أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نبيل عودة - عنصريون يشوهون حقائق النكبة الفلسطينية – حيفا نموذجا!!















المزيد.....

عنصريون يشوهون حقائق النكبة الفلسطينية – حيفا نموذجا!!


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 3419 - 2011 / 7 / 7 - 17:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


تواصل إسرائيل إنكار مسؤوليتها عن تهجير أبناء الشعب الفلسطيني من وطنهم، وتتجاهل أنها قامت بهدم قراهم ( ما يقارب 520 قرية) لمنعهم من العودة ولخلق واقع جديد . ولم يحظى الكثير من العائدين بعد أحداث حرب 1948 بهويات زرقاء، مما كان يعني تعرضهم للطرد من الوطن، أو القتل كمتسللين، أو الحصول على هوية حمراء تعني أنهم مقيمون ( أو "ضيوف" حسب الصيغة الرسمية) وليسوا أبناء هذا الوطن.
وشهد تاريخ الأقلية العربية معارك بطولية ضد التهجير ، قام بها ، وقادها بالأساس الشيوعيون العرب، بمنع الشاحنات المحملة بالمزمع طردهم من التحرك، وذلك بإلقاء أنفسهم أمام عجلاتها، ونظموا معارك قضائية من أجل الحصول على الهوية للعائدين (الذين عادوا كمتسللين إلى وطنهم). واشتهر وقتها المحامي الشيوعي حنا نقاره، وأطلق علية الناس لقب "محامي الشعب" ، وكانوا ينشدون له الأهازيج الوطنية فرحا بتحصيله للهويات عبر المحاكم الأمر الذي كان يعني البقاء في الوطن وعدم اعتبار الفلسطيني "متسللا" ( أو ضيفا) مرشح للطرد وراء الحدود، وكذلك تحديا للحكم العسكري الذي فُرض على العرب الفلسطينيين الباقين في وطنهم مقيدا تنقلهم داخل وطنهم.
ومن تلك الأهازيج النضالية :
طارت طيارة من فوق اللية الله ينصركو يا شيوعية( اللية اسم مكان في الجليل)
حنا نقاره جاب الهوية غصبا عن رقبة ابن غريونا ( بن غوريون – أول رئيس لحكومة إسرائيل)
وتطورت ثقافة شعبية غنائية كجزء من النضال والصمود ضد التشريد، منها مثلا على سبيل المثال وليس الحصر، وحسب مذكرات الشاعر والمناضل حنا إبراهيم ( كتابه: ذكريات شاب لم يتغرب ) ، كانت تمنح هويات حمراء لمن يعتبروا " ضيوفا " (بالتعبير الإسرائيلي) أي المرشحين للطرد من الوطن . أما "غير الضيوف" فكانوا يحصلون على هوية زرقاء. ويذكر حنا إبراهيم أغاني التحدي التي كانت تنشد في حلقات الدبكة ، ومنها:
يا أبو خضر يللا ودينا الزرقات والحمرا ع صرامينا(أبو خضر هو اسم شرطي مارس العنف ضد العرب، والزرقات والحمر هي الهويات)
هذا وطنا وع ترابه ربينا ومن كل الحكومة ما ني مهموما
يقطع نصيب ال قطع نصيبي لو انه حاكم في تل أبيب
توفيق الطوبي وإميل حبيبي والحزب الشيوعي بهزو الكونا (من أبرز قادة الحزب الشيوعي)
ويتلقف الشبان الكرة ويعلو نشيد المحوربه( نوع من الغناء الشعبي الفلسطيني) :
لو هبطت سابع سما عن حقنا ما ننزل
لو هبطت سابع سما عن أرضنا ما نرحل
هذه لوحة عن واقع صار تاريخا ولكنه نوسطالجيا نضالية أيضا، نفتقدها اليوم بهذه القوة، وهذا الصمود، وهذا الالتفاف الشعبي السياسي . وما يجعلني أورد هذه اللوحة، التأكيد أن الهجرة لم تكن خيارا فلسطينيا، بل جريمة إنسانية، لم تكشف بعد كل تفاصيلها، وكل مخططاتها في الفكر الصهيوني، الذي يجتهد اليوم لإنكار الحقائق،بل وتزويرها بدون خجل، حتى التي وردت في السجلات الرسمية للدولة.
