أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الحسين شعبان - إقليم السنّة العراقي: التباس التاريخ















المزيد.....

إقليم السنّة العراقي: التباس التاريخ


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3419 - 2011 / 7 / 7 - 21:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


التصريحات التي أطلقها من واشنطن رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي بشأن أوضاع السنّة ومعاناتهم، أثارت ردود فعل كبيرة ومتباينة، جاء بعضها من الأوساط السنّية ذاتها، وقد انقسمت ما يمكن أن نطلق عليه النخبة السنّية بين التنديد الشديد، والتحفظ الحذر، والتأييد الفاتر.
لكن زيارة النجيفي إلى واشنطن لم تقتصر على إطلاق بالون الاختبار بشأن السنّة حسب، بل تضمّنت جسّ نبض قضيتين خطيرتين، ضاعتا أو ضيعهما، في خضم الصخب الاعلامي بشأن مستقبل السنّة في العراق. القضية الاولى هي مطالبة واشنطن بإجلاء مصير 17,5 مليار دولار فُقدت ولم يعثر على أي أثر لها، علماً بأنها نقلت في طائرات أميركية خاصة. وهو ما دعا النجيفي الى مساعدة واشنطن في التحقيق لملاحقة الجهة التي تقف خلف عملية النهب تلك، وقال إن جو بايدن نائب الرئيس الأميركي وعد بمساعدة العراق للتفتيش عن المبالغ المفقودة، وأن وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون اعتبرت ذلك عملاً لاأخلاقياً يلحق ضرراً بسمعة الجنود الأميركيين.
القضية الثانية التي كانت في إطار جدول عمل الزيارة هي البحث مع واشنطن في موضوع الاتفاقية العراقية - الاميركية التي ستنتهي في نهاية العام الجاري 2011، وهو الأمر الذي سيكون الشغل الشاغل للحراك الشعبي والسياسي والبرلماني طيلة الأشهر الستة المقبلة، علماً بأن الأمر المرجّح هو التوقيع على اتفاقية جديدة بشروط ومواصفات مقاربة لاتفاقية العام 2008، حيث ستبقي على عدد محدود من الجنود الأميركان 10,000 (عشرة آلاف) أو أكثر بقليل، علماً بأنه لا يستطيع أحد إحصاء عددهم، مع الموافقة على خمس قواعد عسكرية أميركية أساسية، فضلاً عن وجود نحو 2400 موظف أميركي في السفارة مع حماياتهم، لا سيما من الشركات الأمنية، حيث يقدّر عدد هؤلاء بنحو 100,000 (مئة ألف مرتزق) استثنت الاتفاقية الأمنية التي ينتهي مفعولها سبل مساءلتهم، طالما اعتبروا جزءًا من التعاقدات بينهم وبين الجهات الأميركية المسؤولة.
وقد أبلغ النجيفي بفحوى الرأي الأميركي كما قال، ولخّصه بأن رغبة واشنطن هي البقاء في العراق، وعلى العراقيين الاستعجال في طلب التوقيع على اتفاقية جديدة، وهو ما أوضحه روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي السابق عندما قال خلال زيارته الى بغداد (نيسان/ابريل 2011): الوقت ينفد في واشنطن وعلى العراقيين إن رغبوا في بقاء القوات الأميركية الطلب سريعاً، ولم يذكر النجيفي موقفه أو موقف القائمة العراقية التي ينتمي اليها، من التوقيع على اتفاقية جديدة، وهو ينتظر ما سيقدّمه رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي من تقديرات بشأن جهوزية القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية.
ولعل هذا هو موقف معظم القوى السياسية المشاركة في الحكم، والتي تترقب وتنتظر وكأنها تريد «أكل الثوم بلسان الغير»، رامية بالكرة في ملعب المالكي، باستثناء الكرد الذين أعلنوا صراحة عن ترحيبهم باستمرار شكل العلاقة مع واشنطن، وأعربوا عن ضرورة وجود عسكري أميركي في العراق لحماية مكتسباتهم من جهة، ومن جهة أخرى للفصل في النزاعات الداخلية، ومن جهة ثالثة، لمواجهة التحديات الاقليمية والدولية. أما جماعة مقتدى الصدر التي هي الوحيدة من بين القوى المشاركة، فقد أعلنت رفضها للوجود العسكري الأميركي واستعدادها لمقاتلته في حال بقائه في العراق وعدم الانسحاب بعد العام 2011.
وأياً كانت التصريحات والمواقف، فإنها تهدف الى معرفة مواقف القوى الأخرى المنافسة أو الموازية سلباً أو إيجاباً، إلا أن الأغلب والأعم هو التوقيع على اتفاقية بشروط واشنطن، بحساب موازين القوى داخليا وإقليمياً، وفي ظل غياب إرادة سياسية موحدة لإجلاء القوات الأميركية من العراق، ولعل ذلك يعيد الى الذاكرة الجدل الذي اندلع عشية إبرام اتفاقية العام 2008 وبعض التبريرات الساذجة التي قيلت بشأنها ابتداءً من خروج العراق من الفصل السابع ومروراً بكون الاتفاقية تنسجم مع مبادئ السيادة، وأن الاتفاقية مع دولة صديقة وحليفة الخ، لكن ذلك لم يغيّر من طبيعة الاتفاقية حسب القانون الدولي، والتي هي طبقاً لاتفاقية فيينا حول قانون المعاهدات لعام 1969، اتفاقية غير متكافئة، وذلك لأن الطرفين غير متكافئين، فأحدهما قوي ومحتل والثاني ضعيف ومحتلة أراضيه، وفي ذلك أحد عيوب الرضا التي تشوب الارادة الحرة فضلاً عن عنصر الإكراه.
