أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عزيز الدفاعي - صرخه النار والحديد : احمد البحراني















المزيد.....

صرخه النار والحديد : احمد البحراني


عزيز الدفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 3426 - 2011 / 7 / 14 - 11:38
المحور: مقابلات و حوارات
    



دائما
حينما يُغلق الناسُ أبوابهم
في الهزيع الأخير من الليل
يبقى الفتى
سائراً
في
المنام!!.
فاضل عزيز فرمان

اعرفه منذ أن كان صغيرا مسكونا بالنهر والطين لايرى غير الفرات لأنه ينبع فيه.. ومنه ويجري معه وفي شرايينه كالقدر الأزلي منحدرا دوما من سقف المنزل إلى وادي الأحلام والشواطي التي تخلقها مخيلته المتوثبة وهي تطارد غزاله أردتها رصاصه صياد نزق فتناثر دمها على وجهه المرتعد فاستفاق مذعورا من غمره الصدمة والذهول وهي لازالت ترفس الارض.

تفوح من بين أصابعه التي أحرقتها النيران التي تتطاير من اله قطع الحديد رائحة تشبه تلك التي تنبعث من احتراق الأضاحي والقرابين في معابد الالهه السومرية وتستغويه الأساطير التي كان يسمعها في ليالي الشتاء الساحرة قرب مدفئه (علاء الدين) الوحيدة التي تلتصق بها الاسره عندما كان البرد يحاصر بأنيابه البيوت العتيقة التي ارتجفت في( محرم عيشه)فضمت بعضها بعضابحنوالعاشقين..فاستمالت حتى أوشكت على السقوط ولازالت حتى اليوم ...... فعبا روحه وذاكرته بصوت الريح والزوارق التي تطارد الأسماك التي تطفح على سطح النهر متلوية بعد أن تبتلع السم الذي يلقيه الصيادون خارج المدينة مخبأ في الخبز ليسري في أحشائها قبل أن تمزقها( فالات )المطاردين في لهب الصيف. كم يشبه موتها موتنا ( سرقوا الوطن- سرقوا المنفى).
لكنه غالبا ما امسك بسمكه ميتة صغيره كأطيافه حينما جرفها النهر إلى الشاطئ متأملا سكون الموت فيها الذي حاول قهره مرارا دون جدوى بان ينحت مثلها من الطين الحري كهيئه السمكه ليتركها على الشاطئ حتى تفخرها الشمس موقنا انه حين يلامس الموت بأنامله الطرية المبدعة ويمررها على خياشيمها التي توقفت عن الحركة سوف يسترضي عزرائيل ويعيد بعث الحياة في النهر كالأنبياء في الكتب ألمقدسه . هكذا توهم . هكذا توهمنا نخل السماوه نخل السماوات!!
لكنه حين يستفيق من الوهم بصفعه من يد أبيه لان الشمس غابت وان عليه أن يعود إلى المنزل لاكمال دروسه التي لم يحبها ولم تستهويه ابدا وكانت كالكوابيس تقض مضجعه يعود باكيا بينما عشرات الصيادين يلفون الشباك وزوارقهم تتهادى على النهر حالمين بفجر أخر مستريحين في الغروب من العناء عند ظل النخلة الوحيدة التي تفوح منها رائحة الرطب الشهي عند مسلخ المدينة الذي كان مأوى للهاربين من الجيش والشيوعيين والمهشمين والسكارى .

.بين وجوه الفلاحين المنهكة والتي التصق الجلد بالعظم فيها كأشباح الليل البهيم وهي تتنقل بين الحقول... وعدو الصبية وسخريتهم من تماثيله الطينية وهم يعدون خلف العربات التي تجرها الخيول وعواء الكلاب الضالة في أزقه( محرم عيشه) التي تهرب من القرميد والحصى الذي يطاردها املآ بسماع عواءها... و أحلام النسوة اللواتي يفترشن الأرض إمام منازلهن ويتبادلن إسرار فراش الأمس.... وذكريات المنشورات السرية وأضاحي الحرب وتوابيت القتلى وعيون الشرطة والأمن الذين يتربصون بالجميع في المقاهي وسوق المدينة الوحيد …. وقصص العشق التي تفوح منها تلك النظرات الخجولة ..و إيقاع مواكب عاشوراء وترنيمه صوت اللاطمين تنهال على الصدور كلحن جنائزي يستوحي موسيقى تلك النبؤه وذلك الخيال المتوثب دوما ليطاوع الحديد منذ أن بهرته حكاية النبي داود التي سمعها الصبي وهو يجلس في ركن على جرف النهر مصغيا لاهوال ألمذبحه بصوت الراوي سيد قاسم رحمه الله وكورال الباكين بلا انقطاع الذين ينهي البعض منهم جزعه على الذبيح بقنينة عرق من نادي المعلمين.

