أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - اللاإنصياع قد يأتي بالمفيد















المزيد.....

اللاإنصياع قد يأتي بالمفيد


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 1018 - 2004 / 11 / 15 - 08:23
المحور: الادب والفن
    


( رواية حقيقية وبأسماء غير مستعارة.. أنقلها بأمانة وكما حدثت)

أطفأت الشمعة بعد أن أنقرض نصفها وأصابها الملل من رؤية النصف الآخر في طريقه للإنقراض، أطلت من النافذة بضجرٍ معتاد فلا شيء جديد غير تلك الأشجار القابعة في حضن الطبيعة بلا كسل ولسنين طويلة، حيث كلما عانق نظرها تلك الأشجار الرابضة بهدوء تشعر بالتجدد والإنتعاش ولو لحين،فتحت أحدى أبواب الذكريات وراحت تحدث الأفق بصمت كعادتها لتتنفس الصعداء، حيث أن الأفق بتقديرها هو مستمع شغوف،وحيث أبرقت وأرعدت السماء أصابها الوجل وكأن الأفق يأبى أن يستمع ، فجلست القرفصاء رغم أنها لا تجيد التقوقع في المكان و لا في الزمان إلا انها إرتأت ان تنصت لذلك الصوت القادم من رفيقها الأفق،وجاء الصوت من بعيد محدثاً:
حين وطأت أقدامك أرض الولايات يا رفيقتي (فاتن) لم يبهرك شيء، فتلك الشوارع المرقعة بالأسفلت تشبه كثيرا الترقيع في صيانة الشوارع في بلادك، نعم وتلك المزابل في الأزقة والممرات الخلفية للمساكن هي توأم لتلك التي ألفها نظرك في تلك الأحياء الشعبية التي قدمتِ منها،بلى أنا أعرف قد بهرك ِ شيئاً آخر وهو عدم تردد المارة في إلقاء التحية والإبتسام،ليس هذا فقط، ، أنت مبهورة بمنهجية تدريس مادة التربية الرياضية في المدارس العامة هنا..أنت تشعرين بأزيز الأنتصار حين علمت أنه لا إختلاط بين الذكور والإناث في هذا الدرس على وجه التحديد ، حيث يتم فصل الجنسين، فهناك مُدرّسة للإناث ومدرّس للذكور،منازع ومرافق صحية منفصلة ، نعم انت تشعرين بأن هذا البلد المشهود له بالتطور لا يمكن أن يفصل بين الجنسين لأسباب رجعية، ولم تكوني رجعية حين رفضت أن تنصاعي لكيفية تدريس تلك المادة في جامعة البصرة حين كنت طالبة فيها.
قفزت (فاتن) حين سمعت ما يشبه صوت أنفجار أو سقوط صاروخ في حي مجاور إلا أنها أيقنت انه قصف الطبيعة بعد أن أطلت بلا تررد من النافذة، فتلك الأصوات موشومة أيضاً في الذاكرة، نظرت الى الأفق وكأنه تلاشى في توتر الطبيعة الغاضبة لقذف المطر وإحياء الحجر، عادت الى جلستها و قررت أن تكمل ما بدئه رفيقها الأفق، أغمضت عينيها واسترسلت:
نعم تلك أنا الطالبة النحيلة التي في وجها صفرة أبناء الكادحين ببساطة الملبس وثراء السريرة، في تلك الحافلة الخشبية المظهر أركب كل يوم بعد تناول أفطاري الشهي الذي لا أزال افضله وأتناوله كثيراً من الأحيان وهو الخبز المحلي اللذيذ و الشاي المحلّى، ومن تلك الحافلة مشياً على الأقدام حتى بلوغ حبيبي الخالد شط العرب الذي لا بد لي أن أجتازه كل يوم لبلوغ الشاطيء الآخر حيث قضاء التنومة وجامعة البصرة ، بلى أيها الأفق، كنت طالبة في المرحلة الأولى في كلية الهندسة المدنية ورغم أني منذ ذاك الحين كنت مُشظبة من أرهاصات أجتماعية متنوعة و منفتحة بمقاسات الإتفتاح الأيجابي الآّ اني ذهلت بما رأيت، نعم كان مطلوب من الطلبة تغيير ملابسهم والأستعداد للتمارين الرياضية المزمع أدائها في ساحة أمامية تابعة لكلية التربية الزراعية ،تلك الساحة التي كانت تستقطب جموعاُ غفيرة من الطلبة ومن مختلف الكليات للتواجد والتفرج على الطالبات بشكلِ خاص، والإستجمام معززأ بالتصنيف والتعليق والأيماء والهمس، بجانب انه لم تكن هناك منازع خاصة للطالبات،بلى كانت تلك المادة مثار اشمئزاز أغلب الطالبات ولكنهن رضين أن يجرعن المر والإنصياع لوضع ٍ محموم ومقرف،
