أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جمال البنا - المتهم مُدان حتى تثبت براءته















المزيد.....

المتهم مُدان حتى تثبت براءته


جمال البنا

الحوار المتمدن-العدد: 3427 - 2011 / 7 / 15 - 19:06
المحور: حقوق الانسان
    


«المتهم برىء حتى تثبت إدانته» من المبادئ القضائية التى يفخر بها المجتمع الإنسانى، وتصور مدى ما وصل إليه من تقدم وعدالة وإنصاف.

ما دام المجتمع يسير حياته الطبيعية العادية لمواطنين يعلمون واجباتهم فيقومون بها، وقادة يقدرون مسؤولياتهم فينهضون بها، والأمور تسير كما ينبغى والحياة سخاءً ورخاءً، فإن مبدأ «المتهم برىء حتى تثبت إدانته» يكون من المبادئ القضائية التى تلحظ عند نشوء ما يكدر هذا الصفو من منازعات.

ولكن عندما يتطرق الفساد إلى هذا المجتمع فإن المواطنين معذبون بين القيام بواجباتهم، وفى الوقت نفسه السعى لاستكمالات رواتبهم الهزيلة. وعندما يسود الإهمال والتراخى سياق الأداء، ثم عندما يفقد الساسة والقادة شعورهم بالمسؤولية فلا ينهضون بالمهام الجسيمة حق القيام، ثم يتطرق إليهم الفساد فيتخذون من مناصبهم الرفيعة وسائل للاستحواذ على الثروات بالاختلاس خفية، ثم مخالفة القوانين جهرة، وعندما يضرب الفساد كل المجالات ويقع فيه كل ذى منصب من الوزير إلى الخفير، وعندما يُضحى بمصالح الوطن.. وثرواته.. وأرضه..

وصناعته.. وزراعته على الأهواء والمصالح والنهب والسلب، فإن أمور المجتمع تختل، وعندما يعم الفساد ويطم ويتعدد ويتعمق ويصبح من المستحيل إصلاحه بالوسائل التى كانت تتخذ عندما كان صالحًا، فإن الحل الوحيد يكون هو الثورة، أى استئصال أسباب الفساد كله، والإطاحة بالمسؤولين وما أقاموه من أوضاع تحقق لهم مآربهم.

وعندما تعجز القوانين عن الإصلاح، لأن الفساد سرى إليها، فوضع الفاسدون قوانين فاسدة تسمح لهم بالسرقة بأسماء مختلفة أو تتضمن من الثغرات التى وضعت عمدًا لكى يفلت المجرم عندما يتعرض للمحاكمة، فى هذه الحالات، فلابد.. ولا مناص عن الثورة، وعندما تحدث الثورة فلا يمكن بداهة استخدام الآليات والنظم التى قام عليها النظام القديم الذى أراد الشعب إسقاطه، وكيف يمكن ورأس الدولة هو الحامى الأعظم للفساد، وقد بدأ بنفسه فاستحوذ من الأموال ما بلغ المليارات ثم أباح لابنيه وزوجته أن يستحوذا على ما شاءا، وجاء وراءه الوزراء، ووراء هؤلاء جميعًا «المفتى الأعظم» الذى أبدع مبدأ جديدًا هو «المجلس سيد قراره»، وله أن يضع ما يريد من القوانين.

ما أريد أن أصل إليه أن الثورة التى تحدث عندما يفسد كل شىء لابد أن يكون الإصلاح بوسائل «ثورية»، وأن أى محاولة لاستخدام آليات النظام الذى كان إسقاطه هو مطلب الشعب فى ثورته، «الشعب يريد إسقاط النظام»، لا يعنى إلا القضاء على الثورة وتمكين الفساد لأن يعود مرة أخرى.

ولإيضاح هذا عمليًا سأضرب المثل بمثالين يثبتان أن الطبيعة الاستثنائية للثورة تتطلب وسائل استثنائية للإصلاح هما التعذيب فى السجون والانفلات الأمنى.

فعندما يقبض ضباط المباحث فى الأقسام أو ضباط أمن الدولة على من يشكون فيه فإن أول عمل يقومون به هو أن يعصبوا عينيه بعصابة ثقيلة تجعله لا يرى شيئاً ثم يقودوه إلى مكاتبهم ويطلبوا إليه أن يعترف وما أن يقول إنه لا يعرف شيئاً حتى ينهال عليه الضرب من كل مكان، ولا ينتهى إلا عندما يُغشى عليه فيجروه إلى زنزانته.

