|
الفساد و - الأثر الرجعي -
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 12:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دأبتْ العملية السياسية الجارية في العراق ، منذ 2003 ، وقبلها تجربة أقليم كردستان منذ 1992 ، على إنتهاج اسلوبٍ خاطئ في مُعالجة " الفساد " .. ولعّلَ الأقليم يتحّمل مسؤولية أكبر ، بِحُكم المُدة الأطوَل في مُمارسة السلطة . فحين إرتضتْ سُلطة الحِزبَين ، كُلٌ في منطقتها ، بإستيفاء الكمارك والضرائب " بِطُرقٍ بدائية وعدم إدخالها بِدقةٍ في سجلات نظامية " ، فإنها فتحتْ بنفسها ، المجال واسعاً ، لممارسة كافة أنواع الفساد ، وتلى ذلك المشاركة والتواطؤ في تجارة المنتوجات النفطية مع حكومة بغداد " خلافاً للعقوبات المفروضة من قِبَل الامم المتحدة " ، طيلة سنوات التسعينيات ، أمام أنظار الولايات المتحدة الامريكية وعشرات مكاتب منظمات الامم المتحدة المنتشرة في الاقليم " وهو دليل على نفاق الولايات المتحدة والامم المتحدة " ، حيث ان تهريب النفط الخام والمنتوجات النفطية ، على نطاقٍ واسع ، في إتجاهَين : نحو الاردن غرباً ونحو اقليم كردستان شمالاً ومن ثم الى تركيا ، كان يجري على قدمٍ وساق ، ولم يكن الشعب العراقي ، هو المُستفيد مُطلقاً ، من عملية خرق الحِصار ، بل ان " النظام " وبالذات صدام وطغمته المُقّرَبة ، كانوا هُم مَنْ يَجْنون ثِمار ذلك ، وشهدَتْ تلك السنين البالغة القسوة على الشعب العراقي عموماً ، بناء المزيد من قصور صدام وإقامة حفلات أعياد ميلاده الباذخة ، في حين كان الاطفال يموتون جوعاً ومن شحّة الدواء ... وكذا في اقليم كردستان ، فأن سنوات تهريب النفط تلك ، كانتْ جنةً للمسؤولين الكِبار ، وحفنة من شركاءهم التجار والوسطاء ، الذين أثْرَوا وإغْتَنوا في فترةٍ قصيرة ، في حين كانت جماهير الاقليم ترزح تحتَ وطأة حصارٍ مُزدَوج ، الحصار الدولي على العراق عموماً ، وحِصار حكومة بغداد على الاقليم . المُحّصِلة كانتْ : ان السُلطتَين في بغداد والاقليم ، كانتا المستفيدتَين ، من عمليات تهريب النفط والمنتوجات النفطية طيلة سنوات ، بينما كان الشعب يُعاني الأمّرَين !. من تداعيات تلك الفترة ، ان حروباً داخلية إندلعتْ في الاقليم وإستمرتْ لفتراتٍ طويلة .. دَفعَ الشعب أثماناً باهظة لها ، وأصبحَ وقوداً لتلك الحروب العبثية الخرقاء .. وبعيداً عن التأويلات المُخادعة والتحليلات البعيدة عن الواقع .. فأن الصراع الثلاثي ، بينَ كُلٍ من الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني وحزب العمال " والتي كُلها تحمل لقب : الكردستاني ! " ، كانتْ في سبيل السلطة والنفوذ ولاسيما المال .. ( حيث إكتشف الجميع ان الأمول المتحصلة من المناطق الحدودية ومن تجارة النفط مع بغداد ) ضخمة وكبيرة ، الى درجة ، تستحق خوض الحروب من أجلها !! .. ولم تكُن الشعارات القومية والوطنية ، إلا غطاءاً زائفاً ، يُحاول ان يخفي الحقيقة !. ومن تداعيات تلك الفترة ، ايضاً .. بروز طبقة من الطفيليين ومن شُركاء المسؤولين في حِزبَي السُلطة ، في كافة مجالات التجارة والاستيراد والاعمال والعقارات ... الخ ، بحيث تمَتْ السيطرة