اليوم نواجه واقعا مختلفا، الأقلية العربية، الباقية في وطنها، أعادت بناء نفسها ومؤسساتها، تجاوزت صعاب ومخاطر هائلة، شكلت علامات سؤال كبيرة حول بقائها في وطنها. وعززت بقاءها في وطنها. رغم مصادرة الأرض ( ما تبقى لها أقل من 3.5% من الأرض)، إلا أنها لم تستسلم ، وأصبحت أقلية متعلمة وأبناءها يملئون الجامعات والكليات ، عدد الأكاديميين تنامي بأرقام هائلة، من أعداد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلى أكثر 80 ألف أكاديمي اليوم، عدا الطلاب الجامعيين. والأكثر من ذلك ، 60-70% من الفتيات العربيات، اللواتي ينهين الثانوية يتجهن للدراسة العليا . أكثر من 10 آلاف طالب من العرب في إسرائيل يتعلمون في جامعات الأردن، ألاف أخرى في مختلف أنحاء العالم، عدا الآلاف داخل الجامعات والكليات المحلية.
إن المسؤولية عن هجرة الفلسطينيين ، أو طردهم من وطنهم بأساليب تعتبر جرائم حرب، كشفها أيضا مؤرخين يهود شجعان أمثال ايلان بابه، وكنت قد كتبت سابقا عن قرار رئيس الحكومة، بناء على طلب مدير الأرشيفات ، باستمرار إغلاق أرشيفات العقدين الأولين بعد حرب 48 لعشرين سنة أخرى ، لأنها تشمل تفاصيل كشفها الآن يلحق الضرر بدولة إسرائيل. واعتقد أن تمديد الإغلاق، جاء لمنع استغلال المفاوض الفلسطيني لوثائق رسمية تثبت أن تهجير الشعب الفلسطيني من وطنه، كان بسبب ارتكاب مجازر ، لا تقل بشاعة (وربما تفوق) عن مجزرة دير ياسين (منطقة القدس) ومجزرة قرية الصفصاف ، الواقعة على زنار جبل الجرمق ، مما دفع الفلسطينيين، الفاقدين لأي حماية من الانتداب البريطاني أو من الجيوش العربية، للهرب من وطنهم أو تعرضهم للمجازر الجماعية.وهناك روايات كثيرة عن عشرات المجازر، بعضها كشف عنه مؤرخين يهود.. وقد يكون المخفي أعظم، بعد كشف من اصدر الأوامر!!
إن الهجرة واللجوء إلى دول الجوار، لم يكن خيارا فلسطينيا، إنما خطة جهنمية إجرامية، لم تكشف كامل تفاصيلها، ولا يمكن لأي مفهوم إنساني سليم أن يعتبر تلك الأحداث مجرد صراع على أرض. بل هي تصفية عرقية من أسوأ الأشكال التي عرفتها البشرية ، وحسب المستشرق ايلان بابه بدأت قبل إقامة دولة إسرائيل، وهذا ما يكشفه في كتابه الهام :"التطهير العرقي في فلسطين"..