وعندما يقف هذا المسكين أخيراً أمام المحكمة ويسأله القاضى من ضربك؟ فإنه يقول إنه لا يعرف فقد كان معصوب العين، فيأمر القاضى بإخلاء سبيل الضابط.

كيف يمكن أن يُسأل مثل هذه الضحية؟ وكيف يسقط الاتهام عن الضابط لعدم تعرف المجنى عليه؟

وعندما تتواتر الكتابات وتتوالى الأخبار ويعلم القاصى والدانى أن ضباط المباحث فى السجون وضباط أمن الدولة يستخدمون هذه الطريقة كأسلوب مقرر.. طبيعى.. دائم، بل إنه هو الأسلوب الوحيد الذى يعرفونه، أفلا يكون تطبيق المبدأ «المتهم برىء إلى أن تثبت إدانته» وسيلة لإفلات مذنب ووسيلة لظلم برىء؟ وأن الأنسب فى هذه الحالة أن يكون «المتهم مداناً إلى أن تثبت براءته».

وأنا أؤمن بأننا لن نحقق العدالة إلا عندما نقدم إلى القضاء كل ضباط المباحث فى أقسام البوليس وكل ضباط وأعوان أمن الدولة إلى القضاء باعتبارهم مدانين فى تهمة التعذيب، فإذا كان فيهم برىء فليُثِبت براءته.

بغير هذا الأسلوب لا يمكن القضاء على هذه الممارسة الخسيسة التى تمثل أكبر انتهاك لكرامة الإنسان.

ونحن نتحدث عن انفلات أمنى يهدد أمن البلاد وسلامتها، فكيف حدث ذلك؟

حدث لأن وزير الداخلية تعهد لمبارك بفض اجتماع ٢٥ يناير باعتبار أنهم «شوية عيال»، ولكن عندما حاول وجد أنهم ليسوا «شوية عيال» ولكن شعب مصر.

عندئذ لجأ إلى فعل لا يقوم به إلا من يريد تخريب البلاد حتى يدارى هزيمته.

لقد أمر الضباط بالانسحاب فلا يجلس ضابط فى قسم ولا يقف ضابط مرور فى شارع.

ثم أمر بفتح أبواب السجون ليخرج من فيها من المجرمين.

ثم أطلق «البلطجية»، وهم الذين يستعين بهم البوليس فى إفساد الانتخابات.

فتصور أن المؤتمن على الأمن العام هو من يرتكب هذه الموبقات التى يريد بها تخريب الأمن العام وإشاعة الجريمة والفوضى فى البلاد.

وقد أطاع أمره كبار الضباط وكشفوا بذلك عن جانب مهم هو أنهم لا يدينون بالولاء للشعب.. ولكن للنظام.. وربما لأنفسهم، وأنهم يرون أنفسهم طبقة فوق مستوى عامة الناس، وكشف عن ذلك اللواء أبو قمر مدير أمن البحيرة الذى قال وسط ضباطه «احنا أسياد الناس.. واللى يمد إيده على سيده لازم ينضرب بـ (الجزمة)، ويرد الموجودون (تنقطع)، وتابع أبو قمر «تنقطع.. وإحنا أسيادهم، وإحنا الأمن والأمان، والناس كلها بتعيط وبتقول يارب تيجوا عشان شافوا أيام سودا، والشرطة ليها قيمة، وإحنا لينا قيمة، ولينا وزن، ولينا وضع، والدنيا كلها ما تقدرش تعيش من غير ما تمشى فى الشارع».

وبعد هذا بشهرين فى (٨/٤/٢٠٠١م) نشرت «الوفد» بعنوان «عقيد شرطة : لن ننزل إلى الشارع حتى (يبوس) الشعب أيدينا !»

«أعلن العقيد سامى عبدالله، الضابط بمديرية أمن القليوبية، عدم نزول قوات الشرطة لإعادة الأمن فى الشارع وحماية الشعب، وردد نريدها فوضى لجماهير المحافظة!! وشدد قائلاً: لن ننزل الشارع حتى يعرف الشعب قدر رجل الشرطة ويقبل أيدينا!! وأعلن أن الشرطة لن ترجع لمواقعها إلا بعد انتهاك المنازل وإرهاب الأهالى من قبل البلطجية والخارجين على القانون!! جاء ذلك خلال مظاهرة أهالى القليوبية أمام ديوان المحافظة أمس للمطالبة بعزل المستشار عدلى حسين محافظ القليوبية وتقديمه للمحاكمة بتهمة إهدار المال العام!