للأسف الشديد لم ينشغل الرأي العام طويلاً بموضوع فقدان المليارات وقد يعود الأمر لحالة اليأس أو الإحباط من استعادتها كما أن جميع المؤشرات تميل الى أن الفساد المالي والاداري ضارب الأطناب، وهناك الكثير من المتورطين فيه من الأميركيين وغير الأميركيين، كما لم يتأمل في موضوع الاتفاقية العراقية - الأميركية الجديدة التي حسبما يبدو سيكون توقيعها تحصيل حاصل، ولهذا كان موضوع إقليم السنّة أو انفصالهم الأكثر رنيناً، لا سيما وقد حرّك موجة من التداعيات، بدأت ويبدو أنها لن تتوقف.
لعل النجيفي عبّر بإحساسه وتلمّسه حقيقة أوضاع السنّة حين قال «هناك إحباط سنّي في العراق، وإذا لم يعالج سريعاً، فقد يفكّر السنّة بالانفصال أو على الأقل تأسيس إقليم» لافتاً الانتباه الى أن «سنّة العراق يشعرون بالتهميش وبأنهم مواطنون من الدرجة الثانية». لا يمكنني أن أكون محل النجيفي أو من يمثله لكي يصاحبني مثل هذا الشعور والاحساس، وهو إحساس، طالما صاحب من على شاكلته من النخب الشيعة في السابق، الأمر الذي جرى توظيفه لخدمة بعض الأغراض الطائفية، فعشية احتلال العراق روّج البعض فكرة بيان الشيعة، بوحي من ريشارد دوني، مثلما جاءت إطلاق فكرة إقليم السنّة بوحي من جو بايدن، أو ضمن الأجواء المشجعة عليها، لا سيما وهناك من طرح فكرة إقليم صلاح الدين أو الأنبار أو المنطقة الغربية أو غيرها من المسمّيات التي لا تدلّ إلا على شيء واحد هو المحاصصة والتقسيم الطائفي.
ولعل الشعور بالتهميش والعزل خلق تصورات وأوهاماً حول طبيعة الصراع الذي اعتبره البعض مذهبياً طائفياً بامتياز، ففي السابق معادياً للشيعة إضافة الى عنصريته ضد الكرد، مثلما يعتبره البعض حالياً معادياً للسنّة ومتواطئاً مع الكرد ضدهم وهي طائفية مقلوبة، لا سيما عندما تقرأها النخب التي تتمترس بعناوين الطائفة والطائفية.
أعتقد أن النجيفي على حق عندما عبّر عن شعور أوساط واسعة بالتمييز، وهو الذي تم تكريسه عبر صيغة مجلس الحكم الانتقالي الذي فرضها بول بريمر، لكنني أعتقد أن دعوته لانفصال السنة هي خطأ فادح وخطير، سيترك تداعياته على وحدة العراق. وإذا كان النظام الفيدرالي مقرراً طبقاً للدستور الدائم الذي تم الاستفتاء عليه، على الرغم من الألغام الخطيرة التي يحتويها، لكنه ضمن ما هو قائم يعتبر الاطار الناظم للعلاقات بين الفرد والدولة وبين الدولة ومؤسساتها، في ظل اختصاصات تشريعية وقضائية وتنفيذية للسلطات الثلاث، فإن اللجوء اليه، والاحتكام لقواعده ووفقاً لمعاييره هو الذي ينبغي أن يعتمد، لا سيما بخصوص الفيدرالية، لا على أساس مذهبي أو طائفي، بل على أساس جغرافي ومناطقي وإداري. فالاقليم الوحيد القائم حالياً هو إقليم كردستان لاعتبارات تاريخية وقومية، ويمكن تأسيس أكثر من إقليم في إطار ما هو قائم على أساس المواطنة، وهذا يتطلب شفافية وحواراً سلمياً مستمراً وفي ظل أوضاع اعتيادية، لا سيما بعد إنهاء الاحتلال والتداخل الخارجي ومساءلة المفسدين، خصوصاً الذين تسببوا في نهب المال العام أو في تبديده.
جدير بالذكر أن البرلمان العراقي في دورته السابقة أقرّ مشروع قانون للأقاليم، كان أحد أشد المتحمسين له هو السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاسلامي الأعلى، لكن الاحتدامات السياسية، أجّلت تنفيذه الى 18 شهراً، وقد انتهت الفترة دون أن يتذكرها أو يتذكر القانون أحد، أسوة بتعديل الدستور الذي تم الاتفاق عليه عشية انتخابات العام 2005، وكان يفترض إنجاز ذلك بعد انعقاد أول جلسة للبرلمان بأربعة أشهر وانتهت 4 سنوات ونيّف وجاءت دورة جديدة، ومرّ عليها أكثر من عام ولم تنجز التعديلات ولم يتم استكمال إصدار قوانين طبقاً للدستور، بحيث تكون المواد التي زادت على الخمسين صالحة للاستعمال بتشريع قوانين لاستكمالها، لكن الصمت وغضّ النظر كانا سيّدي «التوافق» والحل الأمثل.
لعل شعور النخب السنية أو النخب الشيعية بالخوف والقلق إزاء المستقبل هو الذي يقف وراء هذا الفريق أو ذاك للتمترس الطائفي أو لزعم النطق باسم الطائفة أو مجموعة منها، والهدف هو الإبقاء على الامتيازات، لا سيما التي حصل عليها أمراء الطوائف، في حين أن استعادة كيانية الدولة العراقية وهيبتها، في ظل نظام فيدرالي يتمسك بوحدة العراق، يتطلّب إلغاء الطائفية وتحريم كل فعل أو سلوك يؤدي إليها. والطائفية كما أراها هي جريمة بحق الشعب والوطن، ولا بد من معاقبة من يرتكبها بأشدّ العقوبات سواءً بالدعوة إليها أو ترويجها أو التستر عليها أو التهاون في مكافحتها أو إخفاء معلومات عنها.