في إسرائيل يحاول اليمين العنصري إنكار النكبة، بل وإقرار قانون يمنع المواطنين العرب من تخصيص يوم 15 أيار من كل عام لذكرى النكبة ، ولكن هذه المحاولات ، جعلت النكبة راسخة أكثر ، ليس في الذاكرة الجماعية للعرب فقط، بل في كشف الموضوع أمام العديد من اليهود في إسرائيل الذين يجهلون تفاصيل حرب 48، وماذا تعني النكبة، لدرجة أن محرك البحث في غوغل شهد ارتفاعا هائلا في البحث عن كلمة "النكبة" باللغتين الانكليزية والعربية. أي أن التفكير العنصري بمنع ذكرى النكبة عن أبناء النكبة، قاد إلى تعميق مفهوم النكبة وتفاصيل ما جرى وقاد إلى النكبة. بل وأكثر من ذلك ، الخوف من ذكرى النكبة للعقول العنصرية المريضة، ترجمت برد صهيوني ، إذ أصدرت عناصر حركة تسمي نفسها "إم ترتسو"( إذا شئتم)كتيب جيب من 70 صفحة ، أشبه بتوراة للمتطرفين ، يحمل عنوان:" نكبة خرطه– الكتيب الذي يقاتل من أجل الحقيقة" ( "خرطه" بالعامية الفلسطينية تعني "كذبة" وهي من الكلمات التي اخترقت العبرية)
الكتيب يحاول أن يشوه حقائق التاريخ، لمؤلفيه الصحفي ارئيل سيجال واحد مؤسسي حركة "ام ترتسو" ايرز تدمور، في محاولة (مهزلة) لإقناع القراء ( اليهود بالأساس) بأن العرب الذين يرون بأنفسهم ضحايا النزاع الفلسطيني- إسرائيلي، هم بالأساس المعتدين، أي الضحية هي المعتدية حسب مفهوم العقل الفاشي المريض لمؤلفي الكتيب.

حيفا نموذجا.. الحقائق اقوى من الكذب
ومن النماذج التي يقدمها الكتيب ، فصل بعنوان: " هم تركوا- حيفا نموذجا"، وفي هذا الفصل يذهبون لإنكار الطرد المخطط للعرب من حيفا، وذلك باعتمادهم على كتاب بروفسور أفرايم قارش :" تلفيق التاريخ الإسرائيلي" ، يواجهون به من يعرفون بالمؤرخين الجدد،الذين ، حسب نص الكتيب، يقومون بنشر الكذبة التي على أساسها نفذت القوات اليهودية ( الهجناه) سلسلة من المذابح المروعة، خدمة لسياسة موجهة من أعلى، لطرد الفلسطينيين أو التصفية العرقية".
والنموذج الذي يقدمه المؤلفان،هو وصف احتلال مدينة حيفا في حرب 1948، كنموذج للإدعاء أن الجانب الإسرائيلي، لم يتبع تلك السياسة التطهيرية، و"إن المسؤولية عن نتائج الحرب ومشكلة اللاجئين، هي مسؤولية القيادات العربية".
هل اختار المؤلفان مدينة حيفا كنموذج بالصدفة لتبرير الموقف الصهيوني؟
العديد من المؤرخين اليهود لم يلتزموا بالحقائق حول ما دفع مواطني حيفا للهرب من وطنهم. لذلك ما يقدمه المؤلفان في الكتيب ليس جديدا، ولا يتناقض طرحهم مع بعض الأبحاث التي نشرت في كتب سابقة. والتي يميزها إخضاع البحث لنوايا سياسية، تهدف مع سبق الإصرار على دعم رواية كاذبة. وهذا ليس مستهجنا في الكثير من المؤلفات التي تتجاهل الحقائق لحساب الرؤية السياسية أو الفكرية المسبقة.
بالطبع لا احد سيحاسب المؤلفان على اعتماد أبحاث تتجاهل حقائق ووثائق ما جرى في حيفا. والحقيقة هنا حتى ليست نسبية، إنما مشوهة تماما. وبالطبع القانون في إسرائيل لا يمنع تشويه التاريخ، بل هو موضوع شرعي تماما.
