أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد مسعد محمد السبع - إعادة اختراع السياسة فى واقعنا العربى















المزيد.....

إعادة اختراع السياسة فى واقعنا العربى


عماد مسعد محمد السبع

الحوار المتمدن-العدد: 3427 - 2011 / 7 / 15 - 23:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدعوة الخاصة بأعادة أختراع السياسية فى الواقع العربى كمدخل لتفعيل عملية التطور الديموقراطى ودمج القاسم الأكبر من الجمهورفى العملية السياسية – تستوجب وقفة للنظروالتأمل .

وتعنى هذه الدعوة - من وجهة نظرالمدافعين عنها – مجموعة الإجراءات المباشرة وغير المباشرة التى يجب أن تضطلع بها الحكومات والمجتمع المدنى والقطاع الخاص من أجل حفز الجمهور نحو ممارسة فعل السياسة وتأكيد مشاركته الجادة فى العمل العام وبناء النظام الجديد .

أعادة أختراع السياسية وفق هذا المفهوم تستلزم التمكين لمفردات البيئة السياسية الأساسية اللازمة لقيام المؤسسات الممثلة فى : هيئة تشريعية منتخبة أنتخابآ صحيحأ , وقضاء مستقل وحكومة خاضعة للمساءلة البرلمانية والدستورية والشعبية , وأحزاب سياسية تعبر عن أيديولوجيات ومصالح محددة فى الواقع .

ومن ثمة فهى تعد أجراءات لإختيارالحرية كقيمة كبرى رئيسية وفق التصور الليبرالى وبهدف تحقيق سيادة الشعب لكى يحكم نفسه بنفسه ضمن أفق يحترم الرأى الآخر وفكرة التعددية التى تقود لتداول سلمى للسلطة .

الجدل بشأن أعادة أختراع السياسة فى الفضاء الإجتماعى العربى ليس بجديد , حيث أثير من قبل بمناسبة سقوط الإتحاد السوفيتى والتحولات التى طالت أوروبا الشرقية من عام 1989 حتى 1991 وصاحبت الأفكار الخاصة بأنتقال أنظمتها الشمولية إلى النمط السياسى الليبرالى الغربى .

فمع ميلاد هذا الواقع السياسى المغاير تقدمت الحاجة لخلق بنية كفيلة بإيجاد تنظيم سياسى لا يقوم على سيادة الحزب الواحد ولكن على آليات سياسية تضمن تمكين الوصول لحلول الوسط بين أطراف متناقضة ومواجهة ثقافة الإحتكار شبه المطلق الذى كانت تمارسه الدولة داخل المجال العام .

غياب ذهنية التسامح القادرة على التأليف بين الإتجاهات المتصارعة دون اللجوء لوسائل الرقابة والإكراه التى أعتادها الجمهور كانت المعضلة التى واجهت هذا التطورالسياسى بأوروبا الشرقية , وكذلك صعوبات تحويل ما يمكن تسميته " بالفضائل المدنية الليبرالية " لقيم وطاقات أجتماعية وبدون أشاعة الفوضى وعدم الإستقرار خلال هذه المرحلة الإنتقالية .

تجربة أعادة أنتاج السياسة بهذه المجتمعات - فى مرحلة مابعد سقوط النموذج السوفيتى – تتفق فى أكثر من جانب مع الدعوات التى تترى الآن بشأن عملية التحول الديموقراطى فى محيطنا العربى على خلفية الحدث الإنتفاضى الجماهيرى المستمر.

فالأنظمة العربية على أختلاف أسس شرعيتها وأشكالها الجمهورية والملكية قامت" بمصادرة وتأميم " المشاركة الفعلية والحقيقية للجمهورفى ميدان السياسة , وذلك لصالح زمروعصب ودوائرمحدودة قبضت على سلطة الحكم وادارة عمليات النظام .

جفاف وبوار بيئة السياسية كان أحد ملامح العقود العربية الأخيرة على الرغم من وجود أحزاب سياسية ومؤسسات وقواعد دستورية – فى بعض البلدان العربية - تنسجم شكليآ مع مقررات التعددية ومبدأ أحترام الرأى الآخر والتداول السلمى للسلطة .

