أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راسم عبيدات - كل أيامنا















المزيد.....

كل أيامنا


راسم عبيدات

الحوار المتمدن-العدد: 3424 - 2011 / 7 / 12 - 16:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



...... من حق الناس أن تفرح ومن سنن الحياة أن تتزوج،ولكن كل شيء يزيد عن حده يصبح غير مقبول وممجوج،والمدعون للأفراح قديماً الذين كانوا ما أن توجه لهم الدعوة أو بدون توجيه لها لحضور عرس وحفلة زفاف فإنهم سرعان ما يلبون الدعوة بفرح وسرور،ويشاركون في الفرح بكل محبة وإخلاص وكأنه فرح خاص بهم،ولكن اليوم أغلب المدعوين يذهبون الى تلك الأعراس بتثاقل أو كنوع من الواجب أو النفاق الاجتماعي،وسعيد الحظ من لم يوجه له العريس الدعوة لحضور حفل الزفاف،بل يوجه من لا يدعى للفرح الشكر الى العريس لعدم دعوته وليس دعوته،فهذه الظاهرة أصبحت تثقل على الناس مادياً واقتصادياً وزمنياً،فالطقوس المرافقة لأي عرس من الأعراس والتي تمتد على مدار زمني أقله اربعة أيام أسبوعياً،تحتاج من المدعو لتوظيف سكرتيرة خاصة لمتابعة شؤون الأعراس،والتي أصبحت ممتدة على مدار أيام الأسبوع،بل يجد المدعو من كثرة الدعوات الواردة تضارب في الأوقات والمواعيد والأيام،وهو يضطر في الكثير من الأحيان إلى الذهاب الى أكثر من عرس وسهرة في نفس اليوم،وقد يستعين في أبناءه او أحفاده لتغطية كل الدعوات الواردة إليه،أو يضطر إلى اختصار وإلغاء جزء منها.
والمسألة أصبح فيها الكثير من المباهاة والفشخرة الاجتماعية،وهي مرتبطة بالوعي والثقافة والتربية عند المجتمعات المتخلفة،والتي لا حساب للوقت والزمن عندها،وهي تميل بالعادة إلى عادات التي تركز على تهييج المشاعر والعواطف والإستعراضية من قبيل "لبس وضرب الموزر يلبقنا" وبنت فلان أو علان "مش" أحسن من بنتنا ،ولا الشيخ فلان أو أبو علان أكرم منا،وإحنا مشهودنا بالكرم والجود،واحنا آل ابوعبيدة طول عمرنا معروفين ومشهودنا بالعز والكرم والجود وكل أهل البلاد بعرفوا بواطينا.
فاليوم طقوس العرس لا تقتصر على حفلات الزواج،بل أيام السهرة والحناء والشمع وكتب الكتاب،وربما وأنت تقرأ بطاقة الدعوة اليك تعتقد ان هناك تعميماً أو بياناً بمجموعة من الفعاليات،حيث الحفلة في قاعة والخطبة في قاعة ثانية والغداء في قاعة ثالثة،والمباركة في قاعة رابعة"وإشي قبل الحاجز وإشي بعد العحاجز"،وطبعاً هنا المدعو وخصوصاً إذا كان أصحاب الفرح من الأقارب أو الأصدقاء مصاريفه لا تقتصر على "النقوط" بل ما يصرف على المدعون/ات من ملابس وتسريحات شعر واجور نقل ومواصلات،فإنا واثق أن العديد بل والكثير من المدعوين يستدينون ويقترضون لتغطية تلك التكاليف والمصاريف،وأنا هنا أقترح على البنوك المحلية إصدار نوع من القروض باسم قروض للزواج والأفراح.
والطامة الكبرى هنا ما أن تسأل أي شخص غني أو فقير إلا ويبدي تذمراً عالياً من كثرة الدعوات التي توجه له لحضور الأفراح،وعدم القدرة على تغطية الالتزامات المترتبة عليها،ولكن كل ذلك يبقى في إطار النقد الخجول،ولا يمتلك أحد الجرأة لوضع النقاط على الحروف في هذه القضية الاجتماعية رجال دين ومرجعيات وطنية وعشائرية واجتماعية وغيرها،ولا تحترم فيها لا عقود إجتماعية ولا مواثيق شرف،فما دامت مواثيق تحريم الدم والاقتتال الداخلي لم تحترم،فهل ستحترم مواثيق أو عقود متعلقة بالأفراح والزواج؟،وخصوصاً أن هذه القضية أصبحت مقلقة،حيث أن الكثير من القيادات المجتمعية والوطنية والسياسية والاقتصادية يدفعون ثمن تبوئهم تلك المواقع،حيث في مجتمع يسوده النفاق الاجتماعي وحب الظهور و"الفشخرة" والشهرة توجه لهم الدعوات ك"رفوف الحمام" الطائرة من القاصي الى الداني ومن يعرفهم او لا يعرفهم،المهم أن "يتفشخروا"ويقولوا أن الشخصية المهمة الفلانية حضرت حفل زفاف ابنا/تنا.
وحفلات أعراسنا المثقلة على أهل العرسان والمدعوين وعلى الجماهير والمفتقرة في أحيان كثيرة الى الذوق والقيم والأخلاق،ترافقها في الكثير من الأحيان مظاهر من البذخ المفرط،حيث انا كنت شاهداً على أعراس ذبحت فيها عشرات من الخراف، طنين من اللحم أو ما يزيد،كان نصيب حاويات القمامة منها ما يكفي لسد رمق عشرات العائلات المستورة،وليس هذا فقط،بل ما يرافق الاحتفالات من إطلاق مستمر "الفتيش" الفقاقيع ولوقت متأخر من الليل مع موسيقى صاخبة يتمايل عليها الشباب دون معرفة لكلماتها او معانيها على غرار أغنية المطرب الجزائري الشاب خالد"ديدي"،وليس مهماً ما تسببه من إزعاج وإقلاق لراحة الآخرين،او ما ينجم عنها من أضرار،وكذلك في الطريق الى إحضار العروس سيارات تملأ الدنيا زعيقاً وإغلاق للطريق العام وإيقاف لحركة السير والمواصلات،وعمل للزفة في الشارع أو الطريق العام،والويل كل الويل لمن يتجرأ ويقول لهم إفتحوا الشارع العام او الطريق،فهو إنسان حاقد ويريد أن يفسد عليهم فرحتهم.
وقضية هنا ملفتة للنظر ومحيرة لعلماء علم النفس والاجتماع،فأنت ترى الكثير من الوعاظ والمحاربين لمثل هذه المظاهر والظواهر،عندما تكون لديهم أفراح بدلاً من أن يشكلوا قدوة ويدافعوا عن أرائهم ووجهات ونظرهم وأفكارهم ورفضهم ومعارضتهم لتك المظاهر والظواهر،يمارسون نفس الطقوس والمظاهر ولربما على نحو أسوء،وقد تكون العادات الاجتماعية أقوى من قدرتهم على فرض أو تطبيق قناعاتهم وأفكارهم ولكن هذا ليس عذراً لهم.
وهذا يذكرني فيما جرى في امتحان الثانوية العامة لهذا العام،فعلى المستوى النظري فالمراقبين على امتحان الثانوية العامة مطلوب منهم منع الطلبة من الغش،وكذلك يفترض مثل هذه القيم أن تكون مغروسة عند الطلبة وأهاليهم،ولكن على أرض الواقع لا تصمد لا أحاديث نبوية ولا قيم ولا أخلاق،بدلالة عدم توفر وعي كافي وإمتثال لهذه القيم وإيمان وقناعة بها،حيث كان طاقم المراقبين في العديد من المدارس المكلفين بمنع الغش جزء من تسهيل عملية الغش وبتعاون مع الأهالي والطلبة،وهذا بحد ذاته جزء من انهيار منظومة القيم والأخلاق المتعززة في مرحلة الهزائم والانكسارات.
من ينقذنا من ما نحن فيه؟؟،من يبادر الى إجراء عملية نقاش جدي لكل المظاهر المرافقة لأفراحنا؟؟،من يوقف حالة الدمار تلك ؟ من يبادر ويعلق الجرس؟،نحن كلنا متذمرون من ما حدث ويحدث في الأعراس والأفراح،ونمارس طقوس النقد الخجول في الغرف المغلقة وفي التجمعات والسهرات،ولكن نستمر في التذمر وفي نفس الممارسة والسلوك،ولا نمتلك سوى الدعاء الى الله أن يغير الحال بما هو أحسن منه في المستقبل،وكأن التغيير المجتمعي مسألة ربانية،فرب العزة والعباد يقول "اعقل وتوكل".
ألم يحن الوقت الى وقفة جادة في هذا الجانب؟،وقفة تلغي وتحارب كل ما هو سلبي في تلك المظاهر،وتعزز ما هو إيجابي،وقفة تضع النقاط على الحروف وتقوم السلوك،فهذا النفاق الاجتماعي مدمر،ولا ولن يساهم في بناء مجتمع على أسس عصرية وحديثة.