صحيفة "هآرتس" العبرية، التي عرضت ما جاء في الكتيب، ذهبت لتفحص الحقائق من أشخاص (عرب) عاصروا تلك المرحلة، ولم يهاجروا، واليوم يعيشون في حيفا، فتوجهت إلى نادي للمسنين العرب في وادي النسناس في حيفا. والتي تشكل النكبة جزء من سيرة حياتهم ، رواياتهم مليئة بصور الطرد من الوطن بتهديد السلاح وبإطلاق النار على الناس، وكلهم يتذكرون الخوف الذي ساد بين الهاربين الفاقدين لأي بديل آخر.حسب التقديرات كان عدد سكان حيفا العرب حوالي 63 ألف مواطن، وحيفا كانت ضمن المنطقة التي خصصت لدولة اليهود حسب قرار التقسيم للأمم المتحدة، وبسبب أعمال العنف التي سادت هرب الكثيرين وظل في حيقا أقل من 20 ألف مواطن عربي. ويقول أحد كبار السن،في تقرير هآرتس، أن الحياة أضحت غير محمولة بسبب تواصل إطلاق النار ومواصلة القصف على العرب دون تمييز بين مسلحين ومواطنين غير مسلحين، وانه في الأحياء العربية تعرض كل من يسير في الشارع لنيران القناصة والرشاشات.
وحسب مصادر إسرائيلية، بعد " الانتصار" في حيفا، لم يجد الجيش إلا كمية قليلة جدا من السلاح، لا تشكل أي تحد للأسلحة الموجودة بأيد القوة اليهودية، ولا يشكل أصحاب هذه الأسلحة قوة عسكرية بأي مفهوم عسكري بسيط. ورغم " الانتصار"، وحسب تقديرات البريطانيين ، بلغ عدد الهاربين من العرب عن طريق البحر أكثر من 12- 14 ألف إنسان، والهاربين برا أكثر من 6000 شخص ، ولكن المصادر اليهودية تدعى أن عدد الهاربين كان بحدود 5000 شخص فقط ،بينما عدد الذين بقوا في حيفا من العرب كان بحدود 20 ألف عربي، فأين اختفى 40 ألف حيفاوي عربي؟
كانت النار تطلق، حسب الشهادات الشخصية، على البيوت العربية مما حول ميناء حيفا إلى المكان الأكثر أمانا للمواطنين العرب، وذلك لأن الميناء بقي تحت الإدارة البريطانية لضمان انسحاب جيشها من فلسطين.
بيني موريس المؤرخ اليهودي وصف في كتابه " نشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين" عام 1991 ، أي قبل أن يتراجع ويروج الروايات الرسمية للحركة الصهيونية، وصف بوضوح كبير تطور الأحداث ، وكتب: " أُعطيت أوامر لقصف ساحة السوق ، وكان في السوق اكتظاظ كبير عندما بدأ القصف، تسبب برعب كبير ، واندفع الجمهور إلى الميناء، دافعين رجال الشرطة ( البريطانية على الأغلب) وسارعوا لركوب السفن وبدأ الهروب من المدينة". بيني موريس تراجع فيما بعد عن روايته في كتابة 1948 ( نشرت عنه مراجعة في الموقع - نبيل) الصادر عام 2010.
رغم أن روايته عن قصف السوق هي رواية جزئية جدا، ولكن مؤرخ يهودي آخر هو تسادوق ايشيل، في كتابه "معارك الجيش في حيفا" الصادر عام 1978 عن وزارة الدفاع الإسرائيلية، يذكر تفاصيل أكثر. ايشيل كان مجندا في الجيش ، والكثير من تفاصيل المعركة في مدينة حيفا، يقدم وصفها في كتابه كونه مصدر أول وشاهد ومشارك فيها، ويصف أحداث 22 نيسان 1945 بقوله:" في ساعات الصباح الباكر أعلن مكسي كوهن لأركان الفرقة أن العرب يستعملون مكبرات صوت ويدعون الجميع أن يتجمعوا في ساحة السوق، بسبب احتلال اليهود لشارع ستانتون ومواصلة تقدمهم نحو مركز البلد. مع وصول هذه المعلومة صدرت الأوامر لقائد كتيبة عسكرية هو ايهود الموج، ليقصف براجمات قطر 3 انشات ( أي 75 مليمتر) التي كانت مجمعة قرب مستشفى روتشيلد (المستشفي يجلس عمليا فوق الأحياء العربية الأساسية لحيفا) منطقة السوق في حيفا، رغم تجمع الكثير من الناس (غير المسلحين) في السوق. وعندما بدأ القصف ، وتساقطت القنابل وسط الجمهور انتشر الرعب الكبير، وانطلق الناس إلى الميناء ، واندفعوا نحو القوارب للهرب من حيفا، وقد تواصل القصف المتقطع خلال اليوم كله على المدينة ( على الأحياء العربية) مسببة رعبا وانهيارا في صفوف الأعداء "، كما جاء في الكتاب.