شواهد موات السياسية تجلت فى فقدان الثقة بالنخب السياسية وشيوع اللامبالة حيث أحيط الفعل السياسى بإدراكات وصفات سلبية دالة على التدليس والمواربة والنفاق , كما تحولت الإنتخابات والإستفتاءات – وهى أداة تجديد الشرعية – لمناسبات لتزويرأرادة الشعب وأثبات غياب الجمهورعن أدارة الشأن السياسى .

الحضورالجديد للجماهيرالعربية المنتفضة يعكس رغبة المشاركة فى الفضاء السياسى والمساهمة فى تحديد أولوياته ,لاسيما وأن أجندة الشرائح الشابة التى تقود الإحتجاجات الميدانية تدورحول قيمة الحرية كمطلب أساسى وتؤكد على حق المواطن فى تقريرمصيره السياسى والإجتماعى .

ما يلفت النظر هنا أن عملية أقصاء وأستبعاد الجمهور العربى من ميدان السياسة أمتدت من المشرق حتى المغرب , وكانت نتاجآ لفشل مشروع دولة الإستقلال وأخفاقها فى بناء مؤسسات الدولة والأمة الحديثة القادرة على أستيعاب الجمهورو تحقيق تكامله ومشاركته القومية فى الإدارة والسياسة والشأن العام .

وفى الواقع فأن كافة الوثائق الإصلاحية السياسية والإجتماعية العربية التى كانت تتداول فى مرحلة ماقبل ثورة تونس تعادل بشكل أو بآخر مطلب أختراع السياسية الذى يتردد على خلفية هذه الإنتفاضات الجماهيرية , فقبل وبعد المعطى الثورى تظل الحاجة ماسة لإعادة ضخ المياه المناسبة داخل حوض السياسية الجاف حتى يتمكن السباحون من خوض تجرية العوم .

ووفق قاعدة أن " حدود التوقعات لا ينبغى أن تتجاوز معطيات الواقع" فأن ثمة معوقات ستواجه عملية بناء الفضاء السياسى العربى وبما يضمنه من إعادة ترتيب دورالدولة وتقنين مسؤلياتها وحقوق المواطن وواجباته , فضلآ عن تحديد فروض و شروط المساحة التى ستنشط فيها منظمات المجتمع المدنى الجديد .

كما أن هناك عقبات آخرى ترتبط بعملية أغراء المواطن العربى بممارسة فعل السياسية , فمن خلال مطالعة تجربة أوروبا الشرقية نجد أن الثقافة السياسية الشيوعية رسخت عادات ورموز وقيم أخترقت الحياة الإجتماعية لعقود طويلة دعمت الرابطة العضوية بين السياسية وأفكار المسئولية والعدالة والمساواة .

ومن هنا فأن بناء الفكرالليبرالى التعددى فى هذه المجتمعات وجد رصيدآ مسبقآ له فى نسيج الثقافة السياسية الماركسية , وفى روح المسئولية المشتركة والتغلب على الإتجاهات الأنانية للصالح العام وأدراك أن حقائق التهميش والتفاوت الإجتماعى نتاج لممارسات النظام السياسى .

اما داخل الواقع الإجتماعى العربى فأننا نبدأ من فراغ وعراء خلفته أنظمة القمع البوليسية الأوليجاركية التى أنتجت كيانات ومؤسسات وتجارب حزبية سياسية مشوهة لا ملامح لها . ولذلك فأن عملية أعادة أختراع السياسية يجب أن ترتبط بأنتاج أستراتيجية أجتماعية وثقافية ونفسية متكاملة لتغيير الإتجاهات السلبية السائدة والمسيطرة فى هذا الواقع .

فالنموذج السياسى العربى الديموقراطى الذى يروم مصداقية وشرعية الجمهور يجب أن يضطلع أولآ بمهام أعادة تأهيل وتكوين المواطن العربى أقتصاديآ وأجتماعيآ و ثقافيآ وكخطوة مبدئية لإستيعاب وفهم هذا مفردات النموذج ومن ثمة الإلتحاق به والدفاع عنه.