كيف يمكن لهذه الأنامل أن تبعث في بقايا التنك وأعمده البيوت وما يرميه الحدادون ومصلحي السيارات من السكراب لغة تغيب ألا على اؤلئك الذين يخرجون من المألوف إلى أعاده خلق الأشياء والمشاعر من جمادات صلبه كالهه الاساطير تفوق في إبهارها أحيانا قلائد الذهب ولآليء البحر وخواتم وأقراط المجوهرات التي تسرق إبصارنا للوهلة الأولى لكنها تخبو دون أن تخلف في الذاكرة سوى صوره الأجساد الانثويه التي أنهكها ترف الصالونات والعطور الباريسية واللمسات المليئة بالشهوة والمساحيق والتي تنتهي بعد طقوس الليل كما تفعل الغانيات في فنادق الدرجة الأولى .
انه ينتزع أصابعه من حنو الطين ودفء الحجر والتراب المنبعث من المعول وهو يحفر في الصخر حكايات المنفى والناس ووجوه رحله التعب وأهوال التاريخ ومحارقه ليدسها بمخاطره صامته في قضبان الحديد وكأنه يسرح في خيال يرفض الأسوار والسيوف والمسدسات وفوهات المدافع والخناجر وأدوات القهر ورموزه ليذيبها في ظل روحه منعطفا بها في حرف كوفي أخر لا علاقة له بالدم والأصفاد والسبي يكسر به الظلال الكئيبة ويحيلها إلى جذور تتسارع نبضاتها مع النسغ الطالع من اخمص القدم الى أعلى الرأس في إسفارنا وترحلانا وتشظينا بين المطارات ودوائر اللجوء وسماعات الهاتف التي تحمل ألينا صوت من غادرنا هم على عجل هربا من السبي و المجهول والاعتقال .

انه يمتلك قدره فائقة على تغيير كتله الأشياء وملامحها ومدلولاتها ويكسر الإقفال التي حبست فن النحت العريق مثل سحره معبد اوروك كشهادة ميلاد لهذه الأرض ومبدعيها الذين لازالوا يمتلكون ألقدره على إبهار العالم من حولنا بلوحاتهم ومنحوتاتهم وشعرهم ومفكريهم ومعمارييهم وكتابهم بل هم في قلب الإبداع العالمي في المنافي. بقدر اندهاشه بعرينا في الداخل واندحارنا وذلنا وتباغضنا وتحاربنا مثل الوحوش الكاسرة .
وهو حين يحيل الحديد الى ورقه طيعة بين يديه مستعينا بالجن لا يضعه بين يدي ألباعه و(الغالريات) والسماسره انما يقدمه لنا كالطفل الذي يتلهف لسماع نتيجةالاختبار…. للجمهور المندهش من الدخان الذي لازال منبعثا من منحوتاته المعدنية الحارة جدا كالعطور التي لا يمكن الإحساس بها ألا في فضاء فسيح يعوم فيه البخور الهندي مع أسراب البط في الاهوار والذي يمنحنا الأمل الذي أوشك ان يخبو ونحن نشهد رحيل كبار النحاتين العراقيين عن هذه الدنيا .