#راسم_عبيدات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغرب الاستعماري عارياً
- لماذا منعت اليونان أسطول الحرية -2 - من الابحار...؟؟
- معبر قلنديا ....معبر إذلال وعذاب ..
- الأسرى الفلسطينيون وأكاذيب نتنياهو ..
- في ذكراه الأربعون / استشهاد ميلاد ....ميلاد فجر جديد
- تعدد المرجعيات التعليمية في القدس ... وتأثيراتها السلبية -3 ...
- الأزمة ليست شخص فياض بل أزمة نهج وخيار ...؟؟
- تعدد المرجعيات التعليمية في القدس ...... وتأثيراتها السلبية ...
- عام على اعتصام نواب القدس ..
- تعدد المرجعيات التعليمية في القدس وتأثيراتها السلبية -1 - .. ...
- المطلوب استراتيجية مواجهة موحدة لإفشال مخطط صهينة التعليم في ...
- الوضع الفلسطيني يعاود التأزم من جديد ..؟؟
- قراءة في رسالتي سعدات والبرغوثي الى مؤتمر بيت لحم/ فلسطين ال ...
- القدس حرب شاملة وعلى كل الجبهات ....
- أسرى القدس والداخل مجدداً ....
- لا تسوية في الافق ..... والمصالحة هي الرد ...
- خطاب أوباما للفلسطينيين/ شيكات بلا رصيد ...
- شرط آخر نسيه نتنياهو في خطابه ...
- الاسرى المرضى إهمال طبي ومعاناة مستمرة ....
- استقلالهم .....ونكبتنا ....؟؟؟


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راسم عبيدات - كل أيامنا