والسؤال لماذا محت إسرائيل، فيما بعد، من كتب التاريخ، موضوع قصف حيفا، وانتشار الجثث في الشوارع، ودفع أهلها للرعب والهلع العظيم، والهروب الكبير رغم أن المدينة لم تكن تملك السلاح لمواجهة الاحتلال اليهودي؟بل وجرى القصف أثناء مفاوضات عربية يهودية بمشاركة ضباط بريطانيين، للتسليم بدون قتال؟
ما تكشف عنه الحقائق الرسمية، يبين أن القصف والقتل جرى أثناء قيام ممثلي الجمهور العربي في حيفا بمفاوضات مع قادة حيفا اليهود، حول شروط وقف إطلاق النار،وحسب شهادات كثيرة كان رئيس بلدية حيفا وقتها شبتاي ليفي، يؤمن بإمكانية التعايش المشترك، ودعا قادة الجمهور العربي للاستسلام، ودعوة السكان للاطمئنان والبقاء في حيفا. وجاء في تقرير أرسله مراسل يو بي : "أن العرب وافقوا على شروط الاستسلام اليهودية، وعليه بدأ الفيلق العربي والمتطوعين العراقيين بمغادرة المدينة".
ولكن كما تبين واصلت القيادة العسكرية اليهودية (الهجناه) ، المطلعة على سير المفاوضات لوقف إطلاق النار، بقصف الأحياء العربية. وهناك وثيقة صدرت من أركان فرقة الجنرال كرمل (قائد جيش الهجناه في حيفا)، تقول البرقية: أن العرب في حيفا توجهوا إلى الجنرال (موشيه كرمل ) ورئيس البلدية شبتاي ليفي ، بطلب ، عبر وسيط بينهم وبين الجيش ( الهجناه) لقبول وقف إطلاق النار. بل وأرفق بالوثيقة، التي أرسلت للقيادات العليا، نصا بالانكليزية، حسب ما صيغ من الجيش (الهجناه) وذكرت الوثيقة انه يسود في أوساط العرب رعبا شديدا ومقاومة ضعيفة جدا.
مصادر أخرى تقول إن القصف لاحق المواطنين العرب الهاربين لأبواب الميناء، مما اضطر الجنود البريطانيين إلى التهديد بالرد على القصف اليهودي إذا لم يتوقف ، وفي حالات أخرى فتح الجنود البريطانيون، النار على مقاتلي الهجناه بسبب إطلاقهم النار على المواطنين العرب الهاربين..
كانت سياسة القيادة العليا مواصلة الضرب ، ما لم يوقع الاتفاق، رغم أن برقياتها أشارت إلى انهيار كامل للقيادة العسكرية العربية في المدينة. وجاء في تقرير للهجناه انه:" بما أن العرب لا يستطيعون تنفيذ شروط الاستسلام، من الأفضل إخلاء مدينة حيفا تماما من سكانها العرب".لذلك، كما بات معروفا، تواصل القصف أيضا أثناء اجتماع قادة الجمهور العربي مع القيادة اليهودية ومشاركة ضباط بريطانيين في الاجتماع أيضا.
قبل 63 سنة ظهر في تقرير مراسل يو بي الذي نشرته صحيفة عبرية هي "دافار" وذلك بعد انتهاء المعارك، أن ممثلي الجمهور العربي يدعون أن اليهود أخلوا باتفاق وقف إطلاق النار في حيفا، وسببوا موجة جديدة من الرعب في أوساط آلاف المواطنين العرب الذين سارعوا بالهرب من حيفا. ويواصل التقرير أن اليهود يعترفون بأحاديث خاصة، انه أثناء المعركة وبعدها، تجاوز "بعض الناس"( هل يعنون جنود يهود؟) الانضباط، وكان هناك انفلات وأعمال ونهب بطش وإطلاق نار على المواطنين العرب، ولكن الآن توقف ذلك".
