أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - التجاني بولعوالي - السيناريو السوسيو – اقتصادي هو الحل














المزيد.....

السيناريو السوسيو – اقتصادي هو الحل


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 3427 - 2011 / 7 / 15 - 19:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت تشير التوقعات، قبل يوم الاستفتاء على مسودة الدستور المغربي الجديد، إلى أن أغلبية المغاربة سوف تصوت لصالح التعديل الدستوري الأخير، رغم تصاعد بعض الأصوات الرافضة أو المتحفظة على ذلك، ومن ثم سوف يحظى المغرب لأول مرة في التاريخ بتشريعات دستورية متميزة، لا تختلف كثيرا عما هو مبثوث في دساتير الدول المتقدمة، إلا أن السؤال الذي يظل يطرح نفسه بإلحاح تام هو: ماذا بعد التصويت الإيجابي لصالح المشروع الدستوري الجديد؟
"إن لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة له في الاتجاه"، حسب إحدى قوانين نيوتن الفيزيائية، وهذا ما يسري، بشكل أو بآخر، على حركة 20 فبراير، التي هي بمثابة فعل صدر عن مجموعة من مكونات الواقع المغربي، وقد تلته ردة فعل من قبل الدولة المغربية، حيث سارع الملك إلى طرح ورش التعديل الدستوري، وإدخال تغييرات جذرية على بنية الحكم. غير أنه هل تكفي هذه الخطوة لأن تخمد هذه الزوبعة المستشرية في مختلف مناطق البلاد، ومن ثم نقل المغرب بين عشية وضحاها من درك الدول الفقيرة إلى نطاق الدول الأكثر نموا وديمقراطية؟ ثم هل تكفي هذه الحفنة من الإصلاحات الدستورية لأن تحل إشكالات الواقع المغربي التي تنيخ بكلكلها على مختلف الميادين والأصعدة؟
إلا أن ردة فعل الدولة المغربية كانت، في الحقيقة، معاكسة لاتجاه رغبة الحركة الاحتجاجية، التي تؤمن بالحلول الاستعجالية الناجعة للمعضلات السياسية والاقتصادية والإدارية والتعليمية، التي تكتوي بلظاها أغلب شرائح المجتمع المغربي، فعوض ما تشرع الدولة في وضع استراتيجية دقيقة ومتوازنة للتخفيف من معاناة المواطنين، وهي أولوية الأولويات، وأم الضرورات، فإنها بدأت بما هو تحسيني وكمالي في نظر المواطنين العاديين، الذين لا يهمهم ورش الدستور في شيء، بقدر ما يهمهم قوت يومهم وصحة عيالهم وتكوين فلذات أكبادهم!
من هذا المنطلق، إن تعديل الدستور المغربي، الذي صرفت عليه الميزانية الهائلة لترويجه، والدعاية المكثفة إلى التصويت الإيجابي عليه، لن يغني ولن يسمن من جوع، إذا لم تله أوراش اجتماعية واقتصادية حقيقية. بعبارة أوضح، إن الأهمية لا تكمن في الدستور في حد ذاته، باعتباره نصا جامدا، وإنما في كيفية ترجمة الآليات والقوانين التي يحملها على أرض الواقع، لاسيما التي لها صلة وثيقة بالفئات المجتمعية المعوزة والمقهورة، التي لا حل لها في قاموسها اليومي إلا الخبز والسكن والتطبيب والتأمين والتعليم، ونحو ذلك، وهذا ما يلمس لدى أغلب تيارات الحركة الاحتجاجية ومكوناتها، التي يحضر في خطابها الهاجس الاقتصادي بشكل لافت ومكثف، وعندما نتصفح أحد بيانات حركة 20 فبراير، نقرأ العبارة الآتية: "القيام بإجراءات فورية حقيقية وملموسة، للتخفيف عن معاناة الشعب المغربي، وإحداث صندوق عاجل للتعويض عن البطالة"، وهي تعكس، بحق، حلم جزء عريض من المجتمع المغربي، من خرجين معطلين، ومطرودين من العمل، ومن لا شغل لهم، وأسر بلا معيل أو دخل، وذوي الاحتياجات الخاصة، وغير ذلك.
على هذا الأساس، يتأكد أن المخرج الحقيقي للأزمة التي يمر بها الواقع المغربي، لن يكون ناجعا وفعالا إذا لم يركز على البعد السوسيو – اقتصادي، واكتفى بالجانب السياسي والدستوري فحسب، لأنه الخيط الرفيع الرابط بين جميع أنواع الاحتجاج والتظاهر، التي يشهدها المجتمع المغربي منذ فبراير 2011، بل وقبله بزمن طويل! وتملك الدولة المغربية الوقت الكافي لإرساء استراتيجية سوسيو – اقتصادية عادلة وشمولية، تأخذ بعين الاعتبار الوضعية الاجتماعية والاقتصادية المتردية للشرائح الاجتماعية الفقيرة والمسحوقة، لا الاقتصار على مطالب الطبقة الوسطى والبورجوازية الصغيرة، التي تحسنت أوضاعها إلى أفضل مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، في حين ازدادت أوضاع الطبقات الدنيا فقرا وتدهورا.
ولعل المحقق النظر في راهن الواقع المغرب، يستكنه أنه ينبني على مفارقة صارخة، تتمثل في وجود فجوة بين الخطاب الرسمي المسكون بهاجس إرضاء أكبر عدد ممكن من مكونات المجتمع، وبين جزء من الخطاب الشعبي الذي تتزعمه بعض التيارات الاحتجاجية، التي تدعو إلى التغيير الراديكالي السريع. ويظهر أن كلا الخطابين لا يستجيب لمطالب المواطنين البسطاء، الذين ينتظرون منذ أمد طويل تدخل الدولة المغربية قصد تحسين وضعيتهم السوسيو – اقتصادية المتردية، بقدر ما يرسخان آفة التعارض اللا مجدي، وسياسة فرق تسد، ومنطق الوصاية، وغير ذلك.
إن الدستور المغربي الجديد يتضمن عديدا من الجوانب الإيجابية، بالمقارنة مع الدساتير السابقة، فهو يعد بالكثير من المشاريع والأوراش والإنجازات، التي إن تحقق جزء منها سوف يرقى الواقع المغربي ويتحسن، وهذا ما سوف تكشف عنه، لا محالة، الأيام القادمة، التي قد تشكل بحق محكا حقيقيا للدولة المغربية في عهدها الجديد، يتأكد من خلاله مدى قدرتها على اقتحام العقبات وتجاوز التحديات، عن طريق وضع حاجة المواطن المغربي فوق كل الأولويات، وهذا لن يتحقق إلا بالإصغاء الجاد إلى إكراهات أغلب شرائح المجتمع المغربي، وهي في معظمها ذات طابع اجتماعي واقتصادي، مما يقتضي نهج استراتيجية سوسيو – اقتصادية عادلة ومتوازنة، يُتوقع أن تكون الخطوة التي سوف تلي خطوة الإصلاح الدستوري.