أما أنا فرفضت الإنصياع ولكن بصمت، كنت أنزوي في أحدى أركان تلك الساحة وأتفرج كباقي المتفرجين، لا أزال أتذكر نظرات الأستاذ(عدنان العسكري) وهو يمسك قائمة باسماء الطلاب لـتأشير أسماء الحاضرين حين كان يرده أسمي، و ينادي به أكثر من مرة ولكن لا أحد يرفع يده اشعاراُ بالحضور، كان يعرف أني هناك في ذاك الركن،بلى اتذكر نظراته الحادة والتي اصفعها بنظرات رادعة وواثقة مما أنا فاعلة،أنتهى العام الدراسي بالصمت والصمت المقابل حيث لا أذكر أن أستأذي قد تقدم مني يوماً ليتسائل عن سبب تواجدي في تلك الساحة وعدم إنضمامي للحضور.. نعم كان صمتاً مطبقاً عدا تعليقات زملائي الطلبة ومحاولتهم لحثي على هضم الوضع كما هو ، وهناك من أتهمني بالأستهتار بالقوانين واللوائح الجامعية. بدأ العام الدراسي الثاني وقد تمكنت من هضم كل المواد بسلام وأمان عدا طبعاً تلك المادة الرياضية بلا رياضة!حسناً لقد كان العام الثاني مثل سابقه بكل المفرادات، الرفض لدخول المهزلة، الصمت، الأصرار في عدم الإنصياع، الشيء الوحيد الذي كان مختلفاً هو أني افتقدت نظرات الأستاذ (عدنان) حيث أني فضلت عدم الذهاب والجلوس في ذاك الركن البغيض للتفرج والإشهار بعدم الحضور، نعم كنت في المرحلة الثانية وأحمل فوق أكتافي درسأ فشلت في تحقيق التواصل معه.وأنتهت المرحلة الثانية التي حققت فيها النجاح بكل المواد عدا الرياضة،وحيث كان النظام الجامعي لا يسمح لك العبور بمادة مرتين على التوالي بمعنى أنه لا يمكن الأرتقاء الى المرحلة الثالثة وعلى أكتافك أعباء مادة من المرحلة الأولى من هذا الباب جاءني السوط حامياً لأعادة المرحلة الثانية وبمادة واحدة فقط وهي الرياضة، حيث أني أجتزت كل المواد المقررة الاخرى بنجاح،حسنا لقد رأيت زملائي في المرحلة الثالثة فرحين حيث أنها ما قبل الأخيرة للتخرج، أما أنا فكنت فرحة أيضاُ بأصراري على التغيير فيما لو درست الحاله بعمق، ولكن الصمت مثلما كان رفيقي كان رفيق مدرس المادة ورفيق عمادة كلية الهندسة وأيضاُ رفيق رئاسة الجامعة بشكل عام، كنت أتسائل وشبح الفصل من الجامعة يراودني حيث أني لا بدَّ أن أفصل لو تخلفت عن الحضور للعام الثالث،كنت اتسائل لِم لم أستدعى من قبل مجلس عمادة الكلية ليتم التعرف على طالبة مصيرها الجامعي مهدد بالإنيهار، ولِم لم أطرق أنا الباب واقتحم العمادة دفاعاً عن نفسي وإجهاضاً لتدريس مادة لم تتأخذ لها كل المستلزمات اللآئقة للتدريس بشكل متحضر حيث أن التحضر ليس بأختلاط الجنسين،بلى لقد فضلت الصمت وباشرت السنة الجامعية الثالثة مع طلاب المرحلة الثانية،كلآ! أتذكر أن الدكتور (حسين) أستاذ مادة المساحة إلتقاني قبل مباشرتي واوضح لي بأنه كان هناك أجتماعا مطولاً لمجلس عمادة الكلية للنظر في قضيتي، بلى اسعدني أنها أمست قضية، وأنه تم الضغط على الأستاذ (عدنان) لمنحي معدلاً مقبولاً بمادتة كي يتسنى لي