أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتز رشدي - عبد الكريم كاصد وزمن النفي والمحنة














المزيد.....

عبد الكريم كاصد وزمن النفي والمحنة


معتز رشدي

الحوار المتمدن-العدد: 3419 - 2011 / 7 / 7 - 20:01
المحور: الادب والفن
    


الشاعر في زمن النفي والمحنة

معتز رشدي

نص شهادة عن تجربة الشاعر الكبير
عبد الكريم كاصد ، في أمسية أقيمت له
في تورنتو – كندا .

رحلة قاربت الخمسين عاماً ، أختبرت فيها الكلمة أقسى اختبار ، وأجمله . بدءاً من ( الحقائب ) باكورة
الشاعر ، وليس انتهاء ب ( الفصول ليست اربعة ً) آخر ما صدر للشاعر . وبرغم طوافه في البلدان ، مكرماً
تارة ، ومغضوباً عليه من سُلط النفي تارة أخرى ، الا انه ظل وفياً لها – اي الكلمة - ، مشدوداً اليها ، فهي
سرُ بقائه حياً ، معافى الروح ، مُتقد الخيال . بها راود الشعر في القصيدة ، ومنها أطل على قارئه ، اطلالة
من يبث الحيرة الفاتنة الذكية في القلوب ؛ كم من عذاب وعذوبة تحمل الكلمات في شعرك يا عبد الكريم ؟
أنحني للجمل الذي فر به من سلطة الجلاد في بغداد ؛ لولا هذا الحيوان الاسطوري ، لكان مصيره ، ربما ، مصير
مبدعين ومناضلين عراقيين آخرين ، غُيبوا مرة واحدة ، والى الأبد ، في أعماق الوحش .
اذاً ، هي النجاة بالصدفة ! هذا ملمح ساطع من ملامح قصيدته ، تخلل ، ويتخلل ، فنه ونثره ، مُضفياً عليهما ( ليس
شعوراً بعبث الاشياء كما قد يتبادر للبعض ) ، بل شعور كريم بالتواضع امام قوانين الحياة ، وأمتناناً لهباتها
الجمة ، والتي قد تنقطع ، فجأة ، لعارض – ما ، من عوارض الحياة ، نفسها !
نجاة من هذا النوع ، تكشف عن معدن الانسان فينا ؛ فاللئيم ، منا ، بطبعه ، يصير عابثاً ، كافراً بكل شيء ، ساخراً
من كل شيء ، أما الكريم ، فيمد أواصر محبته الى كل ما يحيط به في رحلة العمر القصيرة ، مهما طالت .
ملمح آخر من ملامح شعره ، ذكرتني به حادثة جرت للشاعر في تنكر – خزان – سيارة ، فرت ، به ، هي
الأخرى ، وبآخرين من البصرة الى الكويت ، اذ تم حشرهم ، أجمعين ، في بطنها المعدني الملتهب ، وشاء
حظُ شاعرنا ان يكون مكانه اسفل شخص آخر ، سأل شاعرنا صاحبه : شلونك ؟ فأجاب : وردة ! وانته
عبد الكريم شلونك ؟ فأجاب : مزهرية !
لا يُفوت البصريُ الفرصة لاضحاك كل من حوله ، او لابهاجهم في اشد الظروف قسوة ولاأنساية ، اذ تحضر
في بعض قصائده الضاجه بأستذكار من غابوا ، وغيبوا ، هذه القهقهة الشفوق الطيبة ، استذكاراً منه
لطرائفهم ، ربما ، او لمحبة جمعته ، بهم ذات يوم .
ورث عبد الكريم ، وطور ، اجمل ما في شعرنا العراقي ، اي الواقعية ببعديها الجمعي والفردي ، المغرية في
بساطتها الظاهرة ، ولكن ، الموارة الأعماق بدلالات ، ما ان تكشف عن وجه من وجوهها ، حتى تتخطفك
الى دوائر سحرها ، دلالة أخرى ، ابعد غوراً .
واقعية جد غنية ومتنوعة ، في شعر بسيط معقد وعميق ، شأنه شأن اي شعر كبير آخر ؛ يجد ، فيه ، بسطاء
الناس ضالتهم ، والمثقف ، ثقافة عالية ، ضالته .
منسجماً مع تقاليد شعرنا العريقةِ ، ( وكأنه في بيته ) ، مطوراً لها ، بارادة لا تعرف الكلل ، ومحرضاً لنا ، نحن
الشعراء الشباب ، على مواصلة طريق الفن الطويلة والشاقة .
نعم ، يجد كل ذي قلب شيئاً وفيراً من صبوات روحه في شعر عبد الكريم ؛ وهل أدل على ذلك ، من ديوانه
الكبير ( الزهيريات ) ، حيث حداثة المضمون من جهة ، وتقليدية الشكل من جهة أخرى ، والذي أنتقل ، في
تجربة الشاعر ، من كونه شكلاً شعبياً شهيراً ، الى شكل لا عهد له ، هو نفسه – الشكل - ، ولا عهد لنا ، نحن
القراء ، به ! في سابقةٍ فنية خطيرة ، وغير مأمونة العواقب ، كُللت بنجاح كبير .
خاتمة :
لا شك في ان شعره ينتمي الى فضاء الشعر العالمي الكبير ، ولكن ، لا شك ، ايضاً ، في انه ينتمي ، انتماء
موجعاً ، ولا رجعه عنه ، الى جذوره العراقية الاولى ، حيث بغداد والبصرة والكوفة والموصل ، وحيث
قوافل لا عد لها ، من صفوف النخيل وجثامين الاحبة ، تنزف ، عارية ، في صحارى الله .
ثغيبُها ، ورائحة ُ الشعواط ، من يوصلهما ، سواك ، أيها الشاعر ....
الى أين ؟
الى الله !
لا ، الف مرة ... لا ؛ ليس الى شركة استثمار الرجعيين المقدسة ، هذه !
بل الينا ، نحن محبوك ، البشر الأحياء ، الناظرين اليك ، الآن ، والمصغين ، الى صوتك ، شاهداً
على ما حل بنا ، ونافخاً من فنك الكبير ، الجمالَ في أيامنا .
العزيزعبد الكريم كاصد ( ابو سارة ) ، هلا بيك ومرحبا ، بيننا ، في بيتك .

2011-06-21



#معتز_رشدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليل ابي العلاء لفوزي كريم
- ما أقرب القمر
- احتفاء
- اماه
- الله في مرآته
- حجر خضير
- لا اله الاها
- في ذم عبد الرزاق عبد الواحد
- مقامة حديثة
- قهقهة مرآة
- دعاء للسحابة
- يقولون وأقول
- مختارات شعرية
- لكل ٍ كربلاؤه
- قٌبالة البحر
- اخطاء عبد الكريم كاصد


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتز رشدي - عبد الكريم كاصد وزمن النفي والمحنة