إن محاولة نفي أو تقليل مأساة تهجير عرب حيفا، لن تفيد، لأن الحقائق، والشهادات الحية، بما فيها وثائق وكتب تأريخ إسرائيلية كتبها يهود أنفسهم ومنهم قادة معارك، تثبت أن التهجير كان سياسة رسمية لإخلاء العرب من البلاد.
لست مؤرخا، ولكن هناك الكثير ما يستحق أن يجمع خاصة من الذاكرة التاريخية لكبار السن، وهي بمجموعها تشكل جزءا من الحقيقة التاريخية التي يحاول اليمين في إسرائيل أن يشوهها وينفيها . بل ويذهب اليمين بعيدا لإقرار قانون ينفي حق شعبنا بتذكر مأساته القومية الكبرى- "النكبة" التي أفقدتنا وطننا وشتت شعبنا في أقطار عديدة ، حيث يواجه الرفض والمذلة.
هناك موضوع يستعصي على فهمي، وهو التجاهل لمثل هذه النشاطات التي تحاول أن تزيف حقائق التاريخ، وتخلق تبريرات مصطنعة وتفسيرات مشوهة.
صحيفة عبرية قامت بتفنيد الكذبة، وتساءلت :" لماذا أخرج قصف حيفا من كتب التاريخ الرسمية؟"
والسؤال المقلق أين الجواب العربي ، اين الرواية العربية ووثائق ما ارتكب في حيفا وغير حيفا؟ من يهتم بجمع الروايات الشخصية حفظا على الذاكرة الجماعية؟
انا لست مؤسسة، ومثل هذا العمل يحتاج إلى وقت وجهود جماعية كبيرة . لا تنقصنا الجمعيات الأهلية، ولا المؤسسات الرسمية أو شبه الرسمية، والسؤال ما الذي يشغلها ؟ وما هي أولوياتها؟ ومتى سنصحو لتسجيل الروايات الشخصية أيضا حتى لا تضيع الذاكرة ولا يصير المقتول قاتلا أو منتحرا!!
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لذكرى الشاعر الفلسطيني الراحل والمبدع سميح صباغ
- جمال عبد الناصر والعدوان الثلاثي على مصر حسب يوميات بن غوريو ...
- الحرية لشاليط…والحرية لأسرى الشعب الفلسطيني
- نبيذ لعيد الزواج
- معسكر حربي يملك دولة
- العيش على الحراب- سياسة نتنياهو الرسمية
- -ارض الباسيفلورا الحزينة - تغزو -ارض البرتقال الحزين-
- بين دولة تطور العلوم ودول تشلها الهرطقة
- وجودنا في وطننا، ليس هبة من السلطة !!
- لقاء في الجامعة
- لا تدفنوه .. انه يتحرك..!
- خطاب نتنياهو: السلام أسير عقلية الغيتو الصهيونية
- نهاية الشرق الوسط القديم
- غور الأردن : صورة مصغرة من البوم الجرائم المتراكمة ضد الفلسط ...
- نهج سري للأحتلال في المناطق المحتلة عام 1967 حرم 140 الف فلس ...
- القضاء على المؤامرات بالمجازر ضد الشعب
- أي مستقبل للعالم العربي إذا ظهرت إسرائيل أخرى من ورائه اسمها ...
- قضية مشينة .. تفجرها دورية إسرائيلية جديدة !!
- بشارة الاتفاق على حل النزاع هو اللبنة الأولى للدولة الفلسطين ...
- حكاية زوجان نموذجيان


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نبيل عودة - عنصريون يشوهون حقائق النكبة الفلسطينية – حيفا نموذجا!!