كما أن مجرد التمكين لليبرالية الغربية كمفهوم ومؤسسات وبهدف تحرير واقع الركود السياسى العربى يظل حديث مشوه ومبتسر ومقطوع ما لم ترفده ضمانات بشأن أعادة هيكلة بنية النظام الإقتصادى والإجتماعى تدعم عدالة توزيع الناتج القومى وتؤكد علاج أختلالات توزيع الداخل والفجوات المتزايدة بين الأغنياء والفقراء .

فالقضية الإجتماعية يتعين أن تكون على رأس جدول أعمال هؤلاء المهتمين بأعادة المواطن العربى لميدان الفعل السياسى , فلا ديموقراطية بدون عدالة , ذلك أن حرية هذا المواطن تبدأ من أنعتاقه أجتماعيآ وطبقيآ أولآ , ومن تلبية حاجاته الضرورية فى العمل والصحة والغذاء والتعليم وليس من بطاقة أقتراعه وعضويته الحزبية .

ومن المفيد التأكيد هنا على أن تيار الإسلام السياسى يمثل عائقآضد التمكين للسياسة فى واقعنا العربى وعبر أستيلاء دائرة ( الحرام و الحلال الدينى ) على الفضاء السياسى الوضعى والدهرى , واسباغ هذا التيار لنعوت الكفر والزندقة والخروج عن الملة فى مواجهة القوى العلمانية المناهضة له .

فضلآ أن تياره السلفى بأطيافه المختلفة يختزن عداءآ أيديولوجيآ لأفكار الديموقراطية والتعددية والحزبية على النمط الليبرالى بالنظر إلى الثنائية الضدية التى يعتمدها و يحتكم اليها كمعيارللتمييزبين فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان , وبين حزب الله وحزب الشيطان .

أن دمج هذه التيارات داخل السوق السياسى والإنتخابى التنافسى العربى أعمالآ لمبدأ عدم الإقصاء وأحقية كل فصيل فى أختيار مرجعيته ينطوى على مخاطر يتعين الإنتباه اليها . أذ يتعين الزامها بمفردات اللعبة السياسية الديموقراطية القائمة على مقررات الدولة المدنية وعدم التمييز الدينى وقواعد المواطنة , وبأن تقدم الضمانات الكفيلة بعدم نكوصها على هذه القواعد والآ يكون صعودها للسلطة هوالتجربة الديموقراطية الأولى والأخيرة .

وأيا ما كان الأمر , فأن أعادة أختراع السياسة فى واقعنا العربى باتت عاجلة وملحة , ويحسب للحدث الجماهيرى الثورى القائم فضل طرحها للنقاش واثارت الجدل حولها فى هذه اللحظات الفارقة من تطور حياة مجتمعاتنا العربية .
عماد مسعد محمد السبع .



#عماد_مسعد_محمد_السبع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس العسكرى يقود الثورة المضادة فى مصر
- الثورة واليسار الغائب فى مصر
- القضاة ودورهم فى الثورة المضادة بمصر
- الثورة فى مواجهة وسطية الفكرالعربى المعاصر
- متى تبدأ الثورة على السلفية الوهابية ؟
- الإنتفاضات العربية بين طابع السلمية وحتمية العنف الثورى
- الأردن .. هل ينجو من طوفان الثورة العربية ؟
- الخيال والمفاجآت الإدراكية لشباب الثورة العربية
- الوعى الزائف بالتاريخ .. مصر تمحو حقبة مبارك !
- الميدان .. خاطرة حول طوبوغرافيا الثورة
- الصين والكونفوشيوسية وربيع الثورة العربية
- موقع الموسيقى على خريطة الثورة العربية
- الثورة العربية فى عيون الإستراتيجية الإسرائيلية .
- فوبيا الشعر و الثورة العربية
- ملاحظات حول الموقف الإيرانى من الثورة العربية
- العلافات العاطفية فى زمن التحول الثورى
- دلالات ودوافع التوجه الخليجى نحوالمملكة المغربية.
- الصراع حول الدولة المدنية فى مصروتونس
- الثورة العربية ومملكة الصمت السعودى
- دورعنصرالأرض ورأسمالية المقاولات فى سقوط نظام مبارك .


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد مسعد محمد السبع - إعادة اختراع السياسة فى واقعنا العربى