على جميع منافذ الحياة الاقتصادية بصورةٍ فعلية .. ومن سُخريات الوضع السياسي في اقليم كردستان ، ان حركة التغيير التي ظهرتْ قبل سنتين ، والتي أسسها ويتزعمها " نوشيروان " ، كان هو نفسه ، مُشاركاً فعالاً في آلة السُلطة التي أنتجتْ الفساد والحروب الداخلية !. ولم يقُم نوشيروان بمراجعة حقيقية ، للفترة الماضية ، أو الإعتذار عن الأخطاء والخطايا في حق جماهير الشعب ،التي ساهم فيها طيلة العقدين الماضيين ... ولهذا السبب ، أرى انه لا يصلح ان يقود حركة " تغيير " فعلية .. بل ربما هنالك قياديون شباب في الحركة ، جديرون بالقيام بذلك . خلال العشرين سنة الماضية ، كثيراً ما اُكتُشِفَ إختلاسٌ كبير أو تلاعب او تزوير او نهب مفضوح أو إستيلاءٌ على مالٍ عام ، هنا او هناك ... وكانتْ [ العقوبة ] عادةً ، ان يُفصَل الجاني من وظيفتهِ أو موقعه الحزبي ، ولا يُطالَب بإرجاع ماأخذهُ ! .. وتلك لعمري ، مُكافأة وليسَ عقوبة .. وبفعل التراكم منذ بداية التسعينيات ، فأن السارق والمختلِس والناهب ، قَد أمَنَ العِقاب ، فتمادى .. وأصبحَ مِثالاً لغيرهِ ، ومُشجِعاً بصورةٍ غير مُباشرة ، على الفساد بأنواعهِ . ان الثورتَين التونسية والمصرية ، وعلى الرغم انهما في بدايتهما وما زال الطريق أمامهما طويلاً ... فلقد شَرعا في فتح دفاتر الفساد ، والإثراء غير المشروع ، وإستغلال السلطة لمصالح شخصية ... المصريون والتونسيون الثوار ، لن يرضوا ان يستكينوا الى " عفا الله عّما سَلف " ، بل انهم عازمون على مُحاسبة المُسيئين والسُراق ب [ أثَرٍ رجعي ] ، حتى لو مضى على سرقاتهم عقود من الزمن !... تُرى هل سنستفيد نحن من التجربة التونسية المصرية في هذا المضمار ؟.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصريون و - الإستكراد - !
-
الصحفيون العراقيون .. وكِلاب التفتيش
-
المُعّلِمون .. أمس واليوم
-
المُؤمنُ يُلدَغ من جُحرٍ عشر مرات
-
النُخَب المُهّمَشة
-
- شالومكي - هو الذي يضرُبنا
-
الحكومة ونقود الملا - سين -
-
قائدنا .. زعيمنا المُفّدى
-
العبرة ليستْ بِطول الخدمة
-
انتخابات مجالس محافظات اقليم كردستان
-
الطالباني والقفز من فوق المخّدة !
-
من ستوكهولم الى أربيل
-
الزَوجات الأربعة
-
الحكومة .. وترقيم النكات !
-
قوى أمنية ومُمارسات قمعية
-
ألسفارة .. رمز السيادة المُنتهَكة
-
بماذا تُفّكِر في هذهِ اللحظة ؟
-
الإنتخابات التركية ..ملاحظات أولية
-
عندما يخطأ الكِبار
-
علاوي والمالكي ينشرونَ الغسيل القَذِر
المزيد.....
-
فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا
...
-
أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
-
مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
-
المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
-
زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه
...
-
تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو
...
-
-نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA
...
-
مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
-
الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|