إذا كان هذا هو شعور كبار ضباط البوليس، فهل يتصور إصلاح هؤلاء؟ ولماذا لا يكون الرد عليهم هو إنهاء خدمة كل ضابط برتبة عميد فما فوق، وأن تبدأ وزارة الداخلية فى تكوين شرطة جديدة لم تتذوق إهانة الناس، ولا تقبل هذا، فتعلن عن حاجتها إلى عشرة آلاف شاب من خريجى الحقوق والآداب وتدريبهم لمدة ثلاثة شهور ثم تخرجهم برتبة ملازم ثان ليكونوا فى أقسام البوليس.

هذان مثالان لما كان ينبغى أن يتبع لعلاج مشكلتين من مشاكل النظام الذى استهدفت الثورة إسقاطه، ولا يمكن مطلقاً استخدام الوسائل الإصلاحية التدريجية التهادنية، فالظروف الاستثنائية تتطلب معالجات جديدة لها طابع الحسم والعزم والسرعة، وقد تحدث تجاوزات محدودة، ولكن علينا أن نتقبلها كثمن زهيد أو كضرورة لا مناص عنها، وبدون هذا فمن المؤكد أن النظام القديم سيتماسك وسيستطيع بوسائل عديدة أن يقضى على الثورة.

على الطريقة العباسية

فى النصف الثانى من تاريخ الدولة العباسية زادت أهمية الوزير، وأَلِفَ الخليفة أن يسلم الحكم إليه وينصرف هو إلى اللهو، واستغل الوزير ذلك فاستحوذ لنفسه على ثروات «مهولة»، وعندما علم الخليفة أمر بعزله وعيَّن وزيراً جديداً وأسلمه الوزير المقال لكى يستخلص منه كل درهم اختلسه من أموال الدولة، ولا يدع وسيلة لتحقيق ذلك بكل صور التعذيب، وبهذه الطريقة تعود الأموال المنهوبة إلى الدولة، وكما ترون فإنها رغم بشاعتها عادلة، وأدت إلى إعادة المال المنهوب، ولكننا لا نستطيع أن نمارسها، ولهذا فأنا أدل السلطات على الطريقة التى يمكن بها استخلاص الأموال المنهوبة، فيجب أن يقدم كل رؤوس الحكم وكل الذين نهبوا للمحاكمة على أساس خيانة الأمانة والإفساد العام والاستحواذ على أموال الدولة دون حق، فيحاكمون أمام «القاضى الطبيعى» ويمارسون كل ما يمنحهم القضاء من حمايات، ولكن المحكمة فى النهاية تحكم بالإعدام، هنا تستطيع السلطات أن تساوم المتهم على تسليم كل ما نهبه لقاء أن يعفو الحاكم عنه ويبدل الحكم إلى «النفى»، وبهذا نستريح من «دوخة» استخلاص الأموال من سلطات دول أخرى، أو عدم التعرف على وسائل إخفاء هذه الأموال.

[email protected]

[email protected]

www.islamiccall.org

gamal-albanna.blogspot.com



#جمال_البنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استنقاذ الثورة.. بدايات غير موفقة (١ - ٤)
- فى انتظار الثورة الإسلامية.. ثارت الشعوب على حكامها فهل يثور ...
- استنقاذ الثورة
- الإخوان والسياسة
- التحقيق مع ضباط التعذيب له أصول أخرى
- حديث «مُقرف» عن التعذيب 1 & 2
- مهمة عاجلة تنتظر وزير القوى العاملة
- قضية العمل والعمال بعد ثورة ٢٥ يناير ٢ ...
- من هو جمال البنا ؟وما هي دعوة الإحياءالإسلامي ؟
- نقد النظرية الماركسية
- ترشيد النهضة
- الحركة الميثاقية
- الثورة تجابه منعطفاً خطيرًا
- نزولاً على إرادة الشعب
- اقتراح
- جمال البنا في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التنوير وا ...
- المسألة الشعبية بين جورج صاند وجوستاف فولبير
- عندما ثار الأسطول البريطاني
- الأديان لا ينسخ بعضها بعضًا ولكن يكمل بعضها بعضًا ( 3 3 )
- كلكم سيدخل الجنة «إن شاء الله» إلا المارد المتمرد


المزيد.....




- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جمال البنا - المتهم مُدان حتى تثبت براءته