[ أكاديمي وحقوقي عربي ـ العراق



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديناميكية مغربية
- حين تصبح العدالة ميداناً للصراع الدولي!
- منهج ماركس لا يزال صحيحاً لكنه لا يصلح لنا الآن
- الربيع العربي وحرية التعبير
- التسامح والرمز
- هل تتقطّع خيوط واشنطن في بغداد؟ التعويضات ومعسكر أشرف
- ثلاثة ألغام أمريكية جديدة في العراق
- عبد الكريم الأزري: المشكلة والاستعصاء في التاريخ العراقي
- السلام يُصنع في العقول
- كوبا الحلم الغامض- كتاب جديد
- فقه التجديد والاجتهاد في النص الديني
- الشاعر أحمد الصافي.. التمرّد والاغتراب والوفاء للشعر
- قانون التغيير وتغيير القانون
- في العقول يبنى السلام وفي العقول يتم القضاء على العنف
- فصل جديد من الدبلوماسية الأمريكية
- سعد صالح.. سياسي كان يسيل من قلمه حبر الأدب
- إمبابة وأخواتها
- التنمية وحقوق الطفل: المشاركة تعني الحماية
- لغز الانسحاب الأميركي من العراق!
- التعذيب والحوار العربي - الأوروبي


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الحسين شعبان - إقليم السنّة العراقي: التباس التاريخ