في معرضه الحالي في الدوحة يعيد احمد البحراني المزج بين العجز المطلق للإنسان والقوه المطلقة في ذروتها للتحدي في مثنويه الشرق القديم بين النور والظلام والخير والشر والأمل والإحباط لاستنسال تضاريس جديدة لعيد النوروز في قلب الصحراء والرمل ...ويهشم بنار يديه وليس بشعله الاوكسجين قضبان الزنزانات وسطوه الوحشة المفترسة للروح البشرية خارج دوره الكره الارضيه ويحولها إلى أجنحه عصافير تملا القاعة بزغردتها وصخبها لأنها من طيور السنونو التي تعود كل عام تبحث عن أعشاشها في سقف المنزل الذي هجره في طويريج ولازال يحلم بالعودة إليه ذات صباح متلهفا لرؤيه جسرها الجديد.

انه لا يغادر كغيره الأرض المنقوعة بمشهد الأعناق المذبوحة والمسدسات الكاتمة للصوت والرماد والعويل وينتفض فيها الجنين المذبوح على محراب المعبد بلا شفقه في الكراده والموصل وتنام على أنقاضها البشر والخيول والوساوس….. بينما الساعة ألبندوليه تتأرجح بين خيار الحرب والسلام المفقود .. ولا يعيش في مكان منعزل خارج حدود رزنامه سنوات الجمر في منحوتاته ذات الطابع الإنساني التي لا تفقد أبدا خصوصيتها وانتماءها السحيق لعصور الزقورات والثيران المجنحة والجنائن المعلقة ومواكب العزاء الكربلائيه في وجدانه... لهذا فانه يعيد في خاطره شريط مذبحه كنيسة( سيده النجاة) لان الدم أولا وأخيرا عراقي قبل ان يكون النحر بسبب الصليب او الهلال بسبب المندي او الحسينية او المسجد وهو يتحرق شوقا لانتزاع هذه الحكاية ليصهرها في ذاكره الضمير الإنساني.. بوابه المعبد التي كان محمد غني حكمت اول من غامر بها في روما قبل اكثر من نصف قرن قبل الانهيار وسفر ألمذبحه مذبحه وطن لازال مصرا على أن يهربه من عيون المفتش وهو يجوب مسامات نبضه رصيفا رصيفا مثلما يقول عدنان الصائغ.

احمد البحراني اسم سيلمع في سماء العالمية لانه يسكب كيانه في كاس من نور ونار لن تخمد أبدا حتى لو انطفأت أخر جذوه من وهج الحديد الأرجواني الذي اكتشف فيه ذاته التي حلقت مع هدهد سليمان وعاد معه بعرش بلقيس التي نحرت عند المذبح ذات يوم في سيده النجاة ....سيده الوطن. الذي بقيت كنائسه بلا أجراس لاول مره.

بوخارست
[email protected]



#عزيز_الدفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع الفدراليات والتقسيم الناعم
- بعد عام: هل نجح سفراء العراق في مهمتهم
- بانتظاركم عند( جسر ألائمه)
- معارضه الدم الفائر ومستقبل حركه 25 شباط
- خطاب الانتحار السياسي ... واقعه ساحة التحرير
- من شبهك بزينب العصر ...؟؟؟
- فراس الجبوري : فاشيه ألطائفه.. عار العشيرة.. نذالة النخب.. ش ...
- تحركات غامضة : لمصلحه من نفض الغبار عن ملف مفاعل تموز ؟؟؟
- المرجعية الشيعية : ظلال الفاتيكان والجهاد المقدس
- عريضة مهمله في صندوق شكاوى نقابه الصحفيين
- الكويتيون:إطلاله بإصرار على خراب ألبصره
- كراده) الدم :خيوط العنكبوت... رصاصه الغدر
- لشيخ اليعقوبي :الإمبراطور عار ...النخب مخادعه
- النفط :أصفاد الذهب... أحلام الغيلان
- نفط :أصفاد الذهب... أحلام الغيلان
- العراق ورومانيا : بانتظار ربيع جديد للعلاقات الثنائية
- ألجامعه العربية:خدعه البيان الموحد.... شيخوخة الاستبداد
- دموع في عيون وقحة)!!!
- هل كان هناك انقلاب مبيت ضد المالكي؟؟
- وزير العدل: بين مطرقة الساسة... وسندان منظمات حقوق


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عزيز الدفاعي - صرخه النار والحديد : احمد البحراني