل كلمات "مصر التى فى خاطرى وفى دمى" بـ "مصر التى بها سمك وجمبرى،أحبها لأكلها يا شيخ على". السخرية من ميديا تلح علينا، أو استخدام قالب ناجح لأننا ببساطة لا نملك الوقت، أو نفس الموهبة. فى حديث مع ابنى طارق أن هذا المشهد - هتلر- استفاد منه المدونون لأنه بلغة غير مفهومة، وغير أنجلوفونية، وتتحمل أن تستبدل بالعربى مع الاحتفاظ بالحالة النفسية للإلقاء، وهو نفس ما يفعله أحمد مكى مع مشاهد أكشن من الهند بسهولة تستبدل وتصبح متطابقة تماماً).
يتطلب إبداع الجماهير في الثورة الكثير الكثير من العمل، وهو عمل قد ينسجم ويتسق مع نفسه كلما تم بعيداً عن المؤسسات التقليدية، وباستخدام وسائط وأدوات اكثر تحرراً في تقاليد الإنتاج أو ممارسات النشر، إنها ممارسات تجعلنا نكتشف ذواتنا الفردية والجمعية على السواء، أو مثلما قال هيثم الورداني في ختام نصه: (وفي ظهيرة يوم جمعة التنحي خرجنا للمرة الأخيرة من الميدان، إذ قال قائل لم يتبق سوى الذهاب إلى القصر. فأدركنا في الطريق الطويل للمسيرة الصغيرة أن بهجة التمكن من الخروج من الميدان تعادل بهجة دخوله. فقد أصبح مكانا مفتوحا مرة أخرى على الخارج، يذهب إلى المدينة ويسير فيها ولا ينتظر أن تأتي هي إليه لكي تشاهده. فقط عندما خرجنا من الميدان اعتقدنا أننا تعلمنا كلمة ثورة).

للإطلاع على بعض من فيض رسومات الحيطان في شوارع مصر يمكن الدخول على الروابط التالية:

http://balladeegyptienne.blogspirit.com/archive/2011/07/04/les-murs-d-alexandrie.html
http://www.facebook.com/media/set/?set=a.156990527696395.38687.145075722221209

http://www.facebook.com/badr.refai/posts/10150227681517499#!/media/set/?set=a.156990527696395.38687.145075722221209



#أحمد_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد غريب - فن الجماهير: كلمة السر -منقول-