#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدسترة الجزئية والمشروطة للغة الأمازيغية
- الحركة الاحتجاجية بالمغرب ورهانات التعديل الدستوري
- إطلاق الجائزة الأدبية في صنفي الشعر العربي الفصيح والأمازيغي ...
- أي موقع للمهاجر المغربي في مشروع الجهوية الموسعة؟
- سقوط آل القذافي.. واسترداد الحلم الليبي المغتال
- خيوط لفهم معادلة الثورة المصرية وسيناريو المرحلة القادمة
- الدرس التونسي والامتحان المصري
- محددات العلاقات المغربية الإسبانية وتحدياتها
- العرب ومسألة القراءة!
- إعلان أُنفيرس حول مكانة الإسلام في أوروبا الجديدة
- أزمة الحكومة أم حكومة الأزمة في هولندا؟
- مغاربة هولندا وسلاح الاندماج الرياضي
- مدونة الأسرة وصعوبة تطبيقها على الجالية المغربية
- الجهوية الموسعة ودور الجالية المغربية بالخارج
- أي دور للإعلام في التنمية المحلية؟
- الإسلام في الغرب؛ معالجة الإشكالات وطرح البدائل
- التوقع باكتساح حزب اليمين المتطرف لخارطة الانتخابات البلدية ...
- القناة الأمازيغية المغربية المنتظرة.. مطلب ضروري
- المهرولون الأمازيغ إلى إسرائيل
- الإسلام وإشكالاته المعاصرة.. وفهم الغرب لها


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - التجاني بولعوالي - السيناريو السوسيو – اقتصادي هو الحل