الأرتقاء مع زملائي الى المرحلة الثالثة حيث لا يعقل أن أتخلف سنة دراسية كاملة بسبب تلك المادة إلا انه رفض بجدية وأعتبر طرح مجلس الجامعة تهميشاُ للمادة وفتح باب الأستهتار بها، وكان محقاُ بما لا يقبل الشك فالعلة لم تكن تلك المادة وأنما كل الأطر التي كانت تحيط بها،أستاذي الجليل (عدنان) كان على صواب، أوضحت وجهة نظري للأستاذ ( حسين) ولآ أتذكر أن كانت قد أرسلت عمادة الكلية بطلبي للوقوف على أسباب و مسببات رفضي للأمتثال إلاّ أني أذكر أنة تقرر أن لا أرتقي للمرحلة الثالثة، و حتى لا تكون سنة مملة و طويلة بمادة واحدة بلا كتب ومراجع، تم الأتفاق على أن أعيد مادة المساحة من باب أن معدلي بها كان مقبول فقط.
بدت الأجواء في الخارج ساكنة بعد أن أنتفضت بالرعد والمطر فتحررت (فاتن) من تكورها عند النافذة حيث أصاب الخدر ما اصاب من بدنها واطلت من النافذة، نعم أنه السكون والصفاء فذاك رفيقها الأفق وهو يحتضن نصف القمر، وجاء صوت الأفق ليهمس باذنها من جديد:
نعم أيتها الرفيقة سمعت خرير الذاكرة وأرى فيها زهوة الأنتصار،فتلك أنت واقفة مع طالبات!المرحلة الثانية بشبح الفصل الذي سرعان ما أنجلى حين قدّمت سيدة مصرية نفسها للطالبات على أنها مدرسة التربية الرياضية، أتذكرين؟ كان اسمها (أميمة) وكانت بفضول جامح لمعرفة الطالبة (فاتن) التي وفرت لها فرصة عمل أولاُ، لذا نادت بأسمها وحيث تقدمت يا رفيقتي عانقتك بحرارة وهمست بأذنك :
لقد حصل التغيير،الساحة الأمامية لكلية الزراعة كانت وقاحة، عدم وجود منازع ومرافق صحية للطالبات كان الجهل بعينه،وأختلاط الجنسين في هذه المادة ليس تحضراً بل تصدعاُ ، بلى يا رفيقة لقد شهقت فرحاُ وأنت تتجهين نحو ساحة خلفية تم تهيأتها وأعدادها للطالبات مع مباني تتضمن المنازع المؤثثة والمرافق الصحية ،أنه إنتصار بتضحية زهيدة.
أسدلت (فاتن) الستارة حيث بدى الأفق متعباُ وأتجهت الى تلك الشمعة لتوقدها وتتأمل إنصهارها وأنقراضها كنصفها الآخر، وفي داخلها أسئلة كثيرة ومتنوعة، منها: لماذا كانت هي الصوت الوحيد الرافض؟ماذا لو كل الطالبات المتذمرات أمتلكن الجرأة على الرفض؟لماذا نقبل الأشياء مثلما توضع لنا وإن كانت غارقة بالسلبية؟لماذا نجرع المر إن كنا لا نتذوقه؟لماذا نحب التضحية ونتشدق بها ولكن ننسحب ونترك الآخر يضحي؟ حقاً لماذا هنا في الولايات يتم فصل الجنسبن في مادة التربية الرياضة!؟ أليس كل ماموجود وضعي وقابل للتغيير ؟



فاتن نور
04/11/14



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقاعاتٌ ملوّنة بالبساطة
- نداءٌ للدعارة بالطفولة!.. صدقٌ أم زيف؟
- الإثارة والتحدي.. هل تُنهي مشكلة؟
- (كمّ ٌمن ألوانِ ( كما
- إختزانٌ بلا توقف
- مغامرة مع (راسبوتين ) وقلمي
- لا زالَ حلماً
- لنسترخي بين الشمس والظل
- فائضُ إفرازات الواقع وغرابة ُالأحلام
- جنرالاتٌ تزيدنى غباءاً
- (محاورة ساخرة عند (شانيدار
- أنا الانسان..لكن مَنْ أنا؟
- رحيلٌ بطنين ٍبلاعسل
- المزيد من الهمهمات على موقد الذكرى
- هذا نشيدي للعراق
- -حتى- و -حيث-
- كلاّ.. صداها لِمَ لا
- رواية في مقطوعة شعريّة
- أيامٌ تتمَزّق..وتأمُّل
- نقاط .. وهلال


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - اللاإنصياع قد